من «الرئاسي» إلى سيف القذافي... ليبيا أمام سباق «مبادرات محمومة»

صالح «يشتبه» في تورط المنفي بحرق مقر البرلمان

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 (رويترز)
TT

من «الرئاسي» إلى سيف القذافي... ليبيا أمام سباق «مبادرات محمومة»

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 (رويترز)

أجبرت الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها ليبيا منذ الجمعة الماضي، الأفرقاء في البلاد على التحرك باتجاه إطلاق «مبادرات سياسية محمومة» تهدف إلى طرح حلول للخروج من الموقف المتأزم، في وقت وجه المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، أصابع الاتهام إلى محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، بالوقوف وراء إضرام النار في مقر البرلمان بطبرق (أقصى شرق البلاد).
وعلى غرار الخطة التي أطلقها المجلس الرئاسي الليبي لـ«حل أزمة الانسداد السياسي» في البلاد، أمس، سارع سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، إلى إطلاق مبادرة جديدة تقوم على دعوة جميع الساسة في ليبيا للانسحاب من المشهد العام، على أن يكون في مقدمتهم، والمسارعة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية «تفرز وجوها جديدة يختارها الليبيون».
وجاء هذا التحرك تلبيةً لمطالب تيار «بالتريس الشبابي» الذي قاد مظاهرات في أنحاء مختلفة من البلاد، دعت جميع الأجسام السياسية في ليبيا إلى الاستقالة، وإجراء انتخابات رئاسية ونيابية في أقرب الآجال.
ورأى سيف الإسلام أن مقترحه الذي يقوم على خيارين، هو «الحل السلمي الأخير للأزمة الخطيرة التي تعيشها ليبيا الآن»، في وقت استقبل أنصاره مبادرته بالترحيب والتأييد.
وقال الشيخ علي أبو سبيحة، رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن (فزان) الليبية، إن «مبادرة (الدكتور) سيف الإسلام ستلجم كل الأفواه، وتتحدى كل المزايدين والمتشدقين بالمصلحة الوطنية».
وأضاف أبو سبيحة في تصريح صحافي: «من يريد مصلحة الوطن حقيقةً من الشخصيات الجدلية، عليه بالمبادرة والانسحاب من السباق الرئاسي. وإلا فليصمت أبداً ولا يصدع رؤوسنا بالوطن والوطنية؛ فقد سئمنا من اجترار هذه الكلمات التي أصبحت بلا معنى».
وأوضح خالد الزائدي، محامي سيف القذافي، أن الخيار الأول يعتمد على وضع «جهة محايدة» للترتيبات القانونية والإدارية لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عاجلة «غير إقصائية» يشارك فيها الجميع «مهما كانت الاعتبارات والمبررات وترك القرار للشعب من دون وصي عليه»، معتبراً أن هذا هو «الخيار الأمثل وإن كان بعيد الاحتمال في الظروف الحالية».
وبالإشارة إلى الخيار الثاني، قال الزائدي، إنه «باعتبار أن الخلاف على شروط الترشح للانتخابات الرئاسية؛ والكل يريد أن توضع شروط بعينها لإقصاء أشخاص محددين بعينهم، فنحن نقترح أن تقوم هذه الشخصيات بالانسحاب من العملية الانتخابية بشكل جماعي من دون استثناء وإجراء انتخابات رئاسية من دونهم لإنقاذ البلاد كمحاولة أخيرة لحل سلمي للوضع المتأزم من دون إراقة الدماء».
وتابع: «إذا لم يحصل هذا ستستمر المأساة التي تمر بها بلادنا مع استمرار مسيرة الدموع والدماء، والتي لا بد أن يوضع لها حد وهذا سيكون إن شاء الله عاجلاً غير آجل».
وسبق لسيف القذافي إطلاق مبادرة أخرى عقب ترشحه للرئاسة، دعا فيها إلى إجراء انتخابات برلمانية وتأجيل الانتخابات الرئاسية على أن يشكّل البرلمان الجديد الحكومة وهي التي تشرف على الانتخابات الرئاسية، لكنها لم تلقَ تفاعلاً.
كما شهدت ليبيا خلال الأشهر القليلة الماضية، إطلاق كثير من «المبادرات المحمومة» من أطراف محلية ودولية، لكنها جميعاً تعثرت في ظل الانقسام السياسي الذي تشهده البلاد.
واضطر المجلس الرئاسي الليبي لإطلاق خطة تهدف لحل الأزمة مدفوعاً بالاحتجاجات الشعبية، وقال إنها «استجابة للمطالب المشروعة لأبناء الشعب الليبي، وتحقيقاً لتطلعاتهم للتغيير»، وتعتمد على «إجراء مشاورات عاجلة مع الأطراف السياسية، لتحقيق التوافق على تفاصيلها، وإطلاقها فيما بعد في شكل خريطة طريق واضحة المسارات والمعالم».
ويرى سياسيون أن ليبيا ستُمضي صيفاً ساخناً، لا سيما مع دخول العلاقة بين البرلمان والمجلس الرئاسي مرحلة جديدة من التوتر لم تكن معهودة سابقاً، وذلك على خلفية اتهام صالح للمنفي بالضلوع في حرق مقر مجلس بطبرق.
ووسط اندهاش كثيرين، قال صالح، في مقابلة مع قناة مجلس النواب «ليبيا المستقبل» مساء أمس، إن هناك «اشتباهاً في أن رئيس المجلس الرئاسي عن طريق شقيقه سامي لهما دور في الأحداث التي شهدتها مدينة طبرق الجمعة الماضية، عندما هاجم متظاهرون مجلس النواب واقتحموا مقره قبل إضرام النيران في المبنى».
واستدرك صالح: «هذا يظل اشتباهاً؛ وبعد التحقيق سيظهر من قام بهذا العمل، لكن ما هو لدينا من معلومات أن السيد سامي المنفي متورط في هذه العملية»، معتبراً أن ما حدث في طبرق «مؤامرة على الوطن ومطامع شخصية».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».