واشنطن «قلقة» من تقدم التخصيب في إيران

محادثات الدوحة «أكثر من مجرد فرصة ضائعة»

المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي في إحاطة لمجلس الشيوخ مايو الماضي(أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي في إحاطة لمجلس الشيوخ مايو الماضي(أ.ف.ب)
TT

واشنطن «قلقة» من تقدم التخصيب في إيران

المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي في إحاطة لمجلس الشيوخ مايو الماضي(أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي الخاص بإيران روبرت مالي في إحاطة لمجلس الشيوخ مايو الماضي(أ.ف.ب)

كشف المبعوث الأميركي الخاص لإيران، روبرت مالي، عن أن المفاوضين الإيرانيين رفضوا خلال محادثات الأسبوع الماضي في الدوحة ما سماها «الخطوط العريضة التفصيلية للغاية» لترتيب كانت الولايات المتحدة على استعداد لقبوله بغية إحياء الاتفاق النووي لعام 2015. وأكد أن التقدم الذي تحرزه إيران في تخصيب اليورانيوم «مقلق»؛ لأنها «صارت الآن أقرب» إلى امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة ذرية.
وكان كبير المفاوضين الأميركيين يتحدث عبر الإذاعة الوطنية العامة «إن بي آر»؛ إذ وصف المفاوضات الأخيرة في العاصمة القطرية بأنها كانت «أكثر من مجرد فرصة ضائعة».
وهو كان يشير إلى الجهود التي بذلت خلال نحو عام من أجل عودة كل من الولايات المتحدة وإيران إلى «الامتثال التام» لـ«خطة العمل الشاملة المشتركة» (الاسم الرسمي للاتفاق النووي)، التي وضعت حدوداً لبرنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات الدولية عليها. بيد أن المحادثات التي أجريت في فيينا بقيت معلقة بخيط رفيع منذ مارس (آذار) الماضي، حين اختلفت واشنطن وطهران على ما إذا كان سيتم تخفيف العقوبات غير المرتبطة مباشرة بالاتفاق النووي، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2018، ولا سيما تلك المفروضة على «الحرس الثوري» الإيراني بصفته «منظمة إرهابية أجنبية». وألقت معارضة الكونغرس هذه الخطوة بثقلها على الرئيس الأميركي جو بايدن مع اقتراب موعد الانتخابات في وقت لاحق من هذا العام.
وسعى بايدن لأكثر من عام إلى إحياء الصفقة. خلال ذلك الوقت، حافظ على عقوبات عهد ترمب، وسرعان ما وسعت إيران نطاق عملها النووي مع تخفيف الرقابة الدولية بشكل مطرد، مما يجعل من الصعب بشكل متزايد إقناع المشرعين الأميركيين والحلفاء الإقليميين بدعم الاتفاق.
وقال مالي إن «الطرف الذي لم يقل (نعم) هو إيران»، موضحاً أن المفاوضين الإيرانيين «أضافوا، بما في ذلك في الدوحة، مطالب أعتقد أن أي شخص ينظر فيها سينظر إليها على أنها لا علاقة لها بالاتفاق النووي. أمور كانوا يريدونها في الماضي»، علماً بأن الولايات المتحدة والدول الأوروبية أكدت أنها لا يمكن أن تكون جزءاً من المفاوضات. وأضاف أن «المناقشة التي يجب أن تجري في الوقت الحالي ليست كثيرة بيننا وبين إيران، رغم أننا مستعدون لذلك. إنها بين إيران ونفسها». وأكد أن المسؤولين الإيرانيين «بحاجة إلى التوصل إلى نتيجة في شأن ما إذا كانوا مستعدين الآن للعودة إلى الامتثال للاتفاق». ونبه إلى أن طهران صارت الآن أقرب إلى امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية، رغم أنها لا يبدو أنها استأنفت برنامج التسلح. وقال: «لكننا بالطبع قلقون وكذلك شركاؤنا بشأن التقدم الذي أحرزوه في مجال التخصيب»، مشيراً إلى أن إيران لديها ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب في متناول اليد لصنع قنبلة، وأنها يمكن أن تفعل ذلك في غضون أسابيع.
وتزامن كلام مالي مع التحذير الذي أطلقه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، من أن عدم إحراز تقدم في شأن التحقق من البرنامج النووي الإيراني، قد يؤثر على قرارات دول أخرى في الشرق الأوسط. وقال: «نحن حالياً في وضع يمكن أن يبدأ فيه جيران إيران في الخوف من الأسوأ، والتخطيط وفقاً لذلك. هناك دول في المنطقة تراقب اليوم باهتمام شديد ما يحدث مع إيران، والتوترات تتصاعد في المنطقة». ولفت إلى أن «القادة السياسيين أعلنوا صراحة في بعض الأحيان أنهم سيسعون بنشاط لامتلاك أسلحة نووية إذا ما شكلت إيران تهديداً نووياً».
ولفت مالي أيضاً إلى أن الأميركيين يعملون أيضاً على مسار مواز لتأمين إطلاق الأميركيين المحتجزين في إيران، وبينهم سياماك نمازي، الذي اعتقل عام 2015، وهو أقدم سجين أميركي - إيراني محتجز لدى طهران، وقدم نداء للمساعدة في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأحد الماضي بعنوان: «أنا أميركي... لماذا تُركت للتعفن رهينةً لإيران؟». وأمل مالي في أنه «بغض النظر عما يحدث للمحادثات النووية، سنكون قادرين على حل هذه القضية؛ لأنها تزن في أذهاننا كل يوم».
وقبل ذلك بساعات، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في اتصال مع نظيره العماني، بدر البوسعيدي، إن مصير المحادثات يعتمد على تحلي واشنطن بـ«الجدية والمبادرة وإظهار المرونة».
وأفاد بيان للخارجية الإيرانية، مساء الاثنين، بأن عبد اللهيان «جدد جدية الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تحقيق اتفاق دائم وقوي». وأشار البيان إلى أن البوسعيدي أوضح موقف بلاده بشأن ضرورة التوصل إلى نتيجة واتفاق نهائي في المفاوضات. وقال إن عمان «دعمت دائماً تلبية مطالب إيران المشروعة».
وفي وقت سابق الاثنين، قال عبد اللهيان، في اتصال هاتفي مع نظيرته الفرنسية كاثرين كولونا، إن «الجانب الأميركي ذهب إلى الدوحة من دون مقاربة مبنية على المبادرة والتقدم»، داعياً واشنطن إلى «الاستفادة من هذه الفرصة الدبلوماسية».
وقال كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، الأحد، إنه يجري مشاورات لتحديد «تاريخ ومكان المفاوضات المقبلة»، من دون الخوض في مزيد من التفاصيل.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

الجيش الإسرائيلي: 4 مجموعات قتالية لا تزال في جنوب سوريا

آليات إسرائيلية قرب بلدة مجدل شمس في الجولان (إ.ب.أ)
آليات إسرائيلية قرب بلدة مجدل شمس في الجولان (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي: 4 مجموعات قتالية لا تزال في جنوب سوريا

آليات إسرائيلية قرب بلدة مجدل شمس في الجولان (إ.ب.أ)
آليات إسرائيلية قرب بلدة مجدل شمس في الجولان (إ.ب.أ)

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأربعاء)، إن أربع مجموعات قتالية تابعة للجيش لا تزال منتشرة في جنوب سوريا. وأضاف أن فرقة قتالية تعاملت مع تهديدات على طول الحدود، وصادرت دبابات الجيش السوري غير المستخدمة.

وأوضح أن هدف العملية الإسرائيلية هو ضمان أمن السكان المدنيين في شمال إسرائيل.

وأشار إلى أن وحدات أخرى عثرت على ما يبدو على موقع للجيش السوري على الجانب السوري من جبل الشيخ داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا.

وصادرت الوحدات ألغاماً ومتفجرات وصواريخ من مستودع أسلحة تم العثور عليه في الموقع.

وقام الجيش الإسرائيلي بنقل قوات إلى المنطقة العازلة بين مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل وسوريا المجاورة بعدما أطاح مقاتلو المعارضة بالرئيس السوري بشار الأسد في نهاية الأسبوع.

وتحدث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم، وأكد أهمية «التشاور الوثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل مع تطور الأحداث في سوريا».