تبادلت إسرائيل و«الجهاد الإسلامي» التصعيد، أمس السبت، في اليوم الثاني للعدوان على قطاع غزة، مع تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بأن تدفع قيادة «الجهاد» في الخارج الثمن كذلك.
وقصفت إسرائيل أمس بشكل مباشر عدة مبانٍ ومنازل ودراجات نارية ومواقع أخرى تابعة لـ«الجهاد» في غزة، وردت الحركة بقصف متكرر استهدف تل أبيب مرتين على الأقل وتجمعات في غلاف غزة عدة مرات أثناء اليوم.
وبدأ الجيش الإسرائيلي منذ صباح السبت باستهداف منازل في غزة وسوّاها بالأرض، كما استهدف دراجة نارية، في تحول مهم لطبيعة الأهداف في اليوم الثاني للحرب، بعد أوامر من غانتس بتصعيد الهجوم بما يشمل استهدافاً مباشراً لخلايا الصواريخ التابعة لـ«الجهاد».
وقال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم مستودعات ذخيرة تابعة لـ«الجهاد» بما فيها مستودعان للذخيرة للبحرية يقعان في منازل نشطاء من القوة البحرية التابعة للحركة، وإن هذه الضربات ستشكل ضرراً كبيراً لقدرات للجهاد بما في ذلك القوة البحرية.
وجاء في بيان للجيش: «هاجم مقاتلو وحدة إيغوز (وحدة استطلاع خاصة) موقعاً عسكرياً لتنظيم الجهاد الإسلامي في قطاع غزة». وقال بيان آخر: «هاجم الجيش بواسطة مروحيات حربية ثلاث مواقع عسكرية لتنظيم الجهاد».
وأدت الغارات الإسرائيلية المتواصلة طيلة السبت إلى قتل 7 فلسطينيين على الأقل ما رفع عدد الذين قتلتهم إسرائيل منذ الجمعة في العملية التي أطلقت عليها اسم «مطلع الفجر» إلى 17.
وأوضحت وزارة الصحة، أن من بين الضحايا طفلة في الخامسة من العمر وسيدة في الثالثة والعشرين وسيدة مسنة، إضافة إلى 125 جريحاً.
وقضى القتلى أمس في القصف الذي استهدف منازل في حي الشجاعية وخان يونس ورفح والشمال.
وقال سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، إن 650 وحدة سكنية تعرضت للتدمير الكلي والجزئي منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة.
ورداً على التصعيد الإسرائيلي، قصفت «الجهاد» تل أبيب.
وأعلنت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إطلاق رشقات من الصواريخ على تل أبيب ومطار بن غوريون وأسدود وبئر السبع وعسقلان ونتيفوت وسديروت ضمن العملية التي أطلقت عليها اسم «وحدة الساحات» رداً على العدوان الإسرائيلي.
وأعادت السرايا قصف تل أبيب مرة أخرى، واضطرت القبة الحديدية الإسرائيلية إلى إسقاط الصواريخ مرتين على الأقل في محيط تل أبيب وعدة مرات في مناطق غلاف غزة.
وقالت السرايا إنه في جزء من الهجمات شاركت فصائل فلسطينية لكن ليس بينها «حماس» التي حيدتها إسرائيل.
ولاحقاً أصدرت السرايا أمر إيعاز لكافة قواتها العاملة في أرض الميدان على رأسها القوات الخاصة ووحدات النخبة، للبقاء على الجهوزية التامة حتى تسلم التعليمات المعمول بها مسبقاً حسب ما هو مخطط.
وقالت السرايا: «نطمئن أبناء شعبنا وجمهور المقاومة بأن معنويات مقاتلينا في أفضل حالاتها ويد مجاهدينا ستظل العليا في الميدان بإذن الله».
ورصدت إسرائيل نحو 350 صاروخاً وقذيفة منذ الجمعة وقالت إن قواتها تصدت لـ95 في المائة منها في حين سقطت البقية في مناطق مفتوحة.
وتسببت صواريخ «الجهاد» بإصابة موقف سيارات ومنزل ومصنع في مستوطنات غلاف غزة، كما أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن قذيفتين صاروخيتين سقطتا قبالة مدينة نتانيا شمال تل أبيب مساءً.
وتسببت صواريخ «الجهاد» بإصابة منزل وسيارات واحتراق مصنع في مستوطنات الغلاف كما تسببت في إصابة 23 مستوطناً وجنديين بشظايا أو حالات هلع.
وتعهدت فيه «الجهاد» بحرب استنزاف وقالت إنه من المبكر الحديث عن وساطات، وإن القتال بدأ للتو. في المقابل تعهدت إسرائيل بضرب قادة الحركة في الخارج.
وقال غانتس خلال زيارته لإحدى منظومات القبة الحديدية، إن «قيادة الجهاد الإسلامي التي تجلس في الخارج في المطاعم وفنادق ويحلون ضيوفاً على طهران وسوريا ولبنان، معزولون عن أتباعهم ويضرون بشكل خطير بحياة سكان غزة، سيدفعون أيضًا الثمن».
وأكد غانتس أن العملية الهجومية الحالية ضد «الجهاد» ستتواصل وسيتم تكثيفها بلا حدود وبدون قيود.
وكرر القول: «الهدف من العملية وقف تهديدات الجهاد الإسلامي وعودة الهدوء والاستقرار في غلاف غزة». أضاف: «أحبطنا وسنواصل إحباط خلايا إطلاق الصواريخ. قصفنا عشرات المنشآت العسكرية التي يستخدمها الجهاد الإسلامي لإنتاج وإطلاق الصواريخ وسنواصل الجهود الهجومية بلا حدود وبدون قيود».
وحاول غانتس تحريض أهل غزة على قيادة «الجهاد» بالنظر إلى أن الأمين العام للحركة زياد النخالة الذي تعهد بالقتال متواجد في طهران قائلاً لأهالي غزة: «إن الحرس الثوري لن يدفع رواتبكم».
وكان النخالة قد تعهد من إيران بالقتال ضد إسرائيل في معركة لا خطوط حمراء فيها.
وقال اللواء حسين سلامي قائد الحرس الثوري الإيراني بعد اجتماعه مع النخالة أمس إن «إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً بسبب الاعتداء على غزة».
ولا يتطلع الطرفان إلى مواجهة مفتوحة، رغم التصعيد المتوقع، وتتمنى إسرائيل إنهاء المعركة في أسرع وقت قبل حدوث أي تطور من شأنه تحويل المواجهة إلى حرب مفتوحة، مثل دخول حركة «حماس» على الخط.
وحتى منتصف اليوم السبت نجحت إسرائيل في تحييد حركة حماس وركزت ضرباتها ضد الجهاد الإسلامي بعدما بدأت الجمعة هجوماً مباغتاً باغتيال المسؤول الكبير في سرايا القدس تيسير الجعبري.
ولا يعرف إلى أي مدى يمكن أن تبقى «حماس» بعيدة إذا ما أخذت المواجهة منحى أكثر تعقيداً، فيما تعمل مصر على هدنة ولو مؤقتة من أجل دفع اتصالات تهدئة دائمة للأمام.
مواقف
أعربت السعودية عن إدانتها واستنكارها للهجوم على قطاع غزة، واكدت في بيان لخارجيتها وقوفها الى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق، مطالبة المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته لإنهاء التصعيد، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، وبذل كافة الجهود لإنهاء هذا الصراع الذي طال أمده.
أدان البرلمان العربي العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.ودعا الأردن إلى «الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي المدان» على قطاع غزة.
وأعربت قطر عن «إدانتها واستنكارها الشديدين للعدوان الإسرائيلي الجديد».
وحملت سوريا الكيان الإسرائيلي مسؤولية هذا التصعيد الخطير، مطالبة بمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين.
وأدانت الكويت «العدوان الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلية على قطاع غزة في دولة فلسطين الشقيقة والذي أدى إلى استشهاد وجرح عدد من الأشخاص».
كما عبرت الجزائر عن «قلقها البالغ أمام هذا التصعيد الخطير».
وأدانت لجنة «القدس والحوار» بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، بأشد العبارات الأعمال الإسرائيلية في حق المدنيين الفلسطينيين.
وأكدت مشيخة الأزهر أن «ما يمارسه الكيان الإسرائيلي في حق الفلسطينيين لهو نقطة سوداء في جبين الإنسانية».
وقال مفتي مصر الدكتور شوقي علام، إن «سلطات الاحتلال لا تزال تضرب بالاتفاقيات والقوانين الدولية عرض الحائط».
وأعربت روسيا عن «قلقها البالغ» إزاء التصعيد ودعت «كل الأطراف المعنيين إلى إبداء أقصى درجات ضبط النفس».
وقال المتحدث باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن التكتل يتابع أعمال العنف في قطاع غزة «بقلق بالغ» ويدعو جميع الأطراف إلى «أقصى درجات ضبط النفس».