خبراء يستبعدون مواجهة بين إسرائيل و«حزب الله» بعد «الليونة» اللبنانية

سامي نادر: لو كانت هناك نية لتصعيد النزاع على الحدود البحرية لتمسّكت بيروت بالخط 29

خبراء يستبعدون مواجهة بين إسرائيل و«حزب الله» بعد «الليونة» اللبنانية
TT

خبراء يستبعدون مواجهة بين إسرائيل و«حزب الله» بعد «الليونة» اللبنانية

خبراء يستبعدون مواجهة بين إسرائيل و«حزب الله» بعد «الليونة» اللبنانية

بانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات أو الجهود الأميركية لحل النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل، تتجه الأنظار إلى ما سيكون عليه رد فعل الطرفين في حال فشل هذه المساعي، لا سيما مع التصعيد الأخير من قبل أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله وتهديد تل أبيب لبنان بحرب مدمّرة.
إذ في حين بدأ اللبنانيون ولا سيما منهم أهل الجنوب يستعدون لسيناريو الحرب، مستعيدين بذلك «حرب يوليو (تموز) 2006»، حتى إن بعضهم بدأ يبحث عن خيارات الهروب إلى المناطق الأكثر أمناً، تتراوح تقديرات الخبراء والمحللين بين اعتبار أنه لا مصلحة لأي من الطرفين في الحرب، كما أن أسبابها لم تعد موجودة بعد الطرح اللبناني الأخير، وبين من يعتبر أنه في حال حصولها فإن الخلاف الحدودي لن يكون إلا حجة تخفي خلفها الصراع الإسرائيلي الإيراني والإيراني الأميركي.
ومع ترقّب ما ستكون عليه الخطوة المقبلة بعد لقاءات الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين مع المسؤولين في بيروت والطرح اللبناني المقدم، يقول الخبير العسكري، العميد المتقاعد خليل الحلو، لـ«الشرق الأوسط»: «ليس من مصلحة حزب الله ولا إسرائيل الدخول في حرب، إذ إن نصر الله يدرك جيداً أنه في حال فتح النار فإن الرد الإسرائيلي سيكون مدمراً»، مضيفاً: «إذا كانت أسلحة الحزب أفضل وأكثر تطوّراً مما كانت عليه في عام 2006 فإن ترسانة إسرائيل أيضاً لا تقارن بما كانت عليه آنذاك، ومن ثم فإن تصعيد نصر الله هو فقط لشدّ عصب بيئته وجمهوره وللقول إن سلاحه موجود لمقاومة إسرائيل». كذلك فإن تل أبيب، بحسب الحلو، لا ترى في الخلاف على حقل كاريش تهديداً وجودياً استراتيجياً لتخوض من أجله حرباً.
ويربط الحلو في الوقت عينه بين الوضع في المنطقة والحرب بين لبنان وإسرائيل، موضحاً أن «الوضع في المنطقة متأزم على أكثر من جبهة، ولا سيما بين إسرائيل وإيران وبين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي إذا فتحت النار بين إسرائيل وحزب الله فذلك لن يكون بسبب الخلاف الحدودي الذي قد تتخذه طهران حجة، إنما بسبب هذه الصراعات بين الدول، وحزب الله سيكون منفذاً لأي قرار ستتخذه إيران في هذا الإطار».
ويرى خليل الحلو أن أي تهوّر من قبل «حزب الله» هذه المرة ستكون له انعكاسات سلبية داخل لبنان، «لا سيما أن لبنان ليس أكيداً من أحقيته بالحقل والأمم المتحدة لا تعترف به»، مضيفاً: «هناك الكثير من الخلافات الحدودية بين عدد من الدول، إنما لا تُشنّ حرب لهذا السبب».
في المقابل، يرى مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر أنه بعد المعلومات الأخيرة التي نقلت عن لقاءات الوسيط الأميركي مع المسؤولين اللبنانيين وعن قبولهم التفاوض انطلاقاً من الخط 23، بات من المستبعد أن تندلع حرب بين «حزب الله» وإسرائيل. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه مع إقرار السلطة ومن خلفها حزب الله «الذي رمى المهمة على الدولة» باعتماد الخط 23 منطلقا للتفاوض، مع اقتراح تعديله علماً بأنه مرسّم دولياً، لم يبقَ هناك أي حجة لرفضهم استخراج إسرائيل النفط من حقل كاريش، وبالتالي الحجة السياسية والمرتكزات القانونية للاعتراض على كاريش غير موجودة. من هنا فإن أي عملية عسكرية قد تحصل، بحسب نادر، تصبح اعتداء، موضحاً: «هذه العملية ستكون مبررة لو تمسك لبنان بحدود الخط 29 المشتركة، وهو ما لم يحصل».

وعن الحرب بالوكالة التي يمكن أن تحصل، يقول نادر: «ليس مستبعداً أن يستخدم هذا الملف لحرب بالوكالة توظف باللعبة الإقليمية»، لكنه يقول في الوقت عينه «لو كانت هناك نية في هذا الاتجاه لكانوا تمسكوا بالخط 29، لا سيما أن الوضع اللبناني لا يحتمل كما أن واقع حزب الله وإيران في المنطقة في تراجع دائم»، متوقفاً عند ما سمّاها «الحرب الدفينة الدائرة الآن بين إسرائيل وإيران، عبر اغتيالات واستهدافات وحرب سرية تستهدف قيادات».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول لبناني مواكب للاجتماعات التي عقدها هوكشتاين في بيروت قوله: «طرحنا زيادة المساحة البحرية من 860 كيلومتراً مربعاً إلى نحو 1200» بما يشمل حقل قانا الذي يمر به الخط 23، لكنها لا تتضمن حقل كاريش. وأضاف: «نحن بالأساس نريد حقل قانا كاملاً، وهذا يؤدي إلى تعديل الخط 23»، مؤكداً: «نريد أولاً أن نضمن حقل قانا والخط 23 الذي ترفضه إسرائيل والباقي يأتي لاحقاً».
وقبل زيارة الوسيط الأميركي إلى بيروت كان نصر الله قد رفع سقف تهديداته، وقال: «المقاومة لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام نهب ثروات لبنان»، داعياً إسرائيل إلى وقف التنقيب عن النفط في حقل كاريش المتنازع عليه وانتظار نتيجة المفاوضات». وجدد التأكيد على أن حزبه يملك «القدرة المادية والعسكرية والأمنية والمعلوماتية واللوجيستية والبشرية لمنع إسرائيل من استخراج النفط والغاز من الحقل». واعتبر «أننا أمام قضية لا تقل أهمية عن تحرير الشريط الحدودي»، في إشارة إلى المناطق التي احتلتها إسرائيل لسنوات في جنوب لبنان قبل انسحابها منها عام 2000.
ولم يكن موقف إسرائيل أقل حدّة من نصر الله، بل ذهب مسؤولوها إلى حد التهديد بحرب مدمّرة وغير مسبوقة. وقال رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي: «سوف نقصف بشكل مدمر وواسع ومؤلم، وهذا شيء نتوقع أن يكون كبيراً جداً»، وتوجه إلى اللبنانيين بالقول: «الرسالة الكبرى لهم، أننا ننصحهم بالمغادرة قبل أن نطلق الرصاصة الأولى في لحظة حدوث التوتر القادم في الأماكن التي سوف نطلب منهم المغادرة منها، لأن القصف سوف يكون بشكل لم يسبق له مثيل من قبل».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

ما حدود الدعم العربي لسوريا بمواجهة الفصائل المسلحة؟

نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
TT

ما حدود الدعم العربي لسوريا بمواجهة الفصائل المسلحة؟

نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)
نازحون فروا من ريف حلب يركبون سيارة تحمل أمتعتهم بجوار إشارة طريق في حلب (رويترز)

اتصالات عربية مع دمشق تتواصل بشأن التطورات الميدانية في شمال سوريا، كان أحدثها مناقشات وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره السوري بسام صباغ، التي تناولت «سبل الدعم العربي للدولة السورية في ظل التطورات الأخيرة، خاصة في إطار جامعة الدول العربية» بعد سيطرة فصائل مسلحة على مناطق بمحافظتي حلب وإدلب.

مسؤول حكومي سوري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يؤكد «أهمية الاتصالات العربية السورية، وأن يشمل الدعم العربي، بخلاف إمكانية عقد اجتماعات بالجامعة العربية، عدم توفير ملاذات آمنة للإرهابيين وتقديم المعلومات ومساعدات عسكرية، سواء عبر خبراء أو بجهود منظمة كما حدث من قبل في الموصل»؛ في إشارة إلى تدخل دولي كالذي حدث سابقاً ضد تنظيم «داعش» الإرهابي في العراق.

تلك الاتصالات العربية - السورية تعد، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، الأكبر منذ 2011، وتتوافق بشكل مباشر على مساندة دمشق، متوقعين أن تحمل دعماً عبر مستويات سياسية وقانونية ودبلوماسية وإغاثية وإمكانية عقد اجتماع طارئ بالجامعة العربية. وأحد الخبراء استبعد التدخل العسكري العربي في ظل «عدم التوافق على هذه الآلية حالياً».

وعلى مدى الأيام الماضية، شنّت فصائل مسلّحة في شمال غربي سوريا، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، هجوماً عسكرياً سيطرت خلاله على مناطق في محافظتي حلب وإدلب، خاضعة لسيطرة الحكومة، بعد أربع سنوات من الهدوء النسبي.

وتلقى عبد العاطي، الأربعاء، اتصالاً هاتفياً من صباغ «تناول آخر المستجدات والتطورات الميدانية في شمال سوريا، والتداعيات الوخيمة لهذه التطورات على أمن واستقرار سوريا والمنطقة بأسرها»، مجدداً «موقف القاهرة الثابت والداعم للدولة السورية وسيادتها ووحدة وسلامة أراضيها والأهمية البالغة لحماية المدنيين»، وفق بيان للخارجية المصرية.

وعن مستجدات المواقف العربية، قال مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز، لـ«الشرق الأوسط» إن «المباحثات العربية - السورية مستمرة، وخاصة أن جميع الأشقاء العرب لهم دور كبير، لأن ما يحدث يهدد استقرار المنطقة وليس شأناً سورياً على الإطلاق»، موضحاً أنه «عندما تسيطر جبهة النصرة، فرع تنظيم (القاعدة)، على الشمال السوري، فهذا أمر يقوض الأمن والاستقرار، وسيجعل هناك تمكين أكبر للتنظيمات الإرهابية، وقد يحرك الخلايا النائمة في دول المنطقة».

ويعد هذا التحرك العربي الرسمي المباشر للدولة السورية، هو الأكبر منذ 2011، وفق تقدير الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور بشير عبد الفتاح؛ في إشارة لمطالب الدول العربية بدعم استقرار الدولة ووحدة ترابها.

وبحث الاتصال الهاتفي بين وزيري خارجية مصر وسوريا أيضاً «سبل الدعم العربي للدولة السورية في ظل التطورات الأخيرة، خاصة في إطار جامعة الدول العربية»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية، الأربعاء، فيما أكد رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأربعاء، في مؤتمر صحافي بالقاهرة «دعم مصر لدولة سوريا الشقيقة ووحدة أراضيها، في ضوء التحدي الراهن الذي تواجهه».

وبرأي مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز، فإن «أشكال الدعم العربي بخلاف إمكانية عقد اجتماع بالجامعة العربية لبحث تقديم الدعم، تتمثل في تقديم المعلومات للدولة السورية، وعدم توفير ملاذات آمنة لهؤلاء الإرهابيين، وعدم السماح باستغلال الثروات السورية».

ولا يستبعد المسؤول السوري إمكانية أن «يصل الدعم للشكل العسكري، خاصة أن أحد صنوف مكافحة سيطرة الإرهاب على مدينة هو مواجهته عسكرياً، كما حدث في الموصل من قبل».

ويري نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور مختار غباشي، أنه قد يكون هناك اجتماع عربي طارئ بالجامعة العربية لدعم سوريا، غير أنه يرى أن الدعم الدبلوماسي لن يكون مفيداً بالشكل الذي يماثل وجود دعم حقيقي على الأرض بالمعدات العسكرية مثلاً.

وباعتقاد غباشي، فإن سوريا تريد دعماً حقيقياً عربياً لتأكيد عودتها التي تمت للجامعة العربية مؤخراً، بعيداً عن الحاضنة الإيرانية، وبالتالي تطورات الموقف العربي والدعم على الأرض هما الأهم حالياً، خاصة وأن الموقف شديد الخطورة، وقد «يجعل سوريا مختطفة مرة أخرى».

وعن إمكانية تفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك، التي تم توقيعها عام 1950، استبعد عبد الفتاح وصول الأمر لدعم عسكري؛ لأنه «لا توجد أي آلية عربية واضحة لهذا الإطار، ولا يوجد توافق بهذا الخصوص»، مؤكداً أن «الدعم سيكون على جميع المستويات سواء السياسية والقانونية والدبلوماسية والإغاثية لوقف إطلاق النار ومنع التدخلات الخارجية».

ويرى «أهمية النظر للبعد الإنساني في سوريا، حيث هناك 7 ملايين نازح و16 مليوناً يحتاجون للمساعدات والتركيز على هذا الجانب مع التحرك في المسارات القانونية والدبلوماسية الأخرى ضد التدخلات الخارجية، والعمل على دعم وحدة التراب السوري وتمسك الدولة السورية ومؤسساتها، خاصة أن هناك تداعيات كبيرة للأزمة».

وخلال جلسة لمجلس الأمن بشأن التطورات السورية، الثلاثاء، أكد ممثل الجزائر لدى مجلس الأمن، عمار بن جامع، أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية، وطالب بضرورة التوصل إلى حل سياسي يحافظ على وحدة وسيادة سوريا.

وفي كلمته، وجه المندوب السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك، أصابع الاتهام إلى إسرائيل وتركيا قائلاً إن «الهجوم على شمال سوريا لم يكن من الممكن تنفيذه دون ضوء أخضر وأمر عمليات تركي إسرائيلي مشترك»، مطالباً بإلزام «الدول المشغلة لهذه التنظيمات» بالعدول عن سياساتها.

فيما أكدت نائبة السفير التركي لدى الأمم المتحدة سيرين أوزغور، خلال الجلسة، أن عودة النزاع للظهور مرة أخرى في سوريا تعكس التحديات العالقة. وقالت: «سوريا ستبقى في حلقة العنف دون إطلاق عملية حقيقية للمصالحة الوطنية»، مضيفة أن وجود التنظيمات «الإرهابية» في سوريا يقوض أمن تركيا، التي قالت إنها «ستواصل اتخاذ كل التدابير المطلوبة لحماية أراضيها ومصالحها».

وفي ظل تلك المتغيرات، حذر مستشار مجلس الوزراء السوري عبد القادر عزوز من «خطر إحياء تنظيمي (القاعدة) و(داعش)»، مطالباً «بتحرك عربي قبل فوات الأوان، وتهديد ذلك الخطر للمنطقة كلها».

ويتفق عبد الفتاح مع هذه المخاطر، قائلاً إن المشهد في شمال سوريا يحمل تداعيات خطيرة أبزرها عودة «داعش»، مثلما تحذر الولايات المتحدة، مع البيئة المتوفرة لظهور ذلك التنظيم الإرهابي مع هشاشة الحالة السورية، معتقداً أن تلك التداعيات قد تحمل ارتدادات سياسية واقتصادية وأمنية واسعة تهدد دول الجوار وتنقل اضطرابات لدول بالمنطقة.

وفي جلسة سرية للبرلمان العراقي، الأربعاء، أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الحدود، ومنع أي اختراق أمني، في ظل التوترات السورية، وقالت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط»، إن «السوداني قدم عرضاً مفصلاً حول الوضع في سوريا، والاحترازات الأمنية التي يقوم بها العراق، خصوصاً على الحدود»، وأشارت إلى أن «رئيس الحكومة أكد انخراط الدبلوماسية العراقية في حوارات إقليمية ودولية لإعادة الاستقرار في سوريا».

وبرأي عبد الفتاح، فإن الموقف العراقي تحرك سريعاً منذ بداية الأحداث ولم ينتظر الموقف العربي، غير أنه غير متفائل بإمكانية إبداء الرئيس السوري أي تنازل في أي حوار مستقبلي قد يحدث.