لقاء عباس وهنية في الجزائر «مجرد صورة»

السلطة قبلت بوجود هنية ضمن وفد عباس وليس ممثلاً مستقلاً... و«حماس» اكتفت بالقول: لقاء أخوي

جانب من لقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (أ.ف.ب)
جانب من لقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (أ.ف.ب)
TT

لقاء عباس وهنية في الجزائر «مجرد صورة»

جانب من لقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (أ.ف.ب)
جانب من لقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (أ.ف.ب)

نجح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية مساء أمس (الثلاثاء)، على هامش الاحتفالات بالذكرى الستين لاستقلال الجزائر، في صورة جلبت الانتباه بعد سنوات من القطيعة، لكنها ظلت مجرد صورة، بحسب مصادر الجانبين.
واجتمع عباس مع هنية بحضور تبون والوفدين المرافقين لهما في قصر المؤتمرات غرب العاصمة الجزائر في مشهد رتبه الجزائريون وتقبله الطرفان على مضض، حسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط».
وقالت مصادر مطلعة من الطرفين إنهما لم يريدا رفض طلب الرئيس الجزائري بالنظر إلى المواقف الجزائرية المعروفة، لكنها ظلت مجرد صورة.
وطلب الرئيس الجزائري حضور هنية ووفده المرافق في اجتماعه مع عباس، ووافق الأخير.
وإضافةً إلى عباس وهنية، شارك في اللقاء كل من نائب رئيس الوزراء الفلسطيني زياد أبو عمرو، ورئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، وقاضي قضاة فلسطين محمود الهباش، والقيادي في حركة «حماس» سامي أبو زهري.
وبث التلفزيون الجزائري مشاهد يظهر فيها عباس وهنية وبقية المسؤولين في جلسة واحدة يتوسطهم الرئيس تبون. لكنهما حتى ساعة إعداد التقرير لم يلتقيا على انفراد ولم تكن هناك خطط لذلك.
https://www.facebook.com/100004559626345/videos/722071195731285/
وكتب منير الجاغوب المسؤول في مفوضية حركة «فتح» على صفحته على «فيسبوك» بعد تداول صورة عباس وهنية وتبون «من الجزائر قصة هذه الصورة» أنه «بعد انتهاء لقاء الرئيس محمود عباس مع الرئيس الجزائري دخل الوفد الفلسطيني المرافق للرئيس عباس ومعهم إسماعيل هنيه وتم التقاط الصورة».

وقبل ذلك ظهر هنية في الصف الأول ليس بعيداً كثيراً عن عباس وهو يشاهد عرضاً عسكرياً، في مشهد لم يكن محبباً في رام الله التي لا تهادن في مسائل تخص التمثيل السياسي.
وفي مرات سابقة، أثار استقبال هنية من دول عربية معركة التمثيل الفلسطيني، واتهمته رام الله بمحاولة ضرب وحدانية التمثيل الفلسطيني.
وحين زار هنية سلطنة عمان قبل عامين للتعزية بالسلطان قابوس بن سعيد، في وقت كان يوجد فيه الرئيس محمود عباس كذلك في السلطنة، ارتفع مستوى الغضب في رام الله، والذي بدأ مع زيارة أطلقها هنية في المنطقة قبل ذلك، وردّت عليها حركة «فتح» باتهام «حماس» بالإضرار بالقرار الفلسطيني المستقل ورهنه للغير.
وحرب التمثيل هي معركة قديمة محتدمة منذ بدأت دول إقليمية بالتعامل مع «حماس» كأنها ممثلة للفلسطينيين.
واحتجت السلطة مراراً لدى زعماء في المنطقة ودول، رافضةً أي تعامل مستقل مع «حماس» بوصفه يمس بالتمثيل الفلسطيني ويهدد القرار المستقل.
ولهذا السبب، حرصت الوكالة الرسمية الفلسطينية على إظهار هنية على أنه كان أحد مرافقي عباس، ولم يرغب أحد في انتقاد الجزائر.
وكتبت «وفا» أن الرئيس عباس اجتمع مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون وأطلعه على آخر التطورات السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وبحث معه سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الشقيقين، إضافةً إلى الكثير من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.
وأضافت: «قدم الرئيس لأخيه الرئيس تبون، إصداراً خاصاً لطابع بريد فلسطيني بمناسبة الذكرى الستين لاستقلال الجزائر، تقديراً لمواقف الجزائر العظيمة مع شعبنا وحقوقه المشروعة في نيل الحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. كما سلّم سيادته فخامة الرئيس تبون، قرار بلدية رام الله بتسمية أحد شوارع المدينة الرئيسية باسم الجزائر، تقديراً وتكريماً للجزائر وشعبها الشقيق، ومواقفهم المشرفة مع قضيتنا الوطنية».
وأكدت الوكالة أن «عباس حضر إلى جانب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وعدد من زعماء وقادة الدول الشقيقة والصديقة، الاستعراض العسكري الضخم الذي أقامته جمهورية الجزائر الشقيقة، لمناسبة الذكرى الستين لاستقلالها واستعادة سيادتها».
وتابعت: «انضم الوفد الفلسطيني للاجتماع، والذي ضم كلاً من: عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية زياد أبو عمرو، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، وقاضي قضاة فلسطين مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، ومستشار الرئيس الدبلوماسي مجدي الخالدي، وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) وسفير دولة فلسطين لدى الجزائر فايز أبو عيطة».
وحتى حركة «حماس» لم تفرد مساحة للقاء، واكتفت بالقول إن هنية اجتمع مع عباس في لقاء «أخوي».
وكانت الجزائر قد استضافت مطلع العام الجاري لقاءات منفصلة مع وفود الفصائل الفلسطينية لبحث دفع جهود المصالحة الوطنية على أمل تنظيم مؤتمر جامع لاحق، لكن الخلافات ظلت على حالها، وطالت كل شيء: الحكومة وبرنامجها، والانتخابات ومنظمة التحرير، وإعمار القطاع ومسائل أخرى.


مقالات ذات صلة

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي استمرار القتل في المجتمع العربي... وأم الفحم تتهم الأمن الإسرائيلي بالتقصير

استمرار القتل في المجتمع العربي... وأم الفحم تتهم الأمن الإسرائيلي بالتقصير

اتهمت بلدية أم الفحم في إسرائيل الأجهزة المكلفة تطبيق القانون، التي يقف على رأسها وزير الأمن إيتمار بن غفير، بالتقصير في محاربة جرائم القتل، وموجة العنف التي تعصف بالمجتمع العربي، واعتبرت أن هذا التقصير هو السبب الرئيسي في استمرار وتفاقم الجريمة. وجاء بيان البلدية بعد مقتل الشاب مهدي حريري البالغ من العمر 19 عاما من سكان أم الفحم، بإطلاق النار عليه على طريق بالقرب من (الطبية)، وهو الحادث الذي أصيب فيه كذلك شاب عشريني من سكان برطعة بجروح بين طفيفة ومتوسطة، وفي ضوء تحريض علني من صحيفة «الصوت اليهودي» التابعة لحزب «القوة اليهودية» الذي يتزعمه بن غفير، على أبناء أم الفحم في قضية الجريمة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي محمد بن سلمان ومحمود عباس يستعرضان مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية

محمد بن سلمان ومحمود عباس يستعرضان مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية

اجتمع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في جدة اليوم، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وجرى خلال الاجتماع استعراض مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والتأكيد على مواصلة الجهود المبذولة بما يكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي أبو مرزوق ينأى بـ«حماس» عن تصريحات السنوار

أبو مرزوق ينأى بـ«حماس» عن تصريحات السنوار

قال موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، إن حركته ليست جزءاً من أي محور سياسي أو عسكري في المنطقة، بغض النظر عن الاسم والعنوان، في تصريح يناقض فيه تصريحات رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار التي قال فيها إن حركته جزء مهم من المحور الذي تقوده إيران في سوريا ولبنان واليمن. وجاء في تغريدة لأبو مرزوق على حسابه على «تويتر»: «نحن حركة مقاومة إسلامية، ونسعى لعلاقات مع كل القوى الحية في المنطقة والعالم، وليس لنا عداء مع أي مكون، سوى العدو الصهيوني». وأضاف مسؤول مكتب العلاقات الدولية في المكتب السياسي لحركة «حماس»: «نشكر كل من يقف معنا مساعداً ومعيناً، وليس هناك من علاقة مع أي طرف على حساب طرف

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي عباس: الأمم المتحدة ستحيي ذكرى النكبة «لأول مرة» في مايو المقبل

عباس: الأمم المتحدة ستحيي ذكرى النكبة «لأول مرة» في مايو المقبل

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن الأمم المتحدة ستحيي الذكرى 75 لنكبة الشعب الفلسطيني لأول مرة، في 15 مايو (أيار) المقبل. كلام عباس جاء خلال إفطار رمضاني أقامه في مقر الرئاسة بمدينة رام الله (وسط)، مساء السبت، بحسب وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية «وفا». وشارك في الإفطار قادة ومسؤولون فلسطينيون، ورجال دين مسلمون ومسيحيون، وعدد من السفراء والقناصل، وعائلات شهداء وأسرى وجرحى. وبحسب «وفا»، طالب عباس «الفلسطينيين في كل مكان بإحياء الذكرى 75 للنكبة، لأنه لأول مرة، لا يتنكرون (الأمم المتحدة) فيها لنكبتنا».

«الشرق الأوسط» (رام الله)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)
الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)
TT

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)
الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

منذ تعيينها في سبتمبر (أيلول) 2023، تجنَّبت السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، اللقاءات الإعلامية، وتركز نشاطها على فهم تعقيدات الأزمة اليمنية عبر التواصل مع مختلف الأطياف والمكونات اليمنية، كما زارت اليمن مرات عدة العام الماضي.

وفي أول مقابلة صحافية موسعة لها مع «الشرق الأوسط» أكدت شريف أن بريطانيا تأخذ مسؤوليتها بوصفها حاملاً رئيسياً لملف اليمن في مجلس الأمن الدولي بـ«جدية بالغة»، مبينة أن هناك تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي؛ لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

على المستوى السياسي، لا تخفي عبدة شريف، الحاصلة على وسام ضابط الإمبراطورية البريطانية، قلقها من الوضع «المتقلب» في اليمن جراء الهجمات الحوثية على إسرائيل، والرد الإسرائيلي عليها، مشيرة إلى أن «تهور الحوثيين» يهدد جهود السلام.

تصاعُد دخان من مطار صنعاء إثر غارات جوية إسرائيلية على العاصمة اليمنية في 26 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

شريف تحدَّثت أيضاً عن أن التنسيقَ مع المملكة العربية السعودية بشأن الملف اليمني متواصلٌ ومنتظمٌ، معبّرة عن تقدير بريطانيا العالي لجهود المملكة في دعم الشعب اليمني.

كما أبدت عبدة شريف تأييداً لقرار الأمم المتحدة بتعليق الدعم التنموي في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، محذرة من أن احتجاز موظفي الأمم المتحدة والسفارات يقوِّض العمل الإنساني في هذه المناطق.

مؤتمر دولي حول اليمن

وكشفت عبدة شريف عن مؤتمر دولي مرتقب في نيويورك؛ لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً لليمن. وقالت: «نعمل بكل طاقتنا لتعزيز الدعم الموجه لأبناء الشعب اليمني، وسنعقد مؤتمراً دولياً لدعم الحكومة اليمنية، في نيويورك، مطلع العام الحالي (2025). ندرك تماماً التحديات القائمة، بما في ذلك الوضع الاقتصادي الصعب، وسيكون هدف المؤتمر تأمين الدعم السياسي والبرامجي للحكومة والمؤسسات؛ لدعم جهود توفير الخدمات الأساسية».

توحيد العملة اليمنية

في ردِّها على سؤال بشأن آخر الجهود الدولية لتوحيد العملة اليمنية، أوضحت شريف أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن يقود جهوداً ويخوض مناقشات مهمة مع الأطراف اليمنية في هذا الشأن.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وأضافت: «وجود عملة مستقرة يعني بدوره أسعاراً مستقرة، ما يساعد اليمنيين على التخطيط للمستقبل. لقد دعمنا حكومة اليمن للوصول إلى الأموال اليمنية المحتجَزة في المملكة المتحدة، وقد ساعدت تلك الأموال الحكومة على تأمين العملة الأجنبية في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية متفاقمة».

الدرس السوري

عن مستقبل اليمن، تقول السفيرة البريطانية: «دائماً ما تكون أحلك اللحظات هي تلك التي تسبق الفجر مباشرة، أؤمن بصمود الشعب اليمني، وسنواصل دعم الحكومة والمؤسسات لتحقيق آمال وتطلعات الشعب، وأتمنى وأدعو أن يجلب عام 2025 السلام المستدام لليمن».

وعن الدروس المستفادة من أحداث سوريا، شدَّدت عبدة شريف على أن «سوريا تثبت أن الأمن والاستقرار المستدامَين لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال تسوية سياسية. آمل ألا تتكرر الأخطاء التي ارتكبها الأسد، في سوريا، داخل اليمن».

شراكة للأمن البحري

وفي حديثها أفادت السفيرة البريطانية لدى اليمن بأن هناك جهوداً لإنشاء شراكة للأمن البحري ودعم خفر السواحل باليمن؛ لمكافحة التهريب. وأضافت بقولها: «قدم جهاز خفر السواحل اليمني استراتيجيته لإعادة البناء، في نيويورك خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهي استراتيجية طموحة لبناء خفر سواحل قادر على حماية السواحل اليمنية ومكافحة التهريب، ويتم الآن العمل على إنشاء شراكة للأمن البحري تجمع بين الشركاء والمنظمات المانحة لدعم خفر السواحل، ومن جانبها تدعم المملكة المتحدة هذه الجهود من خلال توفير قوارب التدريب والمعدات».

ومنذ أكثر من عام أرست خريطة الطريق، التي أعلنها المبعوث الأممي لليمن، التزامات واضحة للأطراف من المقرر العمل على تنفيذها، إلا أن «جهود الأمم المتحدة التي تستحق الثناء، والتقدم المحرز على هذا الصعيد تعرَّضت للتهديد جراء اعتداءات الحوثيين وتهورهم، وفشلهم في وضع مصلحة شعب اليمن في المقام الأول» وفقاً لما قالت عبدة شريف.

مشاهد لعملية قرصنة الحوثيين على السفينة «غالاكسي ليدر» في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

وأضافت: «في الأيام الأخيرة، رأينا كيف أن الهجمات الحوثية تهدد بتصعيد إقليمي، وتقوّض سلام واستقرار اليمن، وتخلق مزيداً من المعاناة الإنسانية والاقتصادية للشعب الذي عانى بالفعل من صراع دام عقداً من الزمن».

وتؤكد السفيرة البريطانية أن «تنامي مخاطر حدوث تصعيد خطير، أمر مثير للقلق للغاية، ويبدو الوضع اليوم متقلباً، كما رأينا في الأيام الأخيرة في استمرار هجمات الحوثيين بالمسيَّرات والصواريخ ضد إسرائيل، والهجمات الجوية الإسرائيلية رداً على ذلك».

وشدَّدت عبدة شريف على أن أبناء الشعب اليمني «لا يرغبون في مزيد من التصعيد والصراعات، وإنما يرغبون في الطعام والرعاية الصحية والتعليم لأبنائهم ووظائف ـ كما هي حال شعوب العالم كافة - أما الحوثيون، فيتجاهلون تماماً اليمن واحتياجات أبنائه الأساسية».

تنسيق سعودي - بريطاني

تقول عبدة شريف إن العلاقات السعودية - البريطانية «أخوية وطويلة الأمد»، مبينة أن هناك تواصلاً منتظماً مع المملكة والشركاء الإقليميين الآخرين بشأن جميع جوانب الملف اليمني. وتابعت بقولها: «نقدّر عالياً جهود المملكة لدعم الشعب اليمني، كما أن زيارة رئيس الوزراء البريطاني إلى الرياض أخيراً تعكس التعاون المستمر بيننا، ونعمل معاً حول عدد من المشروعات الإنسانية المشتركة، بما في ذلك في اليمن».

السفيرة عبدة شريف خلال لقائها مسؤولي البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن (السفارة البريطانية)

تقويض الجهود الأممية

ووصفت سفيرة المملكة المتحدة احتجاز الحوثيين العشرات من موظفي الأمم المتحدة والسفارات الأجنبية في صنعاء بأنه «غير قانوني وغير مبرر، ويُشكِّل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان»، مشددة على وجوب أن «يتمكن عمال الإغاثة من العمل بسلامة ودون خوف».

وقالت: «يقوِّض استمرار احتجاز هؤلاء العمال، جهود الأمم المتحدة وبرامجها داخل المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وفي هذا الصدد، نحن نتفق تماماً مع قرار الأمين العام للأمم المتحدة بتعليق جميع صور الدعم التنموي في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون».

كما حذَّرت عبدة شريف من أنه «في سياق دولي يعاني من تحديات تمويل شديدة، من المحتمل أن تؤثر الاعتقالات المستمرة عفي تمويل المانحين والالتزامات تجاه اليمن، وعليه فإننا نواجه وضعاً شديد الخطورة، ليس فيما يخص المحتجزين وأسرهم فحسب، بل وكذلك لأبناء اليمن ممَّن هم في أمس الحاجة للمساعدات».

ورحَّبت السفيرة بشدة بزيارة المدير العام لـ«منظمة الصحة العالمية» إلى صنعاء، وقالت: «هذه زيارة في غاية الأهمية لمعالجة الاعتقالات المستمرة من قبل الحوثيين، وآمل بشدة أن يفي الحوثيون الآن بالتزامهم ويطلقوا سراح المعتقلين جميعاً دون شروط».

حماية الشحن الدولي

أكدت الدبلوماسية البريطانية التزام لندن بحماية الشحن الدولي، وإدانتها بشدة الهجمات البحرية العشوائية التي يشنها الحوثيون، مشددة على أهمية الدفاع عن المبدأ الأساسي لحرية الملاحة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

وأضافت: «لا يوجد أي عدوان من جانبنا. ضرباتنا الجوية كانت دقيقةً وموجهةً للدفاع عن الشحن البحري وتقليص قدرات (الحوثيين)، مع أخذ أقصى درجات الحذر لتقليل المخاطر على المدنيين، ولا نرى ما يبرر استمرار الهجمات ضد السفن المدنية والأطقم العاملة عليها، وإغراق السفن، والاستهداف المتعمد لناقلات النفط، مثل الناقلة (سونيون)، الذي كاد استهدافها ينتهي بكارثة بيئية».

مسؤولية رئيسية

عن الجهود البريطانية لتحقيق السلام في اليمن، أكدت عبدة شريف أن لندن تأخذ مسؤوليتها بوصفها حاملاً رئيسياً لملف اليمن في مجلس الأمن الدولي بجدية بالغة، وقالت: «ندعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة نحو إقرار تسوية سياسية شاملة، ونرى أن هذا هو السبيل الوحيد لإرساء سلام مستدام واستقرار على المدى الطويل داخل اليمن، وكذلك تناول الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المزرية».

لقاء سابق لرئيس الوزراء اليمني مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

وفقاً للسفيرة البريطانية «يشكل اليمن ثالث أكبر برنامج مساعدات تنموية ثنائية في المملكة المتحدة، بعد أفغانستان وأوكرانيا؛ حيث بلغ إجمالي قيمة الدعم الذي قدَّمته المملكة المتحدة لليمن في 2024 نحو 200 مليون دولار».

وبحسب شريف: «تتركز أولويات تمويلنا فيمن هم بأمس الحاجة إلى المساعدة، ويساعد الدعم الذي نوفره على إطعام نحو 870000 فرد، ودعم 500 مركز للرعاية الصحية بالأدوية واللقاحات، وكذلك المكملات الغذائية اللازمة لعلاج 700 ألف طفل يعانون من سوء التغذية بصورة حادة».