رواية مغربية عن «غواية الصحراء»

غلاف الرواية
غلاف الرواية
TT

رواية مغربية عن «غواية الصحراء»

غلاف الرواية
غلاف الرواية

صدرت أخيراً رواية «قدر الحساء» للكاتب المغربي محمد سالم الشرقاوي، عن دار «ألي رقراق» للطباعة والنشر في الرباط، وهي رواية حول «أدب الصحراء من خلال ثنائية السيرة والإخلاص»، وكانت موضوع لقاء ضمن فعاليات الدورة 27 للمعرض الدولي للكتاب والنشر الذي احتضنه العاصمة المغربية ما بين 2 و12 يونيو (حزيران) الحالي.
وقد تحدث الشرقاوي عن مضمون روايته بقوله: «إن أحد أبطال الرواية قُيد له العيش في الصحراء (وقد أتاها من بعيد)، فأغوته كما أغوت الأدباء والشعراء وجعلتهم يحتفون بها وبما اكتشفوه فيها من أسرار الفتنة والجلال والجمال، فمضوا يتغنون بأعلامها وروافدها من دون رياء أو مِنة، حتى احتلت عوالمها موقعاً أثيراً في صدورهم، مُتوجة بحب أهلها، العارفين بخباياها وبأسرارها، المُتيمين، عهداً، بقساوتها وبعتمتها وبلفحاتها.
إن الركاب سارت من الجنوب إلى الشمال، وفُتحت الأعين على جانب آخر من أديم الأرض تتدفق مياهه، فتشبعه بالخضرة اليانعة النضرة التي تستحيل رزقاً لأناس كان كل عيشهم ماء السماء، يذرعون الأراضي من أدناها إلى الأقاصي طلباً لرأفة الخالق بالمخلوقات».
وقال الراوي أيضاً: «إن هذه لحظة الحقيقة، يشتم فيها الإنسان رائحة التراب، ويغرف منها ما يمسح به الأدران، ليتحرر من ثقلها ومن أحمالها فينسى ما يربطه بغير الخالق من صلات منحت لبعض القوم قدراً، وللبعض الآخر أقداراً، وميزت بين هؤلاء وأولئك بالمُقدر والنصيب».
وقال محمد السيدي، نائب عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط في بداية اللقاء: «إن هذا المنتوج الإبداعي، هو جزء من إنتاج الصحراء، زاوج فيه الكاتب ما بين اللغة العربية الفصيحة واللغة الحسانية التي تعد رافداً من روافد اللغة العربية الفصيحة».
من جهته، ذكر الباحث والناقد المغربي إدريس الناقوري، أن «عناوين فصول الرواية هي بمثابة مداخيل حول مجمل ما روج من أحداث ووقائع داخلها»، موضحاً أن العناوين التي تعد المدخل الأول في الإبداع الروائي، أضحت محظ اهتمام واسع من لدن المنشغلين بالرواية وكذلك النقاد.
ولاحظ الناقوري أن رواية «قدر الحساء» تتضمن 15 عتبة بنصوص موازية، بها عناوين أصلية وأخرى فرعية، تفيد في فهم كل من رواية محمد سالم الشرقاوي الجديدة، التي يبدو أنها مجرد عنوان فرعي لروايته السابقة المعنونة بـ«إمارة البئر». الرواية غنية بالمعلومات، وتتضمن 50 شخصية، في مقدمتها منصور الشخصية الرئيسية في الرواية، كما تتضمن ثلاثة فصول ارتأى صاحبها، عنونتها بحكاية الأصل وحكاية الوصل وحكاية الفصل.
ولاحظ الناقوري أن الكاتب يعالج قضية الانفصال من خلال شخصية المغرفي، ومنصور الذي يمثل الوحدة... وأن الراوي يبني على التراكمات، وأن المراجعات غالباً ما تأتي متأخرة.
الجديد الذي تضمنته الرواية - حسب العالية ماء العنينين الأديبة الصحراوية، هو «تحويل ثيمة الصحراء إلى عمل تخيلي، وتحليلي، وقد جعل الكاتب من الفضاء الصحراوي مجالاً للإبداع، باعتبار أن قضية الصحراء، قضية وطن».
وفي النهاية تساءل المؤلف: «هل تستحق الأفكار والمبادئ والآيديولوجيات كل هذه التضحيات؟ هل من اللازم أن يقتطع أحدهم من راحته، ومن عمره ومن حياته ليعيش الآخرون؟ ألم تثبت التجارب والتراكمات أن زمن المراجعات كثيراً ما يحِل متأخراً، وتصير اعترافات من يقف على يسار المشهد بلا معنى، وتكون الانتقادات بلا جدوى!».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

مؤتمر النقد السينمائي يطلق رحلة استكشافية بالرياض لفن «الصوت في السينما»

المؤتمر في نسخته الثانية تناول الصوت في السينما (الشرق الأوسط)
المؤتمر في نسخته الثانية تناول الصوت في السينما (الشرق الأوسط)
TT

مؤتمر النقد السينمائي يطلق رحلة استكشافية بالرياض لفن «الصوت في السينما»

المؤتمر في نسخته الثانية تناول الصوت في السينما (الشرق الأوسط)
المؤتمر في نسخته الثانية تناول الصوت في السينما (الشرق الأوسط)

انطلقت في الرياض جلسات مؤتمر النقد السينمائي الذي تنظمه هيئة الأفلام في نسخته الثانية، لينقل حضوره إلى الجانب الآخر من الشاشة الكبيرة، ومستكشفاً المسار الفكري والمهني الثري الذي تمر به الأفكار قبل تشكّلها أفلاماً.

وشهد افتتاح المؤتمر، الأربعاء، الاحتفاء بالرائد والمخرج السعودي عبد الله المحيسن، المولود عام 1947، أحد رواد صناعة السينما السعودية، وأول متخصص سعودي في السينما وضع اللبنات الأولى لمفهوم صناعة السينما في المملكة.

ورحب رئيس هيئة الأفلام عبد الله آل عياف، بضيوف المؤتمر، وقال: «مرحباً بكم في مدينة الرياض، المدينة الممزوجة بعبق الماضي وألق المستقبل، مدينة تستمد عظمتها من إرثها الخالد، وتبني مجدها بيدين إحداهما تنغرس عميقاً في جذور التراث والتاريخ، وأخرى تمتد عالياً لتعانق المستقبل».

وأكد آل عياف خلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر، أن مدينة الرياض تعد المكان المثالي لملتقى فريد من نوعه مثل هذا، فهي من جهة قلب مستقبل صناعة السينما في المنطقة بسوقها الأكبر الذي يبشر باقتصاد قوي، ومن جهة أخرى حضن الثقافة ومستقبل الفكر، مشيراً إلى أن قطاع الأفلام في السعودية أضحى واعداً ومؤثراً على الصعيد الإقليمي والدولي.

عبد الله آل عياف رئيس هيئة الأفلام في افتتاح المؤتمر (الشرق الأوسط)

وأضاف: «انطلاقاً من (رؤية السعودية 2030) تولي هيئة الأفلام اهتماماً كبيراً بتأسيس وتطوير واستدامة قطاع أفلام قوي وحيوي، وانطلاقاً من أهمية تمكين النقد كأداة فكرية وفنية تنير الطريق للسينما وتفتح نوافذ جديدة لها، يأتي هذا المؤتمر بوصفه منصة تجمع بين النقاد والمبدعين، تتيح لهم فرصة لتبادل الأفكار والخبرات، وصولاً إلى تشكيل وعي سينمائي عربي أعمق ينقلها نحو آفاق عالمية دون التخلي عن الأصالة والهوية».

وأشار آل عياف إلى أن موضوع المؤتمر لهذا العام، «الصوت في السينما»، اختير لأن «الصوت هو نصف التجربة السينمائية الذي يحكي ما لا تستطيع أن تحكيه الصورة، سواء كان الصوت موسيقى تصل مباشرة إلى الروح، أو حواراً يظهر الحقيقة، أو صمتاً هو أقوى من كل صوت، فإن الصوت هو صنو الصورة في حمل الفيلم والسينما إلى تحقيق التأثير المطلوب».

من جهته، رحب مشاري الخياط، المشرف العام على مؤتمر النقد السينمائي الدولي، بضيوف المؤتمر الذي يجمع نخبة من صناع الأفلام والمثقفين والإعلاميين للاحتفاء بمسيرة النقد السينمائي، الذي بدأ بوصفه أداة للتعبير عن الذات واستكشاف التحديات المجتمعية، وقد تطور مع مرور الزمن ليصبح منارة تضيء دروب الفنانين وتلهم الأجيال الجديدة من المبدعين.

وقال الخياط: «اليوم ونحن نواصل رحلة السينما السعودية، نعتزّ بما تحقق من إنجازات، حيث نجحت السينما السعودية في الوصول إلى أفق العالمية، وأصبح النقد جزءاً لا يتجزأ من هذا التطور، يسهم في تعزيز جودة الأعمال السينمائية وإبراز روحها».

ندوة افتتاحية عن تجربة ومسيرة المخرج السعودي عبد الله المحيسن (الشرق الأوسط)

وأبدى الخياط سعادته وسروره باستضافة مؤتمر هذا العام، للرائد والمخرج السعودي عبد الله المحسين، أحد أهم رموز السينما السعودية والعربية، الذي أثرت أعماله الرائدة في مسيرة السينما، ولدى كثير من صناع الفيلم ومبدعيه.

وأضاف: «كان ولا يزال المحيسن أحد أبرز رواد السينما السعودية، وأحد أعمدتها في توثيق تاريخنا وعكس قصصنا، وجاءت أفلامه مثقلة بتطلعاته وأفكاره بصفته مثقفاً سعودياً وعربياً، تطرح قضايا عميقة تعكس تحولات المجتمع السعودي والعربي، واستحق نظيرها نيل جوائز محلية وإقليمية، بوصفه من أوائل السعوديين الذي شقوا طريق السينما السعودية نحو الساحة العربية والدولية، وأصبح مثالاً في الإبداع والإصرار لدى عدد من الأجيال».

وتستمر أعمال مؤتمر النقد السينمائي⁩ الدولي في نسخته الثانية بمدينة الرياض لأربعة أيام، حيث يلتقي الخبراء وصناع الأفلام والمبدعون في رحلة استكشافية لفن «الصوت في السينما» الذي اختير موضوعاً لمؤتمر هذا العام، ‏ويمثل حدثاً شاملاً لكل محبي السينما لاستكشاف خفاياها ولقاء صنّاعها وروّادها ونقادها في حدث متكامل يضم عشاق الشاشة الكبيرة بكل مجالاتها.