بلينكن ووانغ أجريا محادثات «بناءة» وتوافقا على تحسين علاقات البلدين

مغادرة لافروف المبكرة لاجتماعات «مجموعة العشرين» تعكس خيبة أمل من «الحلفاء»

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيره الصيني وانغ يي على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في إندونيسيا. قال بلينكن: «في الواقع، غادر وزير الخارجي الروسي الاجتماع مبكراً بسبب التوافق الأميركي الصيني» (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيره الصيني وانغ يي على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في إندونيسيا. قال بلينكن: «في الواقع، غادر وزير الخارجي الروسي الاجتماع مبكراً بسبب التوافق الأميركي الصيني» (أ.ب)
TT

بلينكن ووانغ أجريا محادثات «بناءة» وتوافقا على تحسين علاقات البلدين

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيره الصيني وانغ يي على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في إندونيسيا. قال بلينكن: «في الواقع، غادر وزير الخارجي الروسي الاجتماع مبكراً بسبب التوافق الأميركي الصيني» (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيره الصيني وانغ يي على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في إندونيسيا. قال بلينكن: «في الواقع، غادر وزير الخارجي الروسي الاجتماع مبكراً بسبب التوافق الأميركي الصيني» (أ.ب)

في تصريح لافت في أعقاب الاجتماع الذي عقده وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مع نظيره الصيني، وانغ يي، على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في إندونيسيا، السبت، قال بلينكن إن «المحادثات النادرة التي أجراها مع نظيره الصيني كانت بناءة». لكنه عبر في الوقت نفسه عن «مخاوف إزاء قضايا من بينها تايوان». مراقبون عدّوا تصريحاته «المتفائلة» أنها قد تفسر جزئياً، أسباب مغادرة وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف المبكرة لاجتماعات مجموعة العشرين، في ظل خيبة أمل من عدم تمكن روسيا من الحصول على وعود دعم، ليس فقط من غالبية دول المجموعة، بل ومن «حليفتها» الكبرى الصين. وتكهن البعض بأن موسكو كانت تتوقع هذا النوع من التوافق الأميركي – الصيني، في العديد من ملفاتهم المشتركة، الذي جاء بيان الخارجية الصينية حول اجتماع وانغ مع بلينكن ليؤكدها. وقال بلينكن: «كان هناك إجماع قوي، وتركت روسيا معزولة، كما حدث عدة مرات منذ بدء هذه الحرب». وأضاف: «في الواقع، غادر وزير الخارجية لافروف الاجتماع مبكراً، ربما لأن الرسائل أصبحت واضحة بشكل مدوٍّ. «وكما قلت بالأمس، تدعم الولايات المتحدة بقوة جهود الأمم المتحدة بالشراكة مع تركيا لجلب الحبوب الأوكرانية والروسية إلى الأسواق العالمية. نحن بحاجة إلى هذه المبادرة للمضي قدماً، ونريد أن تتعاون روسيا معها بشكل كامل».
وفيما أكد بلينكن عقب تلك المحادثات التي استغرقت خمس ساعات أنه «رغم تعقيدات علاقاتنا، يمكنني القول بدرجة من الثقة إن وفودنا تجد محادثات اليوم مفيدة وصريحة وبناءة»، أكدت «الخارجية» الصينية أن الوزير وانغ توصل مع نظيره الأميركي إلى «توافق» بشأن تحسين العلاقات. وقال بلينكن إنه عبر لنظيره الصيني عن مخاوف «إزاء قضايا من بينها تايوان وهونغ كونغ وحقوق الإنسان وأوكرانيا وكوريا الشمالية». وأوضح أنه «عبر عن مخاوف الولايات المتحدة العميقة إزاء تصاعد اللهجة المستفزة لبكين وأنشطتها تجاه تايوان، والأهمية الكبيرة للحفاظ على السلام والاستقرار على جانبي مضيق تايوان». ودعا بلينكن الصين إلى «النأي بنفسها عن روسيا»، بعد محادثات مجموعة العشرين في بالي؛ حيث انتقدت فيها الدول الغربية وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مباشرة على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا. وأكد بلينكن أنه قال لوانغ إنها «اللحظة التي نحتاج فيها جميعاً إلى النهوض كما فعلت دول مجموعة العشرين الواحدة تلو الأخرى»، لإدانة العدوان والمطالبة، من بين أمور أخرى، بأن «تسمح روسيا بالوصول إلى الغذاء العالق في أوكرانيا». وأكد أنه لا يرى أي «إشارة» على التعاون من جانب روسيا بعد أن واجهت سيلاً من الانتقادات في محادثات مجموعة العشرين.
من جهتها، أكدت «الخارجية» الصينية، في بيان بشأن اللقاء، أن الجانبين «توصلا على قاعدة المعاملة بالمثل والمنفعة المتبادلة، إلى توافق بشأن تعزيز مشاورات مجموعة العمل الصينية - الأميركية لتحقيق المزيد من النتائج».
وناقش بلينكن ووانغ عدداً من القضايا الخلافية التي تشمل: التعريفات الجمركية، والتجارة، وحقوق الإنسان، والخلافات حول تايوان والنزاعات في بحر الصين الجنوبي. وقال بلينكن قبل اجتماعه بوانغ: «في علاقة معقدة، مثل العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، هناك الكثير لنتحدث عنه، وأنا أتطلع بشدة إلى محادثة مثمرة وبناءة»، بحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس. وقال وانغ: «من الضروري أن يحافظ البلدان على التبادلات الطبيعية والعمل معاً لضمان استمرار هذه العلاقة في المضي على المسار الصحيح». وأشار إلى أن الصين ملتزمة بمبادئ «الاحترام المتبادل» و«التعايش السلمي» و«التعاون المربح للطرفين»، مؤكداً أن هذا يصب في خدمة مصلحة البلدين. ومنذ الشهر الماضي، أجرت الولايات المتحدة والصين أيضاً محادثات جمعت قادة قطاعات الدفاع والمال والأمن القومي من البلدين، فضلاً عن كبار القادة العسكريين. لكن التوتر لا يزال شديداً؛ خصوصاً فيما يتعلق بتايوان، إذ أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من تصعيد الصين الضغوط على الجزيرة التي تعتبرها جزءاً من أراضيها. وازداد تصلب وجهات نظر الولايات المتحدة تجاه الصين في السنوات الأخيرة، وحافظ الرئيس الأميركي جو بايدن إلى حد كبير على سياسات سلفه دونالد ترمب المتشددة، التي تعتبر الصين منافستها العالمية الأبرز. لكن بلينكن أوضح، في خطاب ألقاه في الآونة الأخيرة، أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى «حرب باردة» جديدة. ويتوقع أن تخفف إدارة بايدن قريباً بعض الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على السلع الصينية، في خطوة يمكن أن تخفف من التضخم المرتفع الذي أصبح يمثل عبئاً سياسياً كبيراً في الولايات المتحدة، التي تستعد لانتخابات تشريعية حاسمة في الخريف المقبل.


مقالات ذات صلة

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

الولايات المتحدة​ بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

في تحول كبير نحو تعزيز العلاقات الأميركية - الفلبينية، يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، في البيت الأبيض مساء الاثنين، في بداية أسبوع من اللقاءات رفيعة المستوى، تمثل تحولاً في العلاقة بين البلدين التي ظلت في حالة من الجمود لفترة طويلة. زيارة ماركوس لواشنطن التي تمتد 4 أيام، هي الأولى لرئيس فلبيني منذ أكثر من 10 سنوات.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
الاقتصاد الشركات الأميركية في الصين  تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

الشركات الأميركية في الصين تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

تخشى الشركات الأميركية في الصين بشكل متزايد من مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها غرفة التجارة الأميركية في الصين. وأعرب 87 في المائة من المشاركين في الدراسة عن تشاؤمهم بشأن توقعات العلاقة بين أكبر الاقتصادات في العالم، مقارنة بنسبة 73 في المائة في استطلاع ثقة الأعمال الأخير. ويفكر ما يقرب من ربع هؤلاء الأشخاص، أو بدأوا بالفعل، في نقل سلاسل التوريد الخاصة بهم إلى دول أخرى.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

من المتوقع أن يبحث قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمتهم المقررة باليابان الشهر المقبل، الاتفاق على تحديد رد على التنمر الاقتصادي من جانب الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

انتقدت بكين الجمعة، عزم واشنطن فرض قيود جديدة على استثمارات الشركات الأميركية في نظيرتها الصينية، معتبرة أن خطوة كهذه هي أقرب ما يكون إلى «إكراه اقتصادي فاضح وتنمّر تكنولوجي». وتدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، برنامجاً لتقييد استثمارات خارجية أميركية، بما يشمل بعض التقنيات الحسّاسة التي قد تكون لها آثار على الأمن القومي. وتعاني طموحات الصين التكنولوجية أساساً من قيود تفرضها الولايات المتحدة ودول حليفة لها، ما دفع السلطات الصينية إلى إيلاء أهمية للجهود الرامية للاستغناء عن الاستيراد في قطاعات محورية مثل أشباه الموصلات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين، إن «الولايات المتحد

«الشرق الأوسط» (بكين)

«الجنائية الدولية» ترفض طعن منغوليا في قرار يدين عدم توقيفها بوتين

لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» ترفض طعن منغوليا في قرار يدين عدم توقيفها بوتين

لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)

رفضت المحكمة الجنائية الدولية، الجمعة، طلب استئناف تقدمت به منغوليا ضد قرار أكد انتهاكها التزاماتها بعدم توقيفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء زيارة أجراها للبلاد.

وزار الرئيس الروسي منغوليا في أوائل سبتمبر (أيلول) رغم صدور مذكرة توقيف بحقّه من المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرّاً، بشبهة الترحيل غير القانوني لأطفال أوكرانيين بعد غزو أوكرانيا عام 2022.

وقالت المحكمة في قرارها: «إنها رفضت طلب منغوليا بالحصول على إذن بالاستئناف»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، اتهمت المحكمة الجنائية الدولية منغوليا، وهي دولة عضو، بالفشل في اعتقال بوتين، وأحالت المسألة على جمعية الدول الأطراف لاتخاذ مزيد من الإجراءات.

وينص نظام روما، وهو المعاهدة التأسيسية للمحكمة التي وقّعتها جميع الدول الأعضاء، على التزام الدول بتوقيف المطلوبين.

مسؤول عن «جريمة حرب»

وبعد أيام من صدور القرار، تقدّمت منغوليا بطلب للحصول على إذن باستئنافه، فضلاً عن استبعاد اثنين من القضاة، لكن المحكمة رفضت، الجمعة، طلبي منغوليا.

وقال القضاة إن قرار المحكمة، وإحالة المسألة على جمعية الدول الأطراف، لا يمكن استئنافهما، لأنهما «لا يُشكلان حكماً رسمياً للمحكمة بشأن جوهر القضية أو بشأن مسألة إجرائية».

وأضاف القضاة أن القرار كان «تقييماً للامتثال في ما يتعلق بواجب التعاون مع المحكمة».

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين في مارس (آذار) 2023. وقالت حينها إن هناك «أسباباً معقولة» للاعتقاد بأن بوتين «يتحمل المسؤولية عن جريمة الحرب المتمثلة في الترحيل غير القانوني» لأطفال أوكرانيين إلى روسيا.

ورفضت موسكو مذكرة التوقيف وعَدّتها باطلة، لكن زيارة بوتين إلى منغوليا كانت الأولى لدولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية خلال 18 شهراً منذ صدور المذكرة.

وألغى الرئيس الروسي العام الماضي زيارة إلى قمة مجموعة «بريكس» في جنوب أفريقيا، العضو في المحكمة الجنائية الدولية، بعد ضغوط داخلية وخارجية على بريتوريا لتوقيفه.