ماذا وراء الغضب الشعبي في سريلانكا؟

متظاهرون يقفون فوق شاحنة تابعة للشرطة ويطالبون بـ»استرجاع الأموال المنهوبة» في كولومبو، في 9 يوليو (أ.ب)
متظاهرون يقفون فوق شاحنة تابعة للشرطة ويطالبون بـ»استرجاع الأموال المنهوبة» في كولومبو، في 9 يوليو (أ.ب)
TT

ماذا وراء الغضب الشعبي في سريلانكا؟

متظاهرون يقفون فوق شاحنة تابعة للشرطة ويطالبون بـ»استرجاع الأموال المنهوبة» في كولومبو، في 9 يوليو (أ.ب)
متظاهرون يقفون فوق شاحنة تابعة للشرطة ويطالبون بـ»استرجاع الأموال المنهوبة» في كولومبو، في 9 يوليو (أ.ب)

اندلعت حركة احتجاجية ضد الأزمة الاقتصادية الخانقة في سريلانكا منذ أشهر. وتعهد الرئيس غوتابايا راجاباكسا بالاستقالة بحلول 13 يوليو (تموز) بعد إجباره على مغادرة قصره، في ظل أزمة غير مسبوقة منذ استقلال هذه الجزيرة في عام 1948، والتي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة.
فيما يلي بعض أبرز أسباب هذه الأزمة، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.

الأخوان راجاباكسا
تسلم غوتابايا راجاباكسا (73 عاماً) الرئاسية منذ عام 2019، وهو أحد أفراد عائلة هيمنت على الحياة السياسية في سريلانكا لمدة عقود. أما شقيقه ماهيندا (76 عاماً)، فشغل رئاسة البلاد لعقد حتى عام 2015. في عهده، تحولت سريلانكا إلى دولة مُرتبطة بالصين بشكل كبير، إذ جرى التعاقد معها على ديون ضخمة لتمويل مشاريع بنية تحتية كبرى حامت حولها شبهات الفساد.
يلقى ماهيندا دعم الغالبية العرقية السنهالية، لأنه هزم مقاتلي نمور التاميل في عام 2009، مُنهياً بذلك 37 عاماً من الحرب الأهلية. آنذاك، كان غوتابايا وزير الدفاع كما قاد القوات المسلحة والشرطة. عند توليه الرئاسة، عين شقيقه غوتابايا في منصب رئيس الوزراء، لكن ماهيندا اضُطر إلى الاستقالة في مايو (أيار) بعد اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين.

تدهور الاقتصاد.
عانى قطاع السياحة الذي يعد حيوياً لاقتصاد الجزيرة، تداعيات الهجمات الإرهابية في أبريل (نيسان) 2019 على الكنائس والفنادق (279 قتيلاً بينهم 45 أجنبياً)، ثم جائحة (كوفيد - 19).
كما أدت أكبر تخفيضات ضريبية في تاريخ الجزيرة، منحها غوتابايا عند توليه الرئاسة، إلى إفراغ خزائن الدولة. ووجدت سريلانكا نفسها بدون عملات أجنبية كافية لاستيراد ما تحتاج إليه من طعام ودواء ووقود.
رغم المساعدات من الهند ودول أخرى في أبريل 2022، تخلفت الدولة عن سداد ديونها الخارجية البالغة 51 مليار دولار، وتسعى إلى الحصول على خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.

نقص الغذاء
يعيش السريلانكيون منذ أشهر في ظل نقص الغذاء والدواء وانقطاع التيار الكهربائي، بسبب شح الوقود الذي يحد أيضاً من التنقل. وفاقم التضخم المتسارع، الذي بلغ 55 في المائة في يونيو (حزيران) وحده، أزمة غلاء المعيشة. وحذرت الأمم المتحدة من أن البلاد تواجه خطر أزمة إنسانية كبيرة، بعدما اضطر أكثر من ثلاثة أرباع السكان إلى تقليص نظامهم الغذائي.
وبعد أشهر من التظاهرات، هاجم أنصار الرئيس المتظاهرين بعنف في مايو. وقُتل تسعة أشخاص، كما أُصيب المئات في الاشتباكات التي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا، شقيق الرئيس.
ومع ذلك، تمكن غوتابايا من التمسك بالسلطة عبر تعيين السياسي المخضرم رانيل ويكرمسينغ رئيساً للحكومة. وأضرم المتظاهرون في التاسع من يوليو النار في منزل الأخير، وأجبروا الرئيس على الفرار من القصر الرئاسي الذي اقتحموه، قبل أن يعلن عزمه على الاستقالة الأسبوع المقبل.

الخطوات المقبلة
بحسب القانون، سيكون أمام البرلمان شهر لاختيار خليفته. لكن رئيس البرلمان وعد بقرار في هذا الشأن في نهاية الأسبوع، إلا أنه قد يكون من الصعب تحقيق هذا الوعد، لأن لا أحد من أعضاء البرلمان يبدو قادراً على الحصول على الدعم الكافي.
وقال النائب دارمالينغام سيثادثان الذي ينتمي إلى أقلية التاميل لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن مقبلون على فترة خطيرة من عدم اليقين». وأضاف: «كان ينبغي على غوتا أن يستقيل على الفور لتفادي فراغ السلطة».


مقالات ذات صلة

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

الاقتصاد طابور طويل أمام وزارة الهجرة السريلانكية للحصول على جوازات سفرهم خارج البلاد التي تعاني من إفلاس (إ.ب.أ)

رئيس سريلانكا يتوقع استمرار الإفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان الأربعاء إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعياً إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد في ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا أنني لست هنا لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه لدى وصوله لإلقاء كلمة أمام البرلمان في كولومبو (أ.ف.ب)

رئيس سريلانكا يتوقع البقاء في حالة إفلاس حتى 2026

قال رئيس سريلانكا رانيل ويكريميسينغه أمام البرلمان، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستظل مفلسة حتى عام 2026 على الأقل، داعيًا إلى دعم إصلاحاته لإنعاش الاقتصاد ظل أزمة تاريخية. وقال ويكريميسينغه الذي تولى الرئاسة الصيف الماضي بعد استقالة غوتابايا راجاباكسا إن «تبني سياسات ضريبية جديدة هو قرار لا يحظى بشعبية. تذكروا انني لست هناك لأتمتع بالشعبية بل أريد إخراج هذه البلاد من الأزمة التي تواجهها». وأضاف «إذا واصلنا خطة (الإصلاحات) يمكننا الخروج من الإفلاس بحلول 2026». ويحمل السكان ويكريميسينغه مسؤولية الأزمة في ظل نقص الغذاء والوقود والكهرباء والدواء.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
العالم الرئيس السريلانكي رانيل ويكريمسينغه خلال العرض العسكري (أ.ب)

الرئيس السريلانكي يدعو إلى التفكير في «الأخطاء» الماضية

بينما تمر البلاد بأزمة كبيرة، دعا الرئيس السريلانكي، رانيل ويكريمسينغه، خلال عرض عسكري بمناسبة مرور 75 عاماً على استقلال البلاد، إلى التفكير في «الأخطاء والإخفاقات» الماضية. ومنذ انتهاء الاستعمار البريطاني في 1948، قضت الدولة الجزيرة جزءاً كبيراً من تاريخها في حرب مع نفسها.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد صورة أرشيفية تظهر مسار قاطرات تنقل مواد تعدينية من مدينة الجبيل السعودية (غيتي)  -   نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي

سريلانكا تتطلع للاستفادة من تجربة التعدين السعودية

شدد المهندس نصير أحمد وزير البيئة السريلانكي على آفاق التعاون بين كولمبو والرياض بمختلف المجالات، وقطاع التعدين على وجه التحديد، متطلعا إلى تعزيز التعاون مع السعودية بقطاع التعدين، والاستفادة من تجارب المملكة في تطوير الصناعة المعدنية وقوانين وأنظمة المعادن، والمواكبة، والنهوض بإمكانات بلاده المعدنية. ودعا نصير السعوديين للاستثمار بالقطاع في بلاده، وإقامة مشاريعهم الاستكشافية والقيمة المضافة للإنتاج التعديني في البلدين، مشيرا إلى أن بلاده بدأت حقبة جديدة في التنمية الاقتصادية والنمو، وفي طريقها لتجاوز التحديات التي أفرزت انهيارا اقتصاديا وضائقة مالية. وشدد نصير في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «على ا

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
العالم عناصر من جيش سريلانكا (أرشيفية - إ.ب.أ)

سريلانكا تخفض جيشها بنحو الثلث لخفض الإنفاق

قال وزير الدفاع السريلانكي، اليوم الجمعة، إن بلاده ستخفض قوام جيشها بما يصل إلى الثلث، إلى 135 ألفاً بحلول العام المقبل، وإلى 100 ألف بحلول عام 2030، فيما تحاول البلاد، التي تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ أكثر من سبعة عقود، خفض الإنفاق. وقال بريميتا باندارا تيناكون في بيان: «الإنفاق العسكري هو في الأساس نفقات تتحملها الدولة، التي تحفز بشكل غير مباشر وتفتح مجالات للنمو الاقتصادي عن طريق ضمان الأمن القومي وأمن السكان».

«الشرق الأوسط» (كولومبو)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

قال الكرملين، اليوم الأحد، إن روسيا يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته الإدارة الأميركية، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

وأضاف الكرملين في بيان، أن الولايات المتحدة تتخذ «خطوات متهورة» بشكل مزداد، مما يثير توترات بشأن الصراع في أوكرانيا.

ولوح الكرملين بأن «العقيدة النووية المحدثة لروسيا بمثابة إشارة إلى الغرب».

وفي وقت لاحق اليوم، حذّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف الولايات المتحدة من أن روسيا ستزود أعداء أميركا بتقنيات نووية إذا أقدمت واشنطن على تزويد كييف بأسلحة نووية. ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء عن مدفيديف قوله «صاروخ أوريشنيك قادر على إلحاق أضرار بالغة بالعواصم الغربية خلال دقائق، ومن الأفضل لأوروبا التوقف عن الدعم العسكري لأوكرانيا».

وخففت روسيا الأسبوع الماضي، من القيود المفروضة على العقيدة النووية، ليصبح من الممكن اعتبار أي هجوم تقليدي بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية، هجوماً مشتركاً على روسيا.

وتعقيباً على ذلك، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة لا ترى «أيّ سبب» لتعديل عقيدتها النووية.

وقالت كارين جان - بيار: «إنه الخطاب غير المسؤول نفسه الذي نسمعه من جانب روسيا منذ عامين»، بعدما زادت موسكو من احتمال لجوئها إلى السلاح النووي.