غريفيث: 3 عوامل تهدد فقراء العالم... والهدنة اليمنية توفر فرصة لإنهاء الحرب

قدّر في حوار مع «الشرق الأوسط» فجوة التمويل بـ80% لخطط الاستجابة الإنسانية

جانب من زيارة مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى الكونغو في مايو 2022 (أ.ب)
جانب من زيارة مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى الكونغو في مايو 2022 (أ.ب)
TT

غريفيث: 3 عوامل تهدد فقراء العالم... والهدنة اليمنية توفر فرصة لإنهاء الحرب

جانب من زيارة مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى الكونغو في مايو 2022 (أ.ب)
جانب من زيارة مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى الكونغو في مايو 2022 (أ.ب)

سألت «الشرق الأوسط» المسؤول الأممي الأول للإغاثة الطارئة عن أكبر ثلاثة تهديدات تواجه فقراء العالم بصفة جماعية، فأجاب مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، بأنها: المناخ، والصراع، وتكلفة المعيشة. وقال في حوار موسع عبر البريد الإلكتروني، إن العوامل الثلاثة تعد «تهديدات مترابطة».
الوكيل الذي ترك منصبه منتصف العام الماضي مبعوثاً خاصاً للأمين العام إلى اليمن ليتسنم مهمة أوسع على مستوى العالم، كان حازماً عند سؤاله عن «المعايير المزدوجة» في التعامل مع اللاجئين، وهي مسألة أمعن في طرحها المهتمون بقضايا اللجوء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في سرعة الاستجابة باستقبال اللاجئين عند بزوغ الأزمة في أوكرانيا وبداية الهجمات الروسية نهاية فبراير (شباط) 2022؛ إذ يعد الوقوف إلى جانب المدنيين الفارين من الحرب في البلاد التي تواجه حرباً واجباً بكل تأكيد، لكنّ تلك «المعايير المزدوجة» في التعامل مع اللاجئين فتحت باب التساؤلات.
يقول غريفيث «رحّبت الأمم المتحدة بالاستجابة الأوروبية السريعة والسخية لمحنة اللاجئين الأوكرانيين. وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الأمر بالنسبة لجميع اللاجئين، الذين يحتاجون جميعاً إلى الحصول على اللجوء، من دون تمييز. وكما أكدت المفوضية مراراً وتكراراً، فإن احترام حقوق اللاجئين هو التزام قانوني وأخلاقي، وينبغي ألا يكون مرهوناً بالجنسية».
الحوار لم يكن ساحراً رغم أن غريفيث يملك كاريزما وشخصية ودودة، ومعلوماته لم تكن مبهجة أيضاً، لكنها كانت بالغة الأهمية لأنها توثق وتجدد التأكيد أن مكافحة الفقر باتت تجد صعوبات هائلة، ولعل واحدة منها كافية لخلق الفزع في العالم؛ فقد «صار شراء ونقل المساعدات أكثر تكلفة؛ مما يعني أن مساعداتنا تصل إلى عدد أقل من الناس، أو الناس يحصلون على مساعدات أقل، أو الأمرين معاً».
وهي أسباب تصطف مع أخرى مما فاقم الحاجة الملحة عالمياً لبذل المزيد من الجهود.

وفيما يلي نص الحوار:
* أصدرت الأمم المتحدة تحذيرات متكررة من نقص الغذاء... ما البلدان الأكثر عُرضة لمخاطر ارتفاع مستويات الجوع؟
- آفاق الأمن الغذائي هذا العام سيئة إلى حد مزعج وتزداد سوءاً في الكثير من أجزاء العالم. وفي البلدان الأكثر تأهباً - أفغانستان، وإثيوبيا، والصومال، وجنوب السودان، واليمن - فإن ثلاثة أرباع مليون شخص على بُعد خطوة واحدة فقط من الوضع الكارثي النهائي، أي المجاعة.
وهم ليسوا الوحيدين المعرّضين للخطر. إذ قفز عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى مستوى آخر يبلغ 345 مليون شخص في 82 دولة هذا العام، وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي.
أسباب الجوع كثيرة، وغالباً ما تكون متداخلة. الصراع والنزوح هما أكبر المشكلات. ويعيش 60 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في البلدان المتضررة من الصراعات.
كما أن الطقس الشديد بسبب أزمة المناخ من المحركات الرئيسية للجوع. وشهدت أجزاء من القرن الأفريقي أربعة مواسم أمطار فاشلة متتابعة، وهي تواجه الآن موسماً خامساً مماثلاً؛ مما أسفر عن أسوأ حالة جفاف منذ 40 عاماً. وفي أفغانستان، يعاني الناس من أسوأ موجة جفاف منذ 30 عاماً.
كما أدى الصراع في أوكرانيا إلى أزمة عالمية في تكاليف المعيشة؛ إذ تعطلت الإمدادات مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة. كل هذه الأمور تحدث في وقت كان الوباء قد جعل فقراء العالم أكثر عُرضة للمخاطر.

* هل تتسبب الحرب الأوكرانية في نقص الغذاء؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي يمكن القيام به لحماية الفئات الأكثر ضعفاً؟
- تضيف الحرب ضغطاً هائلاً على نظام الغذاء العالمي الذي يعاني بالفعل من إرهاق شديد، وذلك برفع أسعار القمح، والذرة، والوقود، والأسمدة، وتعطيل أنظمة الإمداد.
الدول الأكثر تضررا تلك التي تعتمد بشكل كبير على الحبوب المستوردة، مثل اليمن، حيث يعاني 19 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي. كما يواجه لبنان، والأرضي الفلسطينية المحتلة أزمات إنسانية متفاقمة. وهم في أفريقيا، والكاميرون، والصومال، والسودان، متضررون بشدة أيضاً، وفي بعض هذه البلدان تنفق الأسر ما يصل إلى 80 في المائة من دخلها اليومي على الغذاء. في جميع البلدان التي لدينا برامج إنسانية فيها، صار شراء ونقل المساعدات أكثر تكلفة؛ مما يعني أن مساعداتنا تصل إلى عدد أقل من الناس، أو الناس يحصلون على مساعدات أقل، أو الأمرين معاً.
رغم هذه التحديات المتصاعدة، قدّم العاملون في المجال الإنساني هذا العام مساعدات غذائية إلى نحو 6.5 مليون شخص في جميع أنحاء القرن الأفريقي، وإلى 19 مليون شخص في أفغانستان، وإلى 11 مليون شخص كل شهر في اليمن، من بين أماكن أخرى كثيرة.
وندعو الحكومات إلى دعم التدفق الحر للغذاء والطاقة في الأسواق المفتوحة. مما يشمل إطلاق فائض الإمدادات وإزالة أي عقبات أمام تصدير الغذاء والأسمدة من أوكرانيا وروسيا.
لكن في أزمة الجوع، يحتاج الناس إلى ما هو أكثر من المعونات الغذائية. إنهم يحتاجون إلى مجموعة شاملة من المساعدات، بما في ذلك الرعاية الصحية، والمياه النظيفة، والتعليم، والحماية، ودعم سبل العيش.

* كانت الاستجابة لأزمة اللاجئين الأوكرانيين سخية وفعالة إلى درجة استثنائية. ومع ذلك، أثيرت تساؤلات حول المعايير المزدوجة في معاملة اللاجئين. فكيف تنظرون إلى هذه القضية؟
- رحبت الأمم المتحدة بالاستجابة الأوروبية السريعة والسخية لمحنة اللاجئين الأوكرانيين. وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الأمر بالنسبة لجميع اللاجئين، الذين يحتاجون جميعاً إلى الحصول على اللجوء، من دون تمييز. وكما أكدت المفوضية مراراً وتكراراً، فإن احترام حقوق اللاجئين هو التزام قانوني وأخلاقي، وينبغي ألا يكون مرهوناً بالجنسية.
البلدان المجاورة عادة ما تتحرك بسخاء لاستضافة اللاجئين - بالنظر إلى تركيا، ولبنان، والأردن، والعراق التي تستضيف اللاجئين السوريين، وكينيا التي تستضيف اللاجئين الصوماليين، وجنوب السودان وبنغلاديش التي تستضيف لاجئي الروهينغا من ميانمار.

مارتن غريفيث خلال مؤتمر صحافي حول أوكرانيا في نيويورك (رويترز)

* ما أكبر ثلاثة تهديدات تواجه أفقر فقراء العالم بصفة جماعية؟
- المناخ، والصراع، وتكلفة المعيشة. وكلها تهديدات مترابطة. كما تشكل أزمة المناخ تهديداً وجودياً للبشرية جمعاء، ولكنها تؤثر على البلدان الضعيفة بصورة غير متناسبة.
نشهد على نحو متزايد الأضرار الناجمة عن مزيج التغير المناخي والصراع. ففي العام الماضي، على سبيل المثال، شهدت 10 من أصل 15 بلداً تعدّ أكثر ضعفاً وأقل استعداداً للتكيف مع تغير المناخ، شكلا من أشكال الصراع. ويتعين على البلدان الغنية، التي أسهمت انبعاثاتها بأقصى حد في أزمة المناخ، أن ترقى إلى مستوى التزاماتها بتمويل المناخ (100 مليار دولار سنوياً) لصالح البلدان النامية في مجال العمل المناخي.
إن أزمة تكلفة المعيشة العالمية تسبب بالفعل المزيد من الفقر والجوع وسوء التغذية، مما يهدد الأرواح. ونحن في حاجة ماسة إلى رؤية أنواع حلول الحماية الاجتماعية التي نفّذتها حكومات كثيرة خلال الوباء، إلى جانب تخفيف عبء الديون عن البلدان المعرّضة للخطر، وزيادة الاستثمار في الخدمات الأساسية، التي تعد جوهرية للمجتمعات المتصفة بالمرونة.

* هل لكم أن تذكروا أكثر الاحتياجات الإنسانية إلحاحاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ وما الدور الأهم الذي تضطلع به الأمم المتحدة في هذا الجزء من العالم الذي يعاني من الصراعات؟
- يمر اليمن بمنعطف حرج، حيث توفر الهدنة فرصة حقيقية لاستئناف المناقشات السياسية وإنهاء الحرب. ومن الأهمية بمكان المحافظة على الزخم الدافع لها والإسراع من وتيرته. لكن حتى مع هذه الهدنة، لا يمكننا إغفال الأزمة الاقتصادية والإنسانية الهائلة التي لا تزال قائمة. أكثر من 19 مليون شخص يعانون من الجوع، بينما لا تحصل وكالات المعونة إلا على 25 في المائة من التمويل. كما يتعين علينا الاستفادة من الأموال لاحتواء التهديد المتمثل في التسرب النفطي الكارثي من الناقلة النفطية «صافر»، والتي تتفاقم خطورتها مع مرور الوقت.
ثانياً، وفي سوريا، نرى بوضوح صارخ ما تفعله حرب الأحد عشر عاماً ببلد من البلدان. فالشعب السوري في حاجة إلى سبيل للخروج من هذه الحرب حتى يتمكن من الشروع في إعادة بناء حياته ومستقبله، ومع ذلك، فلا يزال عالقاً في دائرة المعاناة الإنسانية، حيث إن 90 في المائة من السكان الآن تحت خط الفقر. لقد تأخرت كثيراً قرارات التعافي وإعادة البناء.
تتسبب الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان في تفاقم مخاطر الجوع والمعاناة؛ مما يثير قلقاً كبيراً في أوساط المجتمع الدولي. كما أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود يهدد أيضاً الأراضي الفلسطينية المحتلة مما يُجهد «أونروا» وبرنامج الغذاء العالمي.
لمواصلة العمليات الجارية حتى نهاية العام، يحتاج برنامج الغذاء العالمي إلى 36 مليون دولار إضافية. وفي مواجهة قيود مماثلة في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة والمنطقة، لا يزال عجز «أونروا» يبلغ 100 مليون دولار. كما أن مستويات العنف المنذرة بالخطر تثير قلقاً بالغاً، بما في ذلك استخدام قوات الأمن الإسرائيلية للقوة المميتة ضد الفلسطينيين؛ مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد كبير من الفلسطينيين.

* بوصفكم وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، فإن بين أيديكم حقيبة مليئة بالمسؤوليات... فما أولوياتكم؟
- أولاً، نحن في حاجة إلى مساءلة أفضل للأشخاص الذين شرعنا في خدمتهم - وهذه يجب أن تكون الزاوية المركزية للعمل الإنساني - إذ إن المساءلة تنطوي على تحسين إدراك احتياجات الناس، وأن تكون أكثر مرونة لتحويل المسار تبعا لتغير الاحتياجات؛ بُغية تلبية تلك الاحتياجات.
ثانياً، وهو ما يتصل بذلك، فنحن في حاجة إلى جعل المؤسسة الإنسانية أقل شمولية في التوجه وأكثر محلية في التعامل. نحن في حاجة إلى العمل مع جيل جديد من المنظمات غير الحكومية المحلية والوطنية عبر منحها المزيد من الدعم المباشر، وإتاحة المجال لها على الطاولة، حيث يجري اتخاذ القرارات.
ثالثاً، نحتاج إلى تمويل العمل الإنساني بالكامل وحماية المساعدة الإنمائية لتلبية الاحتياجات المتزايدة. لقد حال العاملون في المجال الإنساني دون حدوث مجاعة في جنوب السودان، واليمن، والصومال خلال السنوات الأخيرة، ويمكننا تكرار ذلك مجدداً إذا توفرت لدينا الموارد. لكنّ خطط الاستجابة الإنسانية التي ننسقها، وهي أداتنا الرئيسية لجمع الأموال، تواجه حالياً فجوة تمويلية بنسبة 80 في المائة إجمالاً. ويُترجم ذلك إلى تأخيرات، وقطع في المساعدة ومعاناة لا داعي لها.
النظام الإنساني بأكمله، بما في ذلك البلدان المانحة، يحتاج إلى أن يكون أفضل استعداداً، ويُزود بالموارد لاتخاذ إجراءات استباقية ومبكرة لتفادي الأزمات والمعاناة الجماعية قبل أن تشتد. هذا بالطبع يُنقذ الأرواح، لكنه يقلل أيضاً من التكاليف.
وأخيراً، يجب أن تُمنح الأولوية للسماح للمدنيين بالحصول على المساعدة التي يحتاجون إليها. لقد أصبح الوصول إلى الناس في الصراعات أكثر صعوبة. ويجب أن تخصص المنظمات الإنسانية المزيد من الوقت والموارد لتحقيق إمكانية وصول المساعدات الإنسانية - من خلال بناء الثقة، والقبول، والتفاوض مع أطراف الصراع. وهذا العمل يتطلب المثابرة والصبر.


مقالات ذات صلة

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج في أكبر عملية سحب للجنسية في يوم... اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية قررت اليوم سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1535 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء (كونا)

رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة

قررت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، اليوم، سحب وفقد الجنسية من 1535 حالة، تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد الأمير سلمان بن حمد مع أطقم الصقور السعودية المشاركة (الموقع الرسمي للمعرض)

ارتفاع نسبة المشاركة بأكثر من 30 % في معرض البحرين الدولي للطيران

افتتح ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد، معرض البحرين الدولي للطيران 2024 بقاعدة الصخير الجوية، وسط حضور إقليمي ودولي واسع لشركات الطيران، وصناع القرار.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد مستثمر ينظر إلى شاشة تعرض معلومات الأسهم في سوق أبوظبي للأوراق المالية (رويترز)

الأخضر يسيطر على الأسواق الخليجية بعد فوز ترمب 

أغلقت معظم أسواق الأسهم الخليجية تعاملاتها على ارتفاع في جلسة الأربعاء، وذلك بعد فوز الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية رسمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمران يتحدثان أمام شاشة تعرض معلومات الأسهم في السوق السعودية (رويترز)

افتتاحات خضراء للأسواق الخليجية بعد فوز ترمب

ارتفعت أسواق الأسهم الخليجية في بداية جلسة تداولات الأربعاء، بعد إعلان المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترمب فوزه على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).