«مؤتمر القاهرة» يوصي بضوابط لمتصدري «الخطاب الديني»

خبراء دعوا إلى برامج لمكافحة «الإرهاب الرقمي»

خبراء في «مؤتمر القاهرة» يطالبون ببرامج لمكافحة «الإرهاب الرقمي» (الإفتاء المصرية)
خبراء في «مؤتمر القاهرة» يطالبون ببرامج لمكافحة «الإرهاب الرقمي» (الإفتاء المصرية)
TT

«مؤتمر القاهرة» يوصي بضوابط لمتصدري «الخطاب الديني»

خبراء في «مؤتمر القاهرة» يطالبون ببرامج لمكافحة «الإرهاب الرقمي» (الإفتاء المصرية)
خبراء في «مؤتمر القاهرة» يطالبون ببرامج لمكافحة «الإرهاب الرقمي» (الإفتاء المصرية)

أوصى مؤتمر ديني بالقاهرة بـ«ضوابط للمتصدرين لـ(الخطاب الديني)». في حين دعا خبراء وباحثون إلى «برامج لمكافحة (الإرهاب الرقمي) تستهدف تحصين المجتمعات ضد الحركات المتطرفة وما تروجه من أفكار على (الإنترنت)». حديث الخبراء والباحثين جاء ضمن فعاليات مؤتمر «مركز سلام لدراسات التطرف» التابع لدار الإفتاء المصرية، الذي اختتم فعالياته، بمشاركة 42 دولة، وبرعاية رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي.
وقال مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية» خالد عكاشة، إن «(التيارات المتطرفة) نفذت إلى الفضاء الإلكتروني، وأصبحت محترفة في هذا المضمار وتدير نشاطها باحترافية تستلزم التحرك السريع»، مشيراً إلى «خطورة (الإرهاب الرقمي)، وضرورة وضع برامج عمل لمكافحته»، مطالباً مراكز الدراسات بـ«التعاون وبذل جهود مشتركة لإنهاء واجبها وإعداد (ملف حقيقي) لمواجهة ظاهرة التطرف الإلكتروني».
وأكد الرئيس التنفيذي لمرکز «تريندز للبحوث والاستشارات» محمد عبد الله العلي، أن «التطرف الديني أضحى مصدراً أساسياً من مصادر تهديد أمن وسلام واستقرار ورفاهية كثير من الشعوب والمجتمعات»، لافتاً إلى أن «(جماعات التطرف) أدركت مبكراً أهمية شبكة (الإنترنت) في تحقيق أهدافها؛ فما توفره هذه الشبكة المترامية الأطراف من قدرات هائلة و(غير مسبوقة) على التواصل مع الأفراد والمجتمعات، يساعد هذه الجماعات في نشر فكرها (الضال)، واستقطاب وتجنيد أتباع وعناصر جُدد، بالإضافة إلى الحصول على الموارد المالية والدعم اللوجيستي»، موضحاً أن «استراتيجية مواجهة التطرف في العصر الرقمي، تتركز على ثلاثة أبعاد: أولها البعد الأمني، عبر تتبع وحذف أو حظر المحتوى والمواقع والحسابات الإلكترونية التي تحض على التطرف و(الكراهية). والثاني التربوي والتعليمي، ويستهدف تحصين النشء ضد مخاطر التطرف في الفضاء الرقمي. والثالث الفكري، ويستهدف غرس قيم قبول الآخر في المجتمعات».
من جهته، ذكر مدير «المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات» بألمانيا وهولندا جاسم محمد، أن «البرلمان الأوروبي أقرّ قيوداً مشددة تُفرض على المنصات الإلكترونية من بينها حذف المحتويات ذات الطابع الإرهابي في غضون ساعة»، موضحاً أن «(وحدة الإحالة عبر الإنترنت) في الاتحاد الأوروبي تكتشف (المحتوى الضار) على (الإنترنت) وفي وسائل التواصل، وتكشف (المحتوى الإرهابي والمتطرف)». وقال عضو المجلس العلمي الرسمي ببلجيكا مصطفى دومان، إنه «في ظل الثورة الرقمية على نحو غير مسبوق لم تعد الطرق التقليدية المعروفة مجدية في مواجهة التطرف؛ بل لا بد من استحداث طرق جديدة معاصرة للتصدي للعنف والإرهاب»، مشيراً إلى «ضرورة تطبيق ذلك على الكثير من المحاور والأبعاد ومنها البعد الوقائي».
فيما أشار عضو مجلس إدارة مركز «رواق بغداد» أحمد حلو، إلى «تجربة الحكومة العراقية في التصدي لتنظيم (داعش) الإرهابي، منها إطلاق (خلية للإعلام) لتنظيم عملية البيانات الإعلامية والتصدي للإشاعات؛ مما أسهم في دحض أدوات (داعش)»، مناشداً بـ«السيطرة على المحتوى الإلكتروني لمواجهة التنظيم». وطالب المدير التنفيذي للمركز الوطني للدراسات بمصر هاني الأعصر، بأن تكون «استراتيجية مواجهة خطر التطرف عابرة للحدود، تعمل على الشق الوقائي، وتفند الادعاءات المتطرفة».
إلى ذلك، شدد المجتمعون في ختام فعاليات المؤتمر أمس، على «ضرورة وضع ضوابط واضحة حول المتصدرين لـ(الخطاب الديني) في الداخل والخارج، بالتعاون مع المتخصصين وصانعي القرار والأجهزة المعنية في الدول، لضمان تصدر المؤهلين، ومن ثم تقليل الفرصة أمام انتشار خطاب (الكراهية والتشدد)، والخطاب الذي قد يؤدي بشكل غير مباشر إلى توسيع دائرة التطرف». وأوصى المؤتمر بـ«ضرورة بذل المزيد من العناية والجهد في مشروع التحول الرقمي للمؤسسات الدينية»، و«تنقية الكادر التعليمي -لا سيما في مراحل تشكيل الوعي للأطفال- من الأشخاص ذوي الميول والأفكار المتطرفة للحيلولة دون ترسيخ مبادئ التطرف في عقول الطلاب». ودعا المؤتمر إلى «إنشاء منصة إلكترونية جامعة تعرض جميع إصدارات المراكز البحثية المعنية بدراسات التطرف ليستفيد منها الباحثون في قضايا التطرف والإرهاب».


مقالات ذات صلة

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

يوميات الشرق جانب من كاتدرائية نوتردام دو باريس في باريس، بعد ترميمها، 29 نوفمبر 2024 (رويترز)

كاتدرائية نوتردام الفرنسية تتعافى من الحريق... وتكشف عن هيئتها الجديدة للعالم

بعد أكثر من خمس سنوات من أعمال ترميم واسعة، كشفت كاتدرائية نوتردام في العاصمة الفرنسية باريس عن هيئتها الجديدة للعالم اليوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».