حكاية الـ95 مليون يورو التي تصرّ أسرة القذافي على استرجاعها

السلطات الليبية تحاول استعادتها من مالطا... وأرملة العقيد تتحرك قضائياً لاستردادها

صفية فركاش (تويتر)
صفية فركاش (تويتر)
TT

حكاية الـ95 مليون يورو التي تصرّ أسرة القذافي على استرجاعها

صفية فركاش (تويتر)
صفية فركاش (تويتر)

تسعى السلطة التنفيذية في ليبيا منذ سنوات لدى نظيرتها المالطية لاستعادة أموال محتجزة لدى مصرف «بنك أوف فاليتا» منذ اندلاع «ثورة 17 فبراير (شباط)»، لكن أسرة الرئيس الراحل معمر القذافي تقول إن هذه الأموال المجمدة «تعود إليها ولن تتنازل عنها».
ومنذ تولي حكومة «الوحدة» المؤقتة السلطة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وهي تُجري مباحثات مع كبار المسؤولين في مالطا لاستعادة قرابة 95 مليون يورو من الودائع المصرفية المجمدة في المصرف، يعتقد أنها مرتبطة بالمعتصم بالله نجل القذافي.
وقال مسؤول قانوني بوزارة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة «الوحدة» لـ«الشرق الأوسط» إن «الجهود التي تبذلها جهات عدة في الدولة جارية لاستعادة أموال الدولة»، مشيراً إلى أن مؤسسات ليبية مختلفة نجحت خلال السنوات الماضية في استعادة أموال كثيرة، «كانت قاربت على الضياع».
وتكشفت قصة هذه الأموال المحتجزة بعد إقدام مصرف «بنك أوف فاليتا» المالطي، على الكشف عن ودائع وحسابات مصرفية امتلكها المعتصم بالله القذافي، بلغت 94 مليون يورو، وذلك وفقاً لما نقلته حينها جريدة «مالطا توداي» منتصف عام 2016. وقالت الصحيفة إن حسابات المعتصم بالله كان يديرها أمين صندوق حزب العمل السابق، جو ساموت، الذي واجه تهماً بإنشاء شركات وهمية لمساعدة رجال أعمال ليبيين في الحصول على تأشيرات إقامة بمالطا.
بينما أوضح مصرف «بنك أوف فاليتا» في أوراق قدمها للمحكمة، بناءً على دعوى قضائية رفعها النائب العام الليبي المستشار صديق الصور أن ساموت ساعد المعتصم في إنشاء شركة، تحت اسم «كابيتال ريسورس» في يونيو (حزيران) 2010 وفقاً للصحيفة ذاتها.
وفي تلك الفترات، قال النائب العام الليبي إن النيابة العامة تكشف لها عملية استيلاء على أموال عمومية كانت مودعة في حسابات مجلس الأمن الوطني، حيث تم غسلها من قبل موظفين عموميين معنيين بإدارتها خلال عام 2010، مشيراً إلى أن سلطة التحقيق الليبية أصدرت قراراً يقضي بتتبع هذه الأموال. موضحاً أن النيابة العامة لجأت في تاريخ سابق إلى اتخاذ تدابير الاسترداد المباشر للأموال محل الجريمة؛ التي تبين وجودها في مالطا. كما لفت إلى أن القضاء هناك طالع الأساس القانوني لطلب الاسترداد المباشر للأموال محل التحقيقات؛ فاستجاب لطلب استرداد مبلغ 96 مليون يورو «تعمد الجناة تحويلها إلى هناك من خلال القنوات الموازية».
ونوه النائب العام إلى أنه إعمالاً لمقتضيات اتفاقية مكافحة التهريب والمخدرات، والجريمة المنظمة المبرمة بين ليبيا ومالطا؛ بجانب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد؛ طلبت النيابة العامة في تاريخ سابق من النائب العام لمالطا إنفاذ أمرها غير المباشر، بحجز متحصلات الجريمة وتجميدها، لكن أسرة القذافي اعترضت على هذا القرار.
وقال مسؤولون قضائيون أمس إن أرملة القذافي، صفية فركاش، طعنت في قرار أصدرته محكمة في مالطا يقضي بإعادة بنك فاليتا هذه الأموال إلى ليبيا، رغم أن من أودعها هو المعتصم بالله نجل الرئيس الراحل. ودفعت فركاش ومحاموها في طعنهم بأن محاكم مالطا غير مختصة بنظر القضية، ولا يمكنها البت في القضية بشأن الأموال.
وصدر الحكم في نهاية يونيو الماضي، عقب معركة قانونية بدأت في عام 2012 بعد عام من الإطاحة بالقذافي ومقتله بعد ذلك. وعثر ثائرون على النظام السابق بحوزة المعتصم، عندما قُتل عقب اندلاع «ثورة 17 فبراير»، على العديد من البطاقات الائتمانية الصادرة عن مصرف «بنك أوف فاليتا»، بصفته مالكاً لشركة مسجلة في مالطا.
وكانت المحكمة الأصلية قد أيدت دفوع النائب العام الليبي، بأنه بموجب القانون الليبي، فإن المعتصم ممنوع من الاستفادة من أي مصالح تجارية بصفته ضابطاً في الجيش.
ومن بين المحاولات السابقة التي بذلتها حكومة الدبيبة لاستعادة هذه الأموال، مباحثات أجراها وكيل الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية مراد أحميمة، مع سفير مالطا ومبعوثها الخاص إلى ليبيا تشارلز صليبا. وقالت الوزارة حينها إن أحميمة ناقش مع صليبا آليات رفع التجميد عن الأموال الليبية في مالطا وكيفية استردادها. ولم توضح الخارجية آخر الترتيبات التي توصل إليها الطرفان. لكن مصدراً قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تفاهماً كبيراً حول وضعية هذه الأموال؛ خصوصاً أن الدبيبة ووزيرة خارجيته نجلاء المنقوش سبق أن بحثا هذا الأمر مع إيفاريست بارتولو وزير الخارجية المالطي».
وتقدم بالطعن نيابة عن ورثة القذافي، وفقاً لوكالة «رويترز»، المحامي المالطي لويس كاسار بوليسينو. ولم يتم تحديد موعد لجلسة بعد.
والمعتصم هو الابن الثالث للقذافي من زوجته الثانية صفية فركاش، وكان مسؤولاً كبيراً بالجيش، وشغل منصب مستشار الأمن القومي في ليبيا من عام 2008 وحتى 2011؛ قبل أن يُقتل في معركة سرت على يد مناهضين لحكم والده.
وفي معرض طعنها، قالت أرملة القذافي نقلاً عن بوليسينو إن «القوانين الليبية التي تم الاستناد إليها في القضية هي قوانين جنائية، في حين لم يتم رفع أي دعوى جنائية ضد المعتصم أو ورثته».
وعقب سلسلة من مفاوضات سابقة، قالت مالطا إنها لن تسلم هذه الأموال إلى ليبيا إلا «بعد موافقة الأمم المتحدة، على أن تتسلمها مؤسسة مالية موحدة».
وعقب إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، في عام 2011 أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بتجميد أموال سيادية لمؤسسة الاستثمار الليبية، قدرتها بعض الجهات الاقتصادية حينها من 150 إلى 170 مليار دولار، لكن رئيس المجلس الرئاسي السابق لحكومة «الوفاق الوطني»، فائز السراج، قال في 2017 إن الأرقام المحجوز عليها للصندوق تقدر بـ67 مليار دولار. كما سبق للدبيبة أن اتهم بلجيكا بمحاولة الاستيلاء على الأموال المُجمدة لديها.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مشاورات مصرية - صومالية لتعزيز التعاون في «القرن الأفريقي»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)
TT

مشاورات مصرية - صومالية لتعزيز التعاون في «القرن الأفريقي»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي في الرياض (الخارجية المصرية)

مشاورات مصرية صومالية جديدة تواصل مساراً بدأته القاهرة ومقديشو بشكل لافت خلال هذا العام، في أعقاب توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي للحصول على منفذ بحري على البحر الأحمر.

تلك المشاورات، التي أجراها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الصومالي أحمد معلم فقي، الاثنين في الرياض، شملت التأكيد المصري على المساهمة في بعثة حفظ السلام المقررة بمقديشو في 2025، بعد يومين من استبعاد الصومال لأديس أبابا من قوات حفظ السلام.

وبحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن المشاورات تعد «استمراراً لمسار تعزيز التعاون المصري - الصومالي في منطقة القرن الأفريقي في ضوء تصاعد المخاطر المشتركة للبلدين مع التوجه الإثيوبي المهدد لاستقرار المنطقة، لا سيما بملفي مذكرة التفاهم وسد النهضة»، لافتين إلى أن ذلك التعاون سيكون مثمراً للمنطقة ويتسع مع إريتريا ودول أخرى و«لكن لن تقبله أديس أبابا وستعده مسار تهديد وسيكون عليها، إمّا التراجع عن مواقفها غير القانونية سواء بشأن سد النهضة أو مذكرة التفاهم، وإما المزيد من التصعيد والتوتر».

ووقعت إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً في يناير (كانون الثاني) 2024 مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي عن الصومال، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناءً تجارياً، وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة، وهو ما قوبل برفض صومالي وعربي، لا سيما من القاهرة.

تبع الرفض توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب)، تلاه مد الصومال بأسلحة ومعدات لمواجهة حركة «الشباب» الإرهابية، وصولاً إلى إعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، السبت، رسمياً استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام المقررة في 2025 - 2029، مرجعاً ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

وتصدرت قضايا رفض التدخل في الشؤون الصومالية وتأكيد المشاركة في قوات حفظ السلام بمقديشو وتعزيز مسار التعاون مع إريتريا بالمنطقة، لقاء وزير الخارجية المصري، ونظيره الصومالي، في الرياض، وفق ما أفادت به الخارجية المصرية في بيان صحافي، الثلاثاء.

قمة ثلاثية بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في العاصمة أسمرة (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

وأعرب الوزير المصري عن «الحرص على مواصلة التنسيق مع نظيره الصومالي لمتابعة مخرجات القمة الثلاثية التي عقدت بين مصر والصومال وإريتريا والقمة الثنائية بين مصر والصومال اللتين عقدتا في 10 أكتوبر (تشرين أول) 2024 بأسمرة».

وأعاد الوزير المصري «التأكيد على موقف مصر الثابت من احترام سيادة الصومال والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه ورفض أي تدخلات في شؤونه الداخلية، فضلاً عن مساندة جهود الحكومة الصومالية في مكافحة الإرهاب وفرض سيادة الدولة على كامل أراضيها».

التأكيدات المصرية خلال مشاورات القاهرة ومقديشو، بحسب مساعد وزير الخارجية المصرية الأسبق السفير صلاح حليمة، تأتي استمراراً لحالة التعاون والتلاقي المصري الصومالي الذي له بعد تاريخي منذ عقود وليس وليد اللحظة والأزمات الحالية التي بدأت بتوقيع أديس أبابا مذكرة التفاهم التي عززت من تقارب البلدين.

وباعتقاد حليمة، فإن «تلك الشراكة المصرية الصومالية التي تنمو وتضم إريتريا قد تتوسع وتشمل دولاً أخرى وتحقق تنمية واستقراراً بالمنطقة»، مستدركاً: «لكن إثيوبيا بتحركاتها العدائية تجاه مصر في ملف سد النهضة أو الصومال بمذكرة التفاهم ستكون سبباً في استمرار التصعيد والتوتر».

ذلك المسار لا يستبعده الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، معتقداً أن «التفاهمات المصرية الصومالية الدائرة الآن، متسقة تماماً مع إيقاع الحراك الإقليمي الأفريقي الذي بدا متصاعداً على خلفية رياح الأزمات الطارئة التي تعصف الآن على تخوم القرن الأفريقي، لا سيما في ملف السد ومذكرة التفاهم».

ويرى أن «تفاهمات القاهرة ومقديشو كانت صادمة لإثيوبيا، خصوصاً بعدما عززت القاهرة تلك التفاهمات الثنائية بإدخال إريترياً ضلعاً ثالثاً في هذا الحلف الجديد، مصر - الصومال إريتريا. وفوق كل هذا، تبذل القاهرة الآن جهوداً كثيفة لتنشيط سياسة التعاون التنموي مع عدد من الدول الأفريقية الأخرى، مما يجعل إثيوبيا تبدو وكأنها مثل الذي انزلقت قدماه في مصيدة تاريخية نتيجةً للسير بلا هدى في طرق وعرة».

ولم يغب ملف قوات حفظ السلام المستبعدة منه إثيوبيا عن المشاورات الصومالية المصرية، وأكد الوزير المصري «حرص مصر في هذا السياق على دعم الاستقرار والأمن في المنطقة، والمساهمة في بعثة حفظ السلام الجديدة في الصومال، وبناء القدرات الأمنية والعسكرية بمقديشو وذلك في إطار اضطلاع مصر بمسؤولياتها في حفظ السلم والأمن الإقليميين وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، وميثاق جامعة الدول العربية»، فيما ثمن الوزير الصومالي «الدعم المصري الكامل لبلاده في محاربة الإرهاب وفرض سيادة الدولة وتأكيد وحدة وسلامة أراضيها».

وأعلن الصومال، السبت، «استبعاد القوات الإثيوبية رسمياً (المقدرة بنحو 4 آلاف جندي منذ 2014) من المشاركة في عمليات البعثة الجديدة للاتحاد الأفريقي، التي ستبدأ مهامها في البلاد مطلع العام المقبل».

ولم يعد بإمكان إثيوبيا منع مصر من وجودها العسكري ضمن قوات حفظ السلام في الصومال، لأن القانون الدولي الذي ينظم أعمال مجلس السلم والأمن الأفريقي، يمنح الدولة المستضيفة حق الاعتراض والقبول إزاء القوات الدولية المراد توجيهها لحفظ السلام فيها، وفق عبد الناصر الحاج.

ويتوقع الحاج أن «تنشط إثيوبيا في محاولة إقناع مؤسسات الاتحاد الأفريقي عبر مساومة جديدة، وهي صرف أنظارها مؤقتاً عن أرض الصومال، مقابل انسحاب مصري من الصومال وتشغيل سدها والتصدير عبر جيبوتي رغم تكلفته المالية الباهظة»، مستدركاً: «لكن مصر لن ترضى بأي مساومة لا تجبر إثيوبيا عن العدول عن تشغيل سد النهضة دون الذهاب إلى اتفاقية دولية جديدة».