ليبيا: اجتماع مرتقب بين رئيسي «النواب» و«الدولة» في أنقرة

تقارير عن مقتل «مرتزقة موالين لتركيا» في طرابلس

اجتماع رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي بحضور عدد من المسؤولين (حكومة الوحدة)
اجتماع رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي بحضور عدد من المسؤولين (حكومة الوحدة)
TT

ليبيا: اجتماع مرتقب بين رئيسي «النواب» و«الدولة» في أنقرة

اجتماع رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي بحضور عدد من المسؤولين (حكومة الوحدة)
اجتماع رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي بحضور عدد من المسؤولين (حكومة الوحدة)

التزمت السلطات الليبية الصمت حيال تقارير تحدثت عن إصابة «عدد من المرتزقة السوريين الموالين لتركيا، وحكومة الوحدة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة» بعد سقوط قذيفة أطلقتها طائرة من دون طيار في ساعة مبكرة من صباح أمس على المطار الدولي بالعاصمة طرابلس، بينما عقد رئيسا مجلسي النواب والدولة اجتماعاً بوساطة من تركيا التي يقومان حالياً بزيارتها.
وقالت مصادر غير رسمية، إن «الحادث أدى لإصابة عدد غير معلوم من القوات الموجودة بالمطار»، بينما نقلت وسائل إعلام محلية عن شهود عيان «مقتل 9 مرتزقة سوريين وجرح 11 آخرين» في الحادث الذي تلاه إعلان بعض الكتائب داخل العاصمة حالة «الاستنفار العسكري».
وقال مصدر أمني إنه تم «نقل القتلى براً إلى قاعدة الوطية العسكرية قبل نقلهم إلى تركيا، بينما تم نقل المصابين إلى الوحدة العسكرية التركية الطبية في معيتيقة بطرابلس لتلقي العلاج»، مشيراً إلى «الاستعانة بمجموعة من المقاتلين السوريين من الميليشيات المعروفة باسم (سليمان شاه)».
وحلّقت في ساعة مبكرة من صباح أمس طائرة من دون طيار فوق مناطق عدة في جنوب العاصمة طرابلس وسط استنفار لميليشيات موالية لحكومة الدبيبة داخل العاصمة.
وتجاهل الدبيبة هذه التطورات، لكنه اجتمع أمس لليوم الثاني على التوالي مع محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي ونائبه موسى الكوني بحضور محافظ المصرف المركزي، لبحث «مستجدات الأوضاع في البلاد، وجهود ضمان الاستقرار المالي والنقدي للدولة».
وقال بيان للمجلس، إنه تم خلال الاجتماع التأكيد على ضرورة استمرار الحفاظ على الاستقرار المالي للدولة في هذه المرحلة الحساسة، للوصول إلى تحقيق تطلعات الشعب الليبي بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
https://twitter.com/NajWheba/status/1554434414242922497
وكان المجلس الرئاسي بصفته نظرياً «القائد الأعلى للجيش الليبي» قد بحث مساء أول من أمس مع الدبيبة باعتباره وزير الدفاع أيضاً بالحكومة التي يترأسها بالإضافة إلى محمد الحداد، رئيس الأركان للقوات الموالية للحكومة، آخر مستجدات الأوضاع العسكرية والأمنية في البلاد، وسُبل تنظيم عمل كل الوحدات والقطاعات العسكرية، والحفاظ على الأمن العام.‏
وجاء الاجتماع بعدما التقى أسامة الجويلي، آمر المنطقة العسكرية الغربية المحسوب على فتحي باشاغا، رئيس حكومة الاستقرار الموازية مع بعض القيادات العسكرية والأمنية بالعاصمة.
إلى ذلك، تحدثت مصادر غير رسمية عن اجتماع تم أمس في تركيا بين خالد المشري، رئيس مجلس الدولة، وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، الذي بدأ زيارة مساء أول من أمس إلى أنقرة هي الأولى من نوعها.
وقالت المصادر، إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس البرلمان التركي اجتمعا مع صالح بحضور عبد الله اللافي، عضو المجلس الرئاسي؛ تمهيداً لاجتماع صالح والمشري، علماً بأن وكالة «الأناضول» التركية للأنباء قد نقلت في وقت سابق عن عضو بمجلس الدولة، أن «ترتيبات تُجرى لعقد ما وصفه بلقاء غير رسمي وشيك بين الطرفين في تركيا لمناقشة ملف السلطة التنفيذية والنقاط الخلافية للقاعدة الدستورية».
وكشفت المصادر أن «الاجتماع المرتقب بين المشري وصالح يستهدف إما تعديل حكومة الاستقرار برئاسة فتحي باشاغا، أو تقديم حكومة أخرى أو استبعاد كل من باشاغا والدبيبة».
لكن مقربين من صالح الذي اجتمع مع رئيس البرلمان التركي مصطفى شنطوب، قالوا في المقابل، إنه لايزال متمسكاً بموقفه الذي عبّر عنه في اجتماعه مع المشري في القاهرة مؤخراً بشأن ضرورة «اعتراف الأخير بحكومة باشاغا وحل أزمة السلطة التنفيذية قبل الخوض في أي نقاش حول القاعدة الدستورية».
ولم يصدر أي بيان رسمي عن صالح، لكن أحمد يلدز، رئيس مجموعة الصداقة الليبية في مجلس الأمة التركي، قال عبر «تويتر» إنه شارك في استقبال صالح في أنقرة ونشر صوراً له.
https://twitter.com/A_Yildiz_/status/1554201695718187008
وقال السفير التركي لدى ليبيا كنعان يلماز، إن زيارة صالح ستُعالج جميع جوانب علاقات ليبيا وتركيا والأبعاد السياسية الأخرى، لافتاً إلى أنه نقل لصالح خلال اجتماعهما مطلع العام الحالي دعوة شفوية من رئيس النواب مصطفى شنطوب لزيارة تركيا.
وأكد دعم تركيا للمحادثات بين مجلسي النواب والدولة للوصول إلى قاعدة دستورية للانتخابات وتابع «بدلاً من إنشاء حكومات انتقالية متعاقبة، سيكون من الأفضل لليبيا أن تتحد بالإجماع وتركز على الانتخابات».
وكان صالح قد أعرب مساء أول من أمس لدى اجتماعه مع وفد من حكومة باشاغا برئاسة نائبه علي القطراني بمدينة بنغازي، عن ثقته في قدرة الحكومة على تحقيق آمال الليبيين في إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة في أقرب الآجال، وشدد على ضرورة أن تمارس الحكومة عملها على كامل التراب الليبي، خاصة بعد اعتماد قانون الميزانية من قبل مجلس النواب.
وناقش الدبيبة، مساء أول من أمس في اجتماع مع أعضاء مجلس إدارة جهاز تنمية وتطوير الهلال النفطي، ميزانية الجهاز وخطته للعام الحالي، كما أصدر تعليماته للتنسيق مع المجالس البلدية كافة الواقع في نطاقها الجهاز من حيث تحديد الخطة، وأن يتم العمل وفق أسعار نمطية معتمدة، وضرورة التنسيق مع الأجهزة التنفيذية في عدم ازدواجية التنفيذ.
وأكد، أن الهدف من هذا الجهاز هو دعم منطقة الهلال النفطي وتقديم خدمات استثنائية لها، وفق الإجراءات القانونية المعتمدة.
https://twitter.com/Hakomitna/status/1554160769939509250
إلى ذلك، أكد القائم بأعمال رئيس البعثة الأممية ريزدون زنينغا، على التزام الأمم المتحدة وجهودها لتحقيق مسار واضح للانتخابات كأولوية قصوى.
ونقل عن عمداء بلديات عدة التقاهم مساء أول من أمس إعرابهم عن «رغبة الشعب القوية في اختيار قادته ومؤسساته عن طريق الانتخابات، التي شددوا على ضرورة تنظيمها في أقرب وقت، وعلى ضرورة إنهاء المراحل الانتقالية والحكومات المؤقتة.
وكان زينينغا قد بحث مع الدبيبة أهمية الضغط على جميع الأطراف للوصول إلى قاعدة دستورية وإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن.
وادعى الدبيبة مجدداً جاهزية أن للقيام بدورها في الاستحقاق الانتخابي فور إعلان المفوضية ذلك، وأنها تعمل للمحافظة على الاستقرار الأمني والعسكري اللازم لتهيئة الأوضاع لتحقيق الانتخابات.
بدوره، شجع السفير الأميركي ريتشارد نورلاند القادة الليبيين للبناء على التقدم الذي تم إحرازه خلال فترة تولي المستشارة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز، التي أشاد بتفانيها وتصميمها على تسهيل مسار يؤدّي إلى الانتخابات.
https://twitter.com/USEmbassyLibya/status/1554190573212508161
كما حث في بيان عبر «تويتر» مساء أول من أمس على التعاون الكامل من أجل تسهيل تدخّل خدمات الطوارئ، لضحايا الانفجار المأساوي الذي وقع في سبها، الذي أعرب عن شعوره وفريق السفارة الأميركية بالحزن وقدم تعازيه لأسر الضحايا.
وهدّد سكان من مدينة أوباري بإغلاق الطريق المؤدية للحقول النفطية حال عدم تدفق الوقود للجنوب خلال أسبوع، وحملوا الحكومات الليبية وشركة البريقة للنفط مسؤولية الحادث الأليم، الذي أدى وفقاً لما أعلنه متحدث باسم مركز طب الطوارئ والدعم إلى 9 وفيات، وأكثر من 75 مصاباً.
وأبلغ عميد بلدية سبها وسائل إعلام محلية، أنه تم منع الطائرة الآتية من طرابلس وفيها وفد من حكومة الدبيبة برئاسة نجلاء المنقوش وزيرة خارجيتها من الهبوط في مطار سبها بجنوب البلاد. بينما قال محمد وحيدة مدير المطار، إنه طلب من الوفد المغادرة عقب وصول الطائرة القادمة من مطار معيتيقة وتحمل مستلزمات طبية وكان يفترض أنها ستقوم بنقل الجرحى.
لكن عثمان عبد الجليل، وزير الصحة في حكومة باشاغا والناطق باسمها، نفى اعتراض الجيش الوطني طائرات تابعة لحكومة الوحدة من الهبوط في مطار سبها، وقال، إن الأخيرة تمتلك ثلاث طائرات إسعاف فقط، اثنتان منها في حالة الصيانة، في حين عادت الثالثة من رحلة خارج البلاد.
وكان وزير الصحة المكلف بحكومة الوحدة قد أعلن اعتراض طائرات إسعاف مرسلة من مطار معيتيقة إلى مطار سبها كجسر جوي لنقل المصابين.
بدوره، اعتبر تكتل فزان في مجلس النواب، أن التهميش وشح الخدمات في إقليم فزان، سبب حدوث فاجعة الحريق وطالب في بيان بإبعاد هذه الأحداث المؤسفة عن المزايدات السياسية من كل الأطراف.
من جهتها، أشادت بعثة الأمم المتحدة، التي قدمت تعازيها ومواساتها للضحايا، بما وصفته بالاستجابة السريعة للسلطات لنقل الجرحى إلى المرافق الطبية، لكنها لفتت إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الجهود للاستجابة بشكل أمثل على الرغم من نشر منظمة الصحة العالمية في ليبيا فريق طوارئ لدعم السلطات وتقديمها تدخلات طبية


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الأزمة الجزائرية - الفرنسية تشهد تصعيداً جديداً

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

الأزمة الجزائرية - الفرنسية تشهد تصعيداً جديداً

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

في خطوة تصعيدية جديدة، دلّت على بلوغ الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا ذروتها، ردّ البرلمان الجزائري بحدة على تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول سجن الكاتب بوعلام صنصال، الذي يحمل الجنسية الفرنسية أيضاً، والذي يُواجه متاعب صحية استدعت نقله إلى المستشفى، منذ أسبوعين.

وقال مكتب «المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية الأولى)، في بيان أصدره ليل الاثنين: «إنه يستنكر بشدة التصريحات غير المسؤولة الصادرة عن الرئيس الفرنسي، التي تُمثل تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للجزائر، ومسّاً بسيادتها وكرامتها بشأن قضية قيد النظر وفق القوانين الجزائرية». مشدداً على أن الأمر «محاولة مكشوفة لتشويه صورة الجزائر، ومؤسساتها السيادية».

ووفق البيان نفسه، فقد «عانت الجزائر من أبشع الانتهاكات إبان الحقبة الاستعمارية الفرنسية، وهي ترفض اليوم بشكل قاطع أي تدخل خارجي، أو تلقّي دروس في مجال حقوق الإنسان والحريات»، مؤكداً أن «مثل هذه التصرفات تظل غير مقبولة من عموم الشعب الجزائري، كما أنها لن تؤثر على مساره المستقل، بل ستزيده قوة وإصراراً على حماية سيادته وكرامته». ودعا البرلمان فرنسا إلى «الالتزام بقواعد العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل».

وأمام سفراء فرنسا وقناصلتها، الذين تجمعوا الاثنين في «الإليزيه»، ككل سنة، عدّ الرئيس ماكرون أن الروائي الجزائري - الفرنسي، المسجون في الجزائر، والموجود حالياً في وحدة علاجية، «محتجز بشكل تعسفي من قبل المسؤولين الجزائريين».

الرئيس الجزائري مع الوزير الأولى الفرنسية السابقة بالجزائر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وصعّد ماكرون انتقاده للحكومة الجزائرية، بشأن القضية ذاتها، قائلاً إن الجزائر «تسيء إلى نفسها» بعدم إطلاق سراح السبعيني صنصال، المتابع بموجب مادة في قانون العقوبات الجزائري، وتتعامل مع «أي فعل يستهدف أمن الدولة، وسلامة الأراضي، واستقرار المؤسسات أو سيرها الطبيعي»، بصفته عملاً إرهابياً أو تخريبياً.

ويعود سبب سجن مؤلف «2084: نهاية العالم»، و«قرية الألماني»، إلى تصريحات أدلى بها لمنصة إخبارية مقربة من اليمين الفرنسي المتطرف، عدّ فيها أن محافظات من الغرب الجزائري «تابعة تاريخياً للمغرب»، وأن الاستعمار الفرنسي بشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 و20، «هو مَن اجتزأها من المغرب، وألحقها بالجزائر».

وأضاف ماكرون في خطابه أمام الدبلوماسيين، موضحاً أن «الجزائر التي نحبها كثيرًا، والتي نشاركها عدداً من الأبناء وكثيراً من القصص، تدخل في تاريخ يسيء إليها، بمنع رجل مريض بشدة من تلقي العلاج. هذا لا يتناسب مع مكانتها». مضيفاً: «نحن الذين نحب الشعب الجزائري وتاريخه، نطالب بشكل عاجل حكومته بإطلاق سراح بوعلام صنصال»، الذي وصفه بـ«مناضل من أجل الحرية».

الرئيس الفرنسي في خطابه الاثنين أمام السفراء (الإليزيه)

وتحدّث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن اعتقال صنصال لأول مرة في 29 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عادّاً أنه «دجال مجهول الهوية والأب، أرسلته إلينا فرنسا». ولمّح إلى أن حديثه عن الوحدة الترابية الجزائرية «من وحي الفرنسيين».

كما هاجم حزب «جبهة التحرير الوطني»، القوة السياسية الأولى في البلاد، الرئيس ماكرون، الثلاثاء، في بيان شديد الحدّة، أبرز ما جاء فيه أن تصريحاته «تؤكد حالة التيه التي يعيشها صانع القرار بفرنسا، بسبب ما تعيشه من أزمات سياسية واقتصادية عميقة». موضحاً أن ماكرون «يتزعم دولة تعتمد الكيل بمكيالين تجاه مختلف القضايا في العالم».

وفي اليوم نفسه، انتقد وزير الاتصال محمد مزيان، خلال نشاط له بغرب البلاد، «الادعاءات التي سوقتها فرنسا لتبرير احتلالها الجزائر، ومفادها نشر الحضارة والتحضر، ما هي إلا أراجيف وبهتان». مبرزاً أن «فرنسا الكولونيالية جسدت نكراناً للجميل، أجمع عليه كل المؤرخين الموضوعيين».

وكان الوزير يخوض في الخلاف مع فرنسا في تصريحاته، ولم يبدِ أنه ردّ على كلام ماكرون بشأن سجن الروائي، الذي يُضاف إلى الأزمة الجديدة بين باريس والجزائر، التي بدأت في يوليو (تموز)، بقرار من الرئيس ماكرون، الاعتراف بالصحراء جزءاً من السيادة المغربية.