مجلس «الطاقة الذرية» يدين إيران بالاجماع... وطهران ترد بتعطيل كاميرات

السعودية انتقدت النهج «غير الواضح» وأميركا لوحت بـ«خطوات إضافية»

عينات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في موقع تابع للمنظمة الذرية الإيرانية نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)  -  مفتش من الطاقة الذرية يركب كاميرات للمراقبة في منشأة  نظنز في 8 أغسطس (أ.ب)
عينات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في موقع تابع للمنظمة الذرية الإيرانية نوفمبر 2019 (أ.ف.ب) - مفتش من الطاقة الذرية يركب كاميرات للمراقبة في منشأة نظنز في 8 أغسطس (أ.ب)
TT

مجلس «الطاقة الذرية» يدين إيران بالاجماع... وطهران ترد بتعطيل كاميرات

عينات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في موقع تابع للمنظمة الذرية الإيرانية نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)  -  مفتش من الطاقة الذرية يركب كاميرات للمراقبة في منشأة  نظنز في 8 أغسطس (أ.ب)
عينات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في موقع تابع للمنظمة الذرية الإيرانية نوفمبر 2019 (أ.ف.ب) - مفتش من الطاقة الذرية يركب كاميرات للمراقبة في منشأة نظنز في 8 أغسطس (أ.ب)

وافق مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة، بأغلبية ساحقة، على قرار ينتقد إيران لعدم تقديمها ما يفسّر وجود آثار لليورانيوم في ثلاثة مواقع لم يعلن عنها. ووجهت الولايات المتحدة تحذيراً شديد اللهجة إلى إيران من تبعات عدم تعاونها في القضية الشائكة. وفي المقابل، تحدّت طهران القرار بوقف كاميرتي مراقبة تابعتين للوكالة في إحدى منشآتها النووية، وبدأت تشغيل سلسلة من أجهزة الجيل السادس في نظنز، فيما قال وزير الخارجية الإيراني، حسين عبد اللهيان، إن بلاده ستبدأ حزمة من الإجراءات رداً على الخطوة الغربية. وبعد التصويت قال دبلوماسي غربي لـ»الشرق الأوسط» إن القرار «حصل على تأييد كبير من دول مختلفة، وهذا يظهر مدى ضرورة تعاون ايران العاجل مع الوكالة»، متوقعاً «رداً شديد اللهجة من إيران». وأضاف: «سندرس الخطوات المقبلة، ونحاول التركيز على العودة للمفاوضات مع إيران رغم إدراكنا أنها أصبحت أصعب من أي وقت مضى».
وعارض القرار ولتان هما روسيا والصين، وامتنعت ليبيا وباكستان والهند، فيما أيدته 30 دولة. وبحسب النص، «يعبر (المجلس) عن القلق العميق» من عدم وضوح سبب وجود مثل هذه الآثار، نتيجة لعدم تعاون طهران الكافي مع «الطاقة الذرية»، ويدعو إيران إلى إجراء مزيد من المحادثات مع الوكالة «دون تأخير».ودعت المندوبة الأميركية لورا هولغايت داخل مجلس المحافظين أعضاء المجلس لدعم مشروع القرار الذي تقدمت به إلى جانب الدول الأوروبية الثلاث، والذي يدعو إيران إلى التعاون مع الوكالة، مشددة على أن الهدف «ليس التصعيد السياسي، بل حل المسائل العالقة»، والمرتبطة بالضمانات النووية التي على إيران تقديمها. وقالت، إن «مجلس المحافظين يتمتع بمسؤولية لاتخاذ الإجراءات المناسبة لمحاسبة إيران على عدم الوفاء بالتزاماتها».
وأضافت هولغايت، أنه في حال عاد مدير «الطاقة الذرية» رافائيل غروسي وأبلغ المجلس أنه حصل على أسئلة شافية من إيران فيما يتعلق بنشاطاتها السرية السابقة، «فلن تعود هناك حاجة إلى أي خطوات من قِبل المجلس حول هذه المسألة». وفي ذلك إشارة إلى أن الولايات المتحدة مستعدة لتصعيد المواجهة أكثر مع إيران في حال استمرار عدم تعاونها مع الوكالة، رغم أن مشروع القرار المقدم لم يحمل أي تهديد بخطوات إضافية ولا تحذير من إحالة إيران إلى مجلس الأمن مرة أخرى.
لكن هولغات عبّرت عن أملها ألا يؤدي القرار إلى دفع إيران لتقليص تعاونها أكثر مع الوكالة، وصرحت في هذا الصدد «إذا كانت التقارير، التي تفيد بأن إيران تخطط لتقليص الشفافية رداً على هذا القرار، دقيقة فسيكون هذا أمراً مؤسفاً للغاية، ويؤدي إلى نتائج عكسية على خلاف النتائج الدبلوماسية التي نسعى إليها. نحن لا نسعى للتصعيد (مع إيران)».
من جهته، دعا ممثل الاتحاد الأوروبي في مجلس المحافظين، مع بدء النقاشات المتعلقة بالضمانات النووية المتعلقة بإيران، دول المجلس إلى دعم مشروع القرار الأميركي - الأوروبي، وقال في كلمة وزعت لاحقاً، إن الاتحاد «عبّر في السنوات الماضية عن قلقه من وجود آثار يورانيوم من صنع بشري في 3 مواقع غير معلن عنها... وفي الوقت نفسه، الاتحاد الأوروبي يدعو إيران منذ سنوات إلى التعاون مع الوكالة وتزويدها بالتفسيرات اللازمة لتوضيح نشاطاتها هذه».
وتابع ممثل الاتحاد الأوروبي يقول، إنه «رغم الفرص المتعددة أمام إيران لتوضيح ذلك، والدعوات المتكررة التي وجهها لها المجلس منذ قراره الأخير عام 2020، فإن تقدماً محدوداً حصل منذ ذلك الحين». وأشار ممثل الأوروبي إلى أن المقلق أن المواد التي عثر عليها المفتشون وترفض إيران تفسيرها «ربما ما زالت موجودة في إيران حتى اليوم»، مضيفاً بأن هذا «يتسبب بقلق كبير»، ويتطلب توضيحاً من إيران «كي تتمكن الوكالة من ضمان أن برنامجها النووي سلمي بحت».
وقال مندوب السعودية الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا الأمير عبد الله بن خالد بن سلطان بن عبد العزيز، إن «إيران تواصل نهجها غير الواضح في تقديم تفسيرات ليس لها مصداقية، مستغلة صبر الدول الأعضاء لتطوير برنامجها النووي»، داعياً إيران إلى «التعاون مع الوكالة وحل القضايا العالقة من دون مماطلة». وأضاف «نأمل من الدول الأعضاء في مجلس المحافظين تقديم كامل الدعم للوكالة ومديرها».
وكانت إيران استبقت قرار مجلس المحافظين الذي يدعوها للتعاون مع «الطاقة الذرية»، وأعلنت إطفاء اثنتين من كاميرات المراقبة المركزة داخل منشآتها النووية التابعة للوكالة، وقالت إن الكامرتين مركبتان ضمن اتفاقية الضمانات الإضافية التي خرجت منها طهران في فبراير (شباط) الماضي. جاء ذلك في حين صعّدت إيران من لهجتها التهديدية قبيل طرح الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث مشروع قرار يدعو إيران للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، للتصويت عليه أمام مجلس المحافظين.
ورداً على سؤال حول المخاوف من تأثير ذلك على مفاوضات فيينا السياسية، قال دبلوماسي غربي لـ»الشرق الأوسط» إن المفاوضات متوقفة أصلاً منذ مارس (آذار) الماضي، وهي لم تحرز أي تقدم منذ ذلك الحين رغم محاولات إحيائها من قِبل الاتحاد الأوروبي الوسيط في المحادثات بين إيران والولايات المتحدة. وكان المندوب الروسي لدى المنظمات الدولية ميخائيل أوليانوف قد حذر بأن القرار قد يؤدي إلى نتائج عكسية ويوقف المفاوضات السياسية مع إيران كلياً.
- تهديد إيراني
في طهران، نقلت وسائل إعلام رسمية عن وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان، أن طهران قدمت حزمة سياسية جديدة للأطراف الأخرى خلال اليومين الماضيين.
وقال عبد اللهيان «وجهنا رسالة إلى الطرف الآخر قبل يومين مفادها أنكم تدخلون إلى مسار جديد، تعتقدون أنه إصدار قرار بهدف الضغط السياسي على إيران»، لافتاً إلى أنه أبلغ مسؤول السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين، تفاصيل الحزمة الجديدة، وقال «إذا واصل الطرف الآخر متابعة التهديد وإصدار القرار فلن نبقى مكتوفي اليد».
وأشار عبداللهيان إلى أن «الذرية» الإيرانية ستبدأ في غضون ساعات حزمة من الخطوات (النووية) التي تستند إلى قانون أقرّه البرلمان الإيراني في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 تحت عنوان «قانون إلغاء العقوبات الأميركية».
لكنه قال «إذا أراد الطرف الآخر متابعة المسار السياسي والدبلوماسي قدمنا حتى الآن مبادرات كثيرة، بما في ذلك قضية تبادل الرسائل مع الطرف الأميركي لكي نفتح الطريق في خطوة حكيمة». وحذر من أنه «إذا لم يعيد الطرف الأميركي النظر خلال الساعات المقبلة واتخذ قراراً غير واقعي وتابع مسار القرار، فلن نبقى مكتوفي اليد».
وكان رئيس البعثة الإيرانية لدى المنظمات الدولية في فيينا، محمد رضا غائبي، قد هدد مرة جديدة في تصريحات أدلى بها قبل التصويت لوكالة «إيرنا» الرسمية، بأن إيران «سترد بقوة على الخطوة غير البناءة» في حال مضت الدول الغربية بطرح مشروع القرار للتصويت. وقال غائبي الذي يرأس البعثة حالياً بعد مغادرة السفير السابق كاظم غريب آبادي وعدم تعيين طهران سفيراً جديداً بعد، بأن تقرير مدير «الطاقة الذرية» رافاييل غروسي حول عدم تعاون إيران هو تقرير «سياسي»، مضيفاً أن «الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث استخدمت التقرير ذريعةً لطرح قرار بأهداف سياسية معادية لإيران». وبقي غائبي يأمل بأن تسحب الدول الغربية مشروع القرار حتى اللحظات الأخيرة. ورفض غائبي الاتهامات الأميركية حول عرقلة بلاده لإحياء الاتفاق النووي، ورد الاتهامات قائلاً، إن عرقلة واشنطن هي التي تمنع التوصل إلى اتفاق حتى الآن.
- تقليص التعاون
وأعلنت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، صباح أمس، إغلاق كاميرتي مراقبة لـ«الطاقة الذرية» في إحدى المنشآت النووية، بسبب ما قالت، إن الوكالة «لم تأخذ بعين الاعتبار أن تعاون إيران في هذا المجال كان من باب حسن النية إلا أن الوكالة الدولية لم تقدر هذا التعاون».
وقال المتحدث باسم «الذرية» الإيرانية، بهروز كمالوندي «رغم تعاوننا الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن للأسف تصرف الوكالة الدولية لم يكن مناسباً، وهناك أيضاً الدول الغربية، خاصة الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة، التي بدأت تحركاً ضد بلدنا؛ ولذلك فقد اتُخِذ القرار بوقف جزء من تعاوننا وهو الجزء الذي يذهب أبعد من اتفاقية الضمانات وليس جزءاً من واجباتنا وكنا نقوم به كبادرة حسن نية، مثل تسجيل بعض النشاطات بكاميرات مراقبة تابعة للوكالة الدولية... وقد أعطينا أوامر بوقفها».
وحذر كمالوندي من «خطوات إضافية» يمكن لإيران أن تأخذها في حال تبنى مجلس المحافظين مشروع القرار الغربي، وقال «نتمنى أن يعودوا إلى رشدهم ويردوا على تعاون إيران بالتعاون. من غير المقبول أن يظهروا تصرفاً غير مناسب فيما تستمر إيران بالتعاون».
وأضافت الوكالة الإيرانية، أن كاميرات المراقبة المتبقية والتي تمثل 80 في المائة من الكاميرات التابعة للوكالة الدولية ما زالت تعمل، وهي مثبتة ضمن اتفاقية الضمانات المرتبطة بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وأن هذه الكاميرات ما زالت تعمل بشكل طبيعي.
في وقت سابق، أكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، أنه «ليس لدى إيران أي أنشطة نووية سرية وغير مدونة ومواقع أو أنشطة مجهولة الهوية... الوثائق التي تم تقديمها مزورة والتحرك الأخير للدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) وأميركا وتقديم مسودة قرار ضد إيران هو في الواقع خطوة سياسية للضغط الأقصى على طهران»، وفق ما أوردت وكالة «إيرنا» الرسمية.
وقال إسلامي، إن «إيران وافقت على الاتفاق النووي لكي تسقط هذه الاتهامات، وبناء الثقة، ولكن الآن بهذا القرار سنعود إلى الوضع السابق ونفس القصة مرة أخرى».
وكان غروسي قد أبلغ مجلس المحافظين الأسبوع الماضي، أن إيران «لم تقدم أجوبة شافية» حول أسئلة الوكالات المتعلقة بالعثور على آثار لليورانيوم المخصب في 3 مواقع سرية داخل إيران. وتشتبه الوكالة بأن لدى إيران برنامجاً نووياً غير معلن بأهداف غير سلمية.
وبحسب آخر تقرير لـ«الطاقة الذرية»، تملك إيران حالياً 43.1 كيلوغرام من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60 في المائة.
وقال غروسي للصحافيين، الاثنين، إنها «مجرد أسابيع قليلة فقط» قبل أن تتمكن إيران من الحصول على المواد الكافية لصنع سلاح نووي إذا استمرت في تطوير برنامجها.
إلى ذلك، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي تحدثا هاتفياً أمس، وبحثا ضرورة مواصلة الجهود الدبلوماسية والتوصل إلى اتفاق بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015.
وقال الكرملين، إن بوتين ورئيسي عبّرا عن رغبتهما في تعزيز العلاقات الروسية الإيرانية.


مقالات ذات صلة

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

شؤون إقليمية «الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

«الطاقة الذرية» تؤكد وضع كاميرات في إيران

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقارير بشأن إعادة وضع كاميرات مراقبة في إيران، في سياق الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية. وقال فريدريك دال، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «العمل جار» دون تحديد عدد الكاميرات أو المواقع التي وصلتها الوكالة الدولية. وأفادت «جمعية الحد من التسلح» التي تراقب امتثال لدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي ومقرها واشنطن، بأن الوكالة الدولية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض منشآت إيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي في طهران بداية مارس

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أنباء عن إعادة كاميرات المراقبة «الأممية» في منشآت نووية إيرانية

أفادت «جمعية الحد من التسلح» بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدأت في إعادة تركيب كاميرات المراقبة في بعض المنشآت النووية الإيرانية بموجب الاتفاق الأخير بين مدير الوكالة رافائيل غروسي، وإيران التي تقترب من عتبة الأسلحة النووية. وتوصل غروسي طهران في بداية مارس (آذار) إلى اتفاق مع المسؤولين الإيرانيين بشأن إعادة تشغيل كاميرات المراقبة في مواقع نووية عدة وزيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو. وتسبب الاتفاق في تفادي مجلس محافظي التابع للوكالة الدولية إصداراً جديداً يدين طهران بسبب عدم تجاوبها مع مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، خصوصاً تلك المتعقلة بالتحقيق في ثلاثة مواقع سرية، عثر فيها على آثا

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

الكشف عن «فوردو»... أبرز تسريبات مسؤول أعدمته إيران بتهمة التجسس

بعد نحو 5 أشهر على إعدام علي رضا أكبري، النائب السابق لوزير الدفاع الإيراني، على خلفية اتهامه بالتجسس لصالح بريطانيا، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مصادر إسرائيلية وإيرانية أن المسؤول السابق «كان جاسوساً غير متوقع» بسبب ولائه الشديد للنظام، لكنه لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن منشأة فوردو التي ضمت أنشطة سرية لإيران قبل أن تعترف طهران بوجود موقع تخصيب اليورانيوم الواقع تحت الأرض في عام 2009. وأعدم أكبري (62 عاماً)، الذي يحمل الجنسية البريطانية، فجر 14 يناير (كانون الثاني)، بعد ثلاثة أيام من تسريب قضية اعتقاله لوسائل الإعلام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

موسكو تُحمل الغرب تعثر إحياء «الاتفاق النووي»

حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من ضياع فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وحمّل الغرب مسؤولية تعثر المفاوضات. وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي في نيويورك أمس: «سيكون من الخطأ الفادح تفويت فرصة استئناف خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن برنامج إيران النووي»، وحمّل «تصرفات الغرب» المسؤولية إذ قال «في هذه المرحلة، لا يعتمد استئناف الاتفاق، على إيران أو روسيا أو الصين... الذين دمروه يجب عليهم إعادته إلى الحياة الآن». وانتقد لافروف «متطلبات جديدة لم يتم ذكرها في المسودة الأولى للاتفاق». وأضاف «لنفترض أنه تم التوصل إلى اتفاق لاستئنافه منذ فترة طويلة.

شؤون إقليمية عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

عبداللهيان يتحدث عن «مبادرات» لاستئناف مفاوضات «النووي»

أعلن وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبداللهيان، أمس أن بلاده تلقت أفكاراً بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 عن إيران، معرباً عن امتنانه للدور البناء لسلطان عمان ونواياه الصادقة في هذا الصدد. وفي اليوم الثاني لزيارته إلى عمان التي اختتمها أمس متوجهاً إلى بيروت، قال عبداللهيان عقب لقائه مع نظيره العماني إن مسقط «تلعب دائماً دوراً بناء» في محادثات النووية، وأضاف «قد أجرينا المشاورات اللازمة في هذا الصدد». وفي وقت لاحق، نقلت وكالة الأنباء العمانية عن عبداللهيان القول إن سلطنة عُمان لديها «مبادرات جدية» فيما يخص الملف النووي الإيراني «ستسهم» في عودة المفاوضات. وذكرت وزارة الخارجية العما

ميرزا الخويلدي (مسقط)

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.