انتشرت نسخة جديدة من إنفلونزا الطيور عبر أميركا الشمالية هذا الربيع، فيما بدأ العلماء في العثور على الفيروس في الثعالب الحمراء، ونوع من القطط وهو الرشق الأحمر، وعدد من الثدييات الأخرى.
وقال مسؤولون في جمعية الرفق بالحيوان بولاية ويسكونسن الأميركية، إنه في أبريل (نيسان) الماضي، كان هناك شيء خاطئ ظهر في الثعالب، إذ إن هناك مجموعات من الثعالب وعدداً من الثعالب الصغيرة تتصرف بطرق غريبة، مثل الاهتزاز أو الكفاح من أجل الوقوف. كما أظهرت هذه المجموعات، التي غالباً ما تكون خاملة وتتجول من تلقاء نفسها، قليلاً من الخوف من البشر.
وقالت إيرين ليملي، وهي بيطرية متخصصة في الحياة البرية في مركز الحياة البرية التابع لجمعية الإنسانية: «لقد ظللنا نتلقى مكالمات وبدأت الثعالب تدخل على الخط»، حسبما أفاد تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية. وأضافت أن بعض المجموعات التي تم إدخالها للعلاج كانت هادئة وسُحبت. وتعثر آخرون حولهم أو أصيبوا بنوبات، وتشنجات في رؤوسهم، وأعينهم تنقلب بشكل غريب، وبعد أن استبعد فريق العمل الإصابة بداء الكلب وانخفاض نسبة السكر في الدم والأسباب المحتملة الأخرى، كشفت الاختبارات المعملية عن مرض مفاجئ، وهو سلالة متحورة شديدة الحدة من إنفلونزا الطيور.
وينتشر الفيروس، وهو نوع من إنفلونزا الطيور يعرف باسم أوراسيا H5N1، بسرعة في الولايات المتحدة هذا الربيع، ما أدى إلى إصابة قطعان من الدواجن المستزرعة في 36 ولاية ودفع إلى إعدام جماعي للطيور الداجنة، ولكن يبدو أن هذا النوع من الفيروس يتسبب في خسائر فادحة للطيور البرية أكثر من السلالات السابقة، حيث يجد طريقه إلى البط والإوز والنوارس وخطاف البحر، من بين ثدييات أخرى. وهذا بدوره يعني أن الفيروس يشكل خطراً كبيراً على الثدييات التي تفترس تلك الطيور، بما في ذلك الثعالب الحمراء البرية.
واكتشفت سبع ولايات أميركية على الأقل الفيروس في مجموعات الثعلب الأحمر، والذي بدا أن العامل الممرض له قاتل بشكل خاص. ثبتت أيضاً إصابة قطتين من نوع الوشق الأحمر في ولاية ويسكونسن، وذئب صغير في ولاية ميتشيغان، وحيوان ظربان في كندا بالفيروس، وكذلك الثعالب، وثعالب الماء، والوشق والقطط البرية، والغرير في أوروبا. وذكرت الصحيفة أنه تم الإبلاغ عن حالتين بشريتين، واحدة في الولايات المتحدة والأخرى في بريطانيا، وكلتاهما كانت لأشخاص كانوا على اتصال وثيق بالطيور.
وقال الخبراء إنه لا يوجد دليل على أن الثدييات تلعب دوراً مهماً في انتشار الفيروس، ولا يزال الخطر على البشر منخفضاً. وقال ريتشارد ويبي، عالم فيروسات الإنفلونزا في مستشفى سانت جود لأبحاث الأطفال بممفيس: «هذه نسخة متحورة من فيروسات الطيور»، وأضاف أنه كلما زادت إصابة الثدييات بالفيروس زادت الفرص المتاحة له لالتقاط طفرات جديدة يمكن أن تساعده في الانتشار بين الثعالب أو أنواع من القطط أو حتى البشر.
ويفسر الدكتور ويبي: «ما يتطلبه هذا الفيروس للانتقال من كونه فيروس بطة أو دجاجة إلى فيروس من الثدييات هو فرص أكبر للتكاثر في تلك الثدييات المضيفة. ولهذا السبب عندما نرى هذه الثدييات مصابة بهذا الفيروس، فإننا نلاحظ ذلك».
* سلوكيات غير طبيعية
وانتشرت السلالة الجديدة للفيروس في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط وآسيا العام الماضي، ما أدى إلى تفشي المرض في الطيور البرية والداجنة. كما ظهرت في عدد من الثدييات البرية، بما في ذلك مجموعات الثعالب بهولندا في ربيع عام 2021.
وبحلول نهاية العام، وصل الفيروس إلى أميركا الشمالية عبر مجموعات الطيور المهاجرة هذا الربيع، ومن ثم بدأت التقارير في الظهور عن مجموعات الثعالب المصابة - أولاً في أونتاريو وبعد ذلك في ويسكونسن ومينيسوتا وميتشيغان وأيوا وألاسكا ويوتا ونيويورك.
وفي بعض أنواع الطيور، تسبب الفيروس في ظهور أعراض عصبية واضحة، كما أظهر كثير من الثعالب المصابة سلوكيات غير طبيعية، إذ ارتجفوا وساروا في دوائر وأفرطوا في إفراز اللعاب. وفي الحالات الشديدة، أصيبت الثعالب بنوبات؛ وقال الخبراء إن الموت غالباً ما يتبع تلك الأعراض الشديدة بعد فترة وجيزة.
وقالت الدكتورة بيتسي إلسمو، أخصائية علم الأمراض التشخيصية في مختبر التشخيص البيطري بويسكونسن، إن فحوصات ما بعد الوفاة كشفت أن كثيراً من المجموعات مصابة بالتهاب رئوي، وذلك عندما فحصت أنسجة دماغ الحيوانات تحت المجهر، ولاحظت الدكتورة إلسمو علامات تلف واضحة. وقالت: «كان هناك كثير من الالتهابات في الدماغ مجهرياً. نمط الإصابة الذي رأيته كان متسقاً مع آفة فيروسية».
وقال الخبراء إنه حتى الآن، يبدو أن الفيروس يتسبب في خسائر فادحة بمجموعات الثعالب الصغيرة أكثر من الثعالب البالغة، ربما لأن الحيوانات الصغيرة ليست لديها أجهزة مناعية متطورة بشكل كامل بعد. لكن معدل الإصابة والوفيات الإجمالي غير معروف. وقالت ميشيل كارستنسن، المشرفة على برنامج صحة الحياة البرية في إدارة الموارد الطبيعية في مينيسوتا: «إننا نتلقى قصصاً عن الإصابات الآن».
ويشتبه العلماء في أن الحيوانات تكتسب الفيروس عن طريق أكل الطيور المصابة. وفي دراسة معملية، أظهر الباحثون سابقاً أن الثعالب الحمراء التي تتغذى على جثث الطيور المصابة يمكن أن تصاب بالفيروس.
وعلى الرغم من أنه من الممكن أن يكون الفيروس قد تطور بطرق تجعله أفضل في إصابة الثدييات، فإن العلماء يقولون إن التفسير الأكثر احتمالاً للارتفاع المفاجئ في الثدييات المصابة هو أن هذه السلالة تصيب أعداداً هائلة من الطيور البرية، ما يزيد من احتمالات إصابة الصيادين بالعدوى، وانتشارها بالقمامة التي يكون بها نفايات من تلك الطيور.