أجبرت الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها ليبيا منذ الجمعة الماضي، الأفرقاء في البلاد على التحرك باتجاه إطلاق «مبادرات سياسية محمومة» تهدف إلى طرح حلول للخروج من الموقف المتأزم، في وقت وجه المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، أصابع الاتهام إلى محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، بالوقوف وراء إضرام النار في مقر البرلمان بطبرق (أقصى شرق البلاد).
وعلى غرار الخطة التي أطلقها المجلس الرئاسي الليبي لـ«حل أزمة الانسداد السياسي» في البلاد، أمس، سارع سيف الإسلام، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، إلى إطلاق مبادرة جديدة تقوم على دعوة جميع الساسة في ليبيا للانسحاب من المشهد العام، على أن يكون في مقدمتهم، والمسارعة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية «تفرز وجوها جديدة يختارها الليبيون».
وجاء هذا التحرك تلبيةً لمطالب تيار «بالتريس الشبابي» الذي قاد مظاهرات في أنحاء مختلفة من البلاد، دعت جميع الأجسام السياسية في ليبيا إلى الاستقالة، وإجراء انتخابات رئاسية ونيابية في أقرب الآجال.
ورأى سيف الإسلام أن مقترحه الذي يقوم على خيارين، هو «الحل السلمي الأخير للأزمة الخطيرة التي تعيشها ليبيا الآن»، في وقت استقبل أنصاره مبادرته بالترحيب والتأييد.
وقال الشيخ علي أبو سبيحة، رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن (فزان) الليبية، إن «مبادرة (الدكتور) سيف الإسلام ستلجم كل الأفواه، وتتحدى كل المزايدين والمتشدقين بالمصلحة الوطنية».
وأضاف أبو سبيحة في تصريح صحافي: «من يريد مصلحة الوطن حقيقةً من الشخصيات الجدلية، عليه بالمبادرة والانسحاب من السباق الرئاسي. وإلا فليصمت أبداً ولا يصدع رؤوسنا بالوطن والوطنية؛ فقد سئمنا من اجترار هذه الكلمات التي أصبحت بلا معنى».
وأوضح خالد الزائدي، محامي سيف القذافي، أن الخيار الأول يعتمد على وضع «جهة محايدة» للترتيبات القانونية والإدارية لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية عاجلة «غير إقصائية» يشارك فيها الجميع «مهما كانت الاعتبارات والمبررات وترك القرار للشعب من دون وصي عليه»، معتبراً أن هذا هو «الخيار الأمثل وإن كان بعيد الاحتمال في الظروف الحالية».
وبالإشارة إلى الخيار الثاني، قال الزائدي، إنه «باعتبار أن الخلاف على شروط الترشح للانتخابات الرئاسية؛ والكل يريد أن توضع شروط بعينها لإقصاء أشخاص محددين بعينهم، فنحن نقترح أن تقوم هذه الشخصيات بالانسحاب من العملية الانتخابية بشكل جماعي من دون استثناء وإجراء انتخابات رئاسية من دونهم لإنقاذ البلاد كمحاولة أخيرة لحل سلمي للوضع المتأزم من دون إراقة الدماء».
وتابع: «إذا لم يحصل هذا ستستمر المأساة التي تمر بها بلادنا مع استمرار مسيرة الدموع والدماء، والتي لا بد أن يوضع لها حد وهذا سيكون إن شاء الله عاجلاً غير آجل».
وسبق لسيف القذافي إطلاق مبادرة أخرى عقب ترشحه للرئاسة، دعا فيها إلى إجراء انتخابات برلمانية وتأجيل الانتخابات الرئاسية على أن يشكّل البرلمان الجديد الحكومة وهي التي تشرف على الانتخابات الرئاسية، لكنها لم تلقَ تفاعلاً.
كما شهدت ليبيا خلال الأشهر القليلة الماضية، إطلاق كثير من «المبادرات المحمومة» من أطراف محلية ودولية، لكنها جميعاً تعثرت في ظل الانقسام السياسي الذي تشهده البلاد.
واضطر المجلس الرئاسي الليبي لإطلاق خطة تهدف لحل الأزمة مدفوعاً بالاحتجاجات الشعبية، وقال إنها «استجابة للمطالب المشروعة لأبناء الشعب الليبي، وتحقيقاً لتطلعاتهم للتغيير»، وتعتمد على «إجراء مشاورات عاجلة مع الأطراف السياسية، لتحقيق التوافق على تفاصيلها، وإطلاقها فيما بعد في شكل خريطة طريق واضحة المسارات والمعالم».
ويرى سياسيون أن ليبيا ستُمضي صيفاً ساخناً، لا سيما مع دخول العلاقة بين البرلمان والمجلس الرئاسي مرحلة جديدة من التوتر لم تكن معهودة سابقاً، وذلك على خلفية اتهام صالح للمنفي بالضلوع في حرق مقر مجلس بطبرق.
ووسط اندهاش كثيرين، قال صالح، في مقابلة مع قناة مجلس النواب «ليبيا المستقبل» مساء أمس، إن هناك «اشتباهاً في أن رئيس المجلس الرئاسي عن طريق شقيقه سامي لهما دور في الأحداث التي شهدتها مدينة طبرق الجمعة الماضية، عندما هاجم متظاهرون مجلس النواب واقتحموا مقره قبل إضرام النيران في المبنى».
واستدرك صالح: «هذا يظل اشتباهاً؛ وبعد التحقيق سيظهر من قام بهذا العمل، لكن ما هو لدينا من معلومات أن السيد سامي المنفي متورط في هذه العملية»، معتبراً أن ما حدث في طبرق «مؤامرة على الوطن ومطامع شخصية».
من «الرئاسي» إلى سيف القذافي... ليبيا أمام سباق «مبادرات محمومة»
صالح «يشتبه» في تورط المنفي بحرق مقر البرلمان
من «الرئاسي» إلى سيف القذافي... ليبيا أمام سباق «مبادرات محمومة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة