سكان تعز يتظاهرون رفضاً لتمديد الهدنة وسط استمرار الحصار الحوثي

«الرئاسي اليمني» يتهم الميليشيات بالإعداد لجولة قتال أكثر عنفاً

العليمي مجتمعاً مع السفير الفرنسي (سبأ)
العليمي مجتمعاً مع السفير الفرنسي (سبأ)
TT

سكان تعز يتظاهرون رفضاً لتمديد الهدنة وسط استمرار الحصار الحوثي

العليمي مجتمعاً مع السفير الفرنسي (سبأ)
العليمي مجتمعاً مع السفير الفرنسي (سبأ)

احتشد الآلاف من اليمنيين وسط مدينة تعز الثلاثاء، رفضاً لتمديد الهدنة الأممية التي تنتهي في الثاني من أغسطس (آب) المقبل، وتنديداً باستمرار الحصار الحوثي المفروض على المدينة، فيما اتهم مجلس القيادة الرئاسي اليمني الميليشيات بأنها تستعد لجولة أعنف من القتال.
هذه التطورات تأتي وسط تحركات أميركية وأوروبية ضمن المساعي المؤازرة لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ على أمل أن تسفر هذه الجهود عن موافقة الحوثيين والحكومة اليمنية على تمديد الهدنة إلى ستة أشهر عوضا عن شهرين.
وترفض الجماعة الحوثية حتى الآن تنفيذ البند الخاص بإنهاء الحصار المفروض للسنة السابعة على مدينة تعز وفتح الطرقات، وفقا للمقترحات التي قدمها المبعوث الأممي الذي كان تعهد في أحدث بياناته بأنه سيكرس جهده قبيل انتهاء الهدنة لملف «المعابر».
وفي سياق المظاهرة التي خرجت في مدينة تعز، قال المحتجون في بيان إن الميليشيات الحوثية المرتهنة لإيران «لا تؤمن بالسلام، ولا تفي بعهد أو ميثاق، وتتعامل مع كل المواثيق والعهود والاتفاقات كفرص لإضافة مكاسبها العسكرية، وتوسيع مساحة القمع والتدمير ضد المواطنين، كما يحدث مع الهدنة الأممية».
واتهم البيان المواقف الغربية والأممية بالتساهل مع الحوثيين، وقال إن ذلك «أغرى الميليشيات في التمادي وشجعها على استغلال الهدنة في التحشيد واقتحام وقصف القرى والأحياء المدنية، وضرب الأطفال والنساء بالأسلحة الثقيلة بصورة يومية كما هو حاصل في البيضاء وتعز والضالع».
ودعا المحتجون في بيانهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي ونوابه إلى رفض الهدنة التي وصفوها بـ«الظالمة» والتي قالوا «إنها تحولت إلى غطاء لممارسات ميليشيا الحوثي الإجرامية ضد الأطفال والنساء والمدنيين».
وطالب المحتشدون مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية بـ«الوقوف العادل إلى جانب الشعب اليمني ودعمه وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة المتعلقة باليمن وفي مقدمها القرار 2216».
الرفض الشعبي في مدينة تعز لاستمرار الهدنة تزامن مع عودة المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ إلى المنطقة، حيث يزور الرياض ومسقط وعمان ضمن سعيه لدعم تمديد الهدنة الهشة، كما تزامن مع بدء تحركات أوروبية تمثلت في زيارة السفير الفرنسي جان ماري صفا إلى مدينة عدن ضمن المساعي لدى مجلس القيادة الرئاسي للموافقة على التمديد.
وبحسب المصادر الرسمية، أكد العليمي للسفير الفرنسي «دعم المجلس الرئاسي لجهود المجتمع الدولي من أجل إحلال السلام والاستقرار في اليمن، والتزامه بحل شامل ومستدام وفقا للمرجعيات الوطنية والإقليمية، والقرارات الدولية ذات الصلة وخصوصا القرار 2216».
ونقلت وكالة «سبأ» أن العليمي شدد على أهمية ممارسة مزيد من الضغوط الدولية على الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، للوفاء بتعهداتها أمام المجتمع الدولي.
وكان المجلس الرئاسي اليمني كثف على مدى الأيام الثلاثة الماضية اجتماعاته، لمناقشة تطورات الأوضاع المحلية، ومسار الهدنة الإنسانية، بما في ذلك الخروق الواسعة التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية في مختلف الجبهات.
وطبقا لما أوردته التقارير الرسمية، رصدت مئات الخروق من جانب الميليشيات المدعومة من النظام الإيراني، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى، منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي وحتى 23 يوليو (تموز) الجاري.
وجدد مجلس الحكم اليمني دعوته الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لتحمل مسؤولياتهم إزاء هذه الانتهاكات، والجرائم البشعة التي ارتكبتها الميليشيات، ومساعيها لاستغلال جهود التهدئة من أجل التحشيد الحربي والاستعداد لجولة أدمى من التنكيل والعنف في البلاد»، بحسب ما نقلته المصادر الرسمية عن اجتماعات المجلس.
ومع «استهجان الحوثيين» لتمديد الهدنة كما جاء في تصريحات قادتهم، جدد مجلس حكمهم الانقلابي شروطه للحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية وعسكرية من أجل الموافقة على تمديد الهدنة التي تذهب المؤشرات إلى موافقتهم في النهاية على تمديدها بفعل الضغط الأممي والأوروبي والإقليمي.
وفي وقت سابق اتهم الجيش اليمني الميليشيات الحوثية بارتكاب 288 خرقا للهدنة خلال 72 ساعة فقط، في جبهات محافظات الحديدة وتعز وأبين والضالع وحجة وصعدة والجوف ومأرب، مؤكدا في بيان أن الخروق أدت إلى مقتل ثلاثة جنود على الأقل وإصابة 15 آخرين.
وبحسب المركز الإعلامي للجيش اليمني، أحبطت القوات «أكثر من ثلاث محاولات تسلل حوثية باتجاه مواقع عسكرية غرب حجة، ومحاولة تسلل باتجاه مواقع في جبهة حلحل في مديرية لودر بمحور أبين، في حين تنوعت بقية الخروق «بين إطلاق النار على مواقع الجيش بالمدفعية والعيارات المختلفة وبالقناصة والطائرات المسيرة المفخخة».
وإلى جانب الخروق العسكرية التي تزيد المخاوف من إمكانية تسببها في نسف الهدنة، تبقى معضلة فتح المعابر بين مناطق التماس وإنهاء حصار تعز حجر الزاوية لإنجاح الجهود الأممية، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي اليمني.
وكانت الأمم المتحدة نجحت في إبرام هدنة لمدة شهرين ابتداء من الثاني من أبريل ونجحت في تمديدها إلى الثاني من أغسطس المقبل، في حين يطمح مبعوثها إلى تمديدها هذه المرة إلى فترة أطول قد تصل إلى ستة أشهر.
ولا يمانع مجلس القيادة الرئاسي في اليمن تمديد الهدنة، لكن رئيسه رشاد العليمي ونوابه يصرون على تنفيذ بقية بنود الهدنة، وفي مقدمها إنهاء حصار تعز وفتح الطرقات قبل الانتقال إلى التفاوض حول أي ملفات جديدة كما يخطط لذلك المبعوث الأممي.
وعلى وقع الهجوم الوحشي الحوثي الأخير على أحد أحياء مدينة تعز اليمنية (جنوب غرب) والذي أدى إلى مقتل وإصابة 12 طفلا، كانت الأحزاب في المدينة حذرت الحكومة الشرعية ومجلس القيادة الرئاسي من الانخداع بحديث السلام مع الحوثيين.
ونددت الأحزاب في بيان بما وصفته «الجريمة الشنعاء والمجزرة الهمجية» التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي الإرهابية بحق الأطفال في حي الروضة بتعز، وقالت إن «هذه الجريمة لم تكن الأولى إذ إن الحوثي يمارس الحصار والقصف العشوائي على الأحياء السكنية بصورة دائمة، ويرتكب جرائمه البشعة تحت بصر وسمع المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن».
وانتقدت الأحزاب في تعز ما وصفته بـ«التجاهل الغريب والتدليل» للحوثيين، رغم المكاسب التي حصلوا عليها من الهدنة، وكان آخرها فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، في الوقت الذي امتنعوا فيه عن فتح طرق تعز أمام المدنيين ليستمر خنق تعز وقصف الأحياء وقتل الأطفال والنساء في ظل إعلان الهدنة المزعومة.
وطالبت الأحزاب في مدينة تعز الشرعية والجيش الوطني بالابتعاد «عن أكذوبة تعامل الحوثي مع نداء السلام»، وقالت إن «الحوثي دوما يتعامل مع الهُدَن التي يفرضها المجتمع الدولي كفرص وجوائز من خلالها يتفرغ للتعبئة والإعداد وضرب المدنيين والمعارضين لمشروعه داخل المناطق التي يسيطر عليها أو خارجها».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».