في الوقت الذي يبدو فيه أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بنيت تقترب من نهاية عمرها، وسط تبادل الاتهامات بين الأحزاب العربية وأحزاب اليمين، حول المسؤولية عن فشلها، أظهر استطلاع راي أن نحو نصف الجمهور العربي يؤيد شراكة ممثليهم السياسيين في الحكومة، وأن بعضهم لا يتردد في القبول بالشراكة أيضاً مع أحزاب اليمين.
وكان المؤتمر السنوي لصحيفة «هآرتس»، الذي التأم، أمس (الخميس)، قد كرّس أبحاثه لموضوع شراكة الأحزاب العربية في الحكم، تحت عنوان: «هل رأيت الأفق مؤخرا؟». عُقد المؤتمر بمناسبة مرور سنة على تشكيل حكومة بنيت، التي ضمّت لأول مرة في التاريخ الإسرائيلي حزباً عربياً هو «القائمة العربية الموحدة» التابع للحركة الإسلامية برئاسة النائب منصور عباس، وتشكلت بتركيبة فريدة من ثمانية أحزاب من أقصى اليمين (حزب «يمينا»، وحزب «أمل جديد»)، بالإضافة إلى أربعة أحزاب وسط وحزبين يساريين. وقد افتتح المؤتمر عاموس شوكن، صاحب صحيفة «هآرتس»، الذي عدّ مشاركة العرب في الحكم «حدثاً تاريخياً»، وقال إن الكثير من السياسيين في إسرائيل لم يفهموا ولم يستوعبوا أهمية هذا الحدث، معتبراً إياه «فتحاً لآفاق جديدة» تتعدى أهميته الوضع في إسرائيل، يترك أثره على مستقبل العلاقات بين إسرائيل والأمة العربية عموماً، والشعب الفلسطيني بشكل خاص.
ونُشرت خلال المؤتمر نتائج استطلاع أجراه معهد «أكورد» التابع للجامعة العبرية في القدس، يُستدلّ منها على أن 52 في المائة من المواطنين العرب (فلسطينيي 48)، يؤيدون مشاركة الأحزاب العربية في الحكومة، وأن 12 في المائة يؤيدون الشراكة مع حكومة يمينية في إسرائيل. وأما في المجتمع اليهودي فقد رأى 41 في المائة، أن تجربة الحركة الإسلامية في الائتلاف الحكومي جعلتهم يؤيدون الشراكة العربية في الحكم.
وقد عُقدت ندوات ضمن المؤتمر مع قادة الأحزاب العربية وبعض وزراء ونواب الائتلاف الحكومي سُئلوا فيها عن رأيهم في هذه التجربة. وكان أكثر المتحمسين لها النائب عباس الذي قال إنه يوافق على أن «التجربة تاريخية»، مضيفاً: «لم نتوهم في أننا سنحقق كل مطالبنا وكل ما نؤمن به في هذه الحكومة، فنحن انطلقنا إلى مسعى يستهدف التأثير على السياسة الإسرائيلية، خصوصاً فيما يتعلق بحقوق المواطنين العرب في المساواة». ورأى منصور عباس أن حزبه كان مدركاً بعد تجربة 73 عاماً في المعارضة أنه حان الوقت لأن يشارك العرب في الحكم. وتساءل: «مَن توقع أننا سنحرز نتائج فورية في كل شيء سيصاب باليأس. ولكن من يفهم هذه العملية، كما هي، يتفاءل، فقد كسرنا التابو بحرماننا من التأثير على الحكم من الداخل. وبدأنا عملية تغيير جذرية. في السياسة يتم التغيير عبر مسارات طويلة. لذلك نحن سنستمر».
في الطرف المقابل، رفض القائدان في «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية، النائبان أيمن عودة وأحمد الطيبي، القول إنها تجربة ناجحة. وقال عودة إن «حكومة بنيت من أسوأ حكومات إسرائيل، تدير سياسة عداء للشعب الفلسطيني وتكريساً للاحتلال الذي هو سبب كل بلاء. فبسببه توجد حرب وتوتر ومساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية وتهويد للقدس، واستيطان بشع، وقمع يومي وتمييز عنصري ضد المواطنين العرب».
وقال إن كتلته ستسعى لإسقاط هذه الحكومة في أسرع وقت والتوجه لانتخابات جديدة. وسُئل هنا إن لم يكن يخشى من حكومة يمين أسوأ، يقودها بنيامين نتنياهو وحلفاؤه المتطرفين؟ فأجاب: «كثيرون في هذه الحكومة يحاولون إخافتنا من نتنياهو، وهم كاذبون، فلو كانوا يريدون حقاً التخلص من نتنياهو لكانوا سنّوا مشروع القانون الجاهز لمنع متهم بجرائم من الترشح لرئاسة الحكومة. نتنياهو يحاكَم اليوم بتهمة تلقي الرشى وممارسة الفساد الخطير، لكنّ الحكومة تمتنع عن طرح مشروع القانون مع أنها تتمتع بأكثرية أصوات لهذا الغرض، ونحن سنمنحهم ستة أصوات من كتلتنا».
وقال النائب الطيبي إن «حكومة نتنياهو كانت سيئة، ولكننا استطعنا تحصيل ميزانيات منها وتحقيق مكاسب لشعبنا، من دون التنازل عن مبادئنا. ونحن نرفض أن يشترونا بالمال». وأضاف أن الأمر الوحيد الذي تبني عليه هذه الحكومة سياستها اليوم هو أنها أفضل من حكومة يكون فيها إيتمار بن غفير وزيراً. مشدداً: «إذا كان هذا هو رصيدكم الوحيد فالأفضل لكم أن تسقطوا».
يُذكر أن حكومة بنيت فقدت نائباً آخر من حزبه (يمينا)، هو نير أورباخ، الذي أعلن عن نيته الانتقال إلى المعارضة، وتبين أنه توصل إلى اتفاق بهذا الشأن مع «الليكود»، مقابل منحه حقيبة وزير في الحكومة القادمة إذا نجح بنيامين نتنياهو في تشكيلها.
وبهذا الشكل، أصبح الائتلاف يضم 59 من مجموع 120 نائباً. وما يمنع سقوط الحكومة اليوم، هو أن نتنياهو لا ينجح في جلب تأييد 61 نائباً لصالحه (لديه 54 – 55 نائباً). وفي هذه الحالة تسقط الحكومة فقط إذا صوتت «القائمة المشتركة» مع حل الكنيست.
نصف الجمهور العربي في إسرائيل يؤيد الشراكة في الحكم
رغم التجربة القاسية مع حكومة بنيت
نصف الجمهور العربي في إسرائيل يؤيد الشراكة في الحكم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة