بدأت الحكومة في دمشق بالتمهيد لرفع أسعار الخبز المدعوم، متذرعة بـ«شح مادة القمح عالمياً»، وفق ما كشفت عنه تقارير الإعلام المحلي خلال اليومين الماضيين، التي استبقت ذلك بأنباء عن وجود مشروع لدى مديرية التخطيط والتعاون الدولي في وزارة التجارة الداخلية لإدخال «مغذيات دقيقة» إلى الخبز لرفع «القيمة الغذائية وتحسن الواقع الغذائي»، مع توقعات بتطبيق قريب للمشروع الذي قدرت كلفته بالمليارات، وذلك بعد إنجاز جميع الدراسات الضرورية، بالتعاون مع الشركاء في الجهات الحكومية، والمنظمات الدولية والإنسانية التي أدرجت مشروع «المغذيات الدقيقة» ضمن خطتها الاستراتيجية للعام الجاري.
وتواكب ذلك مع أنباء حول إجراءات «احترازية» تعتزم الحكومة اتخاذها بهدف ترشيد استهلاك الخبز المدعوم، وذلك إما بتخفيض وزن ربطة الخبز من 1100 غرام إلى 1000 غرام، وإما تخفيض مخصصات العائلة التي تسلم عبر البطاقة الذكية بحسب أفراد العائلة وإما رفع سعر الربطة من 250 إلى 300 ليرة، مع العلم أن الربطة ذاتها تباع خارج «البطاقة الذكية» بـ10 أضعاف ثمنها.
ورجحت مصادر صرحت لصحيفة «البعث» المحلية باتخاذ قرار بتخفيض وزن ربطة الخبز المؤلفة من 7 أرغفة.
وتأتي تلك التقارير في وقت تتسلم فيه الحكومة في دمشق الأقماح المسوقة من الفلاحين مع اقتراب انتهاء موسم الحصاد، وذلك بعدما رفعت سعر شراء كيلو القمح من الفلاحين هذا الموسم إلى 2000 ليرة سورية، مع تشديد الإجراءات الأمنية لمنع تسرب القمح إلى خارج مناطق سيطرتها. وتقدر كميات إنتاج مناطق سيطرة النظام من القمح بـ400 ألف طن، مقابل الاحتياج إلى نحو 1.2 مليون طن، بعجز يصل إلى نحو 800 ألف طن، تقوم بسده عبر الاستيراد من روسيا ودول أخرى، كما تسعى حكومة النظام إلى شراء القمح من المناطق السورية الخارجة عن سيطرتها التي يقدر إنتاجها بنحو 250 ألف طن.
ورغم التصريحات الرسمية بعدم وجود أزمة في توفر مادة الدقيق والقمح حالياً، فإن الإجراءات التي يتم التمهيد لها تشير إلى أزمة خبز تلوح في الأفق القريب، وأكدت مصادر لصحيفة (البعث) أن الإجراءات المقترحة هي «احترازية».
ومع بداية الشهر الجاري، أوقفت الحكومة تزويد المحافظات بمخصصات إضافية من الدقيق، كما منعت بيع مادة الخبز عبر الأفران العامة لغير حاملي «البطاقة الذكية»، وتدرس وزارة التموين إعادة توزيع مخصصات الشرائح عبر «البطاقة»، وتخفيض مخصصات الأفراد.
ويبلغ السعر المدعوم لربطة الخبز 250 ليرة سورية ضمن الأفران، ويتراوح سعرها بين 350 و500 ليرة لدى المعتمدين، فيما تصل إلى 3000 ليرة في السوق السوداء.
وخلال العام الأخير وقبل ظهور أزمة القمح عالمياً بعد شن روسيا الحرب في أوكرانيا، أصدرت الحكومة السورية قرارات كثيرة متلاحقة لترشيد دعم الخبز عبر وضع آليات بيع وتوزيع جديدة، إلا أنها جميعها لم تنعكس إيجاباً على رغيف الخبز الذي انخفضت جودته، حتى بات في معظم الأفران رغيفاً لا يصلح للاستهلاك الآدمي، كما تم حرمان شرائح كثيرة من الخبز السوري الحكومي الجيد الذي اشتهر بجودته في سنوات ما قبل الحرب.
وتمنح الحكومة «البطاقة الذكية» للعائلات فقط، بينما لا يملك العازبون وكل مَن لا يملك دفتر عائلة أي «بطاقة» تمكنهم من شراء المواد الأساسية اليومية بأسعار أقل من أسعارها في الأسواق، ولذا خصصت الحكومة نسبة 3 في المائة للبيع خارج البطاقة الذكية إلا أنه وقبل ثلاثة أيام ألغت هذا القرار وفرضت على الأفران الحكومية الالتزام الكامل بتخريج جميع ربطات الخبز المبيعة عبر جهاز نقطة البيع، «تحت طائلة المسؤولية» كما سمح لهم ببيع الخبز يوم الجمعة المقبل بنفس مخصصات العائلة ليوم السبت، وذلك استثناء ولمرة واحدة فقط هذا الأسبوع، بسبب عطلة عيد الأضحى.
النظام السوري يمهد لترشيد جديد للخبز المدعوم
النظام السوري يمهد لترشيد جديد للخبز المدعوم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة