غياب باشاغا عن المشهد الليبي يفتح باب «التأويلات»

فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية في صورة نشرها في 13 يوليو (تموز) الحالي على موقعه عبر «فيسبوك»
فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية في صورة نشرها في 13 يوليو (تموز) الحالي على موقعه عبر «فيسبوك»
TT

غياب باشاغا عن المشهد الليبي يفتح باب «التأويلات»

فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية في صورة نشرها في 13 يوليو (تموز) الحالي على موقعه عبر «فيسبوك»
فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية في صورة نشرها في 13 يوليو (تموز) الحالي على موقعه عبر «فيسبوك»

انفتح المشهد السياسي الليبي مجدداً على مجموعة من المتغيرات التي قد توسع دائرة الارتباك في البلاد، وسط تساؤلات بشأن تغيب فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار» عن المشهد راهناً، بالتوازي مع أحاديث عن وجود صفقة بين المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني»، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، تمثلت في عزل مصطفى صنع الله من رئاسة مجلس إدارة «المؤسسة الوطنية للنفطـ».
ويرى سياسيون ليبيون، تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أن إقدام الدبيبة على عزل صنع الله وتعيين فرحات بن قدارة بدلاً منه، تعد «خطوة غير مسبوقة في تسييس قطاع النفط، سبقتها عملية تفاوض واسعة بين أطراف خارجية وداخلية يتم بمقتضاها التغاضي عن دعم باشاغا وحكومته»، لكن مقربين من الأخير يشيرون إلى أنه «يسعى إلى دخول العاصمة طرابلس، معتمداً على مساندة ورغبة قوية من أتباعه ولا أحد سواهم».
وتعاني ليبيا منذ رحيل النظام السابق من «سلطة الأمر الواقع»، إذ بمجرد أن تتولى حكومة معينة مقاليد السلطة في البلاد، ترفض مغادرتها بعد نهاية ولايتها، لتتحول إلى جزء من الأزمة، بدل أن تكون جزءاً من الحل، ما عدا استثناءات قليلة.
وأبدى جبريل أوحيدة، عضو مجلس النواب الليبي، «قناعة تامة بأن أغلب مفاتيح اللعب في أزمة ليبيا خارجية»، وقال في تصريح له: «إن الدبيبة نجح في عقد صفقة لإقصاء باشاغا، الذي عُقدت عليه آمال كبيرة في إزاحة حكومة (الوحدة)». وأشار إلى من سماهم بـ«نواب المبدأ» في البرلمان، وقال إنه «كان على تواصل معهم، وأنهم ليسوا مع صنع الله، ويرون أن بن قدارة هو الأفضل للمنصب»، لكنهم يلفتون في الوقت ذاته، إلى أن «اضطلاع الدبيبة رئيس الحكومة المعزول من مجلسهم بخطوة عزل صنع الله، يعد القشة القاصمة لظهر التوافقات السياسية الأخيرة إن لم يثبت باشاغا وجوده وهيمنته على الأرض في اليومين المقبلين، ليقلب طاولة ما وراء هذه الصفقة بأبعادها الداخلية والخارجية». وأكد أوحيدة: «أمام لعبة عض الأصابع لا بد أن نلتمس العذر لمن عقد هذه الصفقة مع الدبيبة، إذ يبدو أن الأفق قد سد أمامه بسبب عجز باشاغا، على غير المتوقع، ومع ذلك لا تزال الأيام حبلى بالمفاجآت».
وأمام ازدياد تساؤلات بعض السياسيين الليبيين عن سبب تغيب باشاغا عما يجري في ليبيا، وما إذا كان سيتقدم باتجاه العاصمة ثانية، رأى المحلل السياسي أحمد جمعة أبو عرقوب، المقرب من باشاغا، «أنه لا يوجد إلا خيار واحد أمام حكومته، يتمثل في ممارسة مهامها من طرابلس»، وقال: «(السيد) رئيس الحكومة التزم بأعلى درجات ضبط النفس وعدم الانجرار وراء الفخاخ التي نصبتها الحكومة (منتهية الولاية) ومحاولاتها جر البلاد إلى حرب كي يتشبث الدبيبة في منصبه».
وباشاغا، الذي وعد غير مرة بدخول العاصمة، لم يغب كلياً عن المشهد الليبي، إذ سبق واجتمع مع لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم البريطاني منتصف الأسبوع الماضي، عبر تقنية الفيديو في حضور عدد من أعضاء اللجنة، وجاءت مشاركته تحت عنوان «أمن ليبيا والسياسة الخارجية وخريطة الطريق نحو التعافي». وحرص على أن تكون خلفيته وهو يتحدث أمام أعضاء اللجنة، أنقاض مدينة سرت التي قال لهم إنها شهدت «ملحمة تاريخية بتخليصها من أكبر معقل لتنظيم (داعش) في شمال أفريقيا، ولعب التحالف الأميركي - البريطاني دوراً مهماً في مساعدة ليبيا في هذه العملية».
ولمزيد من الدفاع عن حكومة باشاغا، التي يرى سياسيون ليبيون من معسكر شرق ليبيا، أنها أخفقت في تقديم أي شيء ملموس لليبيين، حتى بعد ممارسة مهامها من مدينة سرت، أضاف أبو عرقوب: «باشاغا يركز على العمل السياسي، وتحشيد الدعم لحكومته بهدف تسهيل عملية التسليم والتسلم السلمي للسلطة، واليوم يمكن القول إن التجهيزات في طورها النهائي، وأصبحت مسألة دخول طرابلس مرهونة بقرار من باشاغا نفسه ولا أحد سواه، إما سلماً، وهذا ما نتمناه جميعاً؛ أو من خلال عملية عسكرية محدودة، وهذا ما لا نتمناه؛ ولكن قد تضطر حكومته لتفعيل هذا الخيار لإزالة الورم الخبيث الموجود في طريق السكة، وفي حال ما قرر الدبيبة رفض التسليم والتسلم السلمي، وذهب إلى خيار المواجهة العسكرية، فحينها سيكون هو من يتحمل المسؤولية كاملة عن الأرواح التي سوف تزهق».
وحاول باشاغا دخول العاصمة مرتين مستعيناً بميليشيات مسلحة، كي يمهد لحكومته العمل في طرابلس، لكنه فشل في الأولى، وأجبر في الثانية على الخروج، بعد قتال عنيف هز العاصمة وشهدت خلاله شوارعها تبادلاً كثيفاً لإطلاق النار، ومنذ ذلك الوقت، وهو يسعى إلى دخولها من خلال تحييد واستمالة عدد من قادة التشكيلات المسلحة.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
TT

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)
قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وقالت الفرقة السادسة مشاة، التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان على موقع «فيسبوك»، إن سلاح الطيران نفّذ، الجمعة، غارات جوية دمّرت 45 مركبة قتالية بكامل عتادها العسكري وطواقمها.

ووفقاً للبيان، حشدت «ميليشيا الدعم السريع» قوات كبيرة من الولايات ومناطق أخرى للهجوم على الفاشر وتسلُّم الفرقة السادسة.

وذكر أن القوات المسلحة أسقطت 3 مسيّرات كانت تستهدف دفاعات وارتكازات في المدينة.

«قوات الدعم السريع» تقصف مخيم زمزم (متداولة)

بدورها، قالت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين (كيان مدني)، في بيان: «إن (قوات الدعم السريع) قصفت بالمدفعية الثقيلة خلال الأيام الماضية مخيمي زمزم وأبوشوك، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة من الجنسين».

ودعا المتحدث باسم المنسقية، آدم رجال، الأطراف المتحاربة إلى الابتعاد عن استهداف مناطق النازحين، وعدم استخدام المدنيين العزّل «دروعاً بشرية» لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية.

وطالب رجال «قوات الدعم السريع» بوقف القصف المدفعي العشوائي، والقصف الجوي من قبل الجيش السوداني، وقال: «ينبغي أن يتم وقف الحرب بشكل فوري وعاجل من خلال وقف إطلاق النار وإنهاء العدائيات مباشرة لإنقاذ حياة النازحين من الأطفال والنساء».

ودعا المتحدث باسم النازحين، آدم رجال، المجتمع الدولي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الأطراف المتصارعة للالتزام بالقوانين الدولية، لوضع حد للقصف العشوائي بالمدافع الثقيلة والبراميل المتفجرة في الأماكن المأهولة بالمدنيين. وقال: «لا يوجد ما يبرر هذه الأعمال الإجرامية، لقد حان الوقت لإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة، فالكارثة لم تعد تحتمل المزيد من التأجيل».

بقايا مقذوف مدفعي استهدف معسكر زمزم للنازحين (متداولة)

وخلال الأسبوع الماضي أفادت تقارير حكومية رسمية بمقتل أكثر من 57 مدنياً وإصابة 376 في الهجمات على الفاشر ومعسكر زمزم.

وتُعد الفاشر من أكثر خطوط المواجهة اشتعالاً بين «قوات الدعم السريع» والجيش السوداني وحلفائه الذين يقاتلون للحفاظ على موطئ قدم أخير في منطقة دارفور.

وتسيطر الدعم السريع على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور، هي: جنوب وشرق ووسط وغرب دارفور بعد أن تمكّنت من إبعاد القوات المسلحة السودانية، فيما تقود معارك ضارية للسيطرة على مدينة الفاشر.

وفي الخرطوم بحري تجددت المعارك العنيفة، فجر السبت، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في عدة محاور بالمدينة.

وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة.

ووفقاً لمصادر ميدانية، تدور الاشتباكات على بعد كيلومترات من ضاحية العزبة، بعد تقدم الجيش السوداني وسيطرته على أغلب أحياء منطقة السامراب بمدينة بحري.

وأعلنت غرفة طوارئ جنوب الحزام بولاية الخرطوم عن أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب أكثر من 30 آخرين، الجمعة، جراء قصف جوي بالطيران التابع للجيش السوداني على منطقة الشاحنات.

وعلى الرغم من تقدم الجيش السوداني عسكرياً خلال الأشهر الماضية في مدينة بحري، لا تزال «قوات الدعم السريع» على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من 18 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين شخص من منازلهم.