تستضيف مدريد لثلاثة أيام القمة الأطلسية بحضور قادة الدول الثلاثين الأعضاء في النادي الأطلسي، وأيضاً قادة السويد وفنلندا ومجموعة من المسؤولين الذين دعوا إليها ومنهم من منطقة المحيط الهادئ بناء على رغبة أميركية. ورسا الخيار على العاصمة الإسبانية كونها تحتفل هذا العام بمرور 40 سنة على انضمامها للحلف وقد سبق لها أن استضافت إحدى قممه عام 1997.
ومنذ عدة أشهر، هيمن موضوعان رئيسيان على مجريات القمة نظراً للتطورات والتداعيات المرتبطة بالحرب الروسية على أوكرانيا وهما من جهة الدعم الغربي الأطلسي لكييف والمحافظة على وحدة الأطلسيين، ومن جهة ثانية كيفية تسريع انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف وتوفير الضمانات الأمنية لهما ما بين لحظة تقديم الطلب وحتى قبوله، أي حتى يسري عليهما العمل بالمادة الخامسة من شرعة الحلف التي توفر لهما الحماية الجماعية... بيد أن القمة ستشهد، إلى جانب ما سبق، حدثاً رئيسياً آخر عنوانه تبني القادة الأطلسيين ما يسمى «المفهوم الاستراتيجي» الجديد الذي يعتبره بعض الخبراء أهم تحول في تاريخ الحلف منذ انطلاقته قبل سبعين عاماً. وقالت مصادر رئاسية فرنسية اليوم، في معرض تقديمها للقمة، إن تبني «المفهوم الاستراتيجي» الذي بدأ العمل بشأنه بعد قمة الأطلسي في عام 2019، «أصبح اليوم أكثر إلحاحاً بسبب التطورات الجارية على المسرح الأوكراني» وبالنظر للتحديات التي يواجهها الحلف وعلى الأخص جناحه الأوروبي الشرقي. كذلك تتعين الإشارة إلى أن تبني «المفهوم» الجديد يمثل أهم إعادة نظر في الرؤى والاستراتيجيات السابقة. ومحركها الأول، بحسب المصادر الرئاسية الفرنسية، أن روسيا «انتهكت المبادئ التي تم التوافق بشأنها بعد انتهاء الحرب الباردة»، وبالتالي كان يتعين على الأطلسيين «استخلاص النتائج من الحرب الروسية على أوكرانيا إن بالنسبة لتوفير الدعم مختلف الأشكال لهذا البلد أو بالنسبة لتعزيز الجناح الشرقي للحلف أو بالنسبة لإعادة النظر في كيفية توفير الأمن الجماعي للنادي الأطلسي». وينتظر أن يأخذ «المفهوم» الجديد التغيرات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة الأورو - أطلسية منذ عشر سنوات. وقالت المصادر الرئاسية الفرنسية إن «تبني المفهوم» الجديد سيتم في جلسة العمل الأولى للقادة الأطلسيين.
من المنتظر أن تحدد الوثيقة الجديدة أهداف الحلف ووظائفه الرئيسية في الدفاع والأمن وتسرد التحديات التي يواجهها ومنها «سياسات القوة» لعدد من الدول والحرب الهجينة «السيبرانية» والتكامل بين الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي وملف الإرهاب والتهديدات القادمة من الجنوب أي من أفريقيا. كذلك، سيوضح «المفهوم» الرؤية الأطلسية في خطوطها العامة وما يفترض أن يستتبعها من تغييرات على المستويين السياسي والدفاعي. ولن تكون روسيا وحدها موجودة على رادار الحلف بل هناك أيضاً الصين. وتشدد الولايات المتحدة منذ سنوات على التهديد الذي تمثله الصين إلى جانب التهديد المتمثل بروسيا وتريد للحلف الأطلسي أن يكون له دور. من هنا، ثمة مدرستان تتواجهان داخله: المدرسة التي تريد أن يتسع دور الحلف ليأخذ في الاعتبار الاستراتيجيات الجديدة في منطقة المحيط الهندي - الهادئ أي الطموحات الصينية بالدرجة الأولى، ومدرسة أخرى تريد أن يبقى اهتمام الحلف منصباً على ما يسمى المنطقة الأورو – أطلسية، ولكن من غير تناسي النظر في تبعات خطط وممارسات الصين على الحلف الأطلسي. وقالت المصادر الفرنسية إن الدور الذي لعبه الاتحاد الأوروبي منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا يبين أهمية الاعتراف الأطلسي به وأهمية التعاون بينه وبين الحلف. ويعمل «الاتحاد» على بلورة ما يسمى «البوصلة الاستراتيجية» التي يفترض أن تكون شبيهة بـ«المفهوم» الأطلسي. وسيكون تعزيز الحضور الأطلسي في الجناح الشرقي للحلف أحد المحاور الرئيسية بالنظر للتهديد الروسي وهو ما يظهر فيما أعلنه الأمين العام للحلف من الرغبة في رفع عديد قوة الرد أو الانتشار الأطلسية إلى 300 ألف رجل.
ولم ينتظر قادة تسع جدول من وسط وشرق أوروبا موعد القمة في مدريد للمطالبة بتعزيز الجناح الشرقي إذ استبقوها باجتماع عقد قبل ثلاثة أسابيع في العاصمة الرومانية للضغط على شركائهم الأميركيين والأوروبيين للإسراع في نشر أسلحة ووحدات إضافية في منطقتهم حتى تكون رادعاً لموسكو.
الحلف الأطلسي سيتبنى في مدريد «المفهوم الاستراتيجي» الجديد
الوثيقة الجماعية تستخلص العبر من الحرب الروسية على أوكرانيا وترصد التهديدات الجديدة
الحلف الأطلسي سيتبنى في مدريد «المفهوم الاستراتيجي» الجديد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة