عامان من «التقصي الأممي» عن جرائم في ليبيا... والجناة طلقاء

شملت التحقيق في انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان المرتكبة منذ 2016

اكتشاف «مقبرة جماعية» في ترهونة غرب ليبيا (الهيئة العامة للبحث عن المفقودين)
اكتشاف «مقبرة جماعية» في ترهونة غرب ليبيا (الهيئة العامة للبحث عن المفقودين)
TT

عامان من «التقصي الأممي» عن جرائم في ليبيا... والجناة طلقاء

اكتشاف «مقبرة جماعية» في ترهونة غرب ليبيا (الهيئة العامة للبحث عن المفقودين)
اكتشاف «مقبرة جماعية» في ترهونة غرب ليبيا (الهيئة العامة للبحث عن المفقودين)

رحب حقوقيون ليبيون بالدعوة التي أطلقها الرؤساء المشاركون لفريق العمل المعني بالقانون الدولي الإنساني، وحقوق الإنسان لتمديد ولاية بعثة تقصّي الحقائق في ليبيا، مشيرين إلى أن «الجناة ما زالوا طلقاء في ظل تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب، وتعدد الجرائم التي تقع في البلاد» رغم مرور نحو عامين على تكليف البعثة المستقلة.
وأنشأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 22 يونيو (حزيران) 2020، بعثة تقصي الحقائق المستقلة بشأن ليبيا لمدة عام، برئاسة محمد أوجار وزير العدل المغربي السابق، وعضوية تريسي روبنسون من جاماياكا، وتشالوكا بياني المنحدر من زامبيا والمملكة المتحدة.
وعزا الرؤساء المشاركون للفريق (هولندا وسويسرا وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا)، المنبثق من «عملية برلين» دعوة التمديد هذه كي «تتمكن البعثة من مواصلة عملها المهم للتقدّم في مجال حقوق الإنسان، وتحقيق السلام المستدام، والنهوض بمصالحة وطنية قائمة على أسس حقوق الإنسان»، وفق بيان لهم نقلته البعثة الأممية للدعم في ليبيا، مساء أول من أمس.
وقالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، أمس، إنها تدعم قرار الدعوة لتمديد ولاية البعثة الأممية، لافتة إلى توجيه رسالتين إلى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ورئيس بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق للتأكيد على أن تشكيل البعثة كان «خطوة ضرورية طال انتظارها لمعالجة ظاهرة الإفلات من العقاب المتفشية في ليبيا. بما في ذلك التحقيق في انتهاكات وتجاوزات القانون الدولي لحقوق الإنسان، المرتكبة في ليبيا منذ 2016، والحفاظ على الأدلة لضمان محاسبة الجناة».
ودعم حقوقيون ليبيون كثيرون الدعوة الأممية لضرورة التمديد للبعثة «كي يتم محاسبة الجناة في جرائم مروعة شهدتها البلاد، ولم يتم التحقيق فيها»، حيث رأت «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان» في ليبيا أن فريق بعثة الحقائق لم يتمكن من العمل بكامل طاقته سوى في أواخر مايو (أيار) 2021، بسبب ما ترتب عن جائحة (كورونا)، وعدم توفر الموارد المالية اللازمة، بالإضافة لبعض الصعوبات اللوجستية، التي حالت دون تمكنه من أداء مهامه في الوقت المطلوب. علماً أن قيود الحركة المتعلقة بجائحة «كوفيد–19» ما زالت تحد من القدرة الاستقصائية للبعثة، بما في ذلك قدرتها على العمل داخل ليبيا، الأمر الذي يبرز مدى الحاجة لتمديد ولايتها لما بعد سبتمبر (أيلول) المقبل.
وفي 11 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، مدّد مجلس حقوق الإنسان ولاية بعثة تقصي الحقائق لمدة تسعة أشهر، بهدف السماح لها بتنفيذ ولايتها. ومن المتوقع أن يقوم مجلس حقوق الإنسان بمناقشة تمديد ولاية البعثة في دورته الـ50 بجنيف حتى 8 يوليو (تموز) المقبل.
ويتضمن عمل البعثة تقصي حقائق وظروف حالة حقوق الإنسان في جميع أنحاء ليبيا، وجمع واستعراض المعلومات ذات الصلة، وتوثيق الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي من جانب جميع الأطراف، بما في ذلك توثيق أي أبعاد جنسانية لهذه الانتهاكات والتجاوزات، بجانب حفظ الأدلة بغية ضمان محاسبة مرتكبي الانتهاكات. وهي تعمل بـ«التعاون مع السلطات الليبية وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا».
وفي 28 من مارس (آذار) الماضي، نشرت البعثة تقريرها الثاني، الذي أشارت فيه إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا «تعوق الانتقال إلى السلام والديمقراطية وسيادة القانون»، كما تحدثت عن «انتهاكات جماعية» ضدّ الفئات المستضعفة، مثل المهاجرين والنساء، والناشطين السلميين والمحتجزين. وقالت إنها تُحقق في تقارير تفيد بانتهاك حقوق الإنسان في عدد من السجون، التي أُعلن عن إغلاقها، لكن يُزعم أنها لا تزال تعمل سراً، إضافة إلى الانتهاكات في شبكات سجون سرية، يقول البعض إنها خاضعة لسيطرة ميليشيات مسلحة مختلفة.
وكانت البعثة قد خلصت في تقريرها الأول، الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021، إلى أن أعمال القتل والتعذيب، والسجن والاغتصاب والاختفاء القسري، التي ارتكبت في سجون ليبيا «قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية».
ودعم أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وجهة نظره بضرورة تجديد ولاية البعثة «لكون نظام العدالة في ليبيا منذ عام 2011 ما زال غير قادر على التحقيق بفاعلية في الانتهاكات الجسيمة التي تشهدها البلاد»، فضلاً عما وجدته البعثة في تقريرها السابق من أن انتهاكات عدّة ضد لفئات المستضعفة قد ترقى إلى «جرائم ضد الإنسانية».
ورأى حمزة أن المحاكمات القليلة للأشخاص المتهمين بانتهاكات حقوق الإنسان، والتي جرت منذ 11 عاماً «اتسمت بعدم الاحترام وتجاهل المعايير الدولية للمحاكمة العادلة». بالإضافة إلى «إدماج كبار قادة الميليشيات والجماعات المسلحة، الذين توجد ضدهم دلائل على ارتكابهم جرائم حرب محتملة، في المؤسسات الخاضعة حالياً لحكومة (الوحدة) الوطنية؛ الأمر الذي يساهم في تعزيز سياسة الإفلات من العقاب».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر تقترب من إسناد إدارة مطاراتها للقطاع الخاص

جانب من مطار القاهرة الدولي (وزارة الطيران)
جانب من مطار القاهرة الدولي (وزارة الطيران)
TT

مصر تقترب من إسناد إدارة مطاراتها للقطاع الخاص

جانب من مطار القاهرة الدولي (وزارة الطيران)
جانب من مطار القاهرة الدولي (وزارة الطيران)

اقتربت الحكومة المصرية من «إسناد إدارة المطارات للقطاع الخاص». ووفق متحدث مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، فإن «الحكومة في المراحل الأخيرة من وضع خطة أو برنامج طرح إدارة المطارات للقطاع الخاص، وسيتم الإعلان عنها خلال الفترة المقبلة».

وأعرب الحمصاني عن أمله في أن «يكون الطرح خلال 2025 يعقبه إعلان التوقيتات الخاصة بالتطبيق على أرض الواقع»، مؤكداً في تصريحات متلفزة، أخيراً، أن «الرؤية التي يجري الانتهاء منها تتم بالاتفاق مع مؤسسة التمويل الدولية، باعتبارها مستشاراً لبرنامج الطرح».

وكان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد التقى مطلع الشهر الحالي مسؤولي تحالف «مصري - فرنسي» لاستعراض مقترح مقدم للتعاون مع الحكومة في تشغيل وإدارة المطارات، بحضور وزير الطيران وعدد من المسؤولين، وهو التحالف الذي يضم شركة «حسن علام» المصرية، و«مجموعة مطارات باريس» التي أكد نائب رئيسها التنفيذي، خافيير هورستيل، رغبتهم في عقد «شراكات طويلة الأمد مع الحكومات ومشغلي قطاع الطيران حول العالم».

وبحسب بيان الحكومة المصرية، الشهر الحالي، فإن المجموعة الفرنسية المنضوية في التحالف «لديها شراكات مع 26 مطاراً في 18 دولة حول العالم، واستقبلت نحو 336.5 مليون مسافر خلال العام الماضي».

مصطفى مدبولي خلال لقاء «التحالف المصري - الفرنسي» مطلع الشهر الحالي (مجلس الوزراء المصري)

وعدّ وكيل لجنة «السياحة والطيران» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، أحمد الطيبي، أن «التوجه الحكومي لإسناد إدارة المطارات للقطاع الخاص يهدف إلى تحسين جودة الخدمة المقدمة في المطارات المصرية المختلفة»، مؤكداً أن الشركات التي تسند إليها مثل هذه الأعمال «تكون لديها قدرات تشغيلية كبيرة وتجارب سابقة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الاستعانة بهذه الشركات ستجعل هناك تعاملاً مختلفاً داخل المطارات المصرية من جانب الإدارة والتشغيل، بالإضافة إلى العوائد المالية التي تسدد للحكومة مقابل حقوق الإدارة ونسب الأرباح التي سيجري الاتفاق عليها، فضلاً عما ستكتسبه العمالة الموجودة من تدريبات وخبرات جديدة، بجانب ما قد يتم من زيادات في الرواتب.

رأي يدعمه أستاذ التمويل والاستثمار في مصر، محمد باغة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود القطاع الخاص سيؤدي إلى تحسين إدارة المطارات، وبالتبعية تحسين الإيرادات، فضلاً عن ضخّ رأس مال جديد بهدف التحسين والتطوير».

وأشار إلى وجود كثير من التجارب لدول حول العالم قامت بتفعيل شراكات مع القطاع الخاص، الأمر الذي أدّى إلى «تحسين في جودة الخدمة المقدمة وسرعتها»، ما ستكون له انعكاسات إيجابية على حركة السياحة والمترددين المتعاملين مع المطارات المختلفة.

مسؤولون مصريون خلال جولة تفقدية في مطار شرم الشيخ (وزارة الطيران)

وتعتزم الحكومة المصرية إتاحة الفرصة للشركات والتحالفات الدولية لتقديم عروض بشأن إدارة المطارات التي ستطرح في المرحلة الأولى، فيما نفت عدة مرات في وقت سابق ما تردد حول التوجه نحو «بيع المطارات»، مؤكدة أن الشراكات التي ستبرم مرتبطة بحقوق «الإدارة والتشغيل»، بما يسمح بتحسين جودة الخدمة المقدمة للمترددين على المطارات المختلفة.

وبحسب وكيل لجنة «السياحة والطيران» بـ«النواب»، فإن وجود القطاع الخاص بالمطارات والحرص على الاهتمام بالتطوير المستمر ومواكبة أحدث النظم العالمية، أمور تدعم الترويج للسياحة المصرية، خاصة أن المطار أول مكان يراه السائح وآخر موقع يتعامل معه، وبالتالي يجب أن يكون الانطباع عنه إيجابياً، مشيراً إلى أن «التغيرات التي حدثت في شكل وطبيعة الإدارة وطريقة تعامل الدولة مع القطاع الخاص، ستجعل هناك إصراراً على التمسك بنجاح التجربة وتحقيق أقصى استفادة منها».