موجة حر شديدة ترهق النازحين في شمال غربي سوريا

قليل من الماء لتخفيف وطأة القائظة (الشرق الأوسط)
قليل من الماء لتخفيف وطأة القائظة (الشرق الأوسط)
TT

موجة حر شديدة ترهق النازحين في شمال غربي سوريا

قليل من الماء لتخفيف وطأة القائظة (الشرق الأوسط)
قليل من الماء لتخفيف وطأة القائظة (الشرق الأوسط)

في ظل صيف، قال عنه ناشطون سوريون ومنظمات إنسانية عاملة في شمال غربي سوريا، إنه من أقسى فصول الصيف التي مرّت على البلاد، يعاني أكثر من مليون ونصف المليون نازح سوري يعيشون ظروفاً استثنائية، ضمن خيام مهترئة وممزقة، في مخيمات تفتقر إلى أدنى المقومات وسبل الوقاية، من درجات الحرارة المرتفعة وموجات الحر الشديدة، وانخفاض كميات المياه المخصصة للنازحين، من قِبل المنظمات الإنسانية؛ بسبب تراجع الدعم. تعيش أسرة أبو فاضل، نازحة من منطقة مهين بريف حمص، صيفها الخامس، في مخيم «مهين»، في منطقة دير حسان، شمال إدلب، في مخيم «جبلي»، يؤوي مئات الأسر النازحة، ضمن خيام وأبنية بيتونية سقفها من البلاستيك والنايلون، لا تحميهم من لهيب الصيف ودرجات حرارته المرتفعة، وسط انعدام تام للخدمات والمساعدات الإنسانية ووسائل التبريد، وغياب التيار الكهربائي.
ويقول أبو فاضل (42 عاماً) «عندما يعيش الإنسان ظروفاً صعبة خلال فصلي الصيف والشتاء، ضمن مخيم (جبلي) وسط الصخور، والخيام فيه مصنوعة من البلاستيك والقماش، ومع مرور الزمن، تتعرض للاهتراء والتمزق، فذلك بحد ذاته معاناة، ومع قدوم فصل الصيف ولهيبه، تتفاقم معاناتنا، إلى مرحلة ليس بوسعنا تحملها، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، والذي يضاعفها أكثر هو سقف الخيمة (البلاستيكي)، ومشاهدة الأطفال وكبار السن، هم أقرب إلى الغثيان أو الإغماء بسبب ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيمة».
ويضيف «مع موجة الحر الشديدة في فصل الصيف، يلجأ رب الأسرة، خلال النهار إلى البحث عن بدائل تخفف عن أفراد أسرته شدة الحرارة، فالبعض يلجأ، إلى وضع الأغطية في ساعات النهار، على أسقف الخيام، وتبليلها بالمياه كل ساعة، في حين يلجأ البعض الآخر إلى الطلب من أفراد أسرته الاستحمام بملابسهم وتركها مبللة، للشعور ببعض البرودة، وهذه الطريقة تتكرر لبضع مرات خلال النهار، بينما يلجأ آخرون إلى إنشاء حفرة صغيرة في التراب داخل الخيمة، ووضع غالون (وعاء) ماء الشرب؛ للمحافظة على برودته، واستعماله للشرب خلال ساعات النهار. أما عن الطعام، فليس بوسعنا إعداد طعام بكميات كبيرة خشية أن تفسد بسبب ارتفاع درجات الحرارة».

* أفاع وعقارب
في مخيم «مشهد روحين» بالقرب من الحدود السورية - التركية، يعاني النازحون من لجوء الأفاعي والعقارب، خلال فصل الصيف، إلى داخل الخيام؛ بحثاً عن البرودة والجو المعتدل، وغالباً ما يتعرض الناس هناك إلى اللدغ، وبينهم من فقد حياته بسبب ذلك، بحسب أبو عبدو النازح من مدينة حلب. ويقول «وجود المخيم ضمن منطقة جبلية تكثر فيها الصخور، والطبيعة الوعرة، وانعدام مقومات الحياة فيها كآبار المياه ومجاري الصرف الصحي، يفاقم من معاناة النازحين، مع قدوم فصل الصيف من كل عام، وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة التي بلغت في ذروتها خلال الآونة 42 درجة مئوية، ضاعف ذلك من صعوبة حياة النازحين، ووضعهم أمام خيارات محدودة وضيقة، تبدأ بتقسيم المياه المخصصة للأسرة، على 3 أقسام، قسم منها للشرب، والقسم الثاني للاستحمام السريع، والقسم المتبقي لتبليل الأغطية والملابس، للتخفيف من درجات الحرارة العالية داخل الخيام والتي قد تصل في ساعات الظهيرة إلى أكثر من 50 درجة بسبب انعكاس أشعة الصخور من الصخور المحيطة على الخيام وبسبب سقف الخيمة البلاستيكي. ورغم ذلك، باتت الخيمة خلال فصل الصيف، ملاذاً آمناً للأفاعي والعقارب، من حرارة الشمس في العراء، وفي كل يوم تقتحم أفعى أو أكثر إضافة إلى العقارب خيام النازحين ويتعرض البعض للدغ منها، وقد توفيت امرأة خلال الأيام الأخيرة الماضية بعد تعرضها للدغة عقرب».
ويلفت إلى أن «الحل الوحيد، للحيلولة دون وقوى أذى في أوساط النازحين ضمن المخيمات التي تنتشر في المناطق الجبلية والوعرة، هو توفير المبيدات الحشرية خلال فصل الصيف، وزيادة كميات المياه المخصصة إلى مستوى تتمكن من خلاله الأسر النازحة، المحافظة على النظافة الشخصية ومحيط الخيام، فضلاً عن استخدامها للاستحمام، كوسيلة للتبريد في ساعات النهار للتخفيف من شدة الحرارة».
* ضيق تنفس وغثيان
ويؤكد محمود عواد، وهو أحد الكوادر الطبية في مركز أطمة الصحي في شمال غربي سوريا، أنه «جرى رصد 8 حالات إغماء لكبار في السن وعدد من الأطفال الرضع، وكان التشخيص الأولي لحالاتهم الصحية أثناء إسعافهم إلى المراكز الطبية، أنها ناجمة عن ضيق في التنفس بسبب ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيام». ويلفت إلى أنه «في حال لم تلبِ المنظمات الإنسانية مطالب النازحين، في تأمين الحد الأدنى من وسائل التبريد كالمراوح وألواح الطاقة الشمسية والبطاريات، سنكون أمام كارثة إنسانية، تهدد حياة الأطفال، خصوصاً حديثي الولادة وكبار السن من أصحاب الأمراض المزمنة القلب والربو».

* 590 مخيماً
وحذرت منظمة «منسقو استجابة سوريا»، في بيان لها مؤخراً، قالت فيه، إنه «لا تزال درجات الحرارة في ارتفاع مستمر، لتلقي ظلالها على مخيمات النازحين في شمال غربي سوريا، لتزيد من معاناة النازحين المستمرة، وسط أوضاع إنسانية سيئة تواجه النازحين في المخيمات بسبب الضعف الكبير في عمليات الاستجابة الإنسانية ضمن المخيمات، وإن أكثر من 109 حرائق وقعت ضمن المخيمات منذ بداية العام الحالي وحتى الآن، نتيجة العوامل المختلفة، أبرزها شح المياه الموجودة للتعامل مع الحرائق». وأشارت إلى أنه «أكثر من 590 مخيماً للنازحين في المناطق الشمالية الغربية في سوريا، يعاني من انعدام المياه اللازمة، إضافة إلى انخفاض مخصصات المياه في باقي المخيمات نتيجة تخفيض الدعم وارتفاع معدل استهلاكها نتيجة ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير والتي من المتوقع أن تزداد خلال الأيام المقبلة». ودعت المنظمات الإنسانية «بشكل عاجل» إلى «تحمل مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية تجاه النازحين في مخيمات شمال غربي سوريا والتي يقطنها أكثر من مليون ونصف المليون مدني في مواجهة درجات الحرارة من خلال زيادة الفعاليات الإنسانية وتأمين العديد من المستلزمات الأساسية للنازحين لمواجهة ارتفاع درجة الحرارة في المنطقة، وأبرزها زيادة كميات المياه والعمل على تبريد المخيمات وتأمين معدات إطفاء الحرائق لمواجهة أي حالة طارئة ضمن المخيمات». ويعيش نحو مليون ونصف المليون نازح سوري، في أكثر من 1430 مخيماً، بالقرب من الحدود السورية - التركية، شمال إدلب، ظروفاً صعبة، وتتفاقم أوضاعهم المعيشية والإنسانية أمام موجات البرد في فصل الشتاء وموجات الحر الشديدة في فصل الصيف، وسط تجاهل متعمد لمطالبهم، في زيادة حجم المساعدات الإنسانية من مياه وغذاء وتوفير مساكن بيتونية تقيهم برد الشتاء وحر الصيف، ما لم يوفر المجتمع الدولي حلاً سياسياً للوضع السوري، يسمح بعودة ملايين السوريين إلى ديارهم.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.