الجزائر: عودة «التمويل الخفي» لحملة بوتفليقة إلى المحاكم

دفاع شقيق الرئيس السابق طالب بسماع سلال شاهداً

السعيد بوتفليقة (الشرق الأوسط)
السعيد بوتفليقة (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: عودة «التمويل الخفي» لحملة بوتفليقة إلى المحاكم

السعيد بوتفليقة (الشرق الأوسط)
السعيد بوتفليقة (الشرق الأوسط)

عادت قضية «التمويل الخفي» لحملة الرئيس الجزائري السابق الراحل عبد العزيز بوتفليقة، أمس إلى القضاء من جديد، في إطار جلسة استئناف الأحكام الابتدائية، لكن تم تأجيلها إلى 21 أغسطس (آب) المقبل نظراً إلى غياب شاهد رئيسي في القضية، هو رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال، الذي يقضي عقوبة السجن 12 سنة مع التنفيذ بتهم الرشوة وسوء التسيير وتبديد المال العام.
وأصدر القاضي بمحكمة الاستئناف بالعاصمة قرار التأجيل بعد دقائق قليلة من انطلاق المحاكمة، بناء على طلب الدفاع سماع سلال في القضية. والمتهمان الرئيسيان في الملف هما: سعيد بوتفليقة مستشار الرئيس السابق، والذي صدر بحقه حكم ابتدائي بالسجن 8 سنوات مع التنفيذ في 6 يونيو (حزيران) الماضي، ورجل الأعمال الشهير علي حداد، الذي حكم عليه بالسجن 4 سنوات مع التنفيذ في التاريخ نفسه.
وتتضمن لائحة الاتهامات الإنفاق من المال العام على حملة ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، في انتخابات كانت مقررة في 18 أبريل (نيسان) 2019 وتم إرجاؤها تحت ضغط الشارع الرافض لها، علماً بأن الرئيس الراحل ترشح وهو عاجز بدنياً عن التسيير، وكان شقيقه هو الرئيس الفعلي للبلاد خلال فترة مرضه التي استغرقت 7 سنوات. وأرغم الجيش بوتفليقة على الاستقالة، بعدها انزوى في إقامته الرئاسية حتى وفاته في 17 سبتمبر (أيلول) 2021. كما تتضمن التهم «غسل أموال، وعدم التصريح بالممتلكات، واستغلال النفوذ».
واستبعدت مصادر قضائية، تحدثت إلى «الشرق الأوسط» حول هذه القضية، حضور سلال في جلسة المحاكمة المقبلة، بسبب تدهور صحته. وفي آخر محاكمة له، طلب محاميه نقله للعلاج في عيادة خارج السجن. وقاد سلال للقاضي يومها إن السجن «أنهكني ولم يعد سني (73 سنة) يتحمل مزيداً من المتاعب الصحية».
وتتعلق القضية بشبهة فساد بشأن أموال طائلة، خصصتها رئاسة الجمهورية والفريق المقرب من سعيد بوتفليقة لتحضير حملة تأييد ضخمة لشقيقه. والأداة الضاربة لتلك الحملة كانت إطلاق فضائية دعائية أطلق عليها «قناة الاستمرارية» رمزاً لرغبة الرئيس وحاشيته في التمديد، رغم أنه لم يعبر بنفسه عن ذلك لتعطل حواسه. وأكدت تحقيقات أمنية أن العديد من رجال الأعمال؛ على رأسهم علي حداد، وضعوا مبالغ كبيرة تحت تصرف شقيق الرئيس من أجل التكفل بالقناة التلفزيونية والحملة الانتخابية بشكل عام، الأمر الذي نفاه سعيد بشدة أثناء المحاكمة الابتدائية.
أما حداد؛ فقد أكد أثناء مرحلة التحقيق القضائي أن سعيد «هو الآمر بالصرف» في كل ما تعلق بتمويل الحملة. ولما طلب منه القاضي في المحاكمة الابتدائية أن يعيد هذا الكلام في حضور سعيد، رفض بذريعة أنه «مل من تكرار نفس الشيء كلما وقفت أمام القضاة». واستشاط سعيد غضباً في نهاية المحاكمة السابقة، وقال للقاضي: «لا أفهم لماذا هذا الإصرار على أن أتحمل مسؤولية ما يسمى الفساد... فلو كشفت ما لديّ من أسرار عن ضلوع المسؤولين في الفساد؛ فستنهار الدولة». وبدا القاضي رافضاً ليسمع منه المزيد، عندما دعاه إلى «عدم الخروج عن صلب الموضوع».
في سياق ذي صلة، خفضت محكمة الاستئناف بالعاصمة، أمس، عقوبة الدركي محمد عبد الله، من سجن 5 سنوات إلى سنة واحدة مع التنفيذ. وكانت إسبانيا قد سلمت الدركي الهارب إلى السلطات الجزائرية في أغسطس 2021، ووجهت له النيابة تهم الانتماء إلى تنظيم «رشاد» الإسلامي، المصنف جماعة إرهابية، و«إهانة هيئة نظامية، والترويج لمعلومات كاذبة للمس بسلامة الوطن». وقال عبد الله أثناء المحاكمة الابتدائية في مارس (آذار) الماضي إنه كان «يفضح فساد المسؤولين» عن طريق حساباته بشبكة التواصل الاجتماعي، نافياً شبهة الإرهاب. وما زالت أمام الدركي محاكمات أخرى؛ منها في القضاء العسكري، الذي اتهمه بـ«مخالفة أوامر القيادة»؛ على أثر هروبه بطائرة عمودية حربية إلى إسبانيا.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».