اليورو بدولار... العملة الأوروبية تراجعت أم الأميركية ارتفعت؟

عملة الاتحاد الأوروبي بلغت أدنى مستوى منذ 20 عاماً وتوقعات بمزيد من الخسائر

اليورو يتراجع لأدنى مستوى منذ 20 عاماً أمام الدولار (د.ب.أ)
اليورو يتراجع لأدنى مستوى منذ 20 عاماً أمام الدولار (د.ب.أ)
TT

اليورو بدولار... العملة الأوروبية تراجعت أم الأميركية ارتفعت؟

اليورو يتراجع لأدنى مستوى منذ 20 عاماً أمام الدولار (د.ب.أ)
اليورو يتراجع لأدنى مستوى منذ 20 عاماً أمام الدولار (د.ب.أ)

تراجعت قيمة اليورو، العملة الأوروبية الموحدة، خلال تعاملات أمس الثلاثاء، لتبلغ دولارًا واحدًا، في مستوى لم يُسجل منذ عام طرح العملة الموحدة للتداول قبل عشرين عامًا.
سجل اليورو 0.999 مقابل الدولار عند الساعة 10:14 بتوقيت غرينيتش في تعاملات أمس، وهو أقل مستوى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2002 قبل أن ترتفع مجددا بشكل طفيف. وذلك في ظل المخاطر الناجمة عن قطع إمدادات الغاز الروسي على الاقتصاد الأوروبي.
فتح تعادل مستوى العملتين الأميركية والأوروبية، جدلا في السوق أمس حول: مَن مِن العملتين تحرك أمام الآخر، هل اليورو هو من تراجع أم الدولار هو من ارتفع؟

- الدولار ارتفع أم اليورو تراجع؟
وبالنظر إلى مؤشر الدولار الذي يقيس أداءه أمام سلة العملات الرئيسية: اليورو والإسترليني والين واليوان والفرنك السويسري، نجد أن المؤشر ارتفع إلى أعلى مستوى له في 20 عاما، مما يوضح أن العملة الأميركية ارتفعت أمام جميع العملات الأخرى.
وعادة ما يؤثر ارتفاع الدولار على جميع أسعار السلع والعملات الأخرى، لأنه يجعل السلع المقومة بالدولار أكثر غلاء على حائزي العملات الأخرى.
ومن المتوقع أن تنعكس العلاقة العكسية بين قيمة اليورو والدولار، على المستهلكين الأوروبيين، إذ كلما كان سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة منخفضا أصبحت عملات أخرى مثل الدولار أقوى، ومن ثم ترتفع قيمة السلع القادمة إلى منطقة اليورو وهو ما سيفاقم التضخم.
غير أن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن، هو: لماذا حدث ذلك أول من أمس وأمس، مع توقعات باستمرار هذا الأداء.
ريكاردو إيفانجليستا محلل العملات في شركة ActivTrades للوساطة المالية، يجيب لـ«الشرق الأوسط»، عبر رسالة بالبريد الإلكتروني: «صار الآن الانقطاع التام للغاز الروسي احتمالا واقعيا، السيناريو الذي سيضاعف من أزمة الطاقة في القارة بأكملها، وهو ما يزيد احتمالية الركود الاقتصادي في منطقة اليورو».
أضاف إيفانجليستا «في ظل تلك الرياح المعاكسة، تبقى العملة الموحدة تحت الضغط ومعرضة للمزيد من الخسائر، خاصة أمام الدولار الأميركي».
وتوقع، أن يصبح الدولار قريباً أكثر قيمة من اليورو، نظرا لتراجع النظرة المستقبلية للاقتصاد الأوروبي، في الوقت الذي يواصل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي عزمه على السيطرة على التضخم من خلال تشديدات صارمة في سياساته النقدية.
أمام هذا الأداء للعملة الأوروبية الموحدة، واصلت الأسهم الأوروبية خسائرها للجلسة الثانية على التوالي خلال تعاملات أمس الثلاثاء، متأثرة بمخاوف من نقص إمدادات الطاقة في حين فاقم ارتفاع الإصابات بـ(كوفيد - 19) في الصين من مخاوف حدوث ركود اقتصادي عالمي.
وشمل الهبوط أغلب القطاعات مثل الرعاية الصحية والتكنولوجيا والمنتجات الفاخرة. وحقق قطاع النفط مكاسب ضئيلة.

- الأصول ذات المخاطر تتراجع
بيير فيريت محلل الأسهم في شركة ActivTrades للوساطة المالية، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الأسهم الأوروبية واصلت تراجعها أمس، متبعة المؤشرات الآسيوية والعقود الآجلة الأميركية، إذ يسود الحذر الأسواق. وأضاف «يجد النقد طريقه إلى الملاذات الآمنة اليوم (أمس)، في آلية دعمت عملات الدولار والين، فيما سجلت سندات الخزانة مكاسب أيضا».
وأشار إلى استمرار الضغوط على اليورو، «نتيجة لوقوف البنك المركزي الأوروبي دون حراك فيما يتعلق بسياساته النقدية، فيما يواجه مستثمرو الأسهم إحباطا بسبب ضغوط الأسعار المتزايدة ولا سيما أزمة الطاقة المستمرة».
وأوضح فيريت: «على الجانب الآخر، تتراجع شهية المستثمرين للأصول ذات المخاطر العالية بسبب احتمالية عودة عمليات الإغلاق العام في الصين، في الوقت الذي يستعد فيه المتداولون لنتائج الشركات الأميركية غير المكتملة نتيجة للآثار السلبية المحتملة لارتفاع الدولار على أرباح الشركة».
وتوقع عدم حدوث تحركات كبيرة في التداولات الأوروبية قبل صدور مؤشر أسعار المستهلكين الأميركي وصدور تقرير بنك الاحتياطي الفيدرالي لتقييم الاقتصاد اليوم الأربعاء، مشيرا إلى تركيز المستثمرين على مؤشر ZEW الألماني للثقة الاقتصادية، إلى جانب توقعات الطاقة قصيرة الأجل التي ستصدرها إدارة معلومات الطاقة في وقت لاحق اليوم.
في الأثناء، فشل وزراء مالية منطقة اليورو مجددا في اختيار رئيس جديد لصندوق الإنقاذ المالي للتكتل. ويحتاج الوزراء للاتفاق على خلف لكلاوس ريجلينج الذي سيتقاعد في أكتوبر (تشرين الأول) بعد أن قاد آلية الاستقرار الأوروبية منذ إنشائها في 2012 في غمرة أزمة ديون منطقة اليورو.

- يورو كرواتيا
من المقرر أن تبدأ كرواتيا في تطبيق استخدام اليورو اعتبارا من يناير (كانون الثاني) 2023 بعد استكمال الخطوات القانونية النهائية في بروكسل أمس الثلاثاء، لاعتماد العملة الموحدة للاتحاد الأوروبي. وقال وزير المالية الكرواتي زدرافكو ماريتش في مؤتمر صحافي: «التكامل الأوروبي مستمر رغم التحديات التي نواجهها»، في إشارة إلى الأزمة الاقتصادية الأوروبية المتنامية. يأتي دخول كرواتيا في منطقة اليورو بدعم من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي بعد أن استوفت البلاد معايير التقارب الرئيسية، وهي أول دولة يتم قبولها في منطقة العملة الموحدة منذ انضمام ليتوانيا في عام 2015. وتلتزم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 عضوا باستخدام اليورو، ولكن الأمر يتطلب نسبة عجز حكومي منخفض، إلى جانب استقرار التضخم وأسعار الصرف بين عملاتها الوطنية واليورو. ويوسع قبول كرواتيا منطقة اليورو إلى 20 عضوا، لكنه يأتي في أعقاب انخفاض الدعم الحكومي في البلاد، حيث يخشى الشعب ارتفاع الأسعار نتيجة لذلك.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

طلبات إعانة البطالة الأميركية ترتفع بشكل طفيف

يصطفّ الناس خارج مركز عمل بكنتاكي أملاً في الحصول على مساعدة طلبات البطالة (رويترز)
يصطفّ الناس خارج مركز عمل بكنتاكي أملاً في الحصول على مساعدة طلبات البطالة (رويترز)
TT

طلبات إعانة البطالة الأميركية ترتفع بشكل طفيف

يصطفّ الناس خارج مركز عمل بكنتاكي أملاً في الحصول على مساعدة طلبات البطالة (رويترز)
يصطفّ الناس خارج مركز عمل بكنتاكي أملاً في الحصول على مساعدة طلبات البطالة (رويترز)

ارتفع عدد الأميركيين الذين قدموا طلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل طفيف الأسبوع الماضي، مما يشير إلى عدم وجود تغييرات ملموسة في ظروف سوق العمل، ويعزز الآراء التي تشير إلى أن الأعاصير والإضرابات تسببت في توقف نمو الوظائف تقريباً في أكتوبر (تشرين الأول).

وقالت وزارة العمل الأميركية، يوم الخميس، إن الطلبات الأولية للحصول على إعانات البطالة الحكومية ارتفعت 3 آلاف طلب لتصل إلى 221 ألف طلب، معدَّلة موسمياً، للأسبوع المنتهي في 2 نوفمبر (تشرين الثاني). وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا 221 ألف طلب للأسبوع الأخير، وفق «رويترز».

وتباطأ نمو الوظائف بشكل حاد في الشهر الماضي، حيث ارتفعت الوظائف غير الزراعية بواقع 12 ألف وظيفة فقط، وهو أقل عدد منذ ديسمبر (كانون الأول) 2020. وكان هذا يتماشى مع الزيادة في طلبات الإعانة في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) بسبب إعصار «هيلين» الذي عطَّل النشاط الاقتصادي في جنوب شرقي الولايات المتحدة. وظلت الطلبات مرتفعة حتى منتصف الشهر الماضي بعد أن ضرب إعصار «ميلتون» ولاية فلوريدا.

كما كان للإضراب الذي قام به عمال المصانع في شركة «بوينغ»، والذي اضطر الشركة لصرف العمال بشكل مؤقت، تأثير سلبي على عدد الوظائف في أكتوبر. ومع تلاشي تأثير الأعاصير تقريباً، وعودة العمال المضربين إلى العمل بعد التوصل إلى اتفاق مع إدارة الشركة هذا الأسبوع، فإنه من المتوقع أن يشهد نمو الوظائف تسارعاً في نوفمبر.

ويتوقع الاقتصاديون أن يولي مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» اهتماماً أقل لتقرير العمالة في أكتوبر عند تقييمهم لحالة الاقتصاد.

وأظهرت بيانات التقرير أن عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات بعد الأسبوع الأول من المساعدات، وهو مؤشر على التوظيف، ارتفع 39 ألفاً ليصل إلى 1.892 مليون شخص، معدلة موسمياً، في الأسبوع المنتهي في 26 أكتوبر. وتسهم الإجازات المؤقتة المتعلقة بشركة «بوينغ» في إبقاء عدد طلبات الإعانة المستمرة مرتفعاً.