مصر: جلسات «الحوار الوطني»... مسارات متوازية لتجنب التباين

تشكيل لجان نوعية للملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية

جانب من فعاليات اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني في مصر (إدارة الحوار الوطني)
جانب من فعاليات اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني في مصر (إدارة الحوار الوطني)
TT

مصر: جلسات «الحوار الوطني»... مسارات متوازية لتجنب التباين

جانب من فعاليات اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني في مصر (إدارة الحوار الوطني)
جانب من فعاليات اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني في مصر (إدارة الحوار الوطني)

ترقب سياسيون ونشطاء مصريون مخرجات «الحوار الوطني»، الذي انطلقت أولى جلساته، أول من أمس، بانعقاد «مجلس الأمناء» المكون من 19 شخصية، غير أن الجلسة العلنية شهدت مداخلات لمشاركين، أظهرت أولويات عدة لدى بعض المشاركين، وفيما تمسك أعضاء بأهمية المضي في مسار «الإفراج عن السياسيين المسجونين»، نوه آخرون بأهمية «التركيز على الجانب السياسي، وتجنب الإغراق بالملفات الاجتماعية».
وبحسب سياسيين وأعضاء في «مجلس أمناء الحوار الوطني» تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، فإن «هناك رغبة لخلق مسارات متوازية للمناقشات، عبر تشكيل لجان نوعية (سياسية واقتصادية واجتماعية) تعمل معاً لتكون محصلة العمل بالملفات المختلفة هي التعبير عن الحوار الوطني بجوانبه كافة».
ونشأت فعالية «الحوار الوطني»، بناء على دعوة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أبريل (نيسان) الماضي، لبدء حوار سياسي بشأن «أولويات العمل الوطني في المرحلة الراهنة»، مع كل القوى، وتواكب ذلك مع تنفيذ قرارات عفو رئاسي عن بعض السجناء من السياسيين والنشطاء. وأعلنت إدارة الحوار، أمس، «قرار تشكيل مجلس الأمناء، واللائحة المنظمة لعمله، ومدونة السلوك والأخلاقيات».
وخلال الجلسة الأولى لمجلس الأمناء، أول من أمس، توافق أعضاء بمجلس الأمناء على «استبعاد جماعات العنف» في إشارة إلى جماعة «الإخوان» والقوى الداعمة لها، بينما ظهر تباين بشأن اعتبار الاجتماع بداية للحوار نفسه، خصوصاً في ظل تمسك ممثلي «الحركة المدنية» بأولوية «الإفراج عن المحبوسين على ذمة قضايا الرأي قبل بدء فعاليات الحوار»، بحسب ما قال الصحافي ورئيس تحرير الأهرام الأسبق، عبد العظيم حماد.
ومحذراً مما وصفه بـ«محاولات إغراق»، قال المحامي والحقوقي نجاد البرعي، خلال الجلسة: «مع كل التقدير للقضايا الاجتماعية الكثيرة جداً على هذا الحوار، يجب على مجلس الأمناء ألا ينجر إلى أي محاولات لإغراق هذا الحوار بقضايا فرعية قد لا تنتهي إلى شيء».
ولا يعتقد السياسي المصري البارز ورئيس «لجنة الخمسين» لكتابة الدستور المصري عمرو موسى، أن هناك «تباينات» في أجندة الحوار الوطني، مؤكداً أن «الأصل هو حوار مبني على اقتراحات متعددة، وأن دور القائمين عليه هو البحث في كل الاقتراحات، ومناقشة كل الأمور التي تهم المواطن المصري».
وأضاف موسى لـ«الشرق الأوسط»: «بديهي أن يتشكل المتحاورون من فئات متنوعة، باهتمامات مختلفة، سياسية واقتصادية واجتماعية، ويجب أن تتم مناقشة كل تلك الاهتمامات، في مدة زمنية ممتدة»، مقترحاً أن تكون «6 أشهر»، لا سيما أن «هناك العديد من المشكلات التي تواجهها الدولة سواء داخلية أو خارجية».
وركز موسى على ضرورة وضع أسس يقوم عليها الحوار، وهي: «مدنية الدولة، وحقوق المواطنة، وسيادة القانون، وحقوق المرأة، واحترام الدستور»، مطالباً بإدراج مشكلة «الزيادة السكانية» على أجندة الحوار الوطني.
بدوره، يشرح الصحافي وعضو «مجلس الشيوخ» وعضو مجلس أمناء «الحوار الوطني» عماد الدين حسين، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن الجلسة الأولى «كانت إجرائية وتنظيمية، وحديث المشاركين فيها كان تعبيراً عن رؤيتهم العامة، لأن الحوار الوطني بمعناه الحقيقي لم يبدأ بعد، وما جرى هو إقرار قواعد العمل ومدونة السلوك».
وأفاد حسين بأنه «سيتم تنظيم اجتماع آخر لمجلس الأمناء في 19 يوليو (تموز) الجاري، يشهد تشكيل 3 لجان نوعية: سياسية واجتماعية واقتصادية، ويجوز استحداث لجان جديدة أو فرعية، ويمكن دعوة خبراء من خارج كل لجنة».
وبشأن ما إذا كانت هناك رغبة لدى مجلس أمناء «الحوار الوطني» في إتاحة أولوية للمناقشات السياسية على حساب غيرها، شرح حسين: «كل القضايا الاقتصادية والاجتماعية في جوهرها سياسية، والمهمة الكبرى هي تصنيف 96 ألف ورقة مشاركة من مواطنين».
ويخلص حسين إلى أنه «لا توجد أولوية تسبق أخرى في إطار محددات عمل (مجلس أمناء العمل الوطني)، ونحن نستهدف مسارات متوازية تتحرك فيها كل الملفات».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)

تعوّل الحكومة المصرية على تعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، لتعويض فاتورة استضافة ملايين اللاجئين على أراضيها، إلى جانب تكلفة التوترات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً التصعيد في البحر الأحمر، وتأثيره على تراجع إيرادات قناة السويس.

ووصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بلاده بـ«خط الدفاع الأول عن أوروبا، لمنع الهجرة غير الشرعية»، خلال استقباله، الخميس، في القاهرة، رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، مؤكداً أهمية «مواصلة التعاون مع أوروبا في قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب»، حسب «الرئاسة المصرية».

الموقف ذاته أكده السيسي، أيضاً في اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، الخميس، مشيراً إلى أن بلاده «تستضيف أكثر من 9 ملايين أجنبي، نتيجة الأزمات التي تشهدها المنطقة».

ويرى خبراء مصريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن «استضافة القاهرة ملايين اللاجئين وفَّرت حماية لأوروبا من الهجرة غير الشرعية، مما يستلزم ضرورة توفير دعم مناسب للحكومة المصرية، في ضوء الأعباء التي تمثلها استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين، على الاقتصاد المصري».

وسبق أن قدّر رئيس الوزراء المصري تكلفة استضافة الأجانب في مصر، بنحو 10 مليارات دولار سنوياً.

ووفق بيان الرئاسة المصرية، فإن السيسي خلال لقائه ميتسولا، أكد «ضرورة دعم الجهود الحثيثة التي تبذلها بلاده لمنع الهجرة غير الشرعية».

كما أشار إلى آثار التوترات التي تشهدها المنطقة على الاقتصاد المصري، وقال إن «بلاده تكبَّدت خسارة، تُقدر بنحو 7 مليارات دولار، من إيرادات قناة السويس، في عام 2024، بسبب الهجمات التي قام بها الحوثيون على السفن التجارية، في باب المندب»، كما تناول «آليات تفعيل الشراكة الاستراتيجية والشاملة مع الاتحاد الأوروبي، في محاورها كافة».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، ووقّع الجانبان في ختام قمة عُقدت بالقاهرة شارك فيها السيسي، ورئيسة المفوضية الأوروبية، ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان، «إعلاناً مشتركاً» بشأن شراكة استراتيجية شاملة.

وثمَّنت رئيسة البرلمان الأوروبي الدور المصري في حماية استقرار وأمن المنطقة وشعوبها، كما أكدت «حرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز التنسيق المستمر مع مصر، في جميع القضايا»، وفق الرئاسة المصرية.

ويقدم الاتحاد الأوروبي حزمة تمويل لمصر، في صورة مساعدات مالية، وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، إن بلاده «تلقَّت شريحة أولى قيمتها مليار يورو، من حزمة تمويل، من الاتحاد الأوروبي، حجمها 7.4 مليار يورو».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، أن «الجانب الأوروبي يقدم مساعدات للقاهرة في صورة منح وليست قروضاً، تقديراً للسياسة المصرية تجاه المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «مصر تستضيف ملايين اللاجئين، ولم تكن معبراً لنقل المهاجرين إلى أوروبا، كما فعلت بعض الدول الإقليمية»، عاداً ذلك «محل تقدير أوروبي».

ووفق الحكومة المصرية فإنه «لم تبحر من مصر أي مراكب غير شرعية منذ عام 2016، بفضل إجراءات حاسمة، تقوم بها، لمواجهة الهجرة غير المشروعة».

وأشار بيومي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الاتحاد الأوروبي يقدم تسهيلات كثيرة للحكومة المصرية، غير المنح، من بينها سياسة مبادلة الديون باستثمارات مباشرة»، إلى جانب «تعزيز التبادل التجاري، والتوسع في استثمارات الطاقة والغاز»، وقال إن «مصر تستهدف أن تكون مصدراً أساسياً للطاقة في أوروبا».

ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إكرام بدر الدين، أن «مصر تقوم بدور مزدوج في ملف المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «استضافة القاهرة ملايين الفارين من الصراعات والنزاعات في المنطقة، يوفر ملاذاً آمناً لهم، ويوفر الحماية لأوروبا في الوقت نفسه، أمام أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين»، وإن «استمرار الدعم الأوروبي لمصر ضروري لتحقيق المصالح الأوروبية».

ويتوقف بدر الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع التقارب السياسي بين مصر والاتحاد الأوروبي تجاه معظم التطورات الإقليمية، مشيراً إلى أن «هناك مصلحة مصرية وأوروبية مشتركة للتهدئة في البحر الأحمر، وتأمين حركة الملاحة».

وخلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي، ناقش السيسي جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة تطبيق «حل الدولتين»، بوصف ذلك خياراً وحيداً لتحقيق السلام المستدام في المنطقة، إلى جانب الأوضاع في ليبيا والسودان والصومال، وضرورة الحفاظ على وحدة تلك الدول وأمنها.