حلب محور «رسائل» سورية ـ تركية

الأسد يجول في أسواق المدينة التاريخية... ووزير دفاع تركيا يزور قبر جد مؤسس الدولة العثمانية في ريفها

الرئيس السوري بشار الأسد يؤدي صلاة عيد الأضحى في حلب (سانا / أ.ف.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد يؤدي صلاة عيد الأضحى في حلب (سانا / أ.ف.ب)
TT

حلب محور «رسائل» سورية ـ تركية

الرئيس السوري بشار الأسد يؤدي صلاة عيد الأضحى في حلب (سانا / أ.ف.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد يؤدي صلاة عيد الأضحى في حلب (سانا / أ.ف.ب)

بينما كان الرئيس السوري بشار الأسد، أمس السبت، يؤدي صلاة عيد الأضحى في مسجد عبد الله بن عباس وسط مدينة حلب، كان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، يقف عند قبر سليمان شاه جد مؤسس الدولة العثمانية بريف حلب الشرقي، في مشهد يكشف عن تعقد الوضع في مناطق شمال سوريا، لا سيما وأنها الزيارة الأولى للأسد إلى محافظ حلب منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظامه، وسيطرة فصائل المعارضة المدعومة من تركيا على أحياء شرق حلب من عام 2012 وحتى 2018.
وتعد معارك السيطرة على حلب من أعنف المعارك التي خاضتها قوات النظام مدعومة بالحليف الروسي، والتي تلقت فيها المعارضة ضربات قاسية. إلا أن النظام لم يتمكن من استعادة السيطرة على ريف حلب في شكل كامل، وما زالت الفصائل المعارضة المدعومة من أنقرة تسيطر على مناطق واسعة من الشريط الحدودي مع تركيا، فيما تسيطر على مناطق أخرى «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، بالإضافة إلى وجود لـ«هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) في مناطق محدودة بريف حلب الغربي.
وكان الأسد قد بدأ جولته في محافظة حلب يوم الجمعة بزيارة لمحطة ضخ المياه في تل حاصل والمحطة الحرارية لتوليد الكهرباء في ريف حلب الشرقي. وهو أدى السبت صلاة عيد الأضحى في مسجد عبد الله بن عباس بحلب وإلى جانبه مسؤولون كبار بالحكومة، ومفتي الجمهورية السابق أحمد بدر الدين حسون، بالإضافة إلى عدد من مشايخ مدينة حلب ورؤساء بعض العشائر.

الأسد وعائلته في الجامع الأموي في حلب القديمة أمس (الرئاسة السورية / أ.ب)

ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن الأسد قوله إنه زار الأسواق التاريخية، وافتتح محطة حرارية من المتوقع أن تولد 200 ميغاواط من الكهرباء. وكانت المدينة تنتج ألف ميغاواط من الطاقة قبل اندلاع القتال هناك في عام 2012، بعد عام واحد من بدء الانتفاضة ضد الأسد، حسب وكالة «رويترز».
وقال الأسد، أثناء زيارته حلب، إن «ما حصل في هذه الحرب هو مجرد انحراف في مسار التاريخ سنعيده معاً إلى مكانه الحقيقي»، مضيفاً أن «أهل حلب، وحلب تحديداً، مدينة التاريخ، هي اليوم تكتب المستقبل»، موضحاً أن «حلب عبر التاريخ هي مدينة عظيمة بعمارتها وبإبداع أهلها وبوطنيتهم، ولأن حلب عظيمة فقد قرر شعبها أن ينتصر في معركة الإعمار بعد المعركة (العسكرية)».
وفي مقابل زيارة الأسد، تفقد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، وقادة القوات المسلحة، منطقة الحدود مع سوريا والوحدات العسكرية المنتشرة على طولها، إضافة إلى حال التأهب في صفوف القوات المنتشرة في حلب شمال سوريا.
وبدأ أكار جولته، السبت، من غازي عنتاب (جنوب) رفقة رئيس الأركان يشار غولار، وقادة القوات البرية والجوية والبحرية، ثم انتقلوا إلى الحدود السورية، حيث تفقدوا بواسطة طائرة مروحية التدابير الأمنية على طول الحدود، قبل أن ينتقلوا لزيارة قبر سليمان شاه، جد مؤسس الدولة العثمانية، في قرية أشمه الحدودية، وقيادة سرية الحدود الثامنة.
واستمع أكار وقادة القوات المسلحة التركية إلى إحاطة من قادة الوحدات والضباط حول الهجمات المتزايدة مؤخراً في شمال سوريا، كما هنأوا أفراد الجيش في قيادة سرية الحدود بمناسبة عيد الأضحى، حسب ما ذكرت وكالة «الأناضول» الرسمية.
جاءت زيارة أكار وقادة الجيش للمناطق الحدودية، وتفقد الوحدات العسكرية في الوقت الذي تتصاعد فيه التكهنات حول اقتراب عملية عسكرية أعلنت عنها أنقرة في مايو (أيار) الماضي بدعوى استكمال إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً في الأراضي السورية، بهدف إنشاء حزام أمني على الحدود الجنوبية لتركيا لمنع الهجمات التي تتعرض لها من جانب «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تهيمن عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وحدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، نطاق العملية المحتملة، التي تواجه معارضة من جانب الولايات المتحدة وروسيا، بالمناطق الخاضعة لسيطرة «قسد» في منبج وتل رفعت (ريف حلب)، مشيراً إلى أنها ستنفذ بين «ليلة وضحاها».
وبدأ الجيش التركي في الأيام الأخيرة الدفع بتعزيزات ضخمة إلى قواته المنتشرة في حلب، كما صدرت تعليمات إلى فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا برفع درجة الجاهزية والاستعداد. وقال بعض القادة العسكريين إن العملية التركية باتت أقرب من أي وقت مضى، وستنفذ على جميع محاور القتال على هيئة هجمات شاملة خاطفة.
في الوقت ذاته، قصفت القوات التركية المتمركزة في قاعدة ثلثانة قرب مدينة مارع، أطراف قرى أم الحوش وحربل وأم القرى الواقعة ضمن نفوذ «قسد» بريف حلب الشمالي.
في غضون ذلك، نفى مصدر في «مجلس منبج العسكري» صحة تقارير حول طلب أميركي من قوات المجلس، التابع لـ«قسد»، تسليم مدينة منبج للقوات التركية وفصائل «الجيش الوطني»، مؤكداً أنها عارية عن الصحة تماماً، وأنه لم يتم التطرق إلى مثل هذا الأمر خلال الاجتماع الذي عقد قبل يومين في منبج، بين قادة قوات «مجلس منبج العسكري» وفد التحالف الدولي للحرب على «داعش»، معتبراً أن هذه المعلومات تندرج ضمن إطار الحرب النفسية في ظل تصاعد الحديث عن قرب العملية العسكرية التركية المرتقبة.
ونقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن قيادي بالمجلس ممن شاركوا في الاجتماع مع وفد التحالف الدولي، أنه لا صحة لما تردد في هذا الشأن (عن طلب أميركي للانسحاب من منبج)، وأن قوات المجلس مستعدة للدفاع عن المنطقة في حال شنت القوات التركية عملية عسكرية.
وأكد أن الاجتماع تركز بشكل أساسي حول مكافحة الخلايا التابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي المنتشرة في المنطقة، بالإضافة لتأكيد وفد التحالف لـ«مجلس منبج العسكري» أن التحالف على أتم الاستعداد لإعادة الانتشار بالمنطقة، في حال انسحبت قوات النظام منها.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.