اليمن: مليون نازح «داخلي» عادوا إلى ديارهم

حركة المرور على طريق ضيق ومتضرر بشدة يعد بمثابة شريان حياة بين تعز المحاصرة من قبل الانقلابيين الحوثيين وميناء عدن الجنوبي (أ.ف.ب )
حركة المرور على طريق ضيق ومتضرر بشدة يعد بمثابة شريان حياة بين تعز المحاصرة من قبل الانقلابيين الحوثيين وميناء عدن الجنوبي (أ.ف.ب )
TT
20

اليمن: مليون نازح «داخلي» عادوا إلى ديارهم

حركة المرور على طريق ضيق ومتضرر بشدة يعد بمثابة شريان حياة بين تعز المحاصرة من قبل الانقلابيين الحوثيين وميناء عدن الجنوبي (أ.ف.ب )
حركة المرور على طريق ضيق ومتضرر بشدة يعد بمثابة شريان حياة بين تعز المحاصرة من قبل الانقلابيين الحوثيين وميناء عدن الجنوبي (أ.ف.ب )

ذكر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر في الشرق الأوسط أن مليون شخص من النازحين داخليا في اليمن عادوا إلى ديارهم وأن هناك 3.3 مليون شخص ما زالوا نازحين، في وقت يحتاج 23.4 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية خلال العام الحالي منهم 12 مليونا بحاجة ماسة.
وجاء هذا الإعلان مع بدء برنامج الغذاء العالمي وقف توزيع الحصص الغذائية الشهرية على أكثر من نصف الأشخاص الذين كانوا يحصلون عليها فيما يحصل نحو خمسة ملايين على حصص غذائية مخفضة بسبب نقص التمويل.
وفي تقرير عن زيارة المدير الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسام الشرقاوي، إلى صنعاء وعدن الأسبوع الحالي، أوضح أن ما يقدر بنحو 4.3 مليون شخص فروا من ديارهم منذ بداية الصراع، بما في ذلك ما يقرب من 3.3 مليون شخص ما زالوا نازحين، وأن مليون شخص عادوا إلى مناطقهم.
وفي حين لم يورد التقرير مزيدا من التفاصيل عن الفترة التي عاد فيها النازحون وعن مناطقهم، قال إن التقديرات تشير إلى أن 23.4 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية في عام 2022، من بينهم 12.9 مليون شخص في حاجة ماسة.
وأكد التقرير أن هناك 19 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و17.8 مليون شخص يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي الملائمة، بما في ذلك 12.6 مليون شخص في حاجة ماسة، وقدر التقرير أن 21.9 مليون شخص يفتقرون إلى الرعاية الصحية الأساسية.
المسؤول الدولي الذي زار صنعاء وعدن وعمران ولحج تحدث عما شاهده من احتياجات وصفها بالهائلة والتي لم تتم تلبيتها من المكملات الغذائية والأدوية، قائلا إن العديد من الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم. وأضاف أنه يشعر «بالحزن الشديد إزاء المستوى المدمر للجوع وسوء التغذية الحاد لدى الرضع والأطفال والنساء في اليمن».
وأشار إلى أن الفجوة الكبيرة في تمويل الاستجابة الإنسانية لـ20.7 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة، بما في ذلك المياه النظيفة والرعاية الصحية وكذلك الغذاء، نظراً لأن الصراع في أوكرانيا أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأسمدة والوقود، مع تأكيده أن الوضع يزداد سوءاً بسبب الزيادة المتسارعة للاحتياجات الغذائية في جميع أنحاء العالم والتي ستؤدي إلى ندرة في المواد الأساسية.
وبحسب ما قاله المسؤول الدولي فإنه وبينما نواجه أزمة جوع عالمية غير مسبوقة، فإن المخاوف بشأن 16.2 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي في اليمن منذ فترة طويلة هي في أعلى مستوياتها على الإطلاق، نتيجة الصراع الذي طال أمده والجفاف، والفيضانات التي اشتدت بسبب أزمة المناخ وفيروس «كورونا» وأمراض أخرى.
في غضون ذلك أوردت منظمة اليونيسف، أن 50 في المائة فقط من حالات الولادة في اليمن تتم حاليا تحت إشراف متخصصين صحيين، وأن أماً وستة مواليد يموتون كل ساعتين، بسبب مضاعفات تحدث أثناء فترة الحمل ولأسباب يمكن تجنبها في الظروف الطبيعية، ويرجع ذلك أساساً إلى انعدام فرص الحصول على الخدمات الصحية أو ضعف الرعاية المقدمة.
وأشار التقرير إلى أن نحو ثلثي اليمنيين لا يحصلون حالياً على أبسط خدمات الرعاية الصحية، أي أكثر من 20.1 مليون من بين إجمالي عدد سكان اليمن البالغ 30.5 مليون نسمة، في ظل خروج نحو 50 في المائة من المرافق الصحية عن الخدمة.
وفي الوقت الذي يقف فيه العنف عقبة أمام قدرة المرضى على الوصول إلى الرعاية الصحية اللازمة لإنقاذ حياتهم، أوضح التقرير أن 73 في المائة من النازحين المقدر عددهم بنحو 4.2 مليون شخص منذ بدء النزاع في اليمن هم من النساء والأطفال.
وتعاني النساء والفتيات النازحات مصاعب اقتصادية واجتماعية إضافية ينتج عنها صعوبة حصولهن على الخدمات الأساسية، بما في ذلك خدمات الرعاية الصحية الملائمة لعلاج الأمراض المزمنة والمستعصية.
وبحسب تقارير أممية، فإن 4.71 مليون طفل وامرأة في اليمن مصابون بسوء التغذية الحاد، من بينهم 1.14 مليون امرأة حامل أو مرضع تتطلب حالاتهن علاجاً من سوء التغذية الحاد، كما أن 6 ملايين امرأة لا يحصلن على دعم طبي أو دعم الصحة النفسية.
وتشير التقارير إلى أن هناك 5 ملايين امرأة يمنية في سن الإنجاب بحاجة إلى دعم، و6.1 مليون امرأة في حاجة إلى خدمات لمعالجة العنف القائم على النوع الاجتماعي، إضافة إلى 5 ملايين امرأة ومراهقة محرومات من خدمات الرعاية الصحية الأساسية والمنقذة للحياة، والرعاية الصحية الإنجابية.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.