مساعٍ أميركية لتخفيف التوتر في مضيق تايوان

تايبيه اتهمت بكين بمحاكاة هجوم عليها

أفراد من قوات تايوان الجوية يتفقدون طائرة حربية في قاعدة هينشو أمس (إ.ب.أ)
أفراد من قوات تايوان الجوية يتفقدون طائرة حربية في قاعدة هينشو أمس (إ.ب.أ)
TT

مساعٍ أميركية لتخفيف التوتر في مضيق تايوان

أفراد من قوات تايوان الجوية يتفقدون طائرة حربية في قاعدة هينشو أمس (إ.ب.أ)
أفراد من قوات تايوان الجوية يتفقدون طائرة حربية في قاعدة هينشو أمس (إ.ب.أ)

تسعى الولايات المتحدة لتخفيف حدة التوتر في مضيق تايوان، مؤكدة تمسكها بإبقاء خطوط الاتصال مفتوحة مع الصين.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال زيارته إلى مانيلا السبت، إن واشنطن ستبقي خطوط الاتصال مفتوحة مع بكين لتفادي أي سوء فهم، أثناء العمل مع المنظمات الإقليمية والحلفاء لضمان تحقيق السلام والاستقرار عبر المضيق.

                                    الرئيس الفلبيني لدى استقباله وزير الخارجية الأميركي في مانيلا أمس (رويترز)
اتهام تايواني
اتهمت تايوان الجيش الصيني، أمس، بمحاكاة هجوم على الجزيرة، في وقت تكثف فيه بكين خطواتها الانتقامية للرد على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايبيه.
وأعلنت السلطات التايوانية، السبت، أنها رصدت «عدة» طائرات وسفن صينية في مضيق تايوان بين الجزيرة والبر الصيني الرئيسي. وقالت وزارة الدفاع التايوانية في بيان، إن «عدداً من (السفن والطائرات) عَبَر الخط الأوسط» الذي يفصل المضيق إلى شطرين، معتبرة أنها «تجري محاكاة لهجوم على جزيرة تايوان الرئيسية». ولا تعترف بكين بهذا الخط الذي رسمته، بشكل أحادي، الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة.
وقال الجيش التايواني إن «عشرين طائرة شيوعية و14 سفينة رُصدت في المياه حول تايوان وهي تقوم بتدريبات بحرية وجوية»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وعبرت 14 منها على الأقل الخط الأوسط، بحسب الجيش التايواني. ونشر الجيش التايواني، السبت، صوراً لأحد البحارة على إحدى فرقاطاته وهو يراقب سفينة صينية على مسافة قريبة، مرفقة بتعليق «صور غير معدلة إطلاقاً!». وأظهرت الصور أيضاً جنوداً يشغلون أنظمة الصواريخ الأرضية لتتبع الطائرات الصينية.
من جانبه، نشر الجيش الصيني ليل الجمعة إلى السبت، مقطع فيديو لطيار تابع للقوات الجوية وهو يصور الساحل والجبال في تايوان من قمرة القيادة الخاصة به. ونشر السبت صورة التُقطت، على حد قوله، من إحدى سفنه العسكرية القريبة من سواحل تايوان، يظهر فيها مبنى تابع للبحرية التايوانية على بعد مئات الأمتار فقط. وقد تكون هذه أقرب صورة التقطتها قوات بر الصيني الرئيسي من السواحل التايوانية. وتهدف إلى إظهار قدرة بكين على الاقتراب من شواطئ الجزيرة.

تنديد أميركي
وصف وزير الخارجية الأميركي، السبت، تحركات الصين الأخيرة بشأن تايوان بأنها «تخرجها من ممارسة حل القضايا سلمياً إلى الإكراه واستخدام القوة»، في إشارة إلى المناورات العسكرية الصينية التي ستنتهي اليوم (الأحد).
وقال بلينكن للصحافيين بعد اجتماعاته مع الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الابن، ووزير الخارجية إنريكي مانالو، في العاصمة مانيلا، إن الصين تزيد الأنشطة المزعزعة للاستقرار في مقاربتها ملف تايوان، وقامت بالرد على زيارة سلمية لرئيسة مجلس النواب بمناورات عسكرية وإطلاق صواريخ تهدد مسار السفن في مضيق تايوان. كما انتقد بلينكن الصين بسبب ما اعتبرها «إجراءات انتقامية تجاوزت إطلاق الصواريخ نحو الابتعاد عن محادثات تغير المناخ». وأضاف بلينكن أن الولايات المتحدة «تقف دائماً إلى جانب شركائها، ومن المهم التأكيد على ذلك بسبب ما يحدث (...) في مضيق تايوان». وقال إنه «منذ إطلاق الصين نحو 12 صاروخاً باليستياً باتجاه تايوان قبل يومين، نسمع من الحلفاء والشركاء بمختلف أنحاء المنطقة، شعورهم بالقلق العميق بشأن هذه الأعمال المزعزعة للاستقرار والخطيرة».
وشدد بلينكن على أن واشنطن ستبقي خطوط الاتصال مفتوحة مع بكين. وقال: «أخبرنا حلفاؤنا وشركاؤنا بمختلف أنحاء المنطقة، بعبارات لا لبس فيها، بأنهم يتطلعون لقيادة مسؤولة في الوقت الحالي. لذلك، اسمحوا لي بأن أكون واضحاً: أميركا لا تعتقد أن تصعيد الوضع في مصلحة تايوان أو المنطقة أو أمننا القومي».
وفي اجتماعه مع الرئيس الفلبيني، شدد بلينكن على التزام واشنطن باتفاق الدفاع المشترك بين البلدين، قائلاً إن أميركا تتطلع للعمل مع إدارته لـ«تعزيز» التحالف مع الفلبين. من جانبه، قال الرئيس الفلبيني ماركوس الابن إن «التوترات الإقليمية والعالمية الأخيرة، مثل زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان والحرب بين روسيا وأوكرانيا، ألقت الضوء على أهمية العلاقة بين مانيلا وواشنطن». وأضاف: «آمل في أن نستمر في تطوير تلك العلاقة في مواجهة جميع التغييرات التي نعيشها اليوم».

خفض التوتر
وكان البيت الأبيض قد دعا، الجمعة، الصين إلى وقف مناوراتها العسكرية، بغية خفض منسوب التوتر في المنطقة. وقال منسق الاتصالات في مجلس الأمن القومي جون كيربي: «يمكن للصينيين القيام بالكثير لخفض التوتر من خلال وقف مناوراتهم العسكرية الاستفزازية وتهدئة اللهجة». وبعدما أكد كيربي أن الولايات المتحدة «ستواصل اتصالاتها العسكرية على أعلى مستوى مع الصين» رغم إعلان بكين تعليقها، شجب قرار بكين تعليق التعاون في مجالات عدة من بينها التغير المناخي.
وقال كيربي: «يعتقدون أنهم يعاقبوننا بإغلاق هذه القناة. إنهم في الواقع يعاقبون العالم بأسره، لأن أزمة المناخ لا تعترف بالحدود الجغرافية»، لأنها «حقاً أزمة عالمية ووجودية». وتابع كيربي أن «أكبر مصدر للانبعاثات في العالم يرفض حالياً الانخراط في خطوات أساسية ضرورية لمكافحة أزمة المناخ التي تؤثر في الواقع على شركائنا من خلال ارتفاع مستوى مياه البحر في جزر المحيط الهادي ومن خلال الحرائق في مختلف أنحاء أوروبا».
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن استيائه من قرار الصين وقف التعاون في تغير المناخ. وقال المتحدث باسمه: «أعتقد أنه بنظر الأمين العام، من المستحيل حل المشاكل الأكثر إلحاحاً في العالم من دون حوار وتعاون فاعلين بين البلدين». وكان أكبر بلدين مسببين للتلوث في العالم قد تعهدا، العام الماضي، بالعمل معاً لتسريع التحرك من أجل المناخ خلال العقد الحالي، وأكدا أنهما سيعقدان اجتماعات دورية «للتعامل مع أزمة المناخ».


مقالات ذات صلة

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم لندن تحذّر من عواقب مدمّرة لحرب في مضيق تايوان

لندن تحذّر من عواقب مدمّرة لحرب في مضيق تايوان

دافع وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي عن الوضع القائم في تايوان، محذرا من عواقب اقتصادية مدمرة لحرب، في خطاب تبنى فيه أيضًا نبرة أكثر تصالحا حيال بكين. وقال كليفرلي في خطاب ألقاه مساء الثلاثاء «لن تكون حرب عبر المضيق مأساة إنسانية فحسب بل ستدمر 2,6 تريليون دولار في التجارة العالمية حسب مؤشر نيكاي آسيا». وأضاف «لن تنجو أي دولة من التداعيات»، مشيرا إلى أن موقعها البعيد لا يؤمن أي حماية مما سيشكل ضربة «كارثية» للاقتصاد العالمي والصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الصين تحقق مع ناشر تايواني في جرائم متعلقة بالأمن القومي

الصين تحقق مع ناشر تايواني في جرائم متعلقة بالأمن القومي

أعلنت السلطات الصينية، الأربعاء، أن ناشراً تايوانياً، أُبلغ عن اختفائه، خلال زيارة قام بها إلى شنغهاي، يخضع لتحقيق في جرائم متعلقة بالأمن القومي. وقالت تشو فنغ ليان، المتحدثة باسم «المكتب الصيني للشؤون التايوانية»، إن لي يانهي، الذي يدير دار النشر «غوسا»، «يخضع للتحقيق من قِبل وكالات الأمن القومي، لشبهات الانخراط بأنشطة تعرِّض الأمن القومي للخطر». وأضافت: «الأطراف المعنية ستقوم بحماية حقوقه المشروعة ومصالحه، وفقاً للقانون». وكان ناشطون وصحافيون في تايوان قد أبلغوا عن اختفاء لي، الذي ذهب لزيارة عائلته في شنغهاي، الشهر الماضي. وكتب الشاعر الصيني المعارض باي لينغ، الأسبوع الماضي، عبر صفحته على «ف

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم رئيس غواتيمالا يبدأ زيارة لتايوان

رئيس غواتيمالا يبدأ زيارة لتايوان

وصل رئيس غواتيمالا أليخاندرو جاماتي الاثنين إلى تايوان في زيارة رسمية تهدف إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع هذه الجزيرة التي تعتبر بلاده من الدول القليلة التي تعترف بها دبلوماسياً. وسيلقي جاماتي كلمة أمام البرلمان التايواني خلال الزيارة التي تستمر أربعة أيام.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
العالم بكين تحتج لدى سيول إثر «تصريحات خاطئة» حول تايوان

بكين تحتج لدى سيول إثر «تصريحات خاطئة» حول تايوان

أعلنت الصين أمس (الأحد)، أنها قدمت شكوى لدى سيول على خلفية تصريحات «خاطئة» للرئيس يون سوك يول، حول تايوان، في وقت يشتدّ فيه الخلاف الدبلوماسي بين الجارين الآسيويين. وتبادلت بكين وسيول انتقادات في أعقاب مقابلة أجرتها وكالة «رويترز» مع يون في وقت سابق الشهر الحالي، اعتبر فيها التوتر بين الصين وتايوان «مسألة دولية» على غرار كوريا الشمالية، ملقياً مسؤولية التوتر المتصاعد على «محاولات تغيير الوضع القائم بالقوة».

«الشرق الأوسط» (بكين)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».