«داعش» على بعد كيلومتر واحد من الحسكة وغارات طيران النظام السوري تحصد المزيد من القتلى والجرحى

600 قتيل حصيلة 45 مجزرة في سوريا خلال الشهر الماضي

طفل سوري جلس امام ركام قصف طيران نظام الأسد إحدى مناطق الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق الشرقية (رويترز)
طفل سوري جلس امام ركام قصف طيران نظام الأسد إحدى مناطق الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق الشرقية (رويترز)
TT

«داعش» على بعد كيلومتر واحد من الحسكة وغارات طيران النظام السوري تحصد المزيد من القتلى والجرحى

طفل سوري جلس امام ركام قصف طيران نظام الأسد إحدى مناطق الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق الشرقية (رويترز)
طفل سوري جلس امام ركام قصف طيران نظام الأسد إحدى مناطق الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق الشرقية (رويترز)

احتدمت المعارك العنيفة في محيط مدينة الحسكة بشمال شرقي سوريا، التي يحاول تنظيم داعش السيطرة عليها. وذكرت نشرة إخبارية تابعة للتنظيم المتطرف، أن مقاتليه باتوا على بعد كيلومتر من المدينة، وأن موقعًا واحدًا تابعًا للجيش يفصلهم عن المدخل الجنوبي للمدينة، التي هي مركز المحافظة التي تحمل اسمها. وفي هذه الأثناء، استمرت الغارات الجوية المتواصلة على عدد من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة نحو مائة قتيل في يومين، ووثقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» مقتل 600 شخص في 45 مجزرة في عدد من المناطق السورية خلال الشهر الماضي.
تقرير صادر عن «الشبكة»، أفاد بأن قوات النظام قتلت وحدها 498 شخصًا بينهم 118 طفلاً و70 سيدة، بينما بلغ عدد ضحايا المجازر التي ارتكبها «داعش» 21 شخصًا، وتلك التي ارتكبتها المعارضة 18 مدنيًا بينهم 5 أطفال وسيدة، بينما كانت حصيلة «مجزرة قوات التحالف الدولي 64 مدنيًا، بينهم 31 طفلاً و19 سيدة».
راهنًا، تتجه الأنظار إلى مدينة الحسكة التي ستكون، في حال سقوطها، ثالث مركز محافظة خرج عن سيطرة النظام بعد مدينتي الرقة الواقعة تحت سيطرة «داعش» وإدلب التي استولى عليها «جيش الفتح» المكوّن في نهاية مارس (آذار) الماضي. وكان تنظيم داعش قد شن في 30 مايو (أيار) هجومه على المدينة، مركز محافظة الحسكة، التي تتقاسم السيطرة عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية والقوات النظامية.
وتتركز المعارك جنوب المدينة التي بات التنظيم على بعد نحو 500 متر منها. وحسب مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، فإن «قوات النظام تواصل استقدام تعزيزات إلى المدينة». في حين ذكر ناشطون لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن عائلات نزحت من الأحياء الجنوبية والشرقية للحسكة التي يسيطر عليها النظام في اتجاه أحياء المدينة الغربية والشمالية التي يسيطر عليها الأكراد خوفًا من دخول التنظيم إلى المدينة، أو من تعرض مناطقهم لقصف بقذائف الهاوين.
«المرصد» أكد أن المقاتلين الأكراد لم يتدخلوا لتاريخه حتى الآن في المعارك. وكانت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من النظام انتقدت، الخميس، ما وصفته بـ«تخاذل» الأكراد عن مساندة قوات النظام. وقال «المرصد» يوم أمس: «لا تزال الاشتباكات العنيفة مستمرة بين قوات النظام مدعمة بكتائب البعث وقوات الدفاع الوطني والمسلحين الموالين لها من طرف وتنظيم داعش من طرف آخر، في المشارف الجنوبية لمدينة الحسكة».
وتابع أن «المنطقة شهدت منذ الصباح قصفًا عنيفًا ومكثفًا من الطيران الحربي على تمركزات للتنظيم في محيط المدينة وجنوبها». وأسفرت العمليات العسكرية منذ اندلاعها عن مقتل 71 عنصرًا على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم قائد كتائب البعث في الحسكة، و48 عنصرًا على الأقل من تنظيم داعش، بينهم 11 فجروا أنفسهم بعربات مفخخة في مواقع لقوات النظام.
ومعلوم أن النظام تعرض خلال الشهرين الأخيرين لسلسلة خسائر على الأرض، وهو يشن منذ أيام حملة قصف جوي بالطائرات الحربية أو البراميل المتفجرة على مناطق عدة خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سوريا وجنوبها وشرقها. وتسبّب هذا القصف «غير المسبوق»، بحسب ما وصفه عبد الرحمن، في مقتل 94 شخصًا خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية. ووثق مقتل عشرين طفلاً بين هؤلاء و16 امرأة، «إضافة إلى إصابة مئات آخرين بجروح ودمار في الممتلكات».
أيضًا، واصل الطيران المروحي التابع للنظام، الجمعة، إلقاء البراميل المتفجرة على الأحياء الشرقية في مدينة حلب، وتسبب برميل سقط على حي الميسّر بمقتل ثلاثة أشخاص هم والد ووالدة وطفلهما. وأفاد مصور لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الدفاع المدني يبحث عن ضحايا آخرين محتملين تحت الأنقاض.
وفي هذا السياق، يذكر أن منظمة العفو الدولية أحصت في عام 2014 مقتل ثلاثة آلاف مدني نتيجة القصف الجوي من طائرات النظام. وقتل المئات غيرهم منذ مطلع العام الحالي. وكانت قوات النظام قد باشرت استخدام هذه البراميل في نهاية عام 2013 على مدينة حلب وريفها، مما أثار انتقادات عنيفة من منظمات دولية وغير حكومية.
على صعيد آخر، سيطرت كتائب «ثوار الشام» المعارضة، يوم أمس، على قرية حدادين، التي كانت خاضعةً لسيطرة القوات السورية النظامية في ريف محافظة حلب الجنوبي، وفق ما أفاد «مكتب أخبار سوريا»، بينما تواصلت المعارك في مناطق محافظة حلب بين تنظيم داعش وفصائل المعارضة المسلحة ومعها «جبهة النصرة»، منها في محيط بلدة مارع. وكان التنظيم استولى الأسبوع الماضي على بلدة صوران القريبة من مارع والواقعة على طريق إمداد رئيسي للمعارضة من تركيا إلى حلب.
وفي محافظة إدلب، استهدف طيران النظام قرية الفطيرة، الخاضعة لسيطرة المعارضة في منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين ودمارٍ بالأبنية السكنية، وفق «مكتب أخبار سوريا». وأفاد المكتب أن غارة استهدفت منزلاً سكنيًا وسط القرية، أدى إلى مقتل ستة أشخاص من عائلة واحدة بينهم ثلاثة أطفال، بالإضافة إلى سقوط عدد من الجرحى، تم نقلهم إلى النقطة الطبية في القرية لتلقي العلاج، مشيرًا كذلك إلى أن القصف استهدف أيضًا، قرى كفر عويد وسفوهن وإحسم في منطقة جبل الزاوية، بالإضافة إلى أطراف بلدة كفر نبل ومدينة معرة النعمان في الريف الجنوبي للمحافظة، مما أسفر عن دمار واسع بالأبنية والممتلكات.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.