ولي العهد السعودي والرئيس التركي يشددان على تفعيل التعاون في جميع المجالات

محمد بن سلمان اختتم جولته الخارجية... وإردوغان في مقدمة مودعيه في مطار أنقرة

الرئيس إردوغان وولي العهد السعودي عقدا لقاء ثنائياً وجلسة مباحثات استعرضت العلاقات والمستجدات في المنطقة (واس)
الرئيس إردوغان وولي العهد السعودي عقدا لقاء ثنائياً وجلسة مباحثات استعرضت العلاقات والمستجدات في المنطقة (واس)
TT

ولي العهد السعودي والرئيس التركي يشددان على تفعيل التعاون في جميع المجالات

الرئيس إردوغان وولي العهد السعودي عقدا لقاء ثنائياً وجلسة مباحثات استعرضت العلاقات والمستجدات في المنطقة (واس)
الرئيس إردوغان وولي العهد السعودي عقدا لقاء ثنائياً وجلسة مباحثات استعرضت العلاقات والمستجدات في المنطقة (واس)

اختتم الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، جولة خارجية شملت كلا من: مصر والأردن وتركيا، حيث أجرى محادثات مع قادة تلك الدول، تناولت تعزيز وتنمية العلاقات، وسبل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، كما شملت عددا من الملفات الاستراتيجية والاقتصادية والتنموية بين المملكة وتلك البلدان.
وكانت العاصمة التركية أنقرة محطة ولي العهد السعودي الأخيرة التي وصل إليها في وقت لاحق أمس الأربعاء، على رأس وفد رفيع، وتقدم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مستقبليه في المجمع الرئاسي، حيث أقيمت له مراسم استقبال رسمية.
وعقد الجانبان، لقاءً ثنائياً رحب في بدايته الرئيس التركي بولي العهد في بلده الثاني، ونقل ولي العهد، تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس التركي، فيما حمله الرئيس التركي تحياته وتقديره لخادم الحرمين الشريفين.
واستعرضا العلاقات الثنائية بين البلدين وأوجه التعاون والسبل الكفيلة بتطويرها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى استعراض مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها وعدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، غادر بعدها الأمير محمد بن سلمان مختتماً زيارته لتركيا وجولته في الدول الثلاث.

جانب من استقبال الرئيس التركي لولي العهد السعودي في المجمع الرئاسي بأنقرة (واس)

- بيان مشترك يشدد على تطوير العلاقة
وخلص بيان ختامي مشترك صدر حول زيارة الأمير محمد بن سلمان لتركيا، إلى المقومات الاقتصادية الكبيرة التي يزخر بها البلدان بصفتهما عضوين في مجموعة العشرين، كما تناول البيان المباحثات التي استعرضت العلاقات الثنائية بين البلدين من مختلف الجوانب، وتم التأكيد بأقوى صورة على عزمهما المشترك لتعزيز التعاون في العلاقات الثنائية بين البلدين بما في ذلك المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية، وتبادل الجانبان وجهات النظر حيال أبرز المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأوضح البيان، أن الجانبين ناقشا سبل تطوير وتنويع التجارة البينية، وتسهيل التبادل التجاري بين البلدين، وتذليل أي صعوبات في هذا الشأن، وتكثيف التواصل بين القطاعين العام والخاص في البلدين لبحث الفرص الاستثمارية وترجمتها إلى شراكات ملموسة في شتى المجالات، والفرص التي تقدمها رؤية المملكة 2030 في مجالات الاستثمار، والتجارة، والسياحة، والترفيه، والتنمية، والصناعة، والتعدين، ومشاريع البناء والنقل والبنى التحتية بما في ذلك المقاولات، والزراعة، والأمن الغذائي، والصحة، ومجالات الاتصالات وتقنية المعلومات، والإعلام، والرياضة، واتفقا على تفعيل أعمال مجلس التنسيق السعودي التركي، ورفع مستوى التعاون والتنسيق حيال الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، والعمل على تبادل الخبرات بين المختصين في البلدين. أعرب الجانبان عن تطلعهما للتعاون في مجالات الطاقة، ومنها البترول وتكريره والبتروكيماويات، وكفاءة الطاقة، والكهرباء، والطاقة المتجددة، والابتكار والتقنيات النظيفة للموارد الهيدروكربونية، والوقود المنخفض الكربون والهيدروجين، والعمل على توطين منتجات قطاع الطاقة وسلاسل الإمداد المرتبطة بها، وتطوير المشروعات ذات العلاقة بهذه المجالات.

الرئيس إردوغان مودعاً ضيفه ولي العهد السعودي في ختام زيارته لتركيا (واس)

- تركيا ترحب بـ«الشرق الأوسط الأخضر»
وفي مجال البيئة والتغير المناخي، رحبت تركيا بإطلاق المملكة لمبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر» وأعربت عن دعمها لجهود المملكة في مجال التغير المناخي من خلال تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون، الذي أطلقته المملكة، وأقره قادة دول مجموعة العشرين، اتفق الطرفان على تطوير شراكات إنتاجية واستثمارية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية والمدن الذكية، وتشجيع الجهات الفاعلة في القطاع الخاص العاملة في هذه المجالات على التعاون، ودعا الجانب التركي الصناديق الاستثمارية العاملة في بيئة ريادة الأعمال السعودية للاستثمار في الشركات الناشئة في تركيا، وإقامة شراكات معها.
واتفق الطرفان على تعزيز واستمرار العلاقات بين «مؤسسة المواصفات التركية»، و«الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس»، في إطار اتفاقيات التعاون الموقعة بين المؤسستين المعنيتين.
وفي الشأن الدفاعي، اتفق الجانبان على تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في مجالات التعاون الدفاعي، وتعزيزها وتطويرها، بما يخدم مصالح البلدين، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، واتفق الطرفان على تعزيز التعاون العدلي، والعمل على تبادل الخبرات بين المختصين في المجالين القضائي والعدلي.
- التعاون في المجال السياحي وتنميته
وأكد الجانبان على أهمية التعاون في المجال السياحي وتنمية الحركة السياحية بين البلدين، واستكشاف ما تزخر به كل بلد من مقومات سياحية، وتعزيز العمل المشترك بما يعود بالنفع على القطاع السياحي وتنميته حسب الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين البلدين، وأكد الطرفان على أهمية تعزيز التعاون بين هيئات الطيران المدني الوطنية، وتسهيل الإجراءات الإدارية لعمليات شركات الطيران، واتفق الطرفان على عزمهما على تطوير التعاون القائم بين البلدين في مجال الصحة. وسيقوم الطرفان باستكشاف فرص التعاون في مجال الاستثمارات الصحية، كذلك أعرب الجانب السعودي عن امتنانه لدعم تركيا لترشح الرياض لاستضافة معرض إكسبو 2030.
أكد الطرفان سعيهما لتكثيف التعاون والتنسيق وتبادل وجهات النظر بخصوص المسائل والقضايا المهمة على الساحتين الإقليمية والدولية وبما يسهم في دعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. ودعم الحلول السياسية لكل الأزمات في دول المنطقة مع التأكيد على عدم المساس بسيادة أي منها والسعي لكل ما من شأنه إبعاد دول المنطقة عن التوترات، وإرساء دعائم الأمن والاستقرار فيها.
كما أكد الطرفان عزمهما على زيادة التعاون والتنسيق الفعال بينهما في إطار المنظمات الإقليمية والدولية وعلى رأسها منظمتا: التعاون الإسلامي والأمم المتحدة. ومواصلة تعاونهما الوثيق بما يضمن السلام والاستقرار والأمن في المنطقة.
وثمن الرئيس التركي جهود السعودية في تنظيم موسم الحج للعام الماضي 1442هـ، رغم التحديات التي تسببت فيها جائحة كورونا، وما تبذله لخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من حجاج ومعتمرين وزوار معبرا عن ارتياحه لزيادة أعداد الحجاج والمعتمرين هذا العام، وشكر الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده على جهودهما في هذا الشأن، كما أكد الطرفان عزمهما على مواصلة تطوير التعاون على أساس الأخوة التاريخية، لخدمة المصالح المشتركة للبلدين والشعبين ومستقبل المنطقة بما يحقق المنفعة للجميع.
وفور مغادرته، أبرق للرئيس التركي رجب طيب إردوغان معرباً عن شكره وتقديره لما لقيه والوفد المرافق من حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وقال في برقيته للرئيس إردوغان: «لقد أتاحت هذه الزيارة بحث الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وبما يؤكد حرص بلدينا على المضي قُدماً في ترسيخ العلاقات الثنائية بينهما، وتطويرها في مختلف المجالات، في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وفخامتكم، والتي تهدف إلى تحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة».
- الإعلام التركي يشيد بالزيارة التاريخية
ووصفت وسائل إعلام تركية الزيارة بالتاريخية وقالت إنها زيارة مهمة وتعزز العلاقات بين البلدين، وقال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، نائل أولباك، إن حجم الصادرات التركية إلى السعودية بلغ 7.3 مليار دولار دولار من قبل، و «نأمل مع استعادة الزخم في العلاقات أن يرتفع إلى 10 مليارات دولار»، وأضاف أولباك أن السعودية من الدول ذات الأهمية الكبرى لدى عالم الأعمال التركي، وأن القرار السعودي الأخير برفع قيود السفر التي فرضت بسبب وباء كورونا يعد تطورا مهما للغاية لرجال الأعمال الأتراك.
وكان ولي العهد السعودي، قد غادر عمّان في وقت سابق أمس «الأربعاء» وتقدم مودعيه الملك عبد الله الثاني، وولي عهده الأمير الحسين بن عبد الله، ونايف بن بندر السديري سفير السعودية لدى الأردن، والسفير الأردني بالرياض علي الكايد، وكبار المسؤولين في الحكومة الأردنية.
وبعد مغادرته، أبرق ولي العهد السعودي للعاهل الأردني شاكراً حسن الضيافة والوفادة التي لقيها والوفد المرافق، وقال: «لقد أكدت المباحثات التي أجريناها مع جلالتكم على عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين بلدينا، والتي تهدف إلى تحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة في ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وجلالتكم».
كما بعث ببرقية مماثلة لولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية، وقال: «لقد أكدت هذه الزيارة عمق العلاقات التي تربط بين بلدينا، والتي تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتحقيق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين».
وحول الزيارة، صرح وزير الإعلام الأردني فيصل الشبول، بأنها تؤكد عمق العلاقات الأخوية الوطيدة التي تربط البلدين والتنسيق المستمر بالقضايا ذات الاهتمام المشترك كافة، إضافةً إلى عمق الحوار السياسي بينهما على الصعد الاستراتيجية كافة، وأكد الوزيرالأردني أهمية الزيارة من حيث توقيتها وموضوعها والتي تأتي في ظل ظروف إقليمية صعبة وتحديات عديدة تحتم أهمية التواصل بين القيادتين.
فيما أكد نايف السديري سفير السعودية لدى الأردن، أن زيارة الأمير محمد بن سلمان للعاصمة عمان، تأتي لترسيخ مبدأ الأخوة بين قيادتَيْ البلدين والشعبين الشقيقين، وتحمل دلالات كثيرة على المستوى السياسي والاقتصادي، وأنها تشكل منعطفاً مهماً في تاريخ العلاقات السعودية الأردنية الممتدة التي تربط المملكتين، وعن العلاقات السياسية بين البلدين، قال السفير السديري: في إطار المشهد السياسي، فإن الرياض وعمان كما لا يخفى على الجميع تتفقان على مجمل الملفات من خلال الجهود المشتركة والمساعي الحثيثة في التعامل مع تلك الملفات والقضايا، وتعزيز منظومة العمل العربي المشترك عبر جامعة الدول العربية، كما أن هذا الجانب يحمل كثيراً من الإيجابية بين البلدين، لا سيما أن السعودية والأردن يمثلان الجانب الإستراتيجي في المنطقة، مبيناً أن المشهد الاقتصادي بين المملكة والأردن يحمل عنواناً مهماً للمرحلة المقبلة من خلال الإسهام في الانتقال إلى آفاق أرحب لتعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين وفتح المجال أمام الاستثمار الكبير للمقومات الحيوية لكلا البلدين، مما سينتج عنه شراكات كبيرة في مختلف المجالات.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

عَلَم المملكة... تاريخ يرفرف بالهوية السعودية الراسخة

عروض عسكرية احتفالاً بالعلم السعودي خلال العام 2023 (وزارة الثقافة السعودية)
عروض عسكرية احتفالاً بالعلم السعودي خلال العام 2023 (وزارة الثقافة السعودية)
TT

عَلَم المملكة... تاريخ يرفرف بالهوية السعودية الراسخة

عروض عسكرية احتفالاً بالعلم السعودي خلال العام 2023 (وزارة الثقافة السعودية)
عروض عسكرية احتفالاً بالعلم السعودي خلال العام 2023 (وزارة الثقافة السعودية)

في كل خفقة للراية الخضراء، تعيد قصة العلم سرد حكاية وطن تأسس على التوحيد وانطلق نحو المجد فكان علمه شاهداً على عزته، ورمزاً لا يُطوى في صفحات النسيان، فأعلام الدول ليست مجرد رايات ترفع، والعلم السعودي ليس مجرد رمز للدولة؛ بل تجسيد لهويتها وروحها.

في يوم العلم لا يحتفي السعوديون بقطعة من القماش؛ بل يحتفون بوطنٍ آمن أن القوة تكمن في وحدته، وأن الخلود يُكتب لمن يجعل من الراية رسالة؛ كونها قسم الولاء، وتاريخ الأجداد، وأمانة الأحفاد، التي لا تسقط أبداً لأنها رفعت في القلوب قبل أن ترفرف في السماء.

يتميز علم المملكة العربية السعودية بلونه ودلالاته ومضامينه، ويمثل القيم والمبادئ التي قامت عليها الدولة، ويجسد عمقها التاريخي وهويتها العربية الإسلامية، وظل هذا العلم واصلاً ورابطاً بين مراحل الدولة السعودية منذ تأسيسها قبل ثلاثة قرون، ودالاً على امتدادها واستمراريتها.

لكن السؤال لماذا أصدر الملك عبد العزيز أمره يوم 11 مارس (آذار) 1937 بالموافقة على قرار مجلس الشورى بتوحيد مقاس وشكل العلم، وهو الشكل الذي نراه اليوم، وما التطورات التي نشأت وتزامنت مع إقرار علم البلاد بشكله الحالي، وما علاقة العلم بشعار الدولة ونشيدها الوطني؟

فقد ورد في مشروع نظام علم الدولة وشعارها ونشيدها الوطني الذي درسه مجلس الشورى السعودي، لكنه لم يصدر رسمياً بعد: أن «العلم والشعار والنشيد رموز وطنية يجب احترامها وصونها والمحافظة عليها وحمايتها من التعدي».

لكن ما يثير الاستعجاب أن تاريخ شعار الدولة وتطوراته - ورغم أهميته - يُعد مما لم تمسه أقلام المؤرخين أو تتداركه بحوث الباحثين أو دراساتهم، الأمر الذي ولّد اجتهادات خاطئة عن تاريخ هذا الشعار وبداية استخدامه.

يرمز شعار الدولة عادة لهويتها الوطنية والسياسية ويُستمد من تاريخها وتراثها الحضاري ويكون علامة دالة عليها.

حتى النشيد الوطني السعودي، ونقصد به هنا السلام الملكي (موسيقى وكلمات)، وتاريخ نشأته وتطوراته، يعتريه اللبس كذلك، وتساق روايات غير موثقة عن بداياته والمراحل التي مر بها.

شعار الدولة... التاريخ والبداية

سنحاول هنا تتبع الحقائق واستجلائها من خلال الوثائق والمصادر التاريخية المتاحة، التي لم تُشر صراحة إلى وجود شعار خاص بالدولة في بدايات عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، لكن إضافة السيفين المتقاطعين على العلم، ثم استخدامه بتطبيقات متعددة، منها استخدامه بإضافة علمين على السيفين، مثلما ظهر في وثيقة تأسيس إدارة المطبوعات والمخابرات (أمر ملكي) صدر على مطبوعات (الديوان السلطاني) عام 1926. ثم استخدام السيفين على العملة النقدية عام 1927 مع إضافة نخلتين على الجانبين، وصدر الشعار ذاته على طوابع ذكرى الجلوس الملكي في يناير (كانون الثاني) 1930.

شعار المملكة كما ظهر في مختلف الطوابع (الشرق الأوسط)

النخلة تظهر كشعار في الريال السعودي (الشرق الأوسط)

مع الإشارة إلى استمرار استخدام السيفين المتقاطعين والنخلتين على النقود التي صدرت بعد ذلك التاريخ، لكن الواضح أن ذلك الشعار لم يكن متداولاً على نطاق واسع سواءً على الأختام الحكومية أو المطبوعات الرسمية خلال تلك السنوات، مع ذلك يمكن عده أول شعار رسمي للدولة.

وبعد إعلان توحيد البلاد عام 1932، واستكمال عدد من الأنظمة والإجراءات التي تعزز وحدة الدولة واستقراراها، وضمن الخطوات التي اتخذها الملك عبد العزيز لترسيخ الهوية الجامعة وتعزيز الانتماء الوطني، وصهر المجتمع الذي وحده من أقاليم ومكونات متعددة في الكيان الكبير (المملكة العربية السعودية) ولعدة أسباب أخرى، تم توحيد شكل ومقاس العلم، وتزامن مع ذلك القرار أو سبقه، أي في عام 1937، اعتماد السيفين والنخلة شعاراً للدولة.

يقول المستشار والوزير السعودي فؤاد حمزة في الطبعة الأولى من كتابه «البلاد العربية السعودية» الصادرة في شهر فبراير (شباط) 1937 وقبل أقل من شهر من صدور أمر الملك عبد العزيز باعتماد شكل العلم الحالي، وتحت عنوان «العلم العربي والشعار»: «للمملكة العربية السعودية علم واحد هو علم صاحب الجلالة الملك، الذي هو علم الجهاد المؤلف من أرضية خضراء عليها سيفان متقاطعان فوقهما جملة (لا إله إلا الله محمد رسول الله. أما الشعار فإنه مؤلف من سيفين متقاطعين بينهما نخلة». وتعد هذه السطور أول توثيق مكتوب عن شعار الدولة، ومنه نستنتج أن اعتماد السيفين والنخلة شعاراً للسعودية تم قبل اعتماد شكل العلم الحالي، وهذا يدل على عدم صحة القول إن شعار السيفين والنخلة تم اعتماده عام 1950، وهو ما يُتداول رواية وفي كثير من المواقع اليوم.

وبتتبع السيفين والنخلة شعاراً للدولة، وجدنا أنه ظهر على ختم لمديرية الشرطة العامة في عام 1938، وعلى وثائق أخرى في السنوات التي تلت، كما ظهر على مطبوعات زيارة الملك عبد العزيز لمصر عام 1946، وعلى مطبوعات رسمية عام 1948، وعلى مطبوعات لوزارة الخارجية عام 1949. كما تصدر الشعار الصفحة الأولى من العدد الممتاز الذي أصدرته جريدة أم القرى بمناسبة ذكرى مرور خمسين عاماً على دخول الملك عبد العزيز الرياض الصادر يوم 4 شوال 1369هـ - 19يوليو (تموز) 1950.

تطورات الشعار في مختلف "الترويسات" الرسمية

تطورات الشعار في مختلف "الترويسات" الرسمية

تطورات الشعار في مختلف "الترويسات" الرسمية

لكن الملاحظ أنه لم يكن هناك أي شعار على مطبوعات جميع الدوائر الرسمية خلال تلك السنوات وما بعدها، إذ كان يكتفى بـ«المملكة العربية السعودية» واسم الجهة: كديوان جلالة الملك، أو وزارات المالية أو الدفاع، أو غيرها من الجهات.

كما أننا لم نعثر على أي نص نظامي يُفَصّل في ماهية شعار الدولة ومقاسه وتطبيقاته واستخداماته، وكانت أول إشارة له في أنظمة الدولة ما ورد في المادة الثانية من نظام العلم الصادر عام 1973 في وصف علم جلالة الملك ونصها:

«يكون لجلالة الملك علم خاص يُطابق العلم الوطني في أوصافِه ويُطرَّز في الزاوية الدُنيا مِنه المجاورة لعود العلم بخيوط حريرية مُذهبة شعار الدولة، وهو السيفان المُتقاطِعان تعلوهما نخلة».

صورة توضيحية لعلم الملك إذ يضاف أسفل العلم بخيوط حريرية مُذهبة شعار الدولة (الشرق الأوسط)

ثم نصت المادة الرابعة من النظام الأساسي للحكم الصادر عام 1992 على:

«شعار الدولة سيفان متقاطعان، ونخلة وسط فراغهما الأعلى، ويحدد النظام نشيد الدولة وأوسمتها»، وهنا أتت أول إشارة نظامية للنشيد الوطني.

فصيل الدمام والموسيقى العسكرية

للعلم ارتباط بالموسيقى العسكرية التي تعزف تحيته ونشيده ويتقدمها في المناسبات والاستعراضات، وهنا يتبادر سؤال عن بدايات وجود الفرقة العسكرية الموسيقية، إذ يرى الإعلامي والمؤرخ السعودي الدكتور عبد الرحمن الشبيلي أن «الموسيقى العسكرية كانت موجودة في الحجاز منذ العهدين العثماني والهاشمي، تستخدم في المناسبات الرسمية والعروض العسكرية، معتمدة بشكل رئيسي على الطبول والأبواق...»، بينما يشير المدير العام السابق للشؤون العامة في القوات المسلحة السعودية اللواء عقيل بن ضيف الله القويعي أنه نحو عام 1933 تأسست في مقر الجيش المسمى القشلة بحي جَرْوَل في مكة المكرمة فرقة باسم «فصيل الدمام» نسبة إلى صوت الدُم (الضرب على الطبل)، وكانت الفرقة تستخدم الطبول والأبواق والبوزات، ثم طورت وكالة الدفاع (قبل تحولها إلى وزارة) الفكرة وأسست فصائل أخرى بالاسم نفسه في الرياض والمدينة المنورة وجدة وأبها والأحساء.

ونحو عام 1948 تم استقدام خبير موسيقي من السودان يدعى أحمد محمود لتدريبهم وتطوير أدائهم، وتؤكد مصادر أخرى أنه تزامنت عودة الجيش السعودي من حرب فلسطين مع استقدام فرقة موسيقية حديثة بقيادة الموسيقي المصري أمين مرسي، فجرى توحِيد فصائل الدمام فيها، وبذلك تشكلت فرقة موسيقية عسكرية حديثة في عام 1950.

كان تأسيس تلك الفرقة تحولاً مهماً في تاريخ الموسيقى السعودية عموماً، إذ نقلت الموسيقى العسكرية من الطبل والبوق إلى الآت النحاسية ونقلت الأغنية السعودية من الربابة والعود إلى الآلات الوترية والايقاعية. ثم اختير النقيب في الجيش آنذاك طارق عبد الحكيم، الذي كان لديه ميل للموسيقى والغناء لدارسة الموسيقى وابتعث إلى مصر نحو عام 1951، وإثر عودته من مصر تأسست عام 1953 أول مدرسة لموسيقى الجيش، وذلك ضمن منظومة المدارس العسكرية التي تأسست في الطائف. تم كل ذلك بدعم واهتمام من وزير الدفاع آنذاك الأمير منصور بن عبد العزيز. انتقلت المدرسة في عام 1963 إلى الرياض، وتشكلت بعد ذلك إدارة موسيقات القوات المسلحة، وأنشئ معهد موسيقى القوات المسلحة الذي كانت نواته المدرسة ولا زال إلى اليوم يخرج دفعات من الموسيقيين العسكريين ويمد القطاعات العسكرية بخريجيه.

وخلافاً لما يُتصور، فللموسيقى العسكرية أدوار حربية عدا دورها في السلم، وللجيش نشيده الخاص وكذلك لكل قوة من قواته.

وعن بث مقطوعات موسيقى الجيش عبر الإذاعة لأول مرة يروي الأديب والتربوي السعودي أحمد علي الكاظمي أنه في شهر فبراير 1950: «أذاعت محطة جدة تسجيلاً خاصاً عن وصول جلالة الملك للرياض ولأول مرة يذاع من محطة جدة موسيقى الجيش التي كانت تصدح الأناشيد».

وقال إنه في الشهر ذاته أقيم عرض عسكري في جدة لاستقبال الجيش السعودي العائد من حرب 1948 «ووقفت الموسيقى وفرقتها تصدح بأنغامها وطبولها ومزاميرها مدة استمرار العرض...»، وكأن الكاظمي هنا يشير إلى الفرقة التي تشكلت وقتذاك.

النشيد الوطني... اللحن والكلمات

أما عن النشيد الوطني، فلم ترد أي إشارة عنه، أو حتى بمسمى السلام الملكي في أي من المصادر التاريخية التي تم البحث فيها قبل عام 1946، وكانت أولى المرات التي يُنشر فيها عن السلام أو النشيد الملكي السعودي ضمن برنامج زيارة الملك عبد العزيز لمصر في شهر يناير 1946 الذي أعدته التشريفات الملكية المصرية، وحسبما ورد في برنامج الزيارة، يُعزف (السلام الملكي السعودي) عند وصول الملك عبد العزيز إلى سطح اليخت الملكي (محروسة) أثناء رسوه في ميناء جدة.

في غياب أي رواية أخرى يترجح أن المرة الأولى التي عزف فيها السلام الملكي السعودي أمام الملك عبد العزيز عند نحو الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر يوم الاثنين 7 يناير 1947. وتكاد تجمع الروايات على أن ملحن السلام الملكي هو الموسيقي المصري عبد الرحمن محمود كامل الخطيب، يؤكد ذلك وجود وثيقة مؤرخة في عام 1950 وهي نسخة من النوتة الموسيقية للسلام الملكي السعودي كتب في أسفلها (تأليف: عبد الرحمن الخطيب).

لكن التساؤلات التي تُطرح ليست عن الخطيب كملحن، إنما مَن هي الجهة التي كلفت الخطيب؟ ثم كيف لحَّن الخطيب السلام الملكي؟ وأيضاً هل لحنه دون كلمات أم كانت هناك كلمات؟ كل هذه الأسئلة ظلت دون إجابات أو لم تُسأل أساساً! لذا غابت معلومات دقيقة ومهمة، وغدت المعلومات المتداولة عن هذا الموضوع ناقصة ومتناقضة.

فمما يتداول أن الخطيب وضع لحناً بالبوق فقط دون نوتة موسيقية. فأولاً الخطيب موسيقار وأستاذ للموسيقى وليس ملحناً عادياً، ومن اختاره يعرف إمكاناته وقدراته، ولا يتصور أنه وضع اللحن دون نوتة، لأن السلام الملكي السعودي عزفته فرق مختلفة خلال تلك السنوات، فعدا الفرق الموسيقية المصرية التي عزفته أثناء الزيارة الملكية لمصر، تؤكد المصادر الرسمية عزفه من قبل فرقة عسكرية أميركية على ظهر بارجة أميركية خلال شهر أبريل (نيسان) 1948 في ميناء رأس تنورة أثناء زيارة ولي العهد (الأمير) سعود للأسطول الأميركي مما يؤكد وجود النوتة، كما عزفته فرقة موسيقى الجيش في الطائف أثناء حفل تخرج طلاب المدارس العسكرية تحت رعاية الأمير منصور وزير الدفاع في شهر مارس 1949، كما عُزف خلال العرض العسكري الذي أقامه الجيش السعودي أمام الملك عبد العزيز بساحة القصر الملكي بمكة المكرمة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 1949، وهذا كله قبل صدور النوتة الموسيقية التي أشرنا لها، وتاريخها 15 فبراير 1950.

أما عن وجود الكلمات، ففي برنامج الزيارة الملكية لمصر ظهرت عبارة «النشيد الملكي» وكذلك «السلام الملكي»، مما يوحي بوجود كلمات، وجاءت أكثر وضوحاً في حفل استقبال الملك عبد العزيز في جدة عند عودته من مصر يوم الجمعة 25 يناير 1946، إذ كان هناك فقرة في برنامج الحفل بالنص الآتي: «ينشد تلامذة المدارس المصطفون أمام بهو الاستقبال النشيد الوطني...»، وهنا الإشارة واضحة إلى أن هناك نشيداً، أي كلمات.

أما في احتفال نادي ضباط الجيش في الطائف لتكريم ولي العهد الأمير (سعود) خلال شهر أكتوبر 1952، فجاء في نص الخبر الرسمي المنشور عن المناسبة: «تشنفت الآذان بسماع النشيد الملكي من تلاميذ المدرسة العسكرية مقترناً بتوقيع موسيقى الجيش». وهنا العبارة جلية بأن هناك كلمات ولحناً. لكن يبقى السؤال أين هذه الكلمات ومن كتبها؟

يتضح مما سبق أنه كان هناك نشيد يؤدى مع السلام الملكي، ولكن تبقى الاحتمالات أن ذلك النشيد لم يعد يناسب المرحلة فرؤي تغييره، أو أنه حصل تعديل موسيقي على اللحن

فتوقف استخدام الكلمات ولم يتوفر البديل المناسب، فاستمر الحال دون اعتماد نشيد رسمياً حتى عام 1984 كما سيرد معنا تفصيلاً.

عبد الرحمن الخطيب (الشرق الأوسط)

يؤيد هذه الاحتمالات ما تردد في عدة مصادر أن الفنان طارق عبد الحكيم هو من أعاد توزيع اللحن، وأن الشاعر محمد طلعت كتب نشيداً مصاحباً للسلام الملكي تقول كلماته:

يعيش مليكنا الحبيب ... أرواحنا فداه حامي الحرم

هيا اهتفوا عاش الملك... هيا ارفعوا راية الوطن

اهتفوا ورددوا النشيد... يعيش يعيش يعيش الملك

وذكرت مصادر أن هذا النشيد أعد لحفل أقامه نادي ضباط الجيش بالطائف تحت رعاية الملك سعود في صيف عام 1958، وظل يُردد لسنوات، لكنه لم يعتمد رسمياً كنشيد وطني، ويؤيد ذلك الدكتور الشبيلي، كما يضيف: «أن هناك وثيقة صادرة من الإذاعة السعودية تعد عبد الرحمن الخطيب ملحناً وتعتبر طارق عبد الحكيم هو من قام بطبعه وتوزيعه موسيقياً».

وعلى أي حال يتضح أن هناك محاولات مبكرة وتسلسلاً تاريخياً لهذا الملف يمكن تلخيصه في الآتي:

في شهر يوليو 1949 أعلنت وزارة الدفاع عن مسابقة شعرية لكتابة «النشيد الملكي» و«نشيد العلم»، لكننا نجد أنه صدر في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه خطاب تكليف من مكتب وزير الدفاع للشاعر خير الدين الزركلي بوضع قصيدة باسم «النشيد الملكي»، ولا نعلم ماذا حصل مع الزركلي. لكن الأديب والشاعر السعودي عبد الله بن إدريس يقول عن مسابقة أخرى أجريت عام 1964 وفازت قصيدة الشاعر محمد بن علي السنوسي بنشيد الجيش بينما فازت قصيدة ابن إدريس نفسه بنشيد الملك ومطلعها:

من بلادي منبع المجد التليد... من شعاع النور من نفح الخلود

من ربى نجد ومن خفق البنود... مَلِكي ينمى إلى عز الجدود

وتلقى كل شاعر ألف ريال مكافأة من وزارة الدفاع.

إعلان مسابقة وزارة الدفاع الشعرية (الشرق الأوسط)

قبل ذلك يقول السفير والشاعر السعودي محمد الفهد العيسى إنه في أوائل عهد الملك سعود طلب منه عبد الرحمن الحميدي أحد كبار رجالات الديوان الملكي والمكتب الخاص للملك سعود كتابة نشيد وطني فكتب نشيداً مطلعه:

«ردد الزمن وانجلى الوسن... فليعش سعود لرفعة الوطن»

ولحنّه أيضاً وسجلته الإذاعة السعودية وأصبح يتكرر عبر أثيرها وكان هناك فكرة ليكون السلام الملكي لكنها لم تتم.

وهنا يشير العيسى إلى أن فكرة تغيير السلام الملكي كانت مطروحة، يؤيد ذلك روايات عن ترشيح عدد من الأغنيات الوطنية التي كان يتكرر بثها في الإذاعة خلال تلك السنوات لتكون هي النشيد الوطني، لكن أياً منها لم يعتمد رسمياً.

تلى ذلك في شهر يونيو (حزيران) 1968، تشكيل لجنة من وزارات الدفاع والطيران والمعارف والإعلام السعودي، ورفعت توصية بضرورة اختيار كلمات تناسب لحن السلام الملكي، وأصدر مجلس الوزراء موافقته على تلك التوصية بقراره رقم 1277 وتاريخ 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 1973.

ثم رفعت وزارة الإعلام مقترحاً باعتماد نشيد وطني رسمي للمملكة العربية السعودية من خلال منافسة بين الشعراء، ووافق مجلس الوزراء على المقترح بموجب قراره رقم 1223 وتاريخ 10 يوليو 1976.

ويشير الدكتور الشبيلي إلى أنه وردت للوزارة مشاركات كثيرة وشكلت لتقويمها لجنة من الأدباء، لكن الأمر بقي معلقاً عدة سنوات أخرى، لأن المنافسة - وإن أتت بكلمات مقبولة - غير أنها كانت تتطلب الإتيان بلحن جديد، ويؤكد أنه جرت محاولات عدة لتغيير لحن السلام الملكي، وتمت الاستعانة بالفنان محمد عبد الوهاب لاختيار لحن آخر، لكن اللحن الذي تقدم به جاء طويلاً، فضلاً عن كونه مغايراً للحن تعودت عليه الأذن وألفه الناس، وعندما أجريت مسابقة لاختيار كلمات معتمدة ودائمة للسلام الملكي، كانت الفكرة تقوم على الإتيان بلحن جديد يتناسب مع الكلمات التي سيتم اختيارها. ويضيف أن الرأي استقر - مع اقتراب مشاركة المملكة في دورة لوس أنجليس الأولمبية عام 1984 - على الإبقاء على لحن السلام الملكي دون تغيير، وتكليف الشاعر الغنائي السعودي إبراهيم خفاجي بوضع كلمات تتلاءم معه موسيقياً، وقد شكلت لجنة وزارية لمراجعته. ويقول الشاعر عبد الله بن إدريس إن النص أحيل إليه لمراجعته شعرياً وإنه أدخل عليه بعض التعديلات بحيث صارت جميع كلماته فصيحة ووزنه مستقيماً من غير إخلال بعموميته المفصلة على اللحن القائم. وتقول كلمات النشيد:

سارعي للمجد والعلياء

مجدي لخالق السماء

وارفعي الخفاق أخضر

يحمل النور المسطر

رددي الله أكبر... يا موطني

موطني عشت فخر المسلمين

عاش الملك للعلم والوطن

وقد قام الموسيقار السعودي سراج عمر بإعادة توزيع لحن السلام الملكي ليتناغم مع الكلمات.

وهذا غيض من فيض، وهناك بالتأكيد وقائع لم نرصدها، وتساؤلات بقيت دون إجابات. لذا ومن كل ما تقدم يتضح أن شعار المملكة العربية السعودية ونشيدها الوطني، وقبل ذلك علمها الوطني، مروا بمراحل وتطورات تاريخية؛ لا زالت بحاجة إلى أبحاث جادة تنقب في أوراق التاريخ ووثائقه وتستجلي حقائقه وتجمع شتات المعلومات، فهذه الرموز الوطنية وغيرها من صفحات تاريخنا الوطني تستحق مزيدا من الاهتمام، من قبل الباحثين ودارسي التاريخ.