وزير الصناعة المغربي: سنغطّي 8 % من احتياجات الكهرباء ببريطانيا

مزور كشف لـ «الشرق الأوسط» أن المغرب يصنع 42 في المائة من قطع الطائرات محلياً

وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور (الشرق الأوسط)
TT

وزير الصناعة المغربي: سنغطّي 8 % من احتياجات الكهرباء ببريطانيا

وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور (الشرق الأوسط)

كشف رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة المغربي، أن بلاده تعمل على تزويد المملكة المتحدة بـ8 في المائة من إجمالي احتياجاتها الكهربائية، من مصادر طاقة متجددة منخفضة التكاليف.
وقال مزور، في حوار خص به «الشرق الأوسط» على هامش زيارة إلى لندن، إن المغرب نجح في إحكام السيطرة على التضخم وضمان إمدادات المواد الغذائية، رغم التحديات العالمية التي رافقت أزمة «كوفيد - 19» وحرب أوكرانيا.
كما أكد الوزير نجاح المغرب في تصنيع 42 في المائة من أجزاء الطائرات محلياً، كاشفاً أنه يقترب من اكتساب مهارة تصنيع طائرة متكاملة بفضل شراكات دولية جديدة.
الدفع التضخمي

عاملان مغربيان في مصنع سيارات "رونو" بالقرب من طنجة (أ.ف.ب)

يشهد الاقتصاد العالمي معدلات تضخم متفاوتة، تتسبب في أزمة غلاء معيشة. وباعتبار أن الصناعة المغربية منخرطة في الاقتصاد العالمي، فلا شك أنها تشهد بدورها دفعاً تضخمياً. وللتضخم في المغرب جانبان، وفق وزير الصناعة. يتعلق الأول بتوافر المواد الأولى، والذي يشهد تحديات على مستوى سلاسل القيمة العالمية؛ «لذلك كان علينا التكيف. ومن حسن حظنا أننا تمكنا من الحصول على إمدادات المواد الغذائية، على وجه الخصوص، قبل اندلاع الأزمة (الأوكرانية) مباشرة، ما أتاح لنا الكثير من المرونة في هذا الجانب».
أما الجانب الثاني وفق مزور، فيتعلق بالأسعار. ويقول: «لدى المغرب أدوات للسيطرة على التضخم. فإن قارنا أداء التضخم المغربي، المتوقع بلوغه 5 في المائة، بدول أخرى (كأوروبا التي تسجل تضخماً نسبته 8 في المائة)، نجد أنه أداء لافت للاهتمام».
إلى ذلك، وضع المغرب آليات لدعم القوة الشرائية في المغرب. ويوضح مزور: «بالنسبة للصناعة، تتحمل الدولة مسؤولية التضخم فيما يتعلق بسعر الكهرباء الذي يحافظ على ميزة تنافسية. أما بالنسبة لبقية المواد، فإن صناعاتنا هي صناعات مدمجة في سلاسل القيمة العالمية. وبالتالي، فإنها تتشارك نفس الأسعار ونفس التحديات مع منافسيها الدوليين، ما يسمح للقاعدة الصناعية المغربية بالحفاظ على قدرتها التنافسية الطبيعية، بل إن التكاليف المرتفعة للقواعد الصناعية الأخرى تعزز جاذبية الصناعة المغربية».
«صُنع في المغرب»

جانب من الصناعة التقليدية المغربية في فاس (غيتي)

كرس المغرب في السنوات الماضية اهتماماً واسعاً بالصناعة المحلية، انعكس في نجاح مظلة «صُنع في المغرب» التجارية في اقتحام أسواق عالمية.
ويقول الوزير مزور إن «صُنع في المغرب» هو مفهوم ثلاثي المحاور. «فالمنتج المصنوع في المغرب هو أولاً منتج صُنعت 40 في المائة على الأقل من قيمته المضافة محلياً».
أما المحور الثاني، فيتمحور حول الجودة، «هذا يعني أنه منتج يتوافق مع معايير الجودة العالمية». ثالثاً، فإن «صُنع في المغرب» هو علامة تجارية تشمل منتجات مختلفة، بهوية واضحة مبنية على التنافسية، وعلى الجودة في جميع جوانبها. إذ لا تقتصر الجودة، وفق الوزير المغربي، على المنتج فحسب، «بل تشمل الموارد البشرية والتسليم والمرافقة، وهو ما يعطي صورة شاملة للعمل والديناميكيات التي تمر بها المنصة الصناعية الوطنية».

الأمن الغذائي

سوق خضار في أكادير (غيتي)

تعاني الكثير من الدول، خصوصاً النامية منها، من أزمة غذاء قد تُصبح الأسوأ منذ عقود وفق منظمات دولية، على خلفية حرب أوكرانيا وتداعياتها على إمدادات الحبوب. فكيف يتأقلم المغرب مع هذه الأزمة؟ وكيف يضمن أمنه الغذائي؟
يرد وزير الصناعة: «المغرب بلد تم بناؤه على مدى اثني عشر قرناً على أساس ضمان الأمن الغذائي. يشير المغاربة إلى بلادهم أحياناً بـ«المخزن»، وذلك نسبة لقدرة المغرب على تخزين وتزويد سكانه بالغذاء، بكميات وأسعار مناسبة، حتى عند تراجع الإمدادات».
اليوم، ورغم تسبب التضخم في ارتفاع أسعار منتجات معينة وبعض المواد الغذائية مثل الزيت، فإن المصنعين يبذلون جهداً هائلاً لضمان التوافر الدائم، وفق مزور. ويضيف: «شهدت الأسعار تطوراً محكماً بالكامل، بفضل علاقة مسؤولة بين الشركات المصنعة والسكان والعملاء».
وتابع: «يشهد المغرب اليوم ظروفاً مناخية معقدة للغاية، مع تراجع كبير في هطول الأمطار هذا العام، والذي لم يسمح لنا بتحقيق مستويات الإنتاج المعتادة؛ إذ لم يتجاوز إنتاجنا من الحبوب 32 في المائة من إنتاج العام الماضي، على سبيل المثال».
وقال مزور إنه «على الرغم من هذه العوامل، فقد تمكنا من توفير المنتجات، وأحكمنا السيطرة على التضخم، ودعمنا أسعار مواد غذائية أساسية مثل الخبز والسكر، ما سمح بدعم الأسر المغربية التي تواجه بعض الصعوبات من حيث القوة الشرائية، لكن بشكل أقل بكثير من دول أخرى».

التنوع الطاقي

محطة للطاقة الشمسية في ورزازات (أ.ف.ب)

برز المغرب كأحد أهم منتجي الطاقة المتجددة حول العالم، وكرس انخراطه في مسار اتفاق باريس للمناخ الذي يهدف إلى احتواء الاحترار العالمي بـ1.5 درجة. ويقول وزير الصناعة إن الرباط ملتزمة بهذا المسار «بدافع اقتناعها به أولاً، وبدافع مصالحها كذلك».
ويضيف: «لا نزخز بمخزون كبير من الهيدروكربونات، وبالتالي فقد بحثنا عن ميزتنا التنافسية في مصادر الطاقة المتجددة. وأصبحنا اليوم بين أبرز ثلاث دول في العالم لإنتاج الطاقات المتجددة، إلى جانب تشيلي والساحل الأسترالي الغربي».
وتابع: «نحن ملتزمون بمزيج طاقوي لتوليد الكهرباء. ونهدف لإنتاج 52 في المائة من طاقتنا الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030»، مشيراً إلى أنه تم إحراز «تقدم جيد لبلوغ هذا الهدف، إذ بلغت هذه النسبة اليوم 35 في المائة».
إلى ذلك، يعد المغرب اليوم قاعدة تعتبرها العديد من الدول الأوروبية، وخصوصاً المملكة المتحدة، كمصدر محتمل لإمدادات الكهرباء. وتوقف وزير الصناعة المغربي عند مشروع «إكس لينكس» الضخم للطاقة، الذي يربط بين المغرب وبريطانيا، بمشاركة من شركة «أكوا باور».
ويقول: «لدينا مشروع ضخم هو مشروع «Xlinks»، الذي نعمل عليه مع مطورين من القطاع الخاص، كما نجري حوله مناقشات على المستوى الحكومي». ويهدف المشروع إلى توفير نحو 8 في المائة من الكهرباء في المملكة المتحدة من إنتاج مغربي، وتزويد قرابة 7 ملايين منزل بريطاني بكهرباء منخفضة التكاليف بحلول 2030، وذلك عبر أربعة كابلات بحرية مباشرة تمتد لمسافة تزيد على 3800 كيلومتر.
صناعة الطيران

جانب من مشاركة وزير الصناعة المغربي في معرض فارنبوره رللطيران (حساب الوزير في تويتر)

تعد صناعة الطيران المغربية اليوم إحدى «أكثر الصناعات ديناميكية في العالم، ومن أكثرها تنافسية»، وفق مزور.
ويقول: «يستطيع المغرب اليوم تصنيع 42 في المائة من الطائرات بتقنيات متطورة للغاية، وهو أمر فريد من نوعه في العالم. وأتاحت أزمة «كوفيد - 19» فرصاً جديدة، إذ إنها أعادت توزيع أوراق الصناعة في العالم، وأصبح المغرب اليوم يثير اهتمام جميع المشاريع الجديدة والمستثمرين في هذا القطاع».
وفي هذا السياق، وقع المغرب خلال معرض طيران فارنبره في لندن، مذكرة تفاهم مع «واحدة من أكبر شركات الطيران في العالم، هي كولينز، لتطوير نظام متكامل نلتزم فيه معاً بتطوير شبكة من الموردين تسمح لكولينز باستثمار ما يصل إلى مليار دولار سنوياً في المغرب. وهذه ليست سوى خطوة أولى، إذ إننا نعمل مع العديد من الشركات التابعة لمجموعة «كولينز» لتطوير أنظمة مماثلة».
يضيف الوزير: «إلى ذلك، اتخذنا أولى الخطوات لتطوير مجال تفتقر إليه صناعة الطيران المغربي. فنحن نتقن صناعة المحركات وجسم الطائرة، لكن ما لا نتقنه بعد هو تصنيع المقصورات. وقد وقعنا (في معرض طيران فارنبوره) أول مذكرة تفاهم مع المشغل العالمي الأول في هذا المجال، والذي يعمل أيضاً في مجال المقصورات الفاخرة».

فرص استثنائية

اجتماع للوفدين البريطاني برئاسة اللورد أحمد والمغربي برئاسة مزور بالرباط في 27 يوليو (حساب الوزير في تويتر)

بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، شهدت التبادلات التجارية بين الرباط ولندن زيادة بأكثر من 130 في المائة. ويقول مزور: «يتمتع البلدان بديناميكية إيجابية للغاية. وتنخرط الحكومتان البريطانية والمغربية بشكل كامل في تعزيز هذا التعاون».
وأوضح: «لدينا منتج رائد وضعته الحكومة البريطانية لدعم التكامل بين الصناعتين المغربية والبريطانية، والذي يبلغ حجم ضمان تصدير يقدر بـ4 مليارات جنيه إسترليني، دعماً لاستثمار أي شركة تنتج في المغرب وتشمل 20 في المائة من المساهمة البريطانية».
وأضاف الوزير: «هذا التكامل مدعوم بقوة من كلا الجانبين. وإلى جانب آليات الدعم المغربية، فإنه يتيح تنمية فرص استثمارية استثنائية».
منظومة صناعية متكاملة

توقيع اتفاقية تفاهم بين اتحاد الغرف التجارية السعودية والجمعية المغربية للمصدرين بجدة في أبريل الماضي (غرفة جدة على تويتر)

اتفق المغرب والسعودية على وضع خريطة طريق تمهد لخلق منظومة صناعية متكاملة، هدفها تعزيز الفرص الاستثمارية وخلق قيمة مضافة وفرص الشغل في البلدين.
وأشاد مزور بهذا الاتفاق الذي تم إعلانه خلال مباحثات عقدها، في أبريل (نيسان) الماضي، مع وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف.
وقال: «تستفيد الرباط والرياض من علاقات وروابط قوية لتعزيز التكامل بين المنصتين الصناعيتين في البلدين، وربطهما أكثر. سيسمح هذا التعاون لكل من المنصتين بتحسين قدرتهما التنافسية والنمو والوصول إلى الأسواق الأخرى.
وتابع: «تمتلك السعودية، ودول الخليج الأخرى، مواد أولية مهمة، سواء كانت في مجال الطاقة أو المعادن مثل الألومنيوم وغيرها، قد يشكل تطويرها فرصة، خصوصاً في صناعة السيارات والطيران. من جانبها، تقوم السعودية بتطوير منصة صناعية ضخمة ومثيرة للاهتمام، يمكن أن تستفيد من موردين مغاربة».
ولفت مزور إلى أن دول الخليج «تتمتع بمكانة استراتيجية خاصة على المستوى الآسيوي. فيما يعد المغرب مركزاً بين أوروبا وأفريقيا، ويتمتع بالعديد من اتفاقيات التجارة الحرة»، مشدداً: «لدينا إمكانات فريدة للتكامل بفضل تقارب سياسي وثقافي قوي، يسمح لهذين القطبين بخلق الكثير من القيمة معاً».


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

الاقتصاد «الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

«الفيدرالي» الأميركي يرفع الفائدة للمرة العاشرة في تشدد تاريخي

للمرة العاشرة منذ مارس (آذار) العام الماضي، اتجه البنك الاتحادي الفيدرالي الأميركي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار 0.25 نقطة أساس، يوم الأربعاء، في محاولة جديدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، التي يصارع الاتحادي الفيدرالي لخفضها إلى 2 في المائة دون نجاح ملحوظ. وأعلن مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع سعر الفائدة الرئيسي 25 نقطة أساس إلى نطاق 5.00 و5.25 في المائة، لتستمر بذلك زيادات أسعار الفائدة منذ مارس 2022 وهي الأكثر تشدداً منذ 40 عاماً، في وقت يثير المحللون الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الزيادة ستكون آخر مرة يقوم فيها الاتحادي الفيدرالي برفع الفائدة، أم أن هناك مزيداً من الخطوات خلال الفت

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

أميركا تعرقل تقدمها في الطاقة الشمسية بـ«الرسوم الصينية»

لا تتوقف تداعيات الحرب التجارية الدائرة منذ سنوات بين الولايات المتحدة والصين عند حدود الدولتين، وإنما تؤثر على الاقتصاد العالمي ككل، وكذلك على جهود حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي. وفي هذا السياق يقول الكاتب الأميركي مارك غونغلوف في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء إن فرض رسوم جمركية باهظة على واردات معدات الطاقة الشمسية - في الوقت الذي يسعى فيه العالم لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة تضخم أسعار المستهلك وتجنب الركود الاقتصادي - أشبه بمن يخوض سباق العدو في دورة الألعاب الأوليمبية، ويربط في قدميه ثقلا يزن 20 رطلا. وفي أفضل الأحوال يمكن القول إن هذه الرسوم غير مثمرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الدولار يتراجع  في «ساعات الترقب»

الدولار يتراجع في «ساعات الترقب»

هبط الدولار يوم الأربعاء بعد بيانات أظهرت تراجع الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة، فيما ترقبت الأنظار على مدار اليوم قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي صدر في وقت لاحق أمس بشأن أسعار الفائدة. وأظهرت بيانات مساء الثلاثاء انخفاض الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي خلال مارس (آذار)، وسجلت معدلات الاستغناء عن الموظفين أعلى مستوياتها في أكثر من عامين، ما يعني تباطؤ سوق العمل، وهو ما قد يساعد الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي  أقل من 70 دولاراً للبرميل

النفط يواصل التراجع... والخام الأميركي أقل من 70 دولاراً للبرميل

واصلت أسعار النفط تراجعها خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعد هبوطها بنحو 5 في المائة في الجلسة السابقة إلى أدنى مستوى في خمسة أسابيع، فيما يترقب المستثمرون المزيد من قرارات رفع أسعار الفائدة هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد 2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

2022 «عام الجوع»... والقادم غامض

أظهر تحليل أجرته منظمات دولية تشمل الاتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المتحدة المختلفة أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع أو يشهدون أوضاعا تتسم بانعدام الأمن الغذائي ارتفع في مختلف أنحاء العالم في 2022. وتوصل التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن أكثر من ربع مليار شخص عانوا من جوع شديد أو من مجاعات كارثية العام الماضي.

أحمد الغمراوي (القاهرة)

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
TT

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء، إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام، على الرغم من ارتفاع التضخم، واحتمال فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق في ظل إدارة ترمب المقبلة.

وقال كريستوفر والر، العضو المؤثر في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، إنه يتوقع أن يقترب التضخم من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في الماضي في الأشهر المقبلة. وفي بعض التعليقات الأولى التي أدلى بها مسؤول في بنك الاحتياطي الفيدرالي حول التعريفات الجمركية على وجه التحديد، قال إن الرسوم الجمركية الأكبر على الواردات من غير المرجح أن تدفع التضخم إلى الارتفاع هذا العام، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقال والر في باريس في منظمة «التعاون الاقتصادي والتنمية»: «رسالتي الأساسية هي أنني أعتقد أن مزيداً من التخفيضات ستكون مناسبة». وأضاف: «إذا لم يكن للتعريفات الجمركية، كما أتوقع، تأثير كبير أو مستمر على التضخم، فمن غير المرجح أن تؤثر على وجهة نظري».

وتُعد تعليقاته جديرة بالاهتمام؛ نظراً لأن تأثير الرسوم الجمركية يشكل بطاقة جامحة هذا العام بالنسبة للاقتصاد الأميركي. وقد هبطت الأسواق المالية في الأشهر الأخيرة جزئياً بسبب المخاوف من أن التضخم قد يستمر في كونه مشكلة، وأن التعريفات الجمركية قد تجعل الأمر أسوأ. ويميل المنتجون إلى رفع الأسعار للعملاء للتعويض عن التكاليف الزائدة للرسوم الجمركية على المواد والسلع المستوردة.

ومع ذلك، فإن والر أكثر تفاؤلاً بشأن التضخم من كثير من مستثمري «وول ستريت». وقال: «أعتقد أن التضخم سيستمر في إحراز تقدم نحو هدفنا البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط، ​​وأن مزيداً من التخفيضات (للمعدلات) ستكون مناسبة». وفي حين ظل التضخم ثابتاً في الأشهر الأخيرة - حيث ارتفع إلى 2.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي - زعم والر أن الأسعار خارج قطاع الإسكان، وهو ما يصعب قياسه، تتباطأ.

وتتعارض تصريحات والر مع التوقعات الزائدة في «وول ستريت» بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد لا يخفض سعر الفائدة الرئيس كثيراً، إن فعل ذلك على الإطلاق، هذا العام مع استمرار ارتفاع الأسعار. ويبلغ المعدل حالياً حوالي 4.3 في المائة بعد عدة تخفيضات في العام الماضي من أعلى مستوى له منذ عقدين من الزمن عند 5.3 في المائة. وتتوقع الأسواق المالية خفض أسعار الفائدة مرة واحدة فقط في عام 2025، وفقاً لتسعير العقود الآجلة التي تتبعها أداة «فيد ووتش».

ولم يذكر والر عدد التخفيضات التي يدعمها على وجه التحديد. وقال إن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي توقعوا خفضين هذا العام في ديسمبر (كانون الأول). لكنه أشار أيضاً إلى أن صناع السياسات دعموا مجموعة واسعة من النتائج، من عدم التخفيضات إلى ما يصل إلى خمسة تخفيضات. وأضاف أن عدد التخفيضات سيعتمد على التقدم نحو خفض التضخم.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن تأثير التعريفات الجمركية على سياسة الفيدرالي والتضخم يصعب قياسه مسبقاً، حتى يتضح أي الواردات ستتأثر بالتعريفات، وما إذا كانت الدول الأخرى سترد بتعريفات خاصة بها. ولكن في المؤتمر الصحافي الأخير لـ«الفيدرالي» في ديسمبر، أقر باول بأن بعض صناع السياسات التسعة عشر في البنك المركزي بدأوا في دمج التأثير المحتمل لسياسات الرئيس المنتخب دونالد ترمب على الاقتصاد.

وقال باول: «لقد اتخذ بعض الناس خطوة أولية للغاية وبدأوا في دمج تقديرات مشروطة للغاية للتأثيرات الاقتصادية للسياسات في توقعاتهم في هذا الاجتماع». وقال إن مسؤولين آخرين لم يتخذوا مثل هذه الخطوة، في حين لم يحدد البعض ما إذا كانوا قد فعلوا ذلك.

وقد اقترح مسؤولون آخرون في «الفيدرالي» مؤخراً أن يتحرك البنك ببطء أكبر بشأن خفض أسعار الفائدة هذا العام، بعد الخفض في كل من اجتماعاته الثلاثة الأخيرة في عام 2024. وقالت ليزا كوك، عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، يوم الاثنين، إن البنك المركزي يمكنه «المضي قدماً بحذر أكبر» في خفض أسعار الفائدة.

وقال والر، في جلسة أسئلة وأجوبة، إن أحد أسباب ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل يرجع إلى القلق من أن عجز موازنة الحكومة الفيدرالية، الضخم بالفعل، قد يظل كذلك أو حتى يزيد. وقد أدت أسعار الفائدة طويلة الأجل المرتفعة إلى ارتفاع تكلفة الرهن العقاري والاقتراض الآخر، مما زاد من الضغوط على كل من الشركات والمستهلكين.

وقال: «في مرحلة ما، ستطالب الأسواق بقسط لقبول مخاطر التمويل»، مثل هذا الاقتراض الزائد.