«يوم قاتم» يمنع المساعدات الإنسانية عبر الحدود الى ملايين السوريين

روسيا تستخدم وحيدة «الفيتو» في مجلس الأمن ضد قرار غربي… واقتراحها يحصل فقط على صوتين

ناشطات سوريات عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا خلال تجمع أول من أمس  للمطالبة بتمديد قرار إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود (د.ب.أ)
ناشطات سوريات عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا خلال تجمع أول من أمس للمطالبة بتمديد قرار إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود (د.ب.أ)
TT

«يوم قاتم» يمنع المساعدات الإنسانية عبر الحدود الى ملايين السوريين

ناشطات سوريات عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا خلال تجمع أول من أمس  للمطالبة بتمديد قرار إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود (د.ب.أ)
ناشطات سوريات عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا خلال تجمع أول من أمس للمطالبة بتمديد قرار إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود (د.ب.أ)

أخفق أعضاء مجلس الأمن أمس الجمعة في المحافظة على شريان الحياة الوحيد للمساعدات الإنسانية من الأمم المتحدة الى نحو أربعة ملايين من السوريين عبر الحدود من تركيا، بعدما استخدمت روسيا وحيدة امتياز النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار قدمته ايرلندا والنرويج لمواصلة ايصال المعونات لمدة ستة أشهر يجري تمديدها لستة أشهر أخرى بعد تقرير من الأمين العام للأمم المتحدة في هذا الشأن.
وكذلك أخفق مشروع القرار الروسي المضاد في التمديد لستة أشهر فقط كما ترغب موسكو. لكن اقتراحها لم يحصل إلا على صوتين.
ولم تفلح الجهود الدبلوماسية التي بذلتها القوى الغربية، ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، بالإضافة الى المسؤولين الكبار لدى الأمم المتحدة، في اقناع روسيا بأن الوقت غير مناسب للتوجه نحو ايصال هذه المساعدات الملحة من المناطق التي تسيطر عليها القوات السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد عبر الجبهات وخطوط القتال الى المناطق الخاضعة لسيطرة قوى المعارضة في شمال غرب البلاد.
وبعد مفاوضات مضنية استمرت أياماً عديدة، استهل اجتماع مجلس الأمن أمس الجمعة بالوقوف دقيقة صمت على روح رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي الذي اغتيل أمس والرئيس الأنغولي السابق ادواردو دوس سانتوس الذي توفي قبيل يومين.
وقبيل حصول عملية التصويت أولاً على مشروع القرار الذي قدمته ايرلندا والنرويج بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها، طلبت المندوبة النرويجية منى يول الكلام، فأوضحت أن النص الأولي يطلب التمديد لمدة 12 شهراً بدعم من غالبية الدول الأعضاء، موضحة أن النص المعدل يطلب التمديد لمدة 6 أشهر زائداً 6 أشهر. وطلبت من جميع الدول الأعضاء الموافقة على هذه التسوية.
وقالت المندوبة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد إن بلادها وافقت على التسوية التي اقترحتها النرويج وايرلندا لتلبية الحاجات الملحة لملايين المحتاجين. وإذ حضت على التصويت لمصلحة هذا القرار، وصفت روسيا من دون أن تسميها بأنها ”عدوة الخير“ بالنسبة الى الشعب السوري، معتبرة أن التصويت ضد القرار هو بمثابة ”حكم بالإعدام“ على 4.1 ملايين السوريين في شمال غرب البلاد.
وحصل مشروع القرار هذا على 13 صوتاً. وامتنعت الصين عن التصويت، فيما مارست روسيا حق النقض (الفيتو)، مما أجهض المشروع.
وعبرت المندوبة الايرلندية جيرالدين بيرن نايسون عن خيبة أمل بلادها الشديدة لاستخدام روسيا الفيتو ضد هذه التسوية، معتبرة أن ”هذه ليست نهاية الطريق لايصال المساعدات الى السوريين“. ودعت الى التوافق على مشروع قرار جديد لتمرير المساعدات في أقرب وقت ممكن.
ورأت المندوبة الأميركية أن ”هذا يوم قاتم“ في مجلس الأمن بسبب خيار دولة واحدة هي روسيا، التي استخدمت ”الفيتو بشكل مخز“، داعية الى مواصلة المحادثات بهدف استمرار تدفق المساعدات للسوريين.
وعبرت المندوبة البريطانية بربارة وودوارد عن ”الأسف الشديد لاستخدام روسيا بشكل غير مسؤول الفيتو ضد المشروع“ المقترح.
ورأى نائب المندوب الروسي ديمتري بوليانسكي أن الدبلوماسيين الايرلنديين والنرويجيين ”لم يعثروا على أفضل طريقة للحصول على تسوية“، مؤكداً أن بلاده استخدمت الفيتو لأن مشروع القرار ”تجاهل دمشق التي ينبغي أن تكون المستفيد الأول من القرار“. وطلب التصويت لمصلحة مشروع القرار المضاد التي قدمته روسيا لتمديد المساعدات لستة أشهر فقط.
وعرض رئيس المجلس مشروع القرار الروسي بالفعل على التصويت، فأعلنت المندوبة الأميركية قبل ذلك أنها ستصوت ضده، أي أنها ستستخدم حق الفيتو.
وعندما عرض على التصويت، حصل الشروع الروسي على صوتين فقط، فيما صوتت ثلاث دول ضده، وامتنعت عشر دول عن التصويت.
وبذلك، إذا لم يجر التصويت على مشروع قرار جديد، ستنتهي الأحد بشكل كلي عمليات ايصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود ابتداء من هذا الأحد.
وأفادت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، بأن السنين العشر الأولى من النزاع السوري أدى إلى مقتل أكثر من 300 ألف مدني، وهذا أعلى تقدير رسمي لعدد الضحايا المدنيين. وتسيطر المعارضة السورية على شمال غربي البلاد، وتعد إدلب معقلاً لـ«هيئة تحرير الشام»، أقوى جماعة مسلحة مرتبطة بـ«القاعدة».
ودعت روسيا مراراً إلى تكثيف إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشمال الغربي من داخل سوريا عبر خطوط القتال. وهذا من شأنه أن يمنح حكومة الرئيس السوري بشار الأسد سيطرة أكبر.
وبدأت عمليات إرسال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا عام 2014 بموجب القرار 2139. ومنذ ذلك الحين، جرى تجديد هذه العمليات بقرارات صدرت سنوياً، وصولاً إلى القرار 2585 لعام 2021. وفي أوائل يوليو (تموز) 2020، استخدمت الصين وروسيا حق النقض (الفيتو)، ضد قرار للأمم المتحدة كان من شأنه الإبقاء على نقطتي عبور حدوديتين من تركيا لتقديم مساعدات إنسانية إلى إدلب. وبعد أيام، سمح مجلس الأمن بإيصال المساعدات عبر واحد من المعابر فقط: باب الهوى.
وفي تسوية مع روسيا، تم تمديد هذا التفويض لمدة عام في 9 يوليو (تموز) 2021، لمدة ستة أشهر، مع ستة أشهر إضافية تخضع لـ«تقرير موضوعي» من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وكان هذا بالفعل تفويضاً لمدة عام، لأنه لم تكن هناك حاجة إلى قرار ثانٍ، وينتهي هذا التفويض غداً (الأحد).


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.