جهود أممية لحل تعثر «المسار الدستوري» الليبي

اجتماع جديد في جنيف الأسبوع المقبل لبحث الأزمة السياسية

ستيفاني ويليامز خلال لقائها مسؤولين أوروبيين في أوسلو (البعثة الأممية)
ستيفاني ويليامز خلال لقائها مسؤولين أوروبيين في أوسلو (البعثة الأممية)
TT

جهود أممية لحل تعثر «المسار الدستوري» الليبي

ستيفاني ويليامز خلال لقائها مسؤولين أوروبيين في أوسلو (البعثة الأممية)
ستيفاني ويليامز خلال لقائها مسؤولين أوروبيين في أوسلو (البعثة الأممية)

تكثف ستيفاني ويليامز، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، جهودها محلياً ودولياً للبحث عن حل لتعثر «المسار الدستوري» للانتخابات الرئاسية والنيابية في البلاد.
وعبّرت الأمم المتحدة عن «خيبة أملها لفشل الأطراف الليبية في التوصل إلى اتفاق من أجل شعبهم»، وذلك على خلفية النتائج، التي انتهت إليها اجتماعات لجنة «المسار الدستوري» المشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بالقاهرة الأسبوع الماضي.
في هذا السياق، أجرت ويليامز لقاءات مع مسؤولين أوروبيين في العاصمة النرويجية أوسلو، تمحورت حول نتائج اجتماعات «المسار الدستوري»، وأهم العقبات التي حالت دون التوصل إلى توافق نهائي بشأنها، من بينهم توماس ريم بيردال، الممثل الخاص للنرويج بشأن ليبيا، وهنّة أورلكسون، مديرة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية في مملكة النرويج، وكذلك كريستيان بوك، المبعوث الألماني الخاص إلى ليبيا.
وقالت ويليامز في بيان نقلته بعثة الأمم المتحدة، مساء أول من أمس «لقد ناقشنا الخطوات المقبلة في المسار الدستوري الليبي، وأعربنا عن تطلعنا لاستجابة إيجابية لدعوة الأمم المتحدة من قِبل رئاسة مجلسي النواب والأعلى للدولة، للاجتماع خلال الأيام القليلة المقبلة، بهدف معالجة القضايا العالقة».
وبعد ساعات على لقائها بالمسؤولين الأوروبيين، أعلنت المستشارة الأممية، أمس، أن رئيسي مجلس النواب والأعلى للدولة، عقيلة صالح وخالد المشري، قبلا دعوتها للاجتماع في مقر الأمم المتحدة بجنيف ما بين 28 و29 يونيو (حزيران) الحالي؛ بغية مناقشة مسودة الإطار الدستوري بشأن الانتخابات.
وحيّت ويليامز صالح والمشري «على التزامهما بإنجاز التوافق بشأن المسائل المتبقية، عقب اجتماع لجنة المسار الدستوري المشتركة الأسبوع الماضي بالقاهرة». ويُفترض أن يناقش هذا اللقاء، بحسب مسؤول مقرب من ويليامز، مجمل «النقاط الخلافية»، التي حالت دون نجاح مباحثات القاهرة، بما يضمن حسم إجراء الانتخابات الليبية.
وكانت الجولة الثالثة والأخيرة من مفاوضات اللجنة المشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة قد انتهت في 20 من يونيو الحالي. وقالت ويليامز، إن المباحثات أحرزت الكثير من التوافق على المواد الخلافية في مسودة الدستور الليبي. لكنها أوضحت، أن الخلافات «ظلت قائمة بشأن التدابير المنظمة للمرحلة الانتقالية المؤدية إلى الانتخابات».
ووجهت ويليامز حينها الدعوة لرئيسي المجلسين للاجتماع في مكان يتم الاتفاق عليه لتجاوز النقاط العالقة، وقالت، إن الأمم المتحدة «ستظل ملتزمة بدعمها لجميع الجهود الليبية لإنهاء المراحل الانتقالية المطولة، عبر انتخابات وطنية شاملة وشفافة في أقرب أجل ممكن، وتلبية لتطلعات ما يقارب 3 ملايين ليبي سجلوا للتصويت في الانتخابات».
وتوافقت لجنة «المسار الدستوري» بالقاهرة على غالبية مواد الدستور، لكن بعض النقاط الخلافية ظلت عالقة، من بينها مسألة الترشح لرئاسة ليبيا.
وكان ستيفان دوغاريك، الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، قد عبّر عن «أسف الأمم المتحدة لأن العديد من المعالم البارزة في خريطة الطريق السياسية لمنتدى الحوار السياسي الليبي، التي جرى تبنيها بتونس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، ضاعت على مدار عام 2021، بما في ذلك إجراء الانتخابات الوطنية، التي كان من المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021».
ودعت الأمم المتحدة القادة الليبيين إلى الامتناع عن استخدام تاريخ 22 يونيو الحالي كأداة للتلاعب السياسي، في إشارة إلى موعد انتهاء المرحلة الانتقالية، الذي حدده ملتقى الحوار الوطني الليبي في جنيف. ورأى دوغاريك، أن «خريطة الطريق حددت انتهاء المرحلة الانتقالية في 22 يونيو، بشرط إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بحلول هذا الوقت، وهو ما لم يحدث»، وتابع قائلاً «نحث القادة الليبيين على الامتناع عن استخدام هذا التاريخ كأداة للتلاعب السياسي؛ وبدلاً من ذلك، نشجعهم على مضاعفة جهودهم للحفاظ على الهدوء، والاستقرار في هذا المنعطف الحرج في التحول السياسي بالبلاد».
وسبق أن فشل لقاء صالح والمشري، الذي كان مقرراً عقده بالقاهرة الأسبوع الماضي، لأسباب وصفها مقربون من الأخير لـ«اعتراضه على أجندة الاجتماع»، لكنه اقترح مدينة غدامس بأقصى الجنوب الليبي لعقد اللقاء.
في شأن آخر، أعلنت اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية في ليبيا، عن بدء إجرائها داخل 12 بلدية في شهر يوليو (تموز) المقبل، مشيرة إلى أنها عملت على إنجاز هذا الاستحقاق منذ بداية العام الجاري بوضع خطة، لا سيما مع إنشاء بلديات جديدة، وما ترتب على ذلك من إجراءات فصل وتسمية مراكز انتخابية جديدة.
ولفتت اللجنة إلى أن البلديات التي ستشهد انتخابات هي ترهونة وجنزور، والأبرق ومرادة والخمس، والقيقب وزويلة والعربان، والجليدة وزلة والمردوم وتنيناي، منوهة إلى إجرائها في باقي البلديات الأخرى بالمرحلة المقبلة.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

شن الجيش السوداني، الأربعاء، هجوماً برياً كبيراً من عدة محاور على أطراف ولاية الجزيرة وسط البلاد، استعاد على أثرها، السيطرة على عدد من البلدات والقرى على تخوم العاصمة ودمدني، من سيطرة «قوات الدعم السريع»، حسب مصادر تابعة للجيش.

وأفادت المصادر بأن الجيش حرر بالكامل بلدة الحاج عبد الله جنوب مدني، فيما تقدمت قواته وأحكمت سيطرتها على القرى المجاورة لها. وبثت عناصر من الجيش السوداني مقاطع فيديو على موقع «فيسبوك» من داخل السوق الرئيسية للبلدة. ولم يتسنَّ الـتأكد من هذه الأنباء من مصدر مستقل، فيما لم تنف أو تؤكد مصادر من «الدعم السريع».

وفي محور أم القرى شرق الجزيرة، دارت معارك شرسة بين «قوات درع السودان»، المتحالفة مع الجيش، بقيادة أبو عاقلة كيكل، و«قوات الدعم السريع»، ولا تزال الاشتباكات جارية بين الطرفين حتى كتابة هذا التقرير، مساء الأربعاء. وقالت «درع السودان» في بيان على موقعها بـ«فيسبوك»، إن قواتها طوقت بلدة (أم القرى) حيث تتمركز «قوات الدعم السريع» في المنازل والأعيان وسط المدينة. وأشارت إلى أن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني تدخل وشن غارات جوية لقطع طرق إمداد «الدعم السريع» بالأسلحة والقوات من الناحية الغربية للمدينة، حيث تجري المعركة في منطقة مكشوفة. وأكدت «درع السودان» سقوط عدد من القتلى والجرحى وسط قواتها.

نازحون في مدينة بورتسودان (شرق) في طريق عودتهم إلى مناطقهم التي استعادها الجيش السوداني (أ.ف.ب)

وجاء الهجوم الذي يعد الأكبر منذ أشهر، بعد يومين من تفقد مساعد القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، الخطوط الأمامية لقوات الجيش في المحاور المتقدمة باتجاه بولاية الجزيرة. وأطلق الجيش السوداني والفصائل المتحالفة بعد أشهر من الاستعدادات والتحشيد، فجر الثلاثاء، عملية واسعة النطاق على المناطق المحيطة بعاصمة الجزيرة، وتمكنت قواته للمرة الأولى من التوغل في العمق والسيطرة على مواقع عدة.

ومنذ أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت «قوات الدعم السريع» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى لاستعادة الولاية كاملة.

قصف جوي جنوب الخرطوم

وقتل 7 أشخاص وأصيب 17 آخرون في غارات جوية للجيش السوداني جنوب العاصمة الخرطوم خلال 24 ساعة الماضية، وفق ما أعلنته غرفة طوارئ جنوب الحزام الأخضر بالعاصمة. وقالت الغرفة: «لليوم الثاني يستهدف القصف الجوي الأحياء المأهولة بالسكان، مأ أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين». وأضافت في بيان على موقعها على «فيسبوك»: «فجر الأربعاء، قتل أيضاً 6 أشخاص، من بينهم أطفال، وأصيب العشرات في سلسلة غارات جوية نفذها الطيران الحربي للجيش السوداني».

وقال سكان في المنطقة لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا دوي انفجارات قوية هزت أرجاء المدينة. وأضافوا أن «الطيران الحربي ظل منذ اندلاع الحرب يشن غارات جوية بالبراميل المتفجرة على عدد من مناطق جنوب الحزام الأخضر، ما أوقع ضحايا بالمئات بين قتيل وجريح». ونُقل بعض المصابين والجثامين إلى مستشفى بشائر الوحيد الذي يعمل في منطقة جنوب الحزام.

وأطلق متطوعون نداءات للكوادر الطبية للتوجه إلى المستشفى لإسعاف عشرات الجرحى بإصابات متفاوتة بعضها خطرة. وتعد المرة الخامسة خلال أقل من شهر تتعرض فيها الأحياء السكنية في مناطق جنوب الحزام الأخضر لضربات جوية من الجيش. ومنذ أبريل (نيسان) 2023، أسفرت الحرب الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» عن مقتل عشرات الآلاف في العاصمة.