التهديدات التركية تدفع العراق إلى إجلاء مزيد من رعاياه في سوريا

بغداد رحّلت نحو 600 عائلة عراقية منذ بداية العام الحالي وعشرات المسلحين

نحو 600 عائلة عراقية غادرت مخيم الهول منذ بداية العام الحالي (الشرق الأوسط)
نحو 600 عائلة عراقية غادرت مخيم الهول منذ بداية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

التهديدات التركية تدفع العراق إلى إجلاء مزيد من رعاياه في سوريا

نحو 600 عائلة عراقية غادرت مخيم الهول منذ بداية العام الحالي (الشرق الأوسط)
نحو 600 عائلة عراقية غادرت مخيم الهول منذ بداية العام الحالي (الشرق الأوسط)

على مدار الأعوام الماضية، وعند تسيير كل رحلة لإجلاء اللاجئين العراقيين من مخيم الهول، الواقع على بعد 45 كيلومتراً شرق محافظة الحسكة، يتنفس الرجل الخمسيني علي العناد الشمري الصعداء أملاً بالعودة إلى مسقط رأسه جبال سنجار في الرحلة المقبلة. وعلى وقع التهديدات التركية بشنّ عملية عسكرية على مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) شمال شرقي سوريا، سارعت الحكومة العراقية إلى إجلاء مزيد من رعاياها القاطنين في هذا المخيم المكتظ، كما تسلمت دفعة جديدة من العناصر المسلحين الذين قاتلوا إلى جانب «تنظيم داعش» من قوات «قسد»، كان عددهم 50 عنصراً نقلوا إلى سجون العراق.
ويروي علي الشمري كيف هرب منتصف 2014 رفقة زوجته وكامل عائلته، من مسقط رأسه، جبل سنجار، شمال مدينة الموصل العراقية، بعد هجوم واسع نفذه مسلحو «تنظيم داعش». ولا يزال يتذكر لحظة السيطرة على قريته والطريقة الوحشية التي تعاملوا بها؛ حيث قتلوا الرجال والشباب، وخطفوا النساء. والفتيات اللواتي رفضن الذهاب مع العناصر كانت تقتل، ليقول في بداية حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «آنذاك مشينا 3 أيام متواصلة، قصدنا بدايةً قمم الجبال ثم هربنا نحو المناطق الحدودية مع سوريا، لندخل لمخيم الهول، ومنذ 8 سنوات نعيش بهذا المكان». ومنذ افتتاح مكتب تسجيل عودة اللاجئين العراقيين نحو بلدهم، ينتظر علي وعائلته كحال بقية العراقيين وصول الموافقة والسماح لهم بالمغادرة. وعلي الذي كان يلبس عباءة فضاضة، ويشمخ (شماغاً) أحمر عربياً، أضاف بلهجته العراقية، وهو ينفث سيجارته: «نبي (نريد) وطننا وبلادنا، ونقضي بقية عمري في قريتي ومنزلي الذي ناله الخراب والدمار جراء الحروب التي دارت هناك».
أما زوجته سعدية (45 سنة) التي كانت تجلس بجانبه، وكانت ترتدي فستاناً أسود منقوشاً باللون الذهبي وغطاء رأس بنياً فاتحاً، فقالت إن العائلة بادرت إلى تسجيل اسمها أكثر من مرة، و«في كل مرة يقولون لنا إن الأسماء المسجلة قديماً ستسافر أولاً، وقد مضى أكثر من 4 سنوات، لكن السلطات العراقية تتأخر كثيراً في ترحيل مواطنيها». وأشارت إلى أن حالة الانتظار مملة ومتعبة. ومن تحت خيمتها التي لا تقيها حرارة الشمس التي تصل هذه الأيام إلى 40 درجة مئوية، ذكرت: «عدد أفراد أسرتي 12 شخصاً، نعيش في خيمة مشتركة، تفتقر لأدنى مقومات الحياة»، لكن بعد سماع إخراج دفعة جديدة من اللاجئين العراقيين قبل أيام ارتسمت علامات الارتياح على وجهها، ومع مضي الأيام والأسابيع متثاقلة حيث فقدت الأيام معناها؛ تنتظر هذه السيدة معرفة مصير باقي أفراد عائلتها المشتتة ولقاء من تبقوا على قيد الحياة.
ويقول شيخموس أحمد، رئيس «مكتب النازحين وشؤون اللاجئين» في الإدارة الذاتية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة العراقية تستمر في إجلاء رعاياها من مخيم الهول، وهناك أكثر من 25 ألفاً ينتظرون وصول أسمائهم، «لكن العمليات تتم بشكل بطيء، وتستغرق وقتاً حيث غادرت قبل أيام 150 عائلة، لترتفع الأرقام إلى 600 عائلة منذ بداية العام الحالي». وطالب المسؤول الكردي المجتمع الدولي وحكومة العراق وباقي الدول بـ«تحمل مسؤولياته تجاه أطفال المخيم، إذ يحمل معه مخاطر تتفاقم كل يوم، لأن تجاهل المجتمع الدولي لهؤلاء الأطفال الموجودين أمر خطير للغاية»، مشيراً إلى أن ترك الأطفال وهم يكبرون عاماً بعد عام ضمن حدود تلك المخيمات «يعني تحويلهم تلقائياً بعد إتمام السن القانونية دون 17 إلى مراكز التوقيف الخاصة بمقاتلي التنظيم، ما يعني تفاقم المشكلة وبقاءها مفتوحة دون حلول جذرية».
ونقلت لاجئة عراقية تدعى ساجدة (50 عاماً) كيف أدخل سماعها الأنباء عن إمكانية عودتها إلى العراق الفرحة لقلبها؛ حيث بادرت إلى تسجيل اسمها وعائلتها، وعبّرت عن مشاعرها، قائلة: «سأعود مشياً على الأقدام إذا سمحوا لنا، تعبنا هنا كثيراً من هذه الحالة، ومن العيش تحت رحمة المخيمات»، وذكرت أنها مسؤولة عن عائلة كبيرة بعد مقتل زوجها في معارك العراق، دون توضيح ما إذا كان مقاتلاً في صفوف التنظيم أم مدنياً، وأخبرت أن اثنين من بناتها، إحداهن مطلقة، والثانية أرملة، تعيشان معها تحت الخيمة، «أنا أتولي رعايتهما مع أطفال بناتي، ويبلغ عدد أسرتي كاملة 15 نفراً (فرداً) ننام ونأكل ونعيش معاً».
- وفد أممي وصل إلى مخيم الهول
وصل وفد من الأمم المتحدة، برفقة رئيس جهاز الأمن الوطني العراقي حميد الشطري، إلى مخيم الهول، الاثنين الماضي 6 يونيو (حزيران) الحالي، لتفقد عمليات ترحيل اللاجئين العراقيين. وقالت جينين هينيس بلاسخارتن، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالعراق، التي زارت الهول، في إفادة صحافية: «إن العراق يظهر إمكانية عمليات الإعادة المسؤولة من خلال إيجاد حلول كريمة ترتكز على مبادئ كل من المساءلة وإعادة الإدماج». ولفتت إلى أن إبقاء الناس بظروف مقيّدة وسيئة «سيؤدي في النهاية إلى مخاطر حماية وأمن أكبر من إعادتهم بطريقة خاضعة للرقابة». فيما أكد منسق الشؤون الإنسانية في سوريا، عمران رضا، وكان في الوفد الزائر، إن الهول ليس مكاناً للأطفال «حيث 50 في المائة من إجمالي سكان المخيم حالياً هم دون سن 12 عاماً، والخطوات التي اتخذتها حكومة العراق مهمة للغاية في الطريق إلى الحلول».
وتحول مخيم الهول إلى مدينة خيام حقيقية، يعيش فيها نحو 56 ألفاً، نصفهم عراقيون، وفق إحصاءات إدارة المخيم والأمم المتحدة، ويضم هذا المكان أفراد عائلات مقاتلين عراقيين كانوا في صفوف التنظيم، إضافة إلى بضعة آلاف من عائلات مقاتلين أجانب يقبعون في قسم خاص قيد الحراسة المشدّدة.
ولا تخفي «وصال» المتحدرة من بلدة الحديثة العراقية، وتقطن في مخيم الهول منذ 5 سنوات، خوفها من العمليات الأمنية التي تصاعدت بالفترة الأخيرة داخل المخيم، إذ قتل 18 شخصاً منذ بداية العام الحالي، غالبيتهم كانوا من العراقيين، لتقول: «لا ندري هل سأعود قريباً لبلدي أم أموت وأدفن هنا».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.