معرض تشكيلي لفنانين من ذوي احتياجات خاصة في بيروت

لوحات ومنحوتات لتسعة فنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة في معرض «فايبرانت سولز» ببيروت (أ.ف.ب)
لوحات ومنحوتات لتسعة فنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة في معرض «فايبرانت سولز» ببيروت (أ.ف.ب)
TT

معرض تشكيلي لفنانين من ذوي احتياجات خاصة في بيروت

لوحات ومنحوتات لتسعة فنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة في معرض «فايبرانت سولز» ببيروت (أ.ف.ب)
لوحات ومنحوتات لتسعة فنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة في معرض «فايبرانت سولز» ببيروت (أ.ف.ب)

ليست الأزهار وحدها متنوعة الألوان، بل كذلك أوراق الأشجار والبيوت والملابس والأجنحة وأشعة الشمس، في لوحات ضمن معرض في بيروت يضمّ أعمالاً تشكيلية لموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة، يُقبِل أصحاب المجموعات على شرائها «لقيمتها الفنية»، على ما يؤكد المنظمون، ولما يجدونه فيها من «أمل» يحتاج إليه اللبنانيون في خضمّ أزماتهم.
وبين الفنانين التسعة المشاركين في معرض «فايبرانت سولز»، والذين تراوح أعمارهم بين 11 و48 سنة، ستة يعانون التوحد والاضطرابات السلوكية، في حين أن النحاتين الثلاثة من المكفوفين.
ويتيح المعرض الذي افتُتح الخميس فرصة لاكتشاف إبداعات هؤلاء، وجميعهم يعرضون أعمالهم للمرة الأولى، ولإبراز مواهبهم كفنانين تشكيليين لتأخذ حقها من «التقدير اجتماعياً واقتصادياً»، بحسب منصة «كرييتيف كول» التي تنظّم المعرض في صالة «أوبرا غاليري بيروت» وبالتعاون معها.


جواد مطر مع عمله في معرض «فايبرانت سولز» ببيروت (أ.ف.ب)

وينطلق المعرض من اقتناع الجهتين المنظمتين بأن «الفن يبعث الأمل (...) ويبني الجسور بين الناس ويوفر علاجا ويعزز تقدير الذات»، على ما رأت في مقال تمهيدي لكتيّب عن المعرض مديرة «كرييتيف كول» ألين كرم وصاحبة «أوبرا غاليري بيروت» سلوى شلهوب.
وتوضح كرم لوكالة الصحافة الفرنسية، أن المنصة «لا تهدف إلى توفير العلاج بالفن بمفهومه الطبي، بل تسعى إلى تطوير قدرات الفنانين الموهوبين ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال ورشات عمل بإشراف أساتذة وفنانين معروفين، وإلى تمكينهم من إبراز أعمالهم الفنية ومن الاندماج في المجتمع كأشخاص أولاً، وكذلك كفنانين».
وتقدم «كرييتيف كول» المواد والتدريب للفنانين ذوي الاحتياجات الخاصة، بالتعاون مع جمعيات تعنى بهم، وتتولى بيع أعمالهم من خلال منصتها أو عبر إقامة معارض، أولّها «فايبرانت سولز».
وتذهب عائدات هذا المعرض وتلك التي ستليه مستقبلاً إلى الفنانين المشاركين وإلى الجمعيات التي ترعاهم.
وتقول مديرة «أوبرا غاليري» نوميس بركات لوكالة الصحافة الفرنسية «ما يؤكد القيمة الفنية للأعمال المعروضة أننا بعناها كلها تقريباً حتى الآن».


جانب من معرض «فايبرانت سولز» في بيروت (أ.ف.ب)

وتضيف «أهم أصحاب المجموعات الفنية لم يشتروا الأعمال المعروضة لتشجيع المبادرة، بل سمعناهم يقولون مثلاً سنضع هذه اللوحة هنا ونحتاج إلى لوحة أخرى متناسقة معها، ونستنتج تالياً أنهم وجدوا شيئاً في هذه اللوحات. لقد وجدوا فيها حياة وأملاً بعد ثلاثة أعوام قاسية اجتازها لبنان».
وتلاحظ بركات، أن «ما يلفت الأنظار عند دخول صالة العرض هي الألوان” التي تحفل بها اللوحات. وتضيف «نحن نحتاج إلى الأمل والألوان في الوقت الراهن، والزبائن متعطشون إليها».
ويفتخر شاهيه كاندرجيان (21 عاماً) الذي يعاني اضطراباً سلوكياً بأن ستاً من لوحاته العشر المعروضة بيعت حتى الآن، وأَحبُّها إلى قلبه لوحة شروق الشمس ذات الأشعة الصفراء والزرقاء والحمراء والبرتقالية وراء الأشجار الخضراء.
ويقول بحماسة لوكالة الصحافة الفرنسية وهو يفتح صفحات دفتر الرسم الخاص به «عملت في أمور كثيرة ووجدت أنها صعبة، أما الرسم فيساعدني على الاسترخاء والراحة».


لارا الحسين ولوحة في معرض «فايبرانت سولز» (أ.ف.ب)

أما لارا الحسين (31 عاماً) التي تعاني هي الأخرى اضطرابات سلوكية ويتولى متابعتها «مركز سفارنوتز»، فشجرة الحياة في لوحتها ذات أوراق زاهية الألوان أيضاً، وهي مبسوطة نحو الأعلى.
وتخبر وكالة الصحافة الفرنسية، بأن أستاذتها شجعتها «كثيراً هذه السنة، وأن عمها الرسام يعطيها نصائح».
وتقول «تطورت كثيراً (...) وأنا فخورة كثيراً برسومي».
وفي حين رسم كريستيان نازاريان (14 عاماً) بيوتاً متنوعة الألوان قرميدها رمادي على خلفية زرقاء، تشبه بتلاصقها بيوت جواد مطر (11 عاماً)، وهو أصغر الفنانين المشاركين، فيما شاء آدم الخطيب (14 عاماً) منازله مائلة وغير مصطفة بانتظام.
وتقول والدة جواد مطر الذي رسم قلبه مع أجنحة ملوّنة «هو صغير العائلة، وفي مدرسة الجمعية اللبنانية للتوحد اكتشفوا موهبته وعملوا على تنميتها».
أما هو فيشير إلى أنه يحب أن يرسم البحر «أكثر من الزهور» التي يبدع أيضاً في تنسيقها وتلوينها.
ويميل شربل خوري (14 عاماً) الذي يعاني التوحد إلى الأشكال الهندسية ذات الطابع التجريدي، وفنانه المفضل ليوناردو دافينشي. ويتحدث خوري بالفرنسية باقتضاب قائلاً «أرسم للفن»، وهو يحلم بأن يصبح رساماً.
وإضافة إلى اللوحات، في المعرض منحوتات مصنوعة بأيدي ثلاثة فنانين مكفوفين هم سليم سليمان وسعاد يوسف ومحمد حمود «تعكس مشاعر الفنانين المتناقضة وتجاربهم التي تتراوح ما بين الألم والفرح»، بحسب المنظمين.
ويقول حمود البالغ (30 عاماً) والذي نحت هرّتين بالطين طلاهما بالرزين، لوكالة الصحافة الفرنسية «ولدت كفيفاً، لكنّ حواسي الأخرى متطورة جداً كالسمع واللمس. لدي هرّة ألمسها وأحاول أن أنحتها كما أشعر بها، فبواسطة اللمس والإحساس تبقى الصورة مطبوعة في ذهني».
ويقول «اكتشفت هذه الموهبة عندما كبرت بفضل المدرسة اللبنانية للضرير والأصم التي تدربنا منذ الصغر وتكشف نقاط قوتنا وتنميها لنا لنبرع فيها، وآمل في أن يكون لي مستقبل في هذا المجال».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

شارع النبي دانيال التاريخي بالإسكندرية في حُلة جديدة

مشروع تطوير شارع النبي دانيال في الإسكندرية (رئاسة مجلس الوزراء)
مشروع تطوير شارع النبي دانيال في الإسكندرية (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

شارع النبي دانيال التاريخي بالإسكندرية في حُلة جديدة

مشروع تطوير شارع النبي دانيال في الإسكندرية (رئاسة مجلس الوزراء)
مشروع تطوير شارع النبي دانيال في الإسكندرية (رئاسة مجلس الوزراء)

اكتسى شارع النبي دانيال التاريخي في محافظة الإسكندرية حلة جديدة ضمن أعمال التطوير التي تقوم بها الإدارة المحلية؛ لتعزيز حضور الشارع بما يليق بالمكانة الحضارية والثقافية والسياحية للثغر المصري.

وأشار رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إلى الاهتمام البالغ الذي توليه الدولة لتطوير مختلف المواقع بجميع محافظات الجمهورية، مؤكداً، خلال تفقده مشروع تطوير شارع النبي دانيال، الخميس، «اهتمام الحكومة بشكل خاص بتطوير المناطق الأثرية»، لافتاً إلى أن محافظة الإسكندرية تحظى بعدد كبير من مشروعات التطوير، لتعزيز المكانة الحضارية والثقافية والسياحية لتلك المحافظة العريقة، وفق بيان لمجلس الوزراء المصري.

وأشار محافظ الإسكندرية الفريق أحمد خالد حسن سعيد، إلى أن «شارع النبي دانيال أقدم وأعرق شوارع محافظة الإسكندرية»، وأوضح أن «تاريخ الشارع يعود إلى عام 331 قبل الميلاد، حيث يُعد محوراً ثقافياً وحضارياً وتراثياً مهماً لمدينة الإسكندرية»، لافتاً إلى أن «الشارع يعد مُجمعاً للأديان السماوية الثلاثة، حيث يضم مسجد النبي دانيال، والكنيسة المرقسية وهي أقدم كنيسة في أفريقيا، ومعبد إلياهو وهو أقدم المعابد اليهودية التي شُيدت في الإسكندرية».

وتضمنت أعمال التطوير إزالة طبقة الأسفلت القديمة، مع وضع طبقة جديدة تتناسب مع طبيعة الشارع، بالإضافة إلى توفير ممرات آمنة ومريحة؛ لتسهيل حركة المواطنين في الشارع، إلى جانب توفير إضاءات ذات طابع خاص لإبراز الزخارف المعمارية، بما يسهم في تحويل الشارع إلى ممشى تُراثي، وفق تصريحات المحافظ.

شاعر النبي دانيال من أقدم الشوارع في الإسكندرية (رئاسة مجلس الوزراء)

وفي الوقت نفسه، أشار المحافظ إلى إجراءات للقضاء على بعض المظاهر العشوائية وتحسين الصورة البصرية للشارع، عبر توحيد شكل محال بيع الكتب، ودهان واجهات المباني والعقارات التراثية، في إطار تنمية الخصائص الفنية العمرانية للشارع، مع رفع كفاءة البنية التحتية للشارع، مشيراً إلى أن المشروع يهدف إلى تطوير شارع النبي دانيال بطول نحو 750 متراً، بتكلفة 143 مليون جنيه، ويتم تنفيذه على ثلاث مراحل، موضحاً أنه تم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى بالكامل.

رئيس الوزراء المصري خلال جولته في شارع النبي دانيال وأمام المكتبات الشهيرة (رئاسة مجلس الوزراء)

وعدّ عالم الآثار المصري الدكتور حسين عبد البصير «زيارة رئيس الوزراء لمشروع تطوير شارع النبي دانيال خطوة مهمة تعكس الاهتمام بإعادة تأهيل الشوارع التاريخية في مصر، خصوصاً في مدينة الإسكندرية التي تمتاز بتراثها الثقافي الغني».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «شارع النبي دانيال هو واحد من أقدم الشوارع في الإسكندرية، ويحتوي على العديد من المعالم التاريخية والأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة، ويعرف بكثرة المعابد والكنائس والمساجد التي تحكي قصة التعايش الديني والثقافي في المدينة»، مشيراً إلى أن «التطوير المقترح للشارع يهدف إلى تحسين البنية التحتية، مما يسهل حركة المشاة ويعزز السياحة الثقافية عبر الحفاظ على الطابع التاريخي والمعماري للشارع، ليصبح نقطة جذب مهمة للزوار المحليين والدوليين، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي».

وأضاف أن «تطوير الشارع يساعد على إحياء الذاكرة الجماعية للمدينة ويعزز من شعور الفخر والانتماء بين سكانها».