مدن في الشرق الأوكراني «تعود» إلى الماضي السوفياتي

أوكراني يقف أمام سيارته من نوع «فولغا غاز 24» المصنوعة خلال العهد السوفياتي في كراماتورسك الأحد (أ.ف.ب)
أوكراني يقف أمام سيارته من نوع «فولغا غاز 24» المصنوعة خلال العهد السوفياتي في كراماتورسك الأحد (أ.ف.ب)
TT

مدن في الشرق الأوكراني «تعود» إلى الماضي السوفياتي

أوكراني يقف أمام سيارته من نوع «فولغا غاز 24» المصنوعة خلال العهد السوفياتي في كراماتورسك الأحد (أ.ف.ب)
أوكراني يقف أمام سيارته من نوع «فولغا غاز 24» المصنوعة خلال العهد السوفياتي في كراماتورسك الأحد (أ.ف.ب)

يظهر قائد الشرطة «الجديد» في ليمان التي سيطرت عليها قوات موسكو، مبتسماً في فيديو بثته قناة روسية، ليعلن أن سكان المدينة الواقعة في شرق أوكرانيا استقبلوهم هاتفين «أخيراً! روسيا هنا! شكراً!».
على مسافة 42 كيلومتراً إلى الجنوب، في كراماتورسك، يضحك إيغور أوغنيفنكو عند مشاهدة الفيديو معلقاً: «لا أدري من هو هذا الرجل». ويقول «انظروا إليه، جالساً خلف مكتبي، على الكرسي الذي أهدتني إياه زوجتي! انظروا إلى الشارة على سترته: الاتحاد السوفياتي!»، ويضيف وهو يهز رأسه غير مصدق ما يراه: «الاتحاد السوفياتي! هذا جنون!».
لا يزال الميجور إيغور أوغنيفنكو، يعرف عن نفسه على أنه قائد شرطة ليمان، رغم أنه غادر المدينة في 23 مايو (أيار) بعد أسابيع من القصف المركز وهجوم روسي عنيف أرغم القوات الأوكرانية على الانسحاب. ولا يزال أوغنيفنكو المتمركز اليوم في كراماتورسك، المركز الإداري لمنطقة دونيتسك التي تعتزم موسكو السيطرة عليها، على اتصال مع بعض الأشخاص في ليمان، وينقل «بدون موضوعية» على ما يقول «ما يرده» عن الوضع في مدينته المدمرة والمقطوعة عن باقي أوكرانيا، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أمس. وقالت الوكالة إنه لا يمكنها التثبت من هذه المعلومات من مصدر مستقل.

- وضع اليد على شركات
يروي الشرطي البالغ 37 عاماً أن «الوضع صعب على السكان المدنيين. ليس هناك كهرباء ولا غاز ولا مياه. لا أدري كيف تقدم المساعدة الغذائية، وإن كانت تقدم بالأساس». ولا يزال هناك نحو ثمانية آلاف شخص في المدينة التي كانت تعد 25 ألف نسمة تقريباً قبل الحرب.
وفي ليمان التي سبق أن شهدت معارك عام 2014 حين سيطر الانفصاليون الموالون لروسيا والمدعومون من موسكو على قسم من المنطقة، يقر إيغور أوغنيفنكو الذي كان في الرابعة من العمر عند سقوط الاتحاد السوفياتي بأن العديد من السكان «كانوا ينتظرون قدوم الروس»، مضيفاً: «اليوم يصيحون بأن الوضع بألف خير، وأن الاتحاد السوفياتي يعود». ويتابع: «لست من جيل الاتحاد السوفياتي. بالكاد عرفته. ذهبت إلى المدرسة وإلى الجامعة الأوكرانيتين، أتكلم الأوكرانية ولا مشكلة لي إطلاقاً مع غرب البلاد» الذي يبدي العديد من سكان دونباس نقمة عليه، متهمين كييف بأنها أهملتهم وتجاهلتهم لسنوات. ويقول، «يبدو ذلك ضرباً من الجنون، ما يجري في ليمان هو عودة حقيقية إلى الماضي، وطريق لا يؤدي إلى أي مكان». ويؤكد أن سلطات دونيتسك الانفصالية صادرت أملاكاً وشركات خاصة، وسيتم «تأميمها».
«العالم الروسي»
تطورت مدينة ليمان العمالية على غرار العديد من بلدات منطقة دونباس الصناعية، حول خط السكك الحديد وشركات القطارات التي كانت توظف حوالي نصف السكان.
وأكد أوغنيفنكو أن «العديد من العمال بقوا في ليمان، كانوا يعتقدون أن بإمكانهم مواصلة العمل. لكن الروس صادروا التجهيزات ونقلوا المعدات إلى ديبالتسيفي» التي يسيطر عليها الانفصاليون، على مسافة حوالي 140 كيلومتراً إلى الغرب. وتابع متحسراً: «ما يثير لدي خيبة، هو أن الناس لم يدركوا ما ينتظرهم. بعضهم قضى سنوات يتمنى العالم الروسي، غير أنهم فقدوا أوهامهم اليوم»، متسائلاً: «ما هو مستقبلهم؟ لا شيء!». ويقول، «ربما كنا مدينة صغيرة، ولكن كان لدينا السكك الحديد وكذلك مركز علاج الصدمات في المنطقة» الذي افتتح عام 2015، وكان يجمع أفضل الاختصاصيين الذين قدموا إلى ليمان بعد سقوط دونيتسك بأيدي الانفصاليين عام 2014، أما اليوم، فالمركز مدمر جزئياً والأطباء غادروا.
ويؤكد الشرطي أنه لا يُسمح سوى بتنقلات محدودة. وفي هذا السياق، من الممكن مغادرة المدينة، إنما فقط للتوجه إلى روسيا أو إلى المناطق الانفصالية. ويقول أوغنيفنكو الذي أرسل عائلته إلى دنيبرو بوسط شرق البلاد، «أنا أريد أن يعيش أولادي الأربعة في دولة قانون، وأن يتمكنوا من السفر كما يشاءون». ويرى الشرطي، الذي انقلبت حياته رأساً على عقب على غرار مواطنيه، «عاجلاً أم آجلاً، سوف نحرر مدننا». ويختتم: «كان لدي في ليمان بيت أحلامي، بيت خشبي من طبقتين عند أطراف الغابة. أصيب بضربة واحترق في 15 دقيقة».


مقالات ذات صلة

ترمب: أرغب في الاجتماع ببوتين على الفور... وزيلينسكي مستعد لإبرام اتفاق

العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز) play-circle 00:30

ترمب: أرغب في الاجتماع ببوتين على الفور... وزيلينسكي مستعد لإبرام اتفاق

قال الرئيس الأميركي، الخميس، إنه يريد الاجتماع بالرئيس الروسي على الفور، مضيفاً أن الرئيس الأوكراني أبلغه أنه مستعد لإبرام اتفاق لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا سفينة «خوان سيباستيان إلكانو» الإسبانية عند وصولها إلى رصيف لاس بالماس دي غران كناريا بجزر الكناري بإسبانيا في 21 يناير 2025 (إ.ب.أ)

لماذا قد يصعب على إسبانيا تحقيق هدف ترمب للإنفاق العسكري؟

يرجّح محللون وسياسيون أنه سيكون من الصعب على إسبانيا تلبية مطالب ترمب بزيادة الإنفاق العسكري لدول «الناتو» ليصل إلى نسبة 5 في المائة من الناتج الإجمالي.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا عَلم أوكرانيا في ميدان رئيسي في العاصمة كييف (رويترز)

أوكرانيا: من السابق لأوانه التحدث عن أعداد قوات أجنبية لحفظ السلام

قالت وزارة الخارجية الأوكرانية، الخميس، إن محادثات كييف مع حلفائها بشأن احتمال نشر فرق عسكرية أجنبية لتشكل ضماناً أمنياً في أوكرانيا لا تزال في مراحلها المبكرة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ NATO Secretary General Mark Rutte gives a joint press conference with Finland's president and Estonia's prime minister during the Baltic Sea NATO Allies Summit in Helsinki, Finland, 14 January 2025.  EPA/KIMMO BRANDT

​قبيل اتصال ترمب ببوتين: موسكو تتشدد في شروطها مقابل دعوات لرفض «إذلال» واشنطن

تصاعدت التصريحات المتبادلة بين واشنطن وموسكو بشأن الشروط التي يستعد الطرفان لطرحها من أجل التوصل إلى وقف للحرب الروسية مع أوكرانيا.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال مشاركته عن بُعد في منتدى «دافوس» (إ.ب.أ) play-circle 00:30

ترمب: أريد الاجتماع مع بوتين قريبا للتحدث عن أوكرانيا والأسلحة النووية

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس، إن العمل على الحدود الأميركية بدأ بالفعل، مؤكداً: «نشرنا قوات من الجيش للمساعدة في صد الغزو».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
TT

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس (السبت)، من أنه «إذا تعرضت مصالحنا للضرر فسوف نرد»، في وقت ينذر فيه وصول دونالد ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة بعلاقات تجارية ودبلوماسية عاصفة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال بارو في مقابلة مع صحيفة «ويست فرنس»: «من لديه مصلحة في حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟ الأميركيون لديهم عجز تجاري معنا، ولكن العكس تماماً من حيث الاستثمار. فكثير من المصالح والشركات الأميركية موجود في أوروبا».

وأضاف: «إذا رفعنا رسومنا الجمركية، فستكون المصالح الأميركية في أوروبا الخاسر الأكبر. والأمر نفسه ينطبق على الطبقات الوسطى الأميركية التي ستشهد تراجع قدرتها الشرائية».

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد حذر بارو قائلاً: «إذا تأثرت مصالحنا، فسوف نرد بإرادة من حديد».

وتابع: «يجب أن يدرك الجميع جيداً أن أوروبا قررت ضمان احترام العدالة في التبادلات التجارية. وإذا وجدنا ممارسات تعسفية أو غير عادلة، فسنرد عليها».

وقد هدد ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، الاثنين، الأوروبيين بفرض رسوم جمركية شديدة جداً. وهو يتوقع خصوصاً أن يشتري الاتحاد الأوروبي مزيداً من النفط والغاز الأميركي ويقلل من فائضه التجاري مع الولايات المتحدة.