عائلات فلسطينيين تحتجز إسرائيل جثامينهم تناضل من أجل وداع أخير

تشييع عودة صدقة الذي قتل برصاص القوات الإسرائيلية الجمعة (أ.ب)
تشييع عودة صدقة الذي قتل برصاص القوات الإسرائيلية الجمعة (أ.ب)
TT

عائلات فلسطينيين تحتجز إسرائيل جثامينهم تناضل من أجل وداع أخير

تشييع عودة صدقة الذي قتل برصاص القوات الإسرائيلية الجمعة (أ.ب)
تشييع عودة صدقة الذي قتل برصاص القوات الإسرائيلية الجمعة (أ.ب)

تناضل عائلات شبان تحتجز السلطات الإسرائيلية جثامينهم منذ فترات مختلفة، من أجل وداع أخير لأبنائهم وإغلاق الفصل الأصعب في المأساة التي ألمت بهم، وهي مأساة مستمرة فلسطينياً منذ عقود طويلة وتتجدد مع كل انتفاضة أو هبة أو فترة تشهد مزيداً من العمليات.
وبعد توقف مؤقت فرضه التعنت الإسرائيلي والظروف السياسية، استأنفت «الحملة الشعبية لاسترداد جثامين الشهداء» نشاطها على أصعدة مختلفة من أجل الضغط على كل ذي صلة في محاولة لاسترجاع أبنائهم. وتحتجز إسرائيل فلسطينيين ممن قضوا خلال سنوات قريبة في ثلاجات، وآخرين في مقابر الأرقام، وهم الذين قضوا في فترات بعيدة، ولا يسمح لأي جهة الاطلاع على أي تفاصيل متعلقة بهم.
وتظاهر أهالي «الشهداء» في مناطق مختلفة بالضفة الغربية، في برنامج متصاعد أطلق منذ السبت الماضي، تحت شعار «لا يسقط شيء بالتقادم وأبناؤنا سيعودون حتماً»، بعدما استنفدوا كل الإجراءات القانونية لدى المحكمة الإسرائيلية العليا. وقالت فاطمة منصور عمة الشاب محمود حميدان الذي تخفي إسرائيل جثمانه منذ شهر سبتمبر (أيلول) عام 2021، إن الحملة استؤنفت كردة فعل على الصمت الرسمي والأهلي. وأضافت: «نريد أن يرقى الموقف الرسمي لمستوى الألم الذي نشعر به». ولا تتطلع منصور إلا إلى مسألة واحدة، أن تعرف أين هو محمود في الثلاجة أو في مقابر الأرقام، وأن تودعه ثم تدفنه.
ورفع أهالي الشبان صوتهم عالياً في رام الله وجنين ومناطق أخرى من أجل حقهم الإنساني. وكانت الحملة أصدرت بياناً طالبت فيه «باعتبار قضية الشهداء المحتجزة جثامينهم في الثلاجات ومقابر الأرقام، قديماً وحديثاً، قضية وطنية من الدرجة الأولى تتصدر الاهتمام الشعبي والوطني إلى أن يتم الإفراج عن جميع الجثامين المحتجزة دون استثناء، وإطلاق الفعاليات الشعبية للمطالبة بالإفراج الفوري عنهم، إضافة إلى توحيد الجهود القانونية والشعبية في مواجهة هذه السياسة من خلال تشكيل فريق قانوني وطني متخصص لمتابعة هذه القضية محلياً ودولياً».
وتعهدت الحملة في بيان قرأه عدنان رواجبة، والد بلال رواجبة الذي قتلته إسرائيل قبل عامين، بفضح سياسة الاحتلال أمام الرأي العام الدولي، كما تعهدت ودعت إلى حث المستوى السياسي لأن يقوم بدوره محلياً ودولياً في هذه القضية ووضعها في صدارة اهتمامه، ومنحها صفة العجالة التي لا تحتمل التأجيل والتراخي وتحتاج إلى جهد يومي ومتواصل. وقال رواجبة إنه لا يمكن وصف الألم المستمر بسبب استمرار إسرائيل في احتجاز جثامين أبنائهم.
وتمثل الحملة عائلات 104 جثامين تحتجزهم إسرائيل منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2015.
وتظهر الأرقام أن عدد المحتجزة جثامينهم من محافظة القدس 12، ومن قطاع غزة 27، ومن الضفة الغربية 65 بينهم 9 أطفال و3 إناث. ويعتقد أن من بينهم يوجد 4 تم دفنهم في مقابر الأرقام على الأقل منذ عام 2017. وجربت الحملة التوجه إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية ثم إلى العليا، لكن قياداتها لم يحصلوا على أي نتيجة كون القرار صادراً عن المستوى السياسي الإسرائيلي الأكثر أهمية، وهو «المجلس الأمني والسياسي المصغر» (الكابنيت).
وقال المحامي محمود عليان، وهو والد بهاء الذي قضى في أكتوبر عام 2015، في عملية بالقدس، إنه يريد أن يضم ابنه ويقبله للمرة الأخيرة. وأضاف: «مثلي، يوجد أهالي 104 شهداء محتجزين، و253 شهيداً في مقابر الأرقام منذ عشرات السنين، في مخالفة لكل الأعراف الدولية والشرائع السماوية».
وتقيم إسرائيل منذ عقود مقابر تدعى «مقابر الأرقام»، وهي سرية وتحتجز فيها جثامين العشرات من الفلسطينيين على مدى عشرات السنين، وتعطيهم أرقاماً بدل الأسماء.
ويقول باحثون فلسطينيون إنه يوجد 4 مقابر للأرقام، وهي مقبرة جسر «بنات يعقوب» التي تقع في منطقة عسكرية عند ملتقى حدود فلسطين ولبنان وسوريا، وتضم رفات مئات الفلسطينيين واللبنانيين الذين قتلوا في حرب 1982، ومقبرة «بير المكسور» أو «جسر دامية» التي تقع في منطقة عسكرية مغلقة بين أريحا وغور الأردن، ويحيط بها جدار فيه بوابة حديدية معلق عليها لافتة كبيرة كتب عليها بالعبرية «مقبرة لضحايا العدو»، ومقبرة «ريفيديم» بغور الأردن، ومقبرة «شحيطة» في قرية وادي الحمام شمال طبريا.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي «مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

«مستعربون» بزي نسائي تسللوا إلى قلب نابلس لقتل 3 فلسطينيين

قتلت إسرائيل 3 فلسطينيين في الضفة الغربية، الخميس، بعد حصار منزل تحصنوا داخله في نابلس شمال الضفة الغربية، قالت إنهم يقفون خلف تنفيذ عملية في منطقة الأغوار بداية الشهر الماضي، قتل فيها 3 إسرائيليات، إضافة لقتل فتاة على حاجز عسكري قرب نابلس زعم أنها طعنت إسرائيلياً في المكان. وهاجم الجيش الإسرائيلي حارة الياسمينة في البلدة القديمة في نابلس صباحاً، بعد أن تسلل «مستعربون» إلى المكان، تنكروا بزي نساء، وحاصروا منزلاً هناك، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان انتهت بإطلاق الجنود صواريخ محمولة تجاه المنزل، في تكتيك يُعرف باسم «طنجرة الضغط» لإجبار المتحصنين على الخروج، أو لضمان مقتلهم. وأعلنت وزارة

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

مشروع قانون إسرائيلي يتيح لعوائل القتلى مقاضاة السلطة واقتطاع أموال منها

في وقت اقتطعت فيه الحكومة الإسرائيلية، أموالاً إضافية من العوائد المالية الضريبية التابعة للسلطة الفلسطينية، لصالح عوائل القتلى الإسرائيليين في عمليات فلسطينية، دفع الكنيست نحو مشروع جديد يتيح لهذه العائلات مقاضاة السلطة ورفع دعاوى في المحاكم الإسرائيلية؛ لتعويضهم من هذه الأموال. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، الخميس، إن الكنيست صادق، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون يسمح لعوائل القتلى الإسرائيليين جراء هجمات فلسطينية رفع دعاوى لتعويضهم من أموال «المقاصة» (العوائد الضريبية) الفلسطينية. ودعم أعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي ومن المعارضة، كذلك، المشروع الذي يتهم السلطة بأنها تشجع «الإرهاب»؛

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

تأهب في إسرائيل بعد «صواريخ غزة»

دخل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وقصف بدباباته موقعاً في شرق مدينة غزة، أمس الثلاثاء، ردّاً على صواريخ أُطلقت صباحاً من القطاع بعد وفاة القيادي البارز في حركة «الجهاد» بالضفة الغربية، خضر عدنان؛ نتيجة إضرابه عن الطعام داخل سجن إسرائيلي.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

وساطة عربية ـ أممية تعيد الهدوء إلى غزة بعد جولة قتال خاطفة

صمد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي دخل حيز التنفيذ، فجر الأربعاء، منهيا بذلك جولة قصف متبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية استمرت ليلة واحدة (أقل من 24 ساعة)، في «مخاطرة محسوبة» بدأتها الفصائل ردا على وفاة القيادي في «الجهاد الإسلامي» خضر عدنان في السجون الإسرائيلية يوم الثلاثاء، بعد إضراب استمر 87 يوما. وقالت مصادر فلسطينية في الفصائل لـ«الشرق الأوسط»، إن وساطة مصرية قطرية وعبر الأمم المتحدة نجحت في وضع حد لجولة القتال الحالية.

كفاح زبون (رام الله)

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تستهدف أحياء مسيحية ملاصقة للضاحية الجنوبية لبيروت

الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
الدخان والنيران يتصاعدان من مبنى لحظة استهدافه بصاروخ اسرائيلي في ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

تجدّدت الغارات الإسرائيلية، الجمعة، على الأحياء المسيحية المقابلة لضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء خمسة أبنية، يقع أحدها في شارع مكتظ.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام بشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارتين، بعد ظهر الجمعة، على مبنيين يقعان على أطراف ضاحية بيروت الجنوبية في منطقة الشياح المعروفة باسم «طريق صيدا القديمة»، التي تفصل الشياح عن عين الرمانة، وهي خطوط التماس القديمة، خلال الحرب اللبنانية. كما قصف، مساء، مبنى يقع خلف خط بولفار كميل شمعون، الذي يفصل الضاحية الجنوبية عن المناطق ذات الغالبية المسيحية التي يقع فيها المبنى المستهدف.

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

ويضمّ المبنى، في طوابقه الأربعة الأولى، مؤسسات تجارية عدة ونادياً رياضياً ومختبراً، بينما الطوابق السبعة الأخرى سكنية. واستهدف الصاروخ القسم السكني من المبنى، ما أدى إلى انهياره، بينما صمدت الطوابق الأولى. وجاء استهداف المبنيين بعد إنذار إسرائيلي لسكانهما ومحيطهما بالإخلاء، قالت الوكالة الوطنية إنه أسفر عن «حركة نزوح ملحوظة» من منطقة عين الرمانة المتاخمة للشياح، والتي تقطنها غالبية مسيحية. وجاءت الضربات بعد غارات مماثلة استهدفت، صباح الجمعة، ثلاثة أبنية في منطقتي الحدث وحارة حريك، بعد إنذار إسرائيلي.

وأظهر البث المباشر لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، سحب دخان وغبار تتصاعد على أثر الغارات الثلاث على المنطقة. وأفادت الوكالة بأن غارتين شنّهما «الطيران الحربي المُعادي» استهدفتا منطقة الكفاءات في الحدث، مشيرة إلى «تصاعد الدخان بشكل كثيف من محيط الجامعة اللبنانية». وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، أن مقاتلاته الحربية «أتمّت جولة جديدة من الضربات» على ضاحية بيروت الجنوبية.

امرأة وأطفال ينزحون من موقع قريب لمبنى دمرته غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية (أ.ف.ب)

وجاءت غارات الجمعة، غداة شنّ إسرائيل سلسلة غارات كثيفة استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب لبنان وشرقه. وشنت إسرائيل ضربات على مناطق عدة في جنوب لبنان، بعد أوامر إخلاء للسكان شملت مبنى في مدينة صور الساحلية، وبلدتين في محيطها. وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان، منذ إنهاء المبعوث الأميركي آموس هوكستين زيارته إلى بيروت، الأربعاء، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل. وللمرة الأولى منذ بدء عملياتها البرية، توغّلت القوات الإسرائيلية إلى داخل بلدة دير ميماس، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية، مشيرة إلى أن «طائرة استطلاع معادية» حلقت فوق البلدة، وهي «تطلب من المواطنين عدم الخروج من منازلهم». وأعلن «حزب الله»، الجمعة، استهدافه، مرتين، جنوداً إسرائيليين عند أطراف كفركلا، «بقذائف المدفعية».