البنوك المركزية تجتمع بحثاً عن حلول لمعضلات العالم

المنتدى الحضوري الأول عقب أزمة «كورونا»

محافظو المصارف المركزية أفضل طريقة لمواجهة عودة التضخم  (رويترز)
محافظو المصارف المركزية أفضل طريقة لمواجهة عودة التضخم (رويترز)
TT

البنوك المركزية تجتمع بحثاً عن حلول لمعضلات العالم

محافظو المصارف المركزية أفضل طريقة لمواجهة عودة التضخم  (رويترز)
محافظو المصارف المركزية أفضل طريقة لمواجهة عودة التضخم (رويترز)

افتتح البنك المركزي الأوروبي منتداه السنوي في جنوب البرتغال، مساء الاثنين، حيث يناقش محافظو المصارف المركزية واقتصاديون أفضل طريقة لمواجهة عودة التضخم، الذي عززته الحرب في أوكرانيا.
ويجتمع منتدى البنك المركزي الأوروبي بحضور نحو 200 مشارك في سينترا غرب لشبونة في فندق فخم، فيما عُقد في السنتين الماضيتين افتراضياً بسبب الجائحة. وستعود رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إلى سينترا بعدما تحدثت في النسخة الأولى من المنتدى عام 2014، عندما كانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي.
وأفادت مصادر أوروبية بأن لاغارد أبلغت رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي، الجمعة، خلال اجتماع في بروكسل، بأن الحرب أثّرت بشكل ملموس في اقتصاد منطقة اليورو.
وسيحضر إلى سينترا أيضاً رئيس البنك المركزي الأميركي جيروم باول ومحافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي. كما سيحضر المدير العام لبنك التسويات الدولية أغوستين كارستينز، على أن يجتمع المسؤولون الأربعة، الأربعاء، في نهاية المنتدى.
وتترقب الأسواق خطاب لاغارد المقرر صباح الثلاثاء، فيما يستعد البنك المركزي الأوروبي في يوليو (تموز) المقبل، في مواجهة التضخم، لرفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ 11 عاماً.
وقد أدى هذا الاحتمال إلى إحياء مخاطر أزمة ديون في منطقة اليورو، مع تفاوتات متزايدة في أسعار الفائدة المفروضة في دول شمال أوروبا وجنوبها للاقتراض وتمويل العجز.
وسعى البنك المركزي الأوروبي، أخيراً، إلى طمأنة المستثمرين من خلال إعلان استعداداته لإنشاء آلية جديدة لمكافحة الفروق في أسعار الفائدة بين البلدان المستفيدة من شروط الاقتراض الجيدة وغيرها. وسيتم ترقب أي تفاصيل جديدة في هذا الصدد في البرتغال.
الاجتماع يأتي بينما حذر بنك التسويات الدولية «بي آي إس»، الأحد، في تقريره السنوي عن الاقتصاد، البنوك المركزية من أنه يجب ألا تسمح للتضخم بأن يستحكم، بينما يخيم خطر الركود التضخمي على الاقتصاد العالمي.
وقال بنك التسويات الدولية الذي يعد بمثابة البنك المركزي للبنوك المركزية في العالم، إن على المؤسسات التحرك بسرعة لضمان العودة إلى تضخم منخفض ومستقر، في حين يتم الحد من تأثيراته في معدلات النمو.
وقال المدير العام للبنك أغوستين كارستينز: «المفتاح للبنوك المركزية هو التحرك بسرعة وحسم قبل أن يستحكم التضخم». وأضاف أنه «إذا ما حدث ذلك، فإن كلفة إعادته ليكون تحت السيطرة ستكون أعلى. وفوائد المحافظة على استقرار الأسر والشركات على المدى الطويل تفوق أي تكاليف قصيرة الأجل».
وأفاد التقرير الرئيسي لبنك التسويات الدولية بأنه في سبيل استعادة معدلات تضخم منخفضة ومستقرة، يجب على البنوك المركزية أن تسعى إلى تقليل الضرر الذي يلحق بالنشاط الاقتصادي وبالتالي حماية الاستقرار المالي. وقال البنك إن هندسة ما يسمى الهبوط المرن كانت تاريخياً عملية صعبة، والظروف الحالية تجعل المهمة أكثر تحدياً.
وقال كارستينز، خلال مؤتمر صحافي: «من المستحب أكثر إذا كان بإمكاننا القيام بهبوط مرن، لأن هذا يعني أن تشديد السياسة النقدية يمكن أن يكون تحت السيطرة أكثر». وأضاف: «ولكن حتى لو لم تكن هذه هي القضية، فإن الأولوية بالتأكيد يجب أن تكون لمكافحة التضخم».
وبعد صدمة وباء كوفيد، استشرفت البنوك المركزية في البداية عودة مؤقتة للتضخم مع انتعاش الاقتصاد مرة أخرى. لكن ارتفاع الأسعار تسارع بشكل حاد منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط).
وقال بنك التسويات الدولية إن الاقتصاد العالمي يخاطر بدخول حقبة جديدة من التضخم المرتفع. وأضاف أن مخاطر الركود التضخمي، أي تباطؤ النمو مع ارتفاع الأسعار والبطالة، تلوح في الأفق بشكل كبير على شكل مزيج من الاضطرابات المستمرة جراء الوباء والحرب على أوكرانيا وارتفاع أسعار السلع الأساسية، إضافة إلى نقاط الضعف المالية. وأوصى البنك صانعي السياسات بالمضي قدماً في الإصلاحات لدعم نمو طويل الأجل ووضع الأسس لمزيد من الإجراءات الطبيعية للسياسات المالية والنقدية.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

التوترات الانتخابية تُعقد خيارات «الفيدرالي»... خفض مرتقب للفائدة رغم الغموض

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

التوترات الانتخابية تُعقد خيارات «الفيدرالي»... خفض مرتقب للفائدة رغم الغموض

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع أن يقوم مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي»، يوم الخميس، بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي للمرة الثانية على التوالي؛ استجابةً للتباطؤ المستمر في ضغوط التضخم، التي أثارت استياء كثير من الأميركيين وأسهمت في فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية.

ومع ذلك، أصبحت تحركات «الاحتياطي الفيدرالي» المستقبلية غامضةً بعد الانتخابات، نظراً لأن مقترحات ترمب الاقتصادية يُنظر إليها، على نطاق واسع، على أنها قد تسهم في زيادة التضخم. كما أن انتخابه أثار احتمالية تدخل البيت الأبيض في قرارات السياسة النقدية لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، حيث صرّح سابقاً بأنه يجب أن يكون له صوت في اتخاذ قرارات البنك المركزي المتعلقة بسعر الفائدة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ولطالما حافظ «الاحتياطي الفيدرالي» على مكانته بوصفه مؤسسةً مستقلةً قادرةً على اتخاذ قرارات صعبة بشأن معدلات الاقتراض بعيداً عن التدخل السياسي. مع ذلك، وخلال ولايته الرئاسية السابقة، انتقد ترمب علناً رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، بعدما قام البنك برفع سعر الفائدة لمكافحة التضخم، وقد يعيد ذلك الانتقاد مجدداً.

ويضيف الوضع الاقتصادي بدوره مزيداً من الغموض، حيث تظهر مؤشرات متضاربة؛ فالنمو لا يزال مستمراً، لكن التوظيف بدأ يضعف. على الرغم من ذلك، استمرّ إنفاق المستهلكين في النمو بشكل صحي، ما يثير المخاوف من أن خفض سعر الفائدة قد لا يكون ضرورياً، وأن القيام به قد يؤدي إلى تحفيز الاقتصاد بشكل مفرط، وربما إلى تسارع التضخم من جديد.

وتمثل الأسواق المالية تحدياً إضافياً لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، فقد دفعت تحركات المستثمرين عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى الارتفاع بشكل حاد منذ أن خفَّض البنك الفيدرالي سعر الفائدة في سبتمبر (أيلول). ونتجت عن ذلك زيادة في تكاليف الاقتراض في مختلف جوانب الاقتصاد، مما قلل من الأثر الذي كان من المتوقع أن يستفيد منه المستهلكون بتخفيض البنك أسعار الفائدة بنصف نقطة.

على سبيل المثال، انخفض معدل الرهن العقاري الأميركي لمدة 30 عاماً خلال الصيف، عندما أشار «الاحتياطي الفيدرالي» إلى نيته خفض سعر الفائدة، لكنه ارتفع مجدداً بمجرد تنفيذ البنك لتخفيض سعر الفائدة الرئيسي.

ويرتفع سعر الفائدة عموماً؛ نتيجة لتوقعات المستثمرين بزيادة التضخم، وارتفاع العجز في الموازنة الفيدرالية، ونمو اقتصادي أسرع تحت قيادة ترمب. وقد شهدت الأسواق ما وُصف بـ«ترمب ترايد»، حيث قفزت أسعار الأسهم يوم الأربعاء، وارتفعت قيمتا البتكوين والدولار. وكان ترمب قد أشار إلى العملات المشفرة خلال حملته الانتخابية، ومن المتوقع أن يستفيد الدولار من ارتفاع سعر الفائدة، ومن زيادات التعريفات الجمركية المقترحة من قبل الرئيس المنتخب.

وتشمل خطة ترمب فرض تعريفة لا تقل عن 10 في المائة على جميع الواردات، إلى جانب زيادات كبيرة في الضرائب على السلع الصينية، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين غير الشرعيين، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم بشكل شبه مؤكد، ويجعل من غير المرجح أن يواصل «الاحتياطي الفيدرالي» خفض سعر الفائدة الرئيسي. وقد تراجع التضخم السنوي وفقاً للمؤشر المفضِّل لدى البنك الفيدرالي إلى 2.1 في المائة في سبتمبر.

ويُقدِّر الاقتصاديون في «غولدمان ساكس» أن تدفع تعريفة ترمب المقترحة بنسبة 10 في المائة، إلى جانب ضرائبه على الواردات الصينية والسيارات من المكسيك، التضخمَ للعودة بين نحو 2.75 في المائة و3 في المائة بحلول منتصف عام 2026.

ومن المتوقع أن يتسبب هذا الارتفاع في التضخم في تقويض تخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية التي أشار إليها «الاحتياطي الفيدرالي» في سبتمبر. ففي ذلك الاجتماع، خفّض صانعو السياسات سعر الفائدة الرئيسي بنصف نقطة إلى نحو 4.9 في المائة، وأعلنوا توقعهم لإجراء تخفيضين إضافيَّين بمقدار رُبع نقطة لاحقاً هذا العام؛ أحدهما يوم الخميس، والآخر في ديسمبر (كانون الأول) - مع توقع 4 تخفيضات إضافية خلال عام 2025.

لكن المستثمرين أصبحوا يرون أن تخفيضات سعر الفائدة خلال العام المقبل باتت غير مرجحة بشكل متزايد، حيث انخفضت احتمالات تخفيض سعر الفائدة في اجتماع يناير (كانون الثاني) المقبل إلى 28 في المائة فقط، بعد أن كانت 41 في المائة يوم الثلاثاء، وقرابة 70 في المائة قبل شهر، وفقاً لأسعار العقود الآجلة التي تتابعها «فيد ووتش».

وقد أدى ارتفاع تكاليف الاقتراض على منتجات مثل الرهون العقارية وقروض السيارات، رغم تخفيض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي، إلى تحدٍّ جديد للبنك المركزي؛ إذ إن محاولته لدعم الاقتصاد عبر خفض تكاليف الاقتراض قد لا تحقق الأثر المرجو إذا استمرّ المستثمرون في رفع معدلات الفائدة طويلة الأجل.

وشهد الاقتصاد نمواً بمعدل سنوي يقل عن 3 في المائة خلال الأشهر الستة الماضية، بينما ارتفع إنفاق المستهلكين - بدعم من مشتريات ذوي الدخل المرتفع - بقوة في الرُّبعين الثالث والرابع.

في المقابل، شهد توظيف الشركات تراجعاً، حيث واجه كثير ممَّن فقدوا وظائفهم صعوبةً في العثور على فرص عمل جديدة. وقد أشار باول إلى أن خفض سعر الفائدة الرئيسي هو جزئياً لتعزيز سوق العمل. لكن إذا استمرَّ النمو الاقتصادي بشكل صحي وارتفع التضخم مجدداً، فسيتعرض البنك المركزي لضغوط متزايدة للحد من تخفيضات سعر الفائدة أو إيقافها.