(تحليل إخباري): رسائل حميدتي من دارفور في بريد من؟!

محمد حمدان دقلو «حميدتي» (غيتي)
محمد حمدان دقلو «حميدتي» (غيتي)
TT

(تحليل إخباري): رسائل حميدتي من دارفور في بريد من؟!

محمد حمدان دقلو «حميدتي» (غيتي)
محمد حمدان دقلو «حميدتي» (غيتي)

فجّر إعلان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي» امتلاكه لـ«سلاح مدرعات»، وتصريحاته التي أدلى بها أمام القوة المدرعة التابعة له في إقليم دارفور «سيلاً» من التكهنات عن نوايا الرجل الذي يعتصم بدارفور منذ نحو الشهر، وما إذا كان الرجل ما يزال غاضباً أو مغاضباً هناك، أو أنه يرسل رسائل تتجه نحو عدد من صناديق البريد في الخرطوم، وربما على رأسها «الجيش السوداني».
قال حميدتي، أمام جنود من الدعم السريع، متحدثاً لـ«وحدة مدرعات» تابعة له، إن قائدكم أصبح قائداً للمدرعات في السودان، قبل أن يعود متهكماً: «أتكلم عن مدرعات الدعم السريع، وليس مدرعات (ثانية) أخرى»، وتابع: «نحن ما عندنا مدرعات كبيرة، بل مدرعات خفيفة من نوع (BTR)، وهي بطبيعتها تستطيع مرافقة سيارات لاند كروزر المسلحة».
وتباهى حميدتي بقواته وبقدراتها وحرصها على إدامة أسلحتها بقوله: «نشيد بكم إشادة كبيرة جداً، لأنكم لم تقصروا، حافظتم على سلاحكم ليعمل بكفاءة عالية برغم أنه قديم»، وطلب منهم مواصلة التدريبات على كل أنواع الأسلحة، ووعد بحلّ مشكلاتهم كافة، وأضاف مخاطباً قوات المدرعات: «صبرتم صبراً لا يطيقه أحد، ونحن معكم ولن نقصر، ولو أردتم دمنا لأعطيناكم».
ووجّه الجنرال، الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة، قواته لتكون على أهبة الاستعداد ومواصلة التدريب، بقوله: «لا نريد مشكلات، نحن نريدكم أن تتدربوا وتستعدوا وتكونوا جاهزين، والله لا جاب مشكلات»، وأضاف: «نحن في الدعم السريع جاهزيتنا 100 في المائة»، لكنه لم يحدد لمن تستعد هذه القوات.
وتقليدياً، احتفظ «الدعم السريع» الذي أنشأ كقوة رديفة للقوات المسلحة السودانية عام 2013 بأسلحته الخفيفة الممثلة في عربات «تويوتا» نصف نقل رباعية الدفع من طراز «لاند كروزر»، المسلحة بمضادات الدروع والطائرات من طراز «دوشكا» روسية وصينية الصنع، وبعضها مصنوع محلياً، إلى جانب الأسلحة الخفيفة، التي استخدمها بمواجهة حركات التمرد الدارفورية وفي جنوب كردفان، وألحق بها هزائم كبيرة، خاصة قوات حركة «العدل والمساواة» في المعركة الشهيرة «قوز دنقو» قبيل سقوط نظام البشير.
وأثناء ثورة ديسمبر (كانون الأول)، استجلب البشير هذه القوات للخرطوم لقمع الثوار وفضّ الاعتصام، لكن قائد الدعم السريع رفض مخالفة تعليمات قائده وقرر الانحياز للثورة، ونشر قواته في كثير من المواقع العسكرية والمدنية في العاصمة الخرطوم، بل سيطر عليها، وأسهم هذا الانحياز في إسقاط نظام الرئيس البشير، لكن «الدعم السريع» كان محل اتهامات، نتجت عن العملية الدامية المعروفة بمجزرة «فض اعتصام القيادة العامة» التي راح ضحيتها مئات بين قتيل وجريح ومخفي قسرياً، وأشار كثير من التقارير وصور الفيديو إلى ضلوع أعداد كبيرة من قواته في العملية.
ورغم أن الجريمة تمت أمام قيادة الجيش السوداني في الخرطوم وقيادات وحداته في حواضر الولاية، ورغم أن الجيش السوداني اعترف بالجريمة علناً، حينما قال عضو المجلس العسكري الانتقالي وقتها المتحدث باسمه، الفريق أول شمس الدين كباشي: «فضينا الاعتصام وحدث ما حدث»، فإن الاتهام المغلظ بالضلوع في العملية توجه إلى حميدتي وقواته (الدعم السريع) ودق «إسفيناً» بينه وبين قوى الثورة، لكن الرجل ظل على الدوام «ينكر» الاشتراك في الجريمة.
ومنذ تكوينها، فإن صراعاً مكتوماً بينها وبين الجيش السوداني ظل يتداول بشكل واسع، لكنه ظهر بشكل صريح أول مرة في المحاكمة الجارية لضباط المحاولة الانقلابية التي أحبطت في سبتمبر (أيلول) 2021 بقيادة قائد المدرعات اللواء الركن عبد الباقي الحسن بكراوي، الذي ذكر ضمن تسريبات من المحكمة أن أحد الأسباب التي دفعتهم لمحاولة الانقلاب هو ما أطلقوا عليه «خطورة قوات الدعم السريع والحركات المسلحة، بوضعها الحالي على القوات المسلحة».
وعلى الرغم من التصريحات المتتالية التي تصدر عن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بأن العلاقة بين الجيش والدعم السريع «سمن على عسل»، فإن مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية، مولي في، تحدثت في زيارتها للسودان في يونيو (حزيران) الماضي، خلال لقاءات أجرتها مع المسؤولين والقيادات المدنية، عن «قلق بلادها من انشقاق وشيك بين الجيش السوداني والدعم السريع» قد ينتج عنه انفجار الأوضاع في البلاد.
ولا يجد المراقبون تفسيراً لقيام الجيش السوداني بنصب سياج ضخم من «الكونكريت المسلح» على طول أسوار قيادته العامة في الخرطوم، ودعمه بسواتر ترابية ثقيلة، ويرجعونه إلى تحسبات من احتمالات اشتباك محتمل، ويستبعدون أن يكون الهدف منه إبعاد المتظاهرين السلميين، ويرجحون أنه تحسب لمعركة محتملة مع «قوات مسلحة».
ويعتصم حميدتي منذ نحو شهر في إقليم دارفور تحت الزعم بإجراء مصالحات بين المجموعات الأهلية هناك، بيد أن تقارير تشير إلى الرجل نأى بنفسه عما يحدث في الخرطوم، وذهب إلى دارفور مغاضباً بسبب خلافات عميقة مع قادة الجيش.
وكشفت تقارير إعلامية تم تداولها على نطاق واسع أن «المدرعات» التي أشار إليها حميدتي في منطقة «الزرق» بولاية شمال دارفور، تعد واحدة من أقوى أسباب الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأضافت أن نحو 54 قطعة مدرعة من طراز «BTR» أرسلت من قبل الجيش للمشاركة في عمليات جمع السلاح، لكن قوات الدعم السريع «ماطلت» في إعادتها وفق الخطة المرسومة.
وكان حميدتي قد أكد في تصريحات سابقة أنه سيبقى في دارفور 3 أشهر متتالية قبل أن يعود للخرطوم، وهو ما أثار ويثير كثيراً من علامات الاستفهام حول نوايا الرجل، ولا سيما أنه أشار في واحدة من مخاطباته إلى أن سيبقى في دارفور رغم وجود كثير من القضايا التي تستدعي وجوده في الخرطوم.
وعلى رأس تلك القضايا «شبح الحرب» التي أوشكت أن تندلع بين الخرطوم وأديس أبابا، وصمته عن الإدلاء بأي تصريحات بشأن ذلك التوتر الذي نتج عن مقتل جنود سودانيين من قبل قوات إثيوبية، وصمت قوات الدعم السريع وابتعادها عن ملف صراع الجيش السوداني والجيش الإثيوبي في منطقة «الفشقة» على الحدود المشتركة بين البلدين، مع كل هذا لا يُعرف إلى «بريد» من تتجه رسالة المدرعات!!


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

القاهرة ستطلب من منظمة التعاون الإسلامي اعتماد «خطة غزة»

شعار قمة القاهرة حيث عقدت قمة عربية طارئة حول غزة (أ.ب)
شعار قمة القاهرة حيث عقدت قمة عربية طارئة حول غزة (أ.ب)
TT

القاهرة ستطلب من منظمة التعاون الإسلامي اعتماد «خطة غزة»

شعار قمة القاهرة حيث عقدت قمة عربية طارئة حول غزة (أ.ب)
شعار قمة القاهرة حيث عقدت قمة عربية طارئة حول غزة (أ.ب)

أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ليل الثلاثاء في القاهرة حيث عقدت قمة عربية طارئة حول غزة أنّه سيطلب من منظمة التعاون الإسلامي خلال اجتماع وزاري طارئ ستعقده في جدة الجمعة اعتماد خطة إعادة إعمار غزة التي أقرّها لتوّهم القادة العرب.

وقال عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي إنّه «في السابع من مارس (آذار) إن شاء الله القادم في جدة سيكون هناك اجتماع طارئ لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي وسنسعى إلى أعتماد هذه الخطة أيضا حتى تكون خطة عربية وخطة إسلامية».