جدل مصري حول بث «الإعدام» على الهواء

بعد المطالبة بإذاعة تنفيذ الحكم في قضية نيرة أشرف

الطالب محمد عادل المتهم بقتل زميلته نيرة أشرف خلال محاكمته (أ.ف.ب)
الطالب محمد عادل المتهم بقتل زميلته نيرة أشرف خلال محاكمته (أ.ف.ب)
TT

جدل مصري حول بث «الإعدام» على الهواء

الطالب محمد عادل المتهم بقتل زميلته نيرة أشرف خلال محاكمته (أ.ف.ب)
الطالب محمد عادل المتهم بقتل زميلته نيرة أشرف خلال محاكمته (أ.ف.ب)

أثارت مطالبة محكمة مصرية ببث تنفيذ حكم الإعدام بحق قاتل نيرة أشرف، على الهواء، جدلاً واسعاً في مصر ما بين مؤيد ومعارض، ففي حين اعتبر مؤيدو هذا الإجراء «غير الاعتيادي» أنه سيشكل «ردعاً» لمرتكبي الجرائم العنيفة، ذهب فريق آخر إلى أن بثّ الإعدام على الهواء يعد «شكلاً من أشكال التنكيل» وما يعرف بـ«العدالة الانتقامية».
وفيما وصف بأنه «سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ القضاء المصري»، طالبت محكمة جنايات المنصورة، في حيثيات الحكم بالإعدام شنقاً للشاب محمد عادل، قاتل زميلته الطالبة نيرة أشرف، ببث تنفيذ الحكم على الهواء أمام المشاهدين، وقالت المحكمة في تفنيد ذلك: «آن الأوان لتغيير النص التشريعي ليسمح بتنفيذ القصاص من القاتل على الهواء، مثلما كانت جريمته على الهواء، وأمام كاميرات المراقبة والهواتف النقالة، وإن كان المهوسون بالميديا يـبثون الجـرم على الملأ فيرتاع الآمنون خوفاً وهــلعاً، وما يلبث المجتمع أن يفجـع بمثلِ ذاتِ الجرم من جديد، فمِـن هذا المنطلق، ألَـم يأن للمـشرع أن يَجعل تنفيذ العقابِ بالحَق مشهوداً، مِثلما الدم المسفوح بغير الحق صار مشهوداً؟!».
وتحول الزخم الذي صاحب القضية منذ بدايتها، إلى جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، حول بثّ تنفيذ حكم الإعدام على الهواء، وكتب أحمد علام، عبر صفحته على «فيسبوك»: «يكفينا مثلاً مشهد دخول المجرم لحجرة الإعدام، ليخاف مَن باتوا يستسهلون سفك الدماء في الشوارع»، بينما كتب مصطفى النجار: «تصوير إعدام قاتل نيرة أشرف، ونشره في الإعلام، ستكون نتائجه كارثية على المجتمع بعد فترة»، وهو نفس ما ذهب إليه عمرو عبد الرحمن بقوله إن «إذاعة أحكام الإعدام تجعل الناس تتعاطف مع المجرمين».
وحول التداعيات الاجتماعية لبثّ تنفيذ أحكام الإعدام، يقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، لـ«الشرق الأوسط»، إن «بثّ تنفيذ الإعدام ينشر ثقافة التعود على العنف والقتل البدائية، فليس كل من سيشاهد سيرتدع، الإعدام علناً لا يصح، وإن كانت مطالبات البعض بذلك تعكس رغبتهم في المساواة بين قتلها علناً، وتطبيق الإعدام علناً».
وشهدت مصر قبل نحو 22 عاماً بثّ تنفيذ حكم بالإعدام للمرة الأولى، ففي صباح 21 أبريل (نيسان) عام 1998 بثّ التلفزيون المصري مشاهد من وقائع تنفيذ حكم الإعدام بسجن الاستئناف، بحق 3 متهمين، شقيقان وصديقهما، أدينا بقتل المهندسة تانيس، وطفليها هدير وأنس، داخل شقتهم بمدينة نصر (شرق القاهرة)، وسرقة الأموال والمصوغات الذهبية من المنزل، وهي الجريمة التي صدمت الرأي العام وقتها، كما تضمنت الحلقة الأخيرة من مسلسل «الاختيار 3» مشاهد واقعية من تنفيذ حكم الإعدام بحق القيادي الجهادي هشام عشماوي.
وتنص المادة 65 من قانون تنظيم السجون، التي طالبت محكمة جنايات المنصورة بتعديلها لإتاحة إذاعة تنفيذ الإعدام، على أن «عقوبة الإعدام تنفذ داخل السجن، أو في مكان آخر مستور، بناء على طلب كتابي من النائب العام، إلى المدير العام للسجون يبين فيه استيفاء الإجراءات التي يتطلبها القانون».
ووضع القانون الجنائي المصري العديد من الضوابط التي تتعلق بتنفيذ حكم الإعدام في مكان خاص، منها المادة رقم 473 من قانون الإجراءات الجنائية، التي نصت على أن «تنفذ عقوبة الإعدام داخل السجن، أو في مكان مستور»، كما نصت المادة رقم 474 من القانون نفسه على أن «يكون تنفيذ عقوبة الإعدام بحضور أحد وكلاء النائب العام ومأمور السجن وطبيب السجن أو طبيب آخر تندبه النيابة العامة، ولا يجوز لغير من ذكر أن يحضروا التنفيذ إلا بإذن خاص من النيابة العامة، ويجب دائماً أن يؤذن للمدافع عن المحكوم عليه بالحضور».
وتقول نهى طه، الباحثة في العدالة الجنائية بالمبادرة المصرية للحقوق والحريات الشخصية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «بث عقوبة الإعدام للمشاهدين يتضمن انتهاكاً لحقوق المحكوم عليه، ومخالفة لقانون الإجراءات الجنائية، وهو شكل من أشكال التنكيل يرتبط بفكرة العدالة الانتقامية، التي عادة يتبناها المجتمع في الجرائم ذات الطابع المروع».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


تشكيك فرنسي بـ«التزام الجزائر» إحياء العلاقات الثنائية

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
TT

تشكيك فرنسي بـ«التزام الجزائر» إحياء العلاقات الثنائية

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (د.ب.أ)

أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الأحد، أن بلاده تساورها «شكوك» حيال رغبة الجزائر في التزام إحياء العلاقات الثنائية، معرباً عن مخاوفه بشأن قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال الموقوف منذ أسابيع.

وقال بارو في مقابلة مع إذاعة «آر تي إل» الخاصة: «لقد وضعنا في 2022 (...) خريطة طريق (...) ونود أن يتم الالتزام بها».

وأضاف: «لكننا نلاحظ مواقف وقرارات من جانب السلطات الجزائرية أثارت لدينا شكوكاً حيال نية الجزائريين التزام خريطة الطريق هذه. لأن الوفاء بخريطة الطريق يقتضي وجود اثنين».

الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (أ.ب)

وأضاف بارو: «مثل رئيس الجمهورية، أعرب عن القلق البالغ إزاء رفض طلب الإفراج الذي تقدم به بوعلام صنصال ومحاموه».

وصنصال (75 عاماً) المعارض للسلطة الجزائرية والمولود من أم جزائرية وأب ذي أصول مغربية، موقوف منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) بتهمة «تعريض أمن الدولة للخطر».

وأوضح بارو: «أنا قلق بشأن حالته الصحية و(...) فرنسا متمسكة جداً بحرية التعبير وحرية الرأي، وتعتبر أن الأسباب التي قد دفعت السلطات الجزائرية إلى احتجازه باطلة».

وتناول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للمرة الأولى، الأحد الماضي، قضية توقيف الكاتب بالجزائر، واصفاً إياه بـ«المحتال... المبعوث من فرنسا».

وأوقِف مؤلف كتاب «2084: نهاية العالم» في نوفمبر بمطار الجزائر العاصمة، ووُجهت إليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، التي تعدّ «فعلاً إرهابياً أو تخريبياً (...) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

وأشار الوزير الفرنسي إلى أن بلاده «ترغب في الحفاظ على أفضل العلاقات مع الجزائر (...) لكن هذا ليس هو الحال الآن».

وسحبت الجزائر سفيرها من باريس في يوليو (تموز) الماضي، بعد تبني الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المقترح المغربي بمنح حكم ذاتي للصحراء الغربية المتنازع عليها تحت سيادة المملكة، قبل أن يزور الرباط في نهاية أكتوبر (تشرين الأول).