«فريد الأطرش وأسمهان» يرصد تراجيديا الشقيقين حباً وحرباً

يقدم معلومات جديدة بعد عقود على رحيلهما

فريد وأسمهان (الشرق الأوسط)
فريد وأسمهان (الشرق الأوسط)
TT

«فريد الأطرش وأسمهان» يرصد تراجيديا الشقيقين حباً وحرباً

فريد وأسمهان (الشرق الأوسط)
فريد وأسمهان (الشرق الأوسط)

رغم مرور 48 عاماً على رحيل الفنان والموسيقار الكبير فريد الأطرش في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1974، ونحو 78 عاماً على رحيل شقيقته المطربة أسمهان في 14 يوليو (تموز) 1944، وصدور عشرات الكتب عنهما، فلا يزال هناك كثير من الأسئلة التي تبحث عن إجابات يتطلع إليها عشاق فنهما، عن حياتهما، وأعمالهما، والنهاية المأساوية التي أودت بحياة أسمهان، وكذلك حياة فريد التي كانت حافلة بالمتاعب والحروب الفنية، وهو ما ضمنته الصحافية والكاتبة اللبنانية الدكتورة عواطف الزين، في أحدث إصدار جمعتهما فيه تحت عنوان «فريد الأطرش وأسمهان، تراجيديا الحب والحرب» الذي صدر قبل أيام عن دار«حابي» للنشر والتوزيع في القاهرة.
يستقي الكتاب عنوانه من فصول حياة المطرب الراحل وشقيقته من البداية إلى النهاية، فرغم النجاح والشهرة التي حققاها، وحب الملايين من عشاق فنهما الذي أحاطهما، فقد كانت التراجيديا ثالثهما. وحسبما تقول الكاتبة: «رحلة فريد وأسمهان بدت شاقة على الصعيدين الإنساني والفني، نتيجة معاناة قاسية فرضتها ظروف الحرب التي شنها الفرنسيون على جبل العرب في سوريا، مما دفع الأم علياء المنذر للهرب بأطفالها الثلاثة، فؤاد وفريد وأملي (أسمهان) إلى مصر عام 1924؛ حيث رحب بهم سعد زغلول، رئيس وزراء مصر حينذاك، وتبنى رعايتهم بصفتهم لاجئين، ومع بداية ثلاثينات القرن الماضي بدأ التحسن النسبي في حياة الأسرة باكتشاف موهبتيهما، مع غناء فريد في الملاهي والإذاعات الأهلية، وتجلي موهبته في التلحين والغناء والعزف على العود، خلال دراسته في معهد الموسيقي العربية، وتسنى لهما التعرف على عدد من كبار الشعراء والملحنين الذين سحرهم صوت أسمهان، بعدما سجلت عدداً من الأغنيات لشركة أسطوانات، ودُعيت للغناء في الأوبرا وهي دون الخامسة عشرة، قبل أن تتوقف وتتزوج من ابن عمها الأمير حسن الأطرش، وتعود إلى سوريا لتعيش بها أربع سنوات، رُزقت خلالها بابنتها الوحيدة كاميليا».

وفي هذا الوقت -كما يذكر الكتاب- أكمل فريد مسيرته وبدأ حياته الغنائية، ومع عودة أسمهان إلى مصر بعد طلاقها، بدأت مرحلة مهمة في حياتهما، رسخت اسميهما في عالم الطرب والموسيقى والسينما؛ خصوصاً مع أسمهان، وهي مطربة ذات صوت أوبرالي ناضج وحساس وعميق التأثير في المجتمع، إلى جانب بروزها نجمة سينمائية عبر فيلميها: «انتصار الشباب»، و«غرام وانتقام» الذي غنت فيه «ليالي الأنس في فيينا» من ألحان فريد، لتنتهي حياتها بحادث مأساوي وتموت غرقاً.

                                                                              أسمهان (الشرق الأوسط)
أيام بيروت
تتحدث عواطف الزين في الكتاب عن قصة إعجابها بفريد، وكيف بدأت، وما هي الحادثة الغريبة التي جعلتها تضعه في مقدمة اهتماماتها وهي طفلة لتستمع إليه خلسة، ومن ثم على الملأ بعد أن شعرت بأن أسرتها تشاركها هذا الإعجاب.
وتستعين الكاتبة بما نشرته إحدى المجلات الفنية عن رحلات فريد إلى بيروت، اختار الفنان الكبير مربع «الأيدن روك» الذي يبعد عن بيروت خمسة كيلومترات هرباً من المعجبات اللاتي اقتحمن أبواب الفندق الذي يقيم فيه بالقوة، لذا اضطرت الحكومة اللبنانية، بعد تكرار حوادث الاقتحام، إلى تعيين حراسة من البوليس تتبعه في تنقلاته. وخلال وجوده في لبنان صور عدة أفلام سينمائية، منها: «رسالة من امرأة مجهولة» مع لبني عبد العزيز، و«الحب الكبير» مع فاتن حمامة، و«زمان يا حب» مع زبيدة ثروت، وآخر أفلامه «نغم في حياتي» مع ميرفت أمين.

                                                                د. عواطف الزين مؤلفة الكتاب (الشرق الأوسط)
تجربة رائدة
يرصد الكتاب الرحلة الفنية لفريد الأطرش الذي أعطى لفنه سمات خاصة به، جعلت منه صاحب المدرسة الشرقية الأصيلة المتطورة في الأداء واللحن، واستطاع بموسيقاه أن يجذب الأذن الغربية لسماع أغانينا، وقدم مع الموزع الأوركسترالي فرانك بورسيل أربع مقطوعات شهيرة، هي مقدمتا «حبيب العمر»، و«نجوم الليل»، وموسيقى «ليلى»، و«زمردة»، وقُدّمت تلك المقطوعات تحت عنوان «موسيقى شرقية» وزعت في أسواق أوروبا، وأصبحت تغنى بأكثر من 15 لغة عالمية.
أدى فريد الأطرش الألوان الغنائية كلها، وبكل اللهجات العربية، كما صاغ ألحانه لكبار مطربي ومطربات عصره، وغنى ولحن ووزع وعمل الموسيقي التصويرية لأفلامه، ولعب بطولة 31 فيلماً سينمائياً، من بينها 17 فيلماً من إنتاجه، جعلت منه «ملك الفيلم الاستعراضي»، حسب وصف نقاد، لذا تعد تجربته السينمائية رائدة ومختلفة.

                                                                   فريد الأطرش (الشرق الأوسط)
أسئلة مشروعة
تحت هذا العنوان، تثير المؤلفة كثيراً من التساؤلات عن تعرض فريد وشقيقته لقدر كبير من الظلم في حياتهما وبعد مماتهما، متسائلة عن أوسمته ومقتنياته، ولماذا لم يُبنَ له متحف في مصر أو لبنان، ويكرم بالشكل اللائق به عربياً، وتوقفت كثيراً عند حادث مقتل أسمهان والشائعات التي انطلقت عن كونه مدبراً.
الحقيقة أن هذه الأسئلة وغيرها أوردت إجابتها في نهاية الكتاب، من خلال حوار أجرته في بيروت عام 2006 مع الأمير عماد الأطرش، نجل شقيق فريد وأسمهان الذي وضع النقاط فوق الحروف، وكشف عن السبب الحقيقي وراء انتقال فريد الأطرش للإقامة في بيروت خلال فترة الستينات، مؤكداً أن الأطباء نصحوه بالراحة والابتعاد عن الأجواء المشحونة بالعمل، مما استدعى شراء منزل له في جبل لبنان، يقضي فيه فترات النقاهة بعد كل أزمة صحية في ظل معاناته من مرض القلب. ونوه إلى أن الإعلام المصري الرسمي يكن كل التقدير والاحترام لفريد الأطرش، فهو تربى وعاش في مصر ويحمل الجنسية المصرية، وكان على علاقة وثيقة بالرئيس جمال عبد الناصر، كما أن الرئيس السادات استقبل جثمانه في المطار، وأقام له جنازة رسمية شهدها مئات الآلاف من الشعب المصري الذي يكن حباً كبيراً له. ودُفن إلى جوار شقيقته أسمهان حسب وصيته.
وعن وفاة أسمهان، أكد أنه قضاء وقدر، وليس عملاً مدبراً من أي جهة، وكل ما قيل عنه لا يمت للحقيقة بصلة، مدللاً على ذلك بأن سائق سيارتها توفي متأثراً بجروحه في بيت فريد الأطرش بعد أيام من الحادث، كما أن السيارة التي كانت تقل أسمهان انحرفت في النيل بسبب حفريات فوجئ بها السائق، وقد تكررت الحوادث بعدها في المكان نفسه.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


تواصُل الاشتباكات بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» على تخوم الجزيرة

حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
TT

تواصُل الاشتباكات بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» على تخوم الجزيرة

حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)

بينما تتواصل الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني والفصائل الموالية له ضد «قوات الدعم السريع» في ثلاثة محاور على تخوم ولاية الجزيرة وسط البلاد، تتداول منصات إعلامية معلومات عن إحراز الجيش تقدماً في الجبهة الشرقية خلال معارك، الأربعاء، في ظل عدم توفر أي معلومات رسمية صادرة عن طرفي القتال.

ووفق مصادر محلية ونشطاء، تدور معارك شرسة على كل الجبهات، حيث بدأ الجيش في شن هجوم واسع ضد دفاعات «الدعم السريع» للسيطرة على القرى، التي تشكل مداخل رئيسية إلى مدينة ود مدني، عاصمة الولاية.

ونشرت عناصر من قوات «درع البطانة»، وهي أحد الفصائل المسلحة التي تقاتل في صفوف الجيش، مقطع فيديو تقول فيه إنها سيطرت على جسر «بلدة والمهيدي»، الواقع على بعد نحو 30 كيلومتراً عن ود مدني، وذلك بعد يومين من استعادة السيطرة على مدينة أم القرى، التي تعد منطقة استراتيجية في أرض المعارك.

وتعد هذه المعارك الأعنف التي تدور في تلك المحاور، بعد التقدم الكبير للجيش خلال الأسابيع الماضية، وقدرته على استعادة غالبية مدن ولاية سنار في الجزء الجنوبي الشرقي.

وقال شهود عيان إن «قوات الدعم السريع» تنتشر بأعداد كبيرة على طول الجبهات القتالية على حدود ولاية الجزيرة، وتحدثوا عن «معارك واشتباكات عنيفة من عدة محاور»، مؤكدين أنها «لم تتخطَّ بعد بلدات رئيسية إلى حدود المدينة».

في المقابل، قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان، إن الطيران الحربي للجيش السوداني نفَّذ سلسلة غارات جوية استهدفت مناطق الكومة والزرق ومليط، شمال دارفور، خلَّفت مئات القتلى والجرحى.

وأضاف البيان، الذي نُشر على منصة «تلغرام»، أن الطيران نفَّذ «هجوماً غادراً» على منطقة الكومة، راح ضحيته أكثر من 47 مواطناً، بين قتيل وجريح، أغلبهم من النساء والأطفال. مشيراً إلى أن الطيران كثف هجومه على الكومة، ونفّذ 72 طلعة جوية خلال الأشهر الماضية، خلَّفت مئات القتلى والمصابين، وأحدثت دماراً واسعاً في البنى التحتية والمنازل.

كما ذكر البيان أن «العدوان الجوي للجيش» استهدف خلال الساعات الماضية بلدة الزرق ومدينة مليط، مرتكباً «مجازر مماثلة».

ودعت «قوات الدعم السريع» الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، إلى الإسراع والتقصي بشأن «الانتهاكات وجرائم الإبادة التي تُرتكب بواسطة الطيران الحربي التابع للجيش السوداني»، والتي أودت، حسبه، بحياة أكثر من 3 آلاف من المدنيين خلال الشهرين الماضيين. وأكدت استعدادها للتعاون في إطار تقصي الحقائق، ومنح الجهات المختصة الأدلة المادية على «جرائم الطيران الحربي للجيش السوداني بحق المواطنين العزل».

ولا تزال «قوات الدعم السريع» داخل جُلّ أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافةً إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.