مصر تحقق في أسباب هجوم القرش بالغردقة

وفاة سائحتين متأثرتين بالحادث

إغلاق شواطئ بالغردقة بعد هجوم للقرش (وزارة السياحة والآثار المصرية)
إغلاق شواطئ بالغردقة بعد هجوم للقرش (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تحقق في أسباب هجوم القرش بالغردقة

إغلاق شواطئ بالغردقة بعد هجوم للقرش (وزارة السياحة والآثار المصرية)
إغلاق شواطئ بالغردقة بعد هجوم للقرش (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت السلطات المصرية أمس، إجراء تحقيق موسع بشأن هجوم القرش الذي أودى بحياة سائحتين، قبالة منتجع سهل حشيش بالغردقة (جنوب شرقي مصر)، وأغلقت محافظة البحر الأحمر الشواطئ المحيطة بموقع الحادثة، بداية من منطقة سهل حشيش، حتى منطقة مكادي، منذ مساء يوم الجمعة الماضي.
وقالت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، في بيان صحافي أمس، «إنه فور تلقي بلاغ بتعرض سيدتين لهجوم من سمكة قرش أثناء ممارسة رياضة السباحة السطحية بالمنطقة المواجهة لمنتجع سهل حشيش جنوب مدينة الغردقة، تم تشكيل مجموعة عمل من المختصين بمحميات البحر الأحمر وجمعية (هيبكا)».
ووجهت فؤاد اللجنة المشكلة بالوقوف على الأسباب العلمية وملابسات حادث الهجوم، مع جمع كافة المعلومات من جميع المصادر، وتحليل تلك البيانات والمعلومات طبقاً للبروتوكولات المستخدمة عالمياً في تحقيقات حوادث هجوم أسماك القرش على البشر.
ووفق وزيرة البيئة، فإن «فريق العمل المختص ببحث ملابسات الحادث ما زال يقوم باستكمال مهام عمله للتوصل بشكل دقيق لأسباب السلوكيات التي نتجت عن سمكة القرش المتسببة في الحادث تجاه الفقيدتين». وأعلنت الوزارة عن أسفها تجاه الحادث، وقدمت التعازي لأسر الضحيتين.
وحاول علاء عاقل، رئيس لجنة تسيير أعمال غرفة المنشآت الفندقية المصرية، طمأنة السائحين بشأن الهجمات الأخيرة. وقال في تصريحات صحافية، إن «هذا الهجوم نادر الحدوث، ويحدث مرة كل 10 سنوات، أو أكثر، لأن البحر مفتوح وبه جميع أنواع الأسماك وسلوكها غير مأمون، والسياح يعلمون ذلك قبل نزولهم المياه، وبالتالي فالحادث عارض ووارد حدوثه في أي مكان بالعالم».
من جهته، قال أحمد العزب إبراهيم، غواص مصري، يعمل منذ 3 عقود بالغردقة، إنه منذ عمله في مجال الغوص بالغردقة لم يصادف وجود أي هجمات لأسماك القرش، مشيراً إلى أن أسماك القرش تنتشر قبالة السواحل المصرية بالبحر الأحمر، ويتم تنظيم رحلات غوص بصفة منتظمة لرؤيتها، لافتاً إلى أنه يتم مشاهدة نوعين من أسماك القرش باستمرار وهما «وايت تيب»، و«وير شارك».
وأضاف العزب لـ«الشرق الأوسط»: «عدم رصده وزملاء كثيرين له، أسماك القرش من أنواع (ماكو)، التي ينسب إليها بعض الهجمات خلال الأعوام الأخيرة بالسواحل المصرية المطلة على البحر الأحمر».
ورغم إغلاق الشواطئ المحيطة بموقع حادثة هجوم القرش، فإن أعمال الغوص والسنوركل والسباحة مستمرة في مياه البحر قبالة المناطق البعيدة عن موقع الهجوم، وفق العزب. ويستبعد العزب تأثر حركة السياحة سلبياً بهجوم القرش بسهل حشيش، مشيراً إلى أن الحادثة نادرة، واستثنائية، ولفت إلى تردد الكثير من السائحين الأجانب على الغردقة للاستمتاع برياضة الغوص منذ ما يقرب من 30 عاماً. ونفى العزب إقدام الغواصين على تقديم الطعام للقروش، وقال «من يفعل ذلك سيتم إغلاق شركته في الحال من قبل وزارة البيئة، قد يتم ذلك بشكل فردي أو سري من قبل البعض بعيداً عن الرقابة».
وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020، تعرض زوار شاطئ محمية رأس محمد بمحافظة جنوب سيناء إلى هجمات قرش، لم تسفر عن وفيات، ولم تتكرر خلال الأشهر الماضية.وتعد هجمات القرش بمدينة شرم الشيخ في عام 2010 من أخطر حوادث هجوم القرش في مصر خلال العقود الثلاثة الأخيرة، حيث قتل وأصيب عدد من السائحين الأوروبيين في سلسلة من الهجمات الدامية.
وتعرضت الأجهزة المحلية المصرية لانتقادات حادة وقتئذ بسبب تعاملها الذي وُصف بأنه «متسرع»، حيث قللت من خطورة الهجمات، بعد إعلانها عن صيد سمكتي قرش من نوعين مختلفين (المحيطي الأبيض) و(ماكو)، وقالت إنهما متسببتان عن الهجوم، وأعادت فتح الشواطئ مرة أخرى، لكن بعد مرور ساعات قليلة على قرار إعادة فتح الشواطئ تعرضت سائحة ألمانية إلى هجوم عنيف من سمكة قرش، توفيت على أثره. ما دفع السلطات المصرية إلى إغلاق الشواطئ مجدداً، والاستعانة بخبراء أجانب لبحث أسباب الهجمات الدامية.
وأكد الباحث الأميركي، رالف إس كوليير، الخبير بمعهد بحوث أسماك القرش، وقائد فريق تحقيق هجمات القرش بشرم الشيخ عام 2010، أن سبب هجوم القرش على البشر، الذي يعد نادراً في تلك المنطقة، يرجع إلى قيام غواصين محليين بإطعام أسماك القرش بأيديهم، وبسبب اعتياد القرش على هذه الممارسات خلال تلك الفترة ظن أن السائحين غواصون سُيقدمون على إطعامه، لذلك بدأ بالتهام أذرعهم في البداية، ثم الأرداف، التي كان يوجد عليها حقيبة الظهر لدى الغواصين والزبائن.
وبعد انتهاء التحقيق، غلظت الحكومة المصرية العقوبات على الأفراد الذين يطعمون القرش في البحر، ما أدى إلى عدم تكرار الهجمات خلال السنوات العشر الأخيرة، حتى تم الإعلان عن هجوم نادر جديد بمحمية رأس محمد في 2020، وأخيراً بالغردقة.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


تأهب لمعارك أوسع في دارفور


سوداني يحمل كيساً من الحبوب يوم الأربعاء في مدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
سوداني يحمل كيساً من الحبوب يوم الأربعاء في مدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

تأهب لمعارك أوسع في دارفور


سوداني يحمل كيساً من الحبوب يوم الأربعاء في مدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
سوداني يحمل كيساً من الحبوب يوم الأربعاء في مدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

زادت حمى التأهب في السودان خشية اتساع المعارك بين الجيش وقوات «الدعم السريع» حول مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد).

وأفاد شهود عيان بأن الجيش نفذ عملية إنزال جوي لإيصال أسلحة وذخيرة لقواته في القاعدة العسكرية بمدينة الفاشر، حيث تدور مواجهات مع «الدعم السريع» التي نقلت حسابات تابعة لها مقاطع مصورة تظهر حشدها برياً وتوجه بعض مركباتها العسكرية إلى شمال دارفور.

وتتصاعد التحذيرات الدولية والأممية من تفاقم الأزمات الإنسانية وتفشي الجوع في ولايات إقليم دارفور جراء الحرب، خاصة أن مدينة الفاشر ظلت لفترة طويلة بمنأى عن الحرب السودانية، وكانت مركزاً لتوزيع المساعدات الإغاثية.

وشاهد سكان في الفاشر، عصر الثلاثاء، الطيران الحربي التابع للجيش يسقط «مظلات تحمل صناديق» في محيط المدينة، إلى جانب قوات يرجح أنها لفنيين من قوات سلاح المهندسين. وقال مقيم في المدينة، طلب عدم ذكر اسمه، إن «الطائرات الحربية التابعة للجيش أسقطت قرابة 150 مظلة، بعضها تحمل قوات من المظليين، وأخرى لمعدات عسكرية».

ودارت خلال الأيام الماضية معارك ضارية بين الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة ضد «الدعم السريع» التي أعلنت سيطرتها الكاملة على مدينة مليط شمال الفاشر.

ونشرت منصات تابعة لـ«الدعم السريع» مقطع فيديو لأحد قادتها العسكريين يعلن تكوين إدارة في «مليط» التي تبعد نحو 50 كيلومتراً عن الفاشر، كما أصدر قرارات بحل كل اللجان التابعة للحكومة والحركات المسلحة، وفتح السوق الرئيسية، وتأمين السكان في البلدة.


«مؤتمر باريس» حول السودان... توصيات بلا آليات تنفيذ

الرئيس ماكرون محاطاً بوزير خارجيته ومفوضي الاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية وإدارة الأزمات (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون محاطاً بوزير خارجيته ومفوضي الاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية وإدارة الأزمات (أ.ف.ب)
TT

«مؤتمر باريس» حول السودان... توصيات بلا آليات تنفيذ

الرئيس ماكرون محاطاً بوزير خارجيته ومفوضي الاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية وإدارة الأزمات (أ.ف.ب)
الرئيس ماكرون محاطاً بوزير خارجيته ومفوضي الاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية وإدارة الأزمات (أ.ف.ب)

يصعب الاعتقاد بأن مؤتمر باريس لدعم السودان ودول الجوار الذي التأم في العاصمة الفرنسية بدعوة من فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، وبحضور ما لا يقل عن ستين دولة، ومنظمة إقليمية ودولية، سيجد الحلول للحرب الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ أكثر من عام.

طبيعة الحرب الدائرة بتشعباتها الداخلية والإقليمية والدولية تجعل من الصعب توقع تهدئة أو هدنة قريبة حتى لاعتبارات إنسانية على رأسها ضرورة إيصال المساعدات الغذائية لبلد نصف سكانه يعانون من أزمة انعدام الأمن الغذائي، أي المجاعة.

ويبين أحدث تقرير صدر الاثنين الماضي عن «منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)» أن «ما لا يقل عن مليوني طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، في بلد يشهد راهناً أكبر أزمة جوع في العالم، بل أعنف أزمة من هذا النوع عرفتها القارة الأفريقية في تاريخها».

وتقارير الوكالات الدولية والمنظمات الإنسانية الفاعلة ميدانياً تتضمن من الأرقام والإحصائيات ما يعكس فداحة ما يعيشه السودان على الصعد الإنسانية كافة، فيما أرقام ضحايا العمليات الحربية من قتلى وجرحى تعد بعشرات الآلاف.

تكاثر الأزمات

إزاء هذا الوضع، تبدو الأسرة الدولية، بدءاً بالأمم المتحدة، عاجزة. ورغم ذلك، فإن مؤتمر باريس بشقيه السياسي والإنساني، نجح، وفق ما جاء في كلمات أطراف رئيسية مشاركة في «إعادة السودان إلى واجهة الأجندة الدولية» بعد أن ضاعت مأساته في ثنايا حروب مشتعلة في أكثر من مكان، ليس أقلها الحرب في أوكرانيا وحرب غزة وتمدداتها، وأخيراً التصعيد الحاصل بين إيران وإسرائيل.

وأشار عبد الله الدردري، مدير المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية: «إننا نلاحظ أن المانحين الدوليين أخذوا يشعرون بالتعب إزاء تكاثر الأزمات، خصوصاً من الحربين في أوكرانيا وغزة، وكلتاهما تستقطبان القسم الأكبر من المساعدات الإنسانية، فيما نلحظ انطواء أميركياً على هذا الصعيد». ولا شك أن الأزمة الجديدة بين إيران وإسرائيل تعمل في الاتجاه نفسه.

لاجئون سودانيون يجمعون المياه من بئر في مخيم «أدريه» على الحدود السودانية - التشادية (إ.ب.أ)

ومن نيويورك، قال أمين عام الأمم المتحدة إن «العالم ينسى شعب السودان»، ووصف الحرب التي ضحاياها يتساقطون من بين المدنيين، بأنها «حرب ضد حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي»، وأن «السبيل الوحيد للخروج من هذه الحرب هو الحل السياسي».

وإذ أكد أنطونيو غوتيريش أن «الشعب السوداني بحاجة ماسة إلى دعم وسخاء المجتمع الدولي لمساعدته على تجاوز هذا الكابوس»، عَدّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في الكلمة التي ألقاها في ختام المؤتمر، أن المطلوب هو «الاستجابة لحاجات المدنيين السودانيين الأكثر إلحاحاً في قطاعات الأمن الغذائي والصحة والمياه والصرف الصحي والتعليم وتوفير الحماية للفئات الأكثر هشاشة».

وأضافت إليها وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بايربوك الأدوية والملابس والسكن وأغذية الأطفال، فضلاً عن المساعدة النفسية لضحايا الحرب. أما نظيرها الفرنسي ستيفان سيجورنيه فقد عَدّ السودانيين بأنهم «أصبحوا ضحايا النسيان».

نجاح وإخفاق

إزاء هذا الواقع، كان الهدف الأول للمؤتمر تعبئة المانحين لتوفير الأصول المالية الضرورية التي قدرت الأمم المتحدة، في تقرير لها يعود لشهر فبراير (شباط) الماضي بـ4.1 مليار دولار لم يكن قد توافر منها، حتى انعقاد المؤتمر، سوى 6 في المائة.

من هنا، فإن إعلان الرئيس ماكرون أن المؤتمرين تعهدوا بتقديم 2.1 مليار دولار يمكن اعتبارها استجابة لما تطلبه الأمم المتحدة للعام الجاري، يعني أنه ستكون هناك حاجة لمؤتمرات إضافية في الأشهر القادمة، لأنه كلما استدامت الحرب زادت الحاجات.

كذلك يتعين النظر في كيفية توفير التمويل لما بعد العام الجاري، خصوصاً أن لا شيء يدل على أن الوساطات القائمة والمتضاربة فيما بينها ستفضي إلى وقفها في المستقبل المنظور.

قطعاً، يمكن اعتبار أن المؤتمر حقق نجاحاً أقله على الصعيد الإنساني، وأن التعويل على أوروبا كان، مرة أخرى صائباً، حيث إنها قدمت وعوداً، وفق ماكرون، على الصعيدين الثنائي والجماعي، ما يناهز الـ900 مليون يورو.

ومع ذلك، فإنه يتعين تصحيح هذا الانطباع لو قارنا ما تقدمه أوروبا من مساعدات إنسانية للسودان بما تقدمه من دعم عسكري لأوكرانيا.

طفلان يحملان مساعدات في مدرسة تؤوي نازحين فروا من العنف في السودان 10 مارس 2024 (أ.ف.ب)

وفي أي حال، فإن هذه الوعود تبقى نظرية ما لم يتحقق شرطان: الأول، أن تفي الدول والمنظمات بوعودها المالية وبحيث تصل إلى الهيئات والمنظمات الإغاثية وعلى رأسها تلك التابعة للأمم المتحدة.

والثاني، أن تتمكن هذه الهيئات والمنظمات من إيصالها إلى المدنيين المحتاجين والمشتتين بين نازحي الداخل ونازحي الخارج.

وتتفاوت تقديرات النازحين ما بين 8.6 و9 ملايين نازح وبينهم، بحسب المنظمة الدولية للهجرة، مليونا نازح فروا عبر الحدود إلى تشاد ومصر وجنوب السودان وإثيوبيا... وتفيد أرقام الأمم المتحدة أيضاً أن ما لا يقل عن 20 ألف نازح يتركون قراهم ومنازلهم كل يوم، إما لخارج الحدود، وإما لمناطق أكثر أمناً في الداخل.

تجنب المتحاربين

ثمة أمر بالغ الأهمية فضل منظمو المؤتمر تركه جانباً، وهو حضور ممثلين على الجهتين المتحاربتين منذ عام وهما، من جهة، القوات السودانية المسلحة، ومن جهة ثانية «قوات الدعم السريع».

وقد بررت الجهات المنظمة «فرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي» الامتناع عن دعوتهما بالرغبة في إبقاء المؤتمر تحت شعار الدعم الإنساني وعدم تسييسه.

والحال أن كل ما أنجز في المؤتمر، بحسب أحد الأطراف الفاعلة التي رافقت أعماله، «لن يكون ذا معنى إذا لم يتعاون الطرفان المتقاتلان، أقله في عدم وضع العراقيل أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين إليها».

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان أيام تحالفهما (أرشيفية)

وكان لافتاً، خلال المؤتمر، أن الدول والمنظمات التي شاركت فيه، لا تملك العصا السحرية من أجل الضغط على الطرفين، لا لتسهيل وصول المساعدات ولا لقبول هدنة إنسانية. وبكلام آخر، فإن المؤتمرين تجاهلوا ما يمكن تسميته «قوى الأمر الواقع» القادرة من هذا الجانب أو ذاك، على إعاقة، لا بل تعطيل عمل المنظمات الإنسانية الدولية.

في ربيع عام 2021، نظمت فرنسا، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، قمة رئيسية لمساعدة السودان ومواكبة عملية الانتقال الديمقراطي. وحضر وقتها اللواء عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي، وعبد الله حمدوك رئيس الحكومة الانتقالية.

وإلى جانب المساعدات المالية وإلغاء الديون المتوجبة على السودان وتسليط الضوء سياسياً على التجربة السودانية «الفذة» وقتها، كانت هناك التزامات واضحة وقوية بالنسبة لمتابعة العملية الديمقراطية وبناء دولة القانون... واليوم، بعد ثلاث سنوات، ها هي باريس شهدت مؤتمراً جديداً لمساعدة السودان في ظروف مأساوية، ولأهداف أقل طموحاً، خصوصاً في الجوانب السياسية.

صحيح أن «إعلاناً» سياسياً من 8 فقرات صدر عن الاجتماع السياسي الذي حصل صباحاً في مقر وزارة الخارجية الفرنسية ووقعته 14 دولة «بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، ومنظمات إقليمية، كالجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي...» «يطلب بشدة من الأطراف الخارجية وقف دعم ومد الأطراف المتقاتلة بالسلاح، والامتناع عن أي عمل من شأنه إثارة التوترات وتغذية النزاع»، ودعوة «جميع الأطراف الإقليمية والدولية لدعم مبادرات السلام من دون تحفظ»، إلا أن ما ينقص ذلك آلية التنفيذ والمحاسبة، بحيث تبقى الأمور متروكة على عواهنها. ولا شك أن أمراً كهذا لن يقرب لحظة وقف القتال، ولا نهاية الحرب، وطالما لم يجبر الطرفان المتقاتلان على التوقف عن استخدام لغة السلاح، فإن الحرب ماضية بلا توقف.

 


تحرك حكومي بشأن «مقررات غير أخلاقية» في مدرسة دولية بمصر

مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الجديدة (وزارة التربية والتعليم)
مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الجديدة (وزارة التربية والتعليم)
TT

تحرك حكومي بشأن «مقررات غير أخلاقية» في مدرسة دولية بمصر

مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الجديدة (وزارة التربية والتعليم)
مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الجديدة (وزارة التربية والتعليم)

في أول تحرك حكومي عقب الجدل، الذي أثير حول وجود «مقررات غير أخلاقية» ضمن المناهج الدراسية بإحدى المدارس الدولية بمصر، أصدرت وزارة التربية والتعليم بمصر بياناً أكدت فيه تشكيل لجنة من الخبراء، وقيادات الوزارة ليتم إرسالها إلى المدرسة المعنية؛ بهدف «الوقوف على الموقف، واتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة فورا في حال ثبوت تلك المخالفات التي تم تداولها».

وانتشرت حالة من الجدل الواسع على «السوشيال ميديا» بسبب ما تردد عن قيام مدرسة دولية بمنطقة «التجمع الخامس» (شرق القاهرة) بتدريس مواد دراسية، تتضمن «قيماً وأخلاقيات مرفوضة تخالف ثوابت المجتمع». وعلى أثر ذلك توالت المناشدات الموجهة إلى السلطات المختصة بضرورة التحقيق العاجل في تلك الشكاوى.

وزير التربية والتعليم المصري (وزارة التربية والتعليم)

وشدّد بيان الوزارة على «رفض قيام أي مدرسة على أرض مصر بترويج، أو تدريس الطلاب مواد دراسية، تخالف ثوابت الغريزة الإنسانية أو العقائد السماوية، أو الأخلاقيات والقيم التي يقوم عليها هذا المجتمع».

من جهته، تقدم النائب محمود عصام، عضو مجلس النواب، بسؤال برلماني إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، ليوجهه إلى الدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم، بشأن انتشار شكاوى حول «قيام مدرسة دولية بتقديم مواد دراسية غير سوية، تتضمن أفكاراً هدامة تدعو فيها إلى إتيان الرذيلة، وهدم القيم والأخلاق».

وقال الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها في مصر، التي تعبر عن تبني قيم مخالفة وصادمة للمجتمعات الشرقية عبر بعض المدارس»، مشيراً إلى أن «الأزمة تتطلب تعديلاً في العلاقة القانونية بين الوزارة والمدارس الدولية، حيث إن الأخيرة كثيراً ما تتحلل من التزاماتها تجاه الأولى، وتدرس مقررات أو تروج لأفكار يراها كثيرون صادمة».

ووفق وزارة التربية والتعليم المصرية، فإن عدد المدارس الرسمية الدولية يبلغ 25 مدرسة، فيما تسعى الوزارة للتوسع في عدد هذه المدارس.

وأكد الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي وأستاذ علم النفس بجامعة عين شمس، لـ«الشرق الأوسط» أن «التعليم هو الأداة الرئيسية في نقل القيم والعادات والسلوكيات الإيجابية في أي مجتمع، ولذلك لا بد أن يتسق وما يتضمنه من مناهج مع المنظومة القيمية والأخلاقية والدينية لهذا المجتمع، حيث يكون للمناهج تأثير هدام على شخصية الطلاب إذا تضمنت ما يخالف القيم والأخلاق»، مشيراً إلى أنه «يزداد الخطر حدة كلما كان الطلبة في سن التشكيل والتكوين، مثل سن المرحلة الابتدائية، حيث يترتب على تدريس تلك المقررات غير الأخلاقية مجموعة من التأثيرات السلبية، مثل هز ثقة الطالب في معتقداته وثوابته الدينية والأخلاقية، التي تضع ضوابط للعلاقات بين الأفراد».

شعار وزارة التربية والتعليم المصرية (وزارة التربية والتعليم)

ويشير مصطلح «المدارس الدولية» إلى المدارس التي تقدم شهادات أجنبية، صادرة غالباً عن الولايات المتحدة أو بريطانيا بشكل أساسي، ثم ألمانيا وفرنسا وكندا لاحقاً، وليس شهادة الثانوية العامة الحكومية المصرية.

ويتسم التعليم في تلك المدارس بمستوى راق، وكثافة أقل في الفصول مقارنة بنظيرتها الحكومية، لكنها في المقابل كثيراً ما تثير أزمات ومخاوف تتعلق بازدواجية نظم التعليم في البلاد، وعدم تنمية الحس بالانتماء الوطني لدى طلبة هذه المدارس، فضلاً عن إجبار أولياء الأمور على دفع رسوم الدراسة في بعض الأحيان بالعملات الأجنبية.

وأضاف شوقي موضحاً: «حتى لو تم الادعاء من جانب مسؤولي المدرسة بأن تلك المقررات موجودة في المناهج لكن لا يتم تدريسها، فهذا يعد مبرراً غير مقبول، لأن مجرد وجودها وإطلاع الطلبة عليها يندرج تحت ما نسميه نحن خبراء المناهج بـ(المنهج الخفي)، ويُقصد به التأثير على الطلبة بشكل غير مباشر، من خلال إتاحة مقرر مثير لفضولهم فينجذبون إليه، ويندفعون إليه بالرغبة في الاكتشاف في تلك السن المبكرة، وهكذا يصبح (المنهج الخفي) أشد تأثيراً من (المنهج الصريح) بصورته التقليدية المعتادة».


إنهاء تكليف وزير الخارجية السوداني علي الصادق وتكليف حسين عوض علي بمهام الوزير

وزير الخارجية السوداني السابق علي الصادق... الصورة في فبراير 2023 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوداني السابق علي الصادق... الصورة في فبراير 2023 (أ.ف.ب)
TT

إنهاء تكليف وزير الخارجية السوداني علي الصادق وتكليف حسين عوض علي بمهام الوزير

وزير الخارجية السوداني السابق علي الصادق... الصورة في فبراير 2023 (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوداني السابق علي الصادق... الصورة في فبراير 2023 (أ.ف.ب)

أفاد التلفزيون السوداني، اليوم (الأربعاء)، بإنهاء تكليف وزير الخارجية علي الصادق وتكليف حسين عوض علي بمهام الوزير، حسبما أفادت وكالة أنباء العالم العربي.

وقال التلفزيون، في نبأ عاجل، إن وزير شؤون مجلس الوزراء المكلف بتسيير مهام رئيس مجلس الوزراء عثمان حسين، قرر أيضاً إنهاء تكليف والي كسلا محمد موسى عبد الرحمن ووالي القضارف محمد عبد الرحمن محجوب.

كما كلف حسين اللواء محمد أحمد حسن بمهام والي القضارف واللواء الصادق محمد الأزرق بمهام والي كسلا.


مصر وصربيا تشددان على ضرورة تهدئة التوتر الإقليمي

الفلسطينيون النازحون داخلياً الذين فروا من شمال قطاع غزة يسيرون على طول طريق الرشيد (إ.ب.أ)
الفلسطينيون النازحون داخلياً الذين فروا من شمال قطاع غزة يسيرون على طول طريق الرشيد (إ.ب.أ)
TT

مصر وصربيا تشددان على ضرورة تهدئة التوتر الإقليمي

الفلسطينيون النازحون داخلياً الذين فروا من شمال قطاع غزة يسيرون على طول طريق الرشيد (إ.ب.أ)
الفلسطينيون النازحون داخلياً الذين فروا من شمال قطاع غزة يسيرون على طول طريق الرشيد (إ.ب.أ)

شددت مصر وصربيا على «ضرورة بذل المساعي كافة نحو تهدئة التوتر الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، وتحقيق الاستقرار في المنطقة». وحذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اتصال هاتفي، اليوم الأربعاء، مع الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، من «خطورة استمرار التصعيد العسكري وتوسعه بما يهدد أمن وسلامة المنطقة برمتها».

وتبذل مصر جهوداً «مكثفة» سعياً لمنع اتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، بموازاة مساع مستمرة للاتفاق على «هدنة» في قطاع غزة بعد أكثر من 6 أشهر من الحرب.

وقف إطلاق النار

تلقى السيسي اتصالاً هاتفياً من الرئيس الصربي، بحثا فيه التطورات الإقليمية والدولية، لا سيما الأوضاع في الشرق الأوسط. ووفق إفادة لمتحدث الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، الأربعاء، فقد شدد الرئيسان على «ضرورة بذل المساعي كافة نحو تهدئة التوتر الإقليمي». فيما أكد السيسي على «أهمية تكاتف الجهود الدولية لتحقيق الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وإنفاذ المساعدات الإغاثية لكل مناطق القطاع وحماية سكانه من خطر المجاعة». كما تشاور الرئيسان بشأن تطورات الأزمة الروسية - الأوكرانية وتداعياتها العالمية، وتوافقا على «مواصلة التشاور والتنسيق المشترك».

كما تضمن اتصال السيسي وفوتشيتش «التأكيد على متانة العلاقات التاريخية الممتدة بين مصر وصربيا، والإعراب عن الارتياح للتقدم الكبير الذي أحرزته العلاقات بين البلدين، في أعقاب زيارة الرئيس المصري إلى صربيا في يوليو (تموز) 2022»، بحسب «الرئاسة المصرية». وشدد الرئيسان على «أهمية تعزيز آليات التعاون الثنائي في المجالات كافة، كما تم بحث التعاون القائم بين الجانبين في المحافل والمنظمات الدولية، وسبل مواصلة التنسيق والتشاور في القضايا ذات الاهتمام المشترك».

امرأة فلسطينية نازحة تجلس بجانب كشك الطعام الخاص بها على الشاطئ في مخيم رفح للاجئين جنوب قطاع غزة (إ ب أ)

«هدنة غزة»

تقوم مصر إلى جانب الولايات المتحدة وقطر بدور الوسيط في مفاوضات غير مباشرة، تستهدف الاتفاق على «هدنة» في قطاع غزة، يتم خلالها «تبادل الأسرى» بين إسرائيل وحركة «حماس».

وأكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مساء الثلاثاء، أن المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «ما زالت مستمرة، ولم تنقطع، ويتم تقديم الأفكار بشكل دائم، وسنواصل فعل ذلك حتى تحقيق الهدف».

وبحسب ما أوردت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، فقد ذكر شكري خلال مقابلة مع قناة «سي. إن. إن» الأميركية، أنه «ينبغي التركيز على التوصل إلى توافق في الآراء بين الجانبين (إسرائيل وحركة حماس) يؤدي إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وتوفير المساعدات الإنسانية»، مضيفاً أنه «في هذه المرحلة لم نصل إلى هذه النقطة بعد، لكننا نعمل بجد، بتعاون مع الولايات المتحدة والشركاء القطريين، للتوصل إلى نقطة الاتفاق هذه». كما أكد شكري أن «الوضع لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، ولا يمكن حتى أن يستمر على المدى القصير بسبب الوضع الحالي من المعاناة الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين في غزة»، مشدداً على «ضرورة حله في أقرب وقت ممكن من أجل المدنيين في غزة، ومن أجل الرهائن وتحقيق السلام في المنطقة».

دبابة إسرائيلية تغلق الطريق بينما يحاول الفلسطينيون النازحون داخليًا الذين فروا من شمال قطاع غزة (إ ب أ)

وبخصوص العملية العسكرية التي من المحتمل أن تشنها إسرائيل في مدينة «رفح» جنوب قطاع غزة، قال شكري إن «موقفنا واضح، ويتوافق مع الموقف الذي يؤيده المجتمع الدولي والولايات المتحدة وشركاؤنا في أوروبا الغربية بشكل عام، وهناك إجماع دولي عام على أن العملية العسكرية في رفح يجب ألا تحدث بسبب التداعيات المحتملة على السكان المدنيين المتكدسين هناك، ونحو 1.3 مليون مدني يحتمون في رفح في أوضاع شديدة الصعوبة. وأعتقد أن هذا الموقف يجب أن يُحترم من قبل الحكومة الإسرائيلية ويجب الالتزام به».

وحذرت عدة دول عربية وغربية بينها الولايات المتحدة من تداعيات تنفيذ عملية عسكرية في رفح المكتظة بالسكان.

* إدخال المساعدات

من جهته، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أن «احتواء التدهور المستمر والخطير في الوضع الأمني في المنطقة يبدأ بوضع حدٍ للمذبحة التي تواصل إسرائيل ارتكابها يومياً في غزة». ودعا إلى «تطبيق قرار مجلس الأمن القاضي بوقف إطلاق النار بشكل فوري، وإدخال المساعدات الإنسانية للسكان الذين يعيشون الآن على حافة المجاعة». وجاء ذلك خلال لقاء أبو الغيط، الأربعاء، في القاهرة مع رئيس بعثة هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة، المعنية بالمتابعة والمراقبة الميدانية لتطبيق اتفاقات الهدنة بين إسرائيل وجيرانها، باتريك جوشات.

أبو الغيط خلال لقاء باتريك جوشات في القاهرة (الجامعة العربية)

وقال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، جمال رشدي، إن اللقاء شهد تبادلاً لوجهات النظر حول الأوضاع الإقليمية في ضوء الحرب، التي تواصل إسرائيل شنها على قطاع غزة، في تحدٍ للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وكذا على خلفية التصعيد الخطير والتوترات الأمنية المتلاحقة على أكثر من صعيد، لا سيما في الأيام الأخيرة. وأكد أبو الغيط أن «التصعيد يُمكن أن يخرج عن سيطرة الأطراف، التي تُمارسه بما يُهدد الأمن في المنطقة بأسرها».

وأوضح رشدي أن الأمين العام للجامعة استمع لعرض مفصل قدمه جوشات حول الأوضاع، والمواجهات على مختلف الجبهات التي تراقبها بعثة المراقبة الأممية، بما في ذلك الخط الأزرق الذي يُمثل خط الهدنة بين لبنان وإسرائيل. حيث أكد أبو الغيط أن «الحلول السياسية تظل الوسيلة الفضلى لتحقيق الأمن للأطراف كافة، لكن يظل من الصعب التوصل لمثل هذه الحلول، مع إصرار الاحتلال الإسرائيلي على تحقيق أهدافه باستخدام القوة المسلحة، ومواصلة استهداف المدنيين».


الجيش و«الدعم» يحشدان في دارفور... وترقب لاتساع المعارك

سوداني يحمل كيساً من الحبوب يوم الأربعاء في مدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
سوداني يحمل كيساً من الحبوب يوم الأربعاء في مدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

الجيش و«الدعم» يحشدان في دارفور... وترقب لاتساع المعارك

سوداني يحمل كيساً من الحبوب يوم الأربعاء في مدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
سوداني يحمل كيساً من الحبوب يوم الأربعاء في مدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

عززت تحركات عسكرية من قبل الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، الأربعاء، من الترقب لاتساع المعارك بين الطرفين حول مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد) والتي ظلت لفترة طويلة بمنأى عن الحرب بين الجانبين، وكانت مركزاً لتوزيع المساعدات الإغاثية.

وقال شهود عيان إن الجيش السوداني أجرى عملية إنزال جوي لإيصال أسلحة وذخيرة لقواته في القاعدة العسكرية بمدينة الفاشر، حيث تدور مواجهات مع «الدعم السريع».

وشاهد سكان في الفاشر، عصر الثلاثاء، الطيران الحربي التابع للجيش يُسقط «مظلات تحمل صناديق» في محيط المدينة، إلى جانب قوات يرجح أنها لفنيين من قوات سلاح المهندسين.

وقال مقيم بالمدينة، طلب عدم ذكر اسمه، إن «الطائرات الحربية التابعة للجيش أسقطت قرابة 150 مظلة بعضها تحمل قوات من المظليين، وأخرى لمعدات عسكرية وضعت في صناديق من القماش».

ودارت خلال الأيام الماضية معارك ضارية بين الجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة ضد «الدعم السريع» التي أعلنت سيطرتها الكاملة على مدينة مليط شمال الفاشر. وتصاعدت التحذيرات الدولية والأممية من تفاقم الأزمات الإنسانية وتفشي الجوع في ولايات إقليم دارفور جراء الحرب.

ونشرت منصات تابعة لـ«الدعم السريع» مقطع فيديو لأحد قادتها العسكريين يعلن تكوين إدارة في «مليط» التي تبعد نحو 50 كيلومتراً عن الفاشر، كما أصدر قرارات بحل كل اللجان التابعة للحكومة والحركات المسلحة، وفتح السوق الرئيسية، وتأمين السكان في البلدة.

واستولت «الدعم» على البلدة، مطلع الأسبوع الحالي، بعد اشتباكات عنيفة والقوات المشتركة لحركات الكفاح المسلحة المتحالفة مع الجيش، التي تراجعت إلى داخل الفاشر.

وقالت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» إن ما لا يقل عن 20 شخصاً قتلوا، فيما أصيب 150 من المدنيين في الاشتباكات التي جرت بين «الدعم» والحركات المسلحة الداعمة للجيش في أحياء غرب الفاشر.

وأفادت المصادر ذاتها بـ«انعدام المعدات الطبية والجراحية في قسم الطوارئ بالمستشفى الجنوبي الوحيد الذي يعمل في المدينة».

ويشهد الاتجاه الغربي للفاشر حركة نزوح واسعة للمواطنين بسبب التبادل العشوائي للقصف المدفعي، والقصف الجوي لسلاح الجو السوداني.

وخلال الأشهر الماضية، نزح مئات الآلاف إلى الفاشر بوصفها أكبر مدن ولاية شمال دارفور، عقب استيلاء «الدعم السريع» على بقية ولايات الإقليم.

سودانيون فروا من الصراع في دارفور في أثناء عبور الحدود إلى تشاد في 4 أغسطس 2023 (رويترز)

ووصف نشطاء في المجتمع المدني الوضع الإنساني بـ«الكارثي»، وسط تزايد المخاوف بين المدنيين من أي هجمات محتملة لـ«الدعم السريع» للاستيلاء على عاصمة الإقليم.

ووفق متحدثين، من غرف الطوارئ ولجان المقاومة يسقط يومياً ضحايا ما بين قتلى وجرحى جراء القصف المدفعي العشوائي الذي تستهدف به «الدعم السريع» الأحياء السكنية. وفي أثناء ذلك تشهد الفاشر وجوداً كثيفاً لقوات الجيش والحركات المسلحة الداعمة لها تأهباً لاندلاع عمليات عسكرية.

وفي المقابل، نشرت «الدعم السريع» تسجيلات مصورة لعدد من المركبات العسكرية، قالت إنها تتوجه إلى ولاية شمال دارفور.

والأحد الماضي، قال حاكم إقليم دارفور، مني آركو مناوي، إن «القوة المشتركة تراقب محاولات الهجوم على البلدات حول الفاشر».

وتتكون القوات المشتركة من الحركات المسلحة الموقعة على «اتفاق جوبا» للسلام، والتي كانت أعلنت سابقاً الانتقال من موقف الحياد في الصراع إلى القتال إلى جانب الجيش، وأبرزها حركة «جيش تحرير السودان» بقيادة مني آركو مناوي، وحركة «العدل والمساواة»، بزعامة وزير المالية، جبريل إبراهيم، وفصائل أخرى صغيرة.

وخلال عام واحد، أدّت الحرب في السودان إلى سقوط آلاف القتلى، بينهم ما يصل إلى 15 ألف شخص في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة.

كما دفعت الحرب البلاد، البالغ عدد سكانها 48 مليون نسمة، إلى حافة المجاعة، ودمّرت البنى التحتية المتهالكة أصلاً، وتسبّبت بتشريد أكثر من 8.5 مليون شخص، وفقاً للأمم المتحدة.


ليبيا: تفاقم خلافات «الوحدة» و«الاستقرار» بعد استقالة المبعوث الأممي

لقاء الدبيبة وباتيلي في وقت سابق (أرشيفية - البعثة الأممية)
لقاء الدبيبة وباتيلي في وقت سابق (أرشيفية - البعثة الأممية)
TT

ليبيا: تفاقم خلافات «الوحدة» و«الاستقرار» بعد استقالة المبعوث الأممي

لقاء الدبيبة وباتيلي في وقت سابق (أرشيفية - البعثة الأممية)
لقاء الدبيبة وباتيلي في وقت سابق (أرشيفية - البعثة الأممية)

رحب رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، بما جاء في إحاطة باتيلي، وما تضمنته من تأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة البلد، وعدم تعزيز حالة الانقسام، بما في ذلك إشارته إلى خلق مسارات ومؤسسات موازية تؤدي إلى تقويض جهود حل الأزمة، وتحول دون الوصول بالبلد إلى الانتخابات عبر طاولة الحوار. وفي المقابل رأت حكومة أسامة حماد الموازية أن الإحاطة الأخيرة لباتيلي تعكس وتترجم عدم تمكنه من أداء عمله طيلة السنوات الماضية.

عبد الله باتيلي خلال لقاء سابق مع عدد من المسؤولين الليبيين في طرابلس (أ.ب)

وذكّر الدبيبة في بيان، مساء الثلاثاء، عبر منصة «إكس»، بما وصفه بموقفه الثابت المتمثل في ضرورة تسريع الجهود للوصول إلى عملية انتخابية نزيهة وشفافة، تقوم على قاعدة دستورية عادلة، وتضمن مشاركة جميع الأطراف دون إقصاء أو تمييز. وقال إنه يضمّ صوته لما ذكره باتيلي بأن ما تقوم به بعض المؤسسات من تعطيل الانتخابات، «يعد خطراً على مستقبل بلدنا»، لافتاً إلى أنه يشاركه أن حالة السخط والغضب العام بشأن زيادة الضريبة على النقد الأجنبي ما زالت قائمة، وجدد في هذا السياق دعوته للإسراع في إلغائها، وعدم تحميل المواطن تكلفة الإنفاق الموازي المنفلت.

اجتماع باتيلي مع حماد في وقت سابق (أرشيفية - البعثة الأممية)

في المقابل، امتنع مجلس النواب، والجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد، بقيادة المشير خليفة حفتر، عن التعليق، بينما رأى رئيس حكومة الاستقرار «الموازية»، أسامة حماد، أن الإحاطة الأخيرة لباتيلي تعكس وتترجم عدم تمكنه من أداء عمله طيلة السنوات الماضية، وقال في بيان، مساء الثلاثاء، إن هذه الإحاطة «احتوت على ما يؤيد موقف الحكومة من ممارسات باتيلي السابقة والخاطئة التي تدل على انحيازه الدائم لطرف دون آخر، وفشله المستمر في جمع جميع الأطراف الليبية، في نطاق تصالحي واحد».

وبعدما استنكر ما ورد في تصريحات باتيلي من أن إضافة مقعد لحكومة «الاستقرار» في جلسة الحوار سيعطي طابعا رسمياً للانقسام، قال حماد إنه «لا يستغرب من باتيلي هذا الطرح»، بسبب ما سمّاه «محدودية نظرته للتعامل مع جميع الأطراف»، متهماً باتيلي بأنه «تجاهل بتعمد واضح أن حكومته هي الحكومة الشرعية المكلفة، والممنوحة الثقة من مجلس النواب، لكن كان ميله صريحاً لحكومة الدبيبة التي انتهت ولايتها ومدتها قانوناً». وقال إن ما وصفه بممارسات باتيلي «قوضت جهّود المصالحة والحوار بشكل كامل».

ورحب حماد الذي تفقد، الأربعاء، عدة مشروعات في مدينة الكفرة بالجنوب الليبي، بتكليف ستيفاني خوري، نائبة باتيلي المعينة حديثاً، بمهام البعثة الأممية، معرباً عن أمله في أن تكون على قدر المسؤولية والحيادية، وأن تبتعد عن التوجهات والمصالح الشخصية.

اجتماع المنفي مع نائب رئيس المجلس الأعلى للدولة (المجلس الرئاسي)

إلى ذلك، قال رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، إنه ناقش، مساء الثلاثاء، في العاصمة طرابلس مع النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة، عمر العبيدي، آخر تطورات المشهد السياسي ومخرجات لقاء القاهرة، الذي تم برعاية الجامعة العربية وتفعيل الملف السياسي، والاستمرار في اللقاءات بين رؤساء المجالس الثلاثة، والعمل على تحقيق وتنفيذ بنود التفاهمات التي تمت في القاهرة.

وأوضح المنفي أن اللقاء ناقش أيضاً العمل والإسراع في توحيد المناصب السيادية؛ «كونها الضامن الحقيقي لاستقرار وتوحيد المؤسسات بالدولة الليبية»، بالإضافة إلى جهود وآليات إعادة الإعمار بعد الفيضانات التي ضربت مدينة درنة، التي زارها المنفي أخيراً، وخلفت خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.

كما ناقش المنفي، مساء الثلاثاء، مع المدير التنفيذي لوكالة الاتحاد الأفريقي لتوجيه النيباد، ناردوس بيكيلي، المساعي المشتركة لتحقيق تطلعات أهداف أجندة 2063 التنموية، وتلبية لتطلعات الشعوب الأفريقية نحو مستقبل مزدهر وآمن، مؤكداً التزام ليبيا بنمو أفريقيا اقتصادياً، وتوازن سياستها تجاه التحديات الدولية، لافتاً إلى أنها من أكثر الدول المستثمرة في قارة أفريقيا.


هل تتأثر مصر بـ«منخفض الهدير»؟

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل تتأثر مصر بـ«منخفض الهدير»؟

بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)
بنايات على نيل القاهرة (الشرق الأوسط)

تعرضت العديد من دول الخليج، أمس الثلاثاء، وخاصة الإمارات وسلطنة عمان، لتقلبات جوية ورياح شديدة، وهطول أمطار غزيرة وصلت حد السيول والفيضانات، مما أثار الكثير من التساؤلات حول إمكانية تأثر مصر بهذه الحالة الجوية. وجاءت تلك الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة، التي أطلق عليها «منخفض الهدير»، بالتزامن مع تعرض مصر لأجواء شديدة الحرارة على الأنحاء كافة، حسب ما أعلنته الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية.

وقالت الهيئة عبر صفحتها على «فيسبوك»، اليوم الأربعاء، إن آخر صور الأقمار الصناعية تشير إلى نشاط الرياح المثير للرمال والأتربة على غرب مصر، مما يؤدى إلى انخفاض فى مستوى الرؤية الأفقية هناك. ومن المتوقع أن تتقدم الرمال المثارة إلى باقي المناطق مع تقدم الوقت.

لكن عضو المركز الإعلامي للهيئة العامة للأرصاد الجوية، الدكتورة منار غانم، أكدت أن مصر لن تتأثر بالحالة الجوية في دول الخليج (عمان والإمارات والبحرين وشرق المملكة العربية السعودية).

أمطار غزيرة وغير مألوفة ضربت أحياء وشوارع دبي اليوم الأربعاء (رويترز)

وذكرت منار غانم في تصريحات أوردتها وسائل إعلام مصرية، الأربعاء، أن «مصادر الكتل الهوائية المؤثرة على مصر مختلفة عن المصادر الهوائية المؤثر على دول الخليج، حيث تتأثر تلك الدول بمنخفض جوي متعمق في طبقات الجو العليا على سطح الأرض بارتفاع من 5 إلى 6 كيلومترات، مع كتل هوائية رطبة قادمة من المحيط الهندي وبحر العرب، ومع فرق في درجات الحرارة بين طبقات الجو العليا وسطح الأرض». مشيرة إلى أن الطبيعة الجبلية في هذه الدول تساعد على تكون السحب، التي أدت إلى هطول أمطار غزيرة، وصلت حد السيول والفيضانات، لكن مصر تتأثر بكتل هوائية صحراوية منخفضة في نسب الرطوبة، معظمها قادم من الصحراء الغربية مع مرتفع جوي في طبقات الجو العليا، لذا فإن التوزيعات في ضغط الهواء مختلفة.

كما أوضحت منار غانم أن مصر تتأثر حالياً بارتفاع ملحوظ ومؤقت في درجات الحرارة العظمى على القاهرة الكبرى لتسجل 36 درجة مئوية، وأن هناك أجواء شديدة الحرارة خلال فترة النهار، لكن يكون الجو لطيفاً في الليل على أغلب المحافظات، مع نشاط للرياح مثير للرمال والأتربة يؤدي إلى تدهور الرؤية الأفقية على معظم شمال البلاد.

مصر تتعرض لأجواء شديدة الحرارة على كافة الأنحاء (هيئة الأرصاد الجوية المصرية على «فيس بوك")

منخفض شبه خماسيني

من جانبه، قال أستاذ المناخ في جامعة الزقازيق بمصر، نائب رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية السابق، الدكتور علي قطب، إنه لا تأثير لـ«منخفض الهدير» على مصر مطلقاً، لكن مصر تتعرض حالياً لمنخفض جوي صحراوي، شبه خماسيني (ينشط بعد 50 يوماً من دخول فصل الربيع)، قادم من الصحراء الأفريقية الكبرى، يؤدي لارتفاع في درجات الحرارة، يكون مصحوباً بنشاط للرياح تبلغ ذروته، اليوم الأربعاء، ثم تنخفض غداً درجات الحرارة، ولن يكون هذا المنخفض مصحوباً بأمطار.

وأضاف قطب موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن الظواهر الجوية المصاحبة عادة للمنخفضات الجوية تتوقف على جهة قدومها، لكن في مصر فإن المنخفض الحالي قادم من الصحراء الأفريقية الكبرى، وليس له امتداد في طبقات الجو العليا، وبالتالي هو هواء جاف مصحوب بأتربة ورمال، ويتحرك وفق الحركة الطبيعية للرياح من الغرب إلى الشرق.

لكن في المقابل، فإن «منخفض الهدير»، الذي حدث في دول الخليج، تكوّن في المحيط الهندي وتحرك باتجاه بحر العرب، فتشبع بنسبة كبيرة للغاية من بخار الماء، وله امتداد في طبقات الجو العليا، وأدى إلى تكوين كميات كبيرة من السحب الممطرة الرعدية الركامية، التي يصاحبها عادة أمطار غزيرة ورعدية خلال فترات زمنية قصيرة، ثم يضعف هذا المنخفض وينتهي تماماً.

صور الأقمار الصناعية تشير إلى نشاط الرياح المثير للرمال على غرب مصر (صفحة هيئة الأرصاد الجوية المصرية على «فيس بوك")

وعن كيفية حدوث ذلك، أوضح قطب أن المنخفضات الجوية التي تُسبب هطول الأمطار تترافق عادة مع منخفض جوي آخر في طبقات الجو العليا، مصحوب بكتبة هوائية باردة، ثم يبدأ الهواء الساخن ذو الضغط المنخفض في الصعود إلى طبقات الجو العليا، حيث يتمدد ويبرد، مما يؤدي إلى انخفاض ضغطه، وتكوين منخفض جوي في طبقات الجو العليا، وأثناء اندفاع الهواء البارد فوق الهواء الدافئ الرطب على سطح الأرض، يتكثف الهواء الدافئ المشبع بالرطوبة على شكل غيوم، مما يؤدي إلى تساقط الأمطار.

مواطن إماراتي يحاول عبور الشارع بعد أن غطته مياه الأمطار وسط مدينة الشارقة الإماراتية (أ.ف.ب)

وأشار قطب إلى أنه من الوارد خلال الأيام المقبلة أن تتأثر مصر بمنخفض خماسيني، يمكن أن يمتد تأثيره إلى الجزيرة العربية، وتحديداً الكويت والعراق وبلاد الشام والأردن، لافتاً إلى أن المنخفضات الجوية التي تتأثر بها مصر تكون عادة قادمة من الغرب، وتتحرك إلى الشرق. وأوضح أن المنخفضات الخماسينية تكون عادة جافة ومتربة، ومصحوبة برياح قوية محملة بكميات من الرمال والأتربة، ونادراً ما تسقط معها أمطار، لأنها لا تحتوي على امتداد لمنخفض جوي آخر في طبقات الجو العليا.

في غضون ذلك، نصحت الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية بتجنب التعرض لأشعة الشمس بشكل مباشر، مع ارتداء الكمامات لمرضى الحساسية الصدرية، والقيادة بهدوء تام.


كيف استقبل الليبيون إعلان استقالة باتيلي؟

باتيلي خلال تقديم إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي الثلاثاء (البعثة الأممية)
باتيلي خلال تقديم إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي الثلاثاء (البعثة الأممية)
TT

كيف استقبل الليبيون إعلان استقالة باتيلي؟

باتيلي خلال تقديم إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي الثلاثاء (البعثة الأممية)
باتيلي خلال تقديم إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي الثلاثاء (البعثة الأممية)

وسط تباين ملحوظ في الآراء، استقبل سياسيون ليبيون إعلان استقالة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي من منصبه، محملينه مسؤولية الجمود السياسي الذي اعترى أزمتهم السياسية خلال مدة مهمته بالبلاد.

وكان باتيلي قد وجه انتقادات خلال إحاطته الأخيرة للقادة الليبيين، واتهمهم بـ«تفضيل مصالحهم الشخصية على مصالح البلاد»، وهو الأمر الذي لم يرق لكثير من السياسيين.

باتيلي في لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي (الوحدة)

وعدّ رئيس الهيئة التأسيسية لـ«حزب التجمع الوطني» الليبي، أسعد زهيو، الإحاطة الأخيرة للمبعوث الذي أعلن استقالته بـ«محاولة من باتيلي لإبراء ذمته من أي مسؤولية عن استمرار الانسداد السياسي الراهن». ورأى زهيو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المبعوث، الذي تولى منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 لمدة عام، «لم يقدم شيئاً سوى الحديث عن لجنة رفيعة المستوى، ولم يعرف أي ليبي حتى الآن أي شيء عن ملامحها»، باستثناء عقد لقاءات مع من يصفهم بـ«القادة الرئيسيين أو الخمسة الكبار بالساحة»، إلى جانب لقاءات محدودة مع بعض الأحزاب وقادة ونشطاء المجتمع المدني.

باتيلي في لقاء سابق مع رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة (الوحدة)

وكان باتيلي قد دعا رؤساء مجالس الرئاسي والبرلمان، والأعلى للدولة، وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، والقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، للمشاركة في طاولة خماسية، بهدف التوصل إلى تسوية سياسية للقضايا الخلافية التي تعوق إجراء الانتخابات.

وفيما ركّزت تعليقات سياسيين ليبيين على أداء باتيلي والمبعوثين السابقين وربطوها بأزمة بلادهم التي لا تزال مستمرة، توقع بعضهم تولي نائبته الدبلوماسية الأميركية ستيفاني خوري مهام رئاسة البعثة بالإنابة.

باتيلي في لقاء سابق مع المشير خليفة حفتر (الجيش الوطني)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان، الأولى هي «الوحدة» التي تسيطر على غرب البلاد ومقرها طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية مكلفة من البرلمان، ويرأسها أسامة حماد، وتسيطر على شرق البلاد.

وبخصوص الموقف الليبي من استقالة باتيلي، أوضح مدير مركز الأمة الليبي للدراسات الاستراتيجية، محمد الأسمر، أن الشارع الليبي «بات لا يبالي بمواقف وتحركات الأمم المتحدة، ويرى أن أداء مبعوثيها جميعاً يركز بطريقة ما حول إدارة الأزمة وليس حلها». وقال الأسمر لـ«الشرق الأوسط» معلقاً على ما أورده باتيلي في إحاطته: «إنها لم تختلف عن إحاطته في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وعن تصريحاته الأخيرة كافة، سواء من حيث توجيه الانتقادات للمسؤولين الليبيين، أو رصد تداعيات الانسداد السياسي على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية»، عادّاً أن انتقادات باتيلي للقادة السياسيين «لم تخصم من رصيدهم، بقدر ما برهنت على عدم قدرته على التعاطي معهم، ومع تعقيدات المشهد السياسي، والصراعات على السلطة والثروة بشكل صائب».

وأضاف الأسمر موضحاً أن «الأطراف الرئيسية بالصراع التي دخل بعضها في خلاف علني مع باتيلي، والتي اتهمته بالانحياز لقوى بعينها دون غيرها، هي فقط من ستهتم باستقالة الرجل، والشخصية التي ستخلفه وخلفياتها ومواقفها».

وفي منتصف فبراير (شباط) الماضي، وعبر خطاب وجه إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اتهمت حكومة حماد باتيلي بـ«الانحياز» إلى منافستها «الوحدة الوطنية»، واستشهدت بـ«إقصائه لها» من طاولة الحوار الخماسي للتأكيد على صحة اتهامها، وطالبت غوتيريش بإبعاده عن المشهد الليبي.

من جانبه، سلّط أستاذ العلاقات الدولية، إبراهيم هيبة، الضوء على ما وصفه بـ«تزايد الوجود الأميركي السياسي والأمني بالساحة الليبية في الشهور الأخيرة»، متوقعاً أن يتعزز هذا الوجود مع احتمال تولي الدبلوماسية الأميركية خوري مسؤولية رئاسة البعثة بالإنابة، نظراً لتعذر اختيار مبعوث جديد في ظل ما هو معروف من اشتداد الخلاف بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين وبين موسكو وبكين.

كما توقع هيبة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تمارس خوري «ضغوطاً قوية تلزم الأطراف الليبية بالذهاب لتسوية سياسية وإجراء الانتخابات»، معتقداً أن باتيلي من وجهة نظر كثيرين بالساحة الليبية «يفتقد إلى ثقل دولي يدعم تنفيذ مبادراته».


مصر تؤكد تعزيز التعاون مع الدول الأفريقية في ملف «إدارة المياه»

جانب من اجتماع مجلس وزراء المياه الأفارقة «الأمكاو» في القاهرة (وزارة الري المصرية)
جانب من اجتماع مجلس وزراء المياه الأفارقة «الأمكاو» في القاهرة (وزارة الري المصرية)
TT

مصر تؤكد تعزيز التعاون مع الدول الأفريقية في ملف «إدارة المياه»

جانب من اجتماع مجلس وزراء المياه الأفارقة «الأمكاو» في القاهرة (وزارة الري المصرية)
جانب من اجتماع مجلس وزراء المياه الأفارقة «الأمكاو» في القاهرة (وزارة الري المصرية)

أكدت مصر «تعزيز التعاون مع الدول الأفريقية في ملف إدارة المياه، بما يضمن وضع آليات لصياغة خريطة طريق تعكس تطلعات دول القارة في ملف المياه لما بعد عام 2025». وجاء هذا التأكيد وسط استمرار تعثر مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي.

وأشار وزير الموارد المائية والري المصري، الدكتور هاني سويلم، اليوم الأربعاء، إلى «التزام مصر خلال رئاستها لمجلس وزراء المياه الأفارقة بتعزيز التعاون مع مختلف الدول الأفريقية لتحسين إدارة الموارد المائية في القارة، خاصة أن منطقة شمال أفريقيا تُعد من أكثر المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي، بالإضافة لتحديات تغير المناخ والوصول لخدمات مياه الشرب والصرف الصحي».

واستضافت مصر، الثلاثاء والأربعاء، اجتماع اللجنة الفنية الاستشارية، ولجنة الخبراء الفنيين لمجلس وزراء المياه الأفارقة عن إقليم شمال أفريقيا، الذي نظمه مجلس وزراء المياه الأفارقة (الأمكاو)، بتعاون مع وزارة الموارد المائية والري المصرية، بهدف مناقشة التحديات المشتركة في القارة.

وقال سويلم، الذي يترأس مجلس إدارة «الأمكاو»، في إفادة رسمية، إنه «يمكن تحويل التحديات إلى فرص من خلال تضافر الجهود والتعاون المشترك بين الدول، وهو ما يُبرز أهمية هذا الاجتماع لمناقشة وتحديد الأولويات الإقليمية»، لافتاً إلى أهمية الاجتماع بعدّه «منصة للمناقشة، وحشد الآراء والأفكار، وتحديد أولويات دول إقليم شمال أفريقيا فيما يخص قطاع المياه، وذلك لإثراء العملية التحضيرية التي تقوم بها القارة الأفريقية لعرض رؤيتها، وأولوياتها خلال فعاليات المنتدى العالمي العاشر للمياه المقرر عقده في بالي – إندونيسيا، خلال مايو (أيار) المقبل».

وتقدر مصر «فجوتها المائية» بأكثر من 20 مليار متر مكعب سنوياً. وفي هذا السياق يرى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، أهمية التعاون بين مصر والدول الأفريقية في ملف إدارة المياه. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا التعاون «ضروري ومفيد للدول الأفريقية، ويشمل مجالات عدة، منها المشروعات المائية، والسدود وآبار المياه الجوفية، والزراعة وطرق الري الحديثة، وتوليد الكهرباء»، مشيراً إلى أن الكونغو على سبيل المثال «تمتلك ما يقترب من ثلث مياه أفريقيا التي تصب في المحيط الأطلنطي من خلال نهر الكونغو دون الاستفادة منها، ويمكن أن يتم إنشاء مشروع ربط كهربائي في هذا النهر لتوصيلها إلى مصر وتصديرها إلى أوروبا أيضاً».

من جهتها، قالت مديرة البرنامج الأفريقي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، إن التعاون بين مصر وأفريقيا في مجال المياه «له أهمية استراتيجية وليست سياسية فقط». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا التعاون يمكنه استقطاب مشروعات تعاونية مشتركة، تساهم في التنمية الأفريقية».

أعمال إنشائية بـ"سد النهضة" خلال وقت سابق (صفحة إدارة السد على "فيسبوك")

ويأتي التأكيد المصري المتكرر على تعزيز التعاون مع الدول الأفريقية في ملف إدارة المياه، وسط استمرار تعثر مفاوضات «سد النهضة» بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا. وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ عام 2011؛ بداعي «توليد الكهرباء»، لكن مصر تخشى من تأثر حصتها من مياه نهر النيل.

وكانت مصر قد أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي «فشل» آخر جولة للمفاوضات بشأن «السد»، التي استمرت نحو 4 أشهر. فيما أعلنت إثيوبيا مطلع أبريل (نيسان) الحالي «انتهاء 95 في المائة من إنشاءات السد»، ونقلت وكالة «الأنباء الإثيوبية» حينها عن مسؤولين في أديس أبابا تأكيدهم الاستعداد لـ«الملء الخامس»، الذي يتوقع أن يكون خلال فترة الفيضان من يوليو (تموز) وحتى سبتمبر (أيلول) المقبلين.

وحول تأثير التعاون المصري - الأفريقي في ملف المياه على أزمة «سد النهضة»، قال شراقي إن «تعاون مصر مع أفريقيا ووجود مصالح اقتصادية مشتركة، خاصة مع دول حوض النيل، يمكنهما أن يدفعا إلى استئناف المفاوضات بين القاهرة وأديس أبابا، لذا لا بد من استئناف المفاوضات قبل الملء الخامس للسد، حتى لا تواصل إثيوبيا استكماله». كما أفادت الطويل بأن «التعاون خاصة مع دول حوض النيل يمكنه أن يؤثر إيجابياً على مفاوضات سد النهضة، وصياغة رؤية مشتركة للتفاوض، انطلاقاً من المصالح المشتركة، لكنه يحتاج أيضاً إلى ضغط إقليمي».