نازحو عفرين يخشون الحرب التركية القادمة

تخوف سكان «الشهباء» من نزوح رابع

نشاط سكاني داخل مخيم الشهباء شمال حلب (الشرق الأوسط)
نشاط سكاني داخل مخيم الشهباء شمال حلب (الشرق الأوسط)
TT

نازحو عفرين يخشون الحرب التركية القادمة

نشاط سكاني داخل مخيم الشهباء شمال حلب (الشرق الأوسط)
نشاط سكاني داخل مخيم الشهباء شمال حلب (الشرق الأوسط)

على بعد آلاف الأمتار من خطوط التماس مع الجيش التركي وبضع مئات فقط من ثاني أكبر القواعد الروسية العسكرية بريف حلب الشمالي؛ تعيش النازحة الكردية سلطانة وعائلتها زوجها وأولادها الخمسة المنحدرون من مدينة عفرين الكردية، بعد أن هربوا منها في شهر مارس (آذار) 2018 في أعقاب هجوم واسع شنه الجيش التركي والسيطرة عليها بعملية «غصن الزيتون» آنذاك. وبذلك تكون العائلة قد نزحت ثلاث مرات خلال السنوات الأربع الأخيرة، من حلب فعفرين ثم إلى مخيم «الشهباء».
في خيمة نقش عليها شعار «مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة»، حيث تعيش سلطانة البالغة من العمر خمساً وأربعين عاماً، ترتدي زياً كردياً فلكلورياً عبارة عن ثوب طويل ملون وغطاء رأس بألوان فاتحة، تروي لـ«الشرق الأوسط»، كيف تغيرت الأوضاع في مخيم «الشهباء» بعد التهديدات التركية الأخيرة، لتقول: «نسمع أصوات الاشتباكات بشكل يومي وتسقط الكثير من الشظايا بالقرب من المخيم، هذا عدا شح مياه الشرب وسخونة الصيف وارتفاع درجات الحرارة، ونحن نعيش تحت رحمة هذه الخيمة درعا: رياض الزين».
يقع المخيم في قرية كشتعار بمحيط بلدة تل رفعت على الطريق الرئيسي المعروف بـ(214)، وهو طريق تجاري يربط مدينتي غازي عنتاب التركية بمدينة حلب السورية. وتروي سلطانة أن عائلتها كانت تعيش قبل الحرب في حلب ثم عادت إلى عفرين، وانتهى بهم المطاف اليوم في مخيم، باتت منطقته مهددة، بعد إعلان الرئيس التركي أنها من بين الأهداف للعملية العسكرية المرتقبة. تضيف هذه النازحة: «أخشى أن نبقى هنا مشردين لسنوات وربما كل العمر، فالحرب لا تنتهي، أما الحياة هنا مأساوية، فالمنطقة محاصرة وجهاتها الأربع مغلقة». تنظر بحسرة باتجاه الشمال حيث مسقط رأسها لتضيف: «من يدري متى سنعود؟ وإذا هاجمت تركيا مرة ثانية سيكون نزوحنا الرابع لكن لا نعلم الوجهة القادمة كل الأبواب مغلقة في وجهنا».
وبحسب هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في إقليم الشهباء وهو أحد التقسيمات الإدارية التابعة لـ«الإدارة الذاتية لشمال شرقي» سوريا، يقطن في مخيم الشهباء نحو 300 أسرة من مهجري عفرين وساكني مدينة حلب من بين خمسة مخيمات، يعيش فيها نحو 16 ألف عائلة نازحة في مخيمات برخودان، وسردم، وعفرين، والعودة.
ونقل نازحون وسكان محليون، أن طائرة تركية مسيرة استهدفت بداية الشهر الحالي، عيادة الدكتور خليل شيخ حسن الاختصاصي بالأمراض النسائية والتوليد في ناحية تل رفعت المجاورة لمخيم الشهباء، وكثفت القوات التركية من قصفها لمناطق ريف حلب الشمالي. ونقلت هيفيدار المنحدرة من عفرين (32 سنة)، والتي كانت تجلس تحت خيمتها وسبقت دموعها كلماتها الممزوجة بالحزن والقهر، لتقول: «منذ الهجوم التركي على مدينتي لم نعرف طعم الأمان والاستقرار، أربع سنوات وثلاثة أشهر ونحن على هذه الحالة نرحل من مكان إلى آخر».
تقول مديرة المخيم ليلى عدنان، إن قاطني المخيم يعيشون ظروفاً مأساوية صعبة بسبب الحصار المفروض من حواجز القوات الحكومية في حلب من جهة، واشتداد القصف المستمر من الجيش التركي والفصائل السورية المسلحة الموالية من جهة ثانية. وتستنكر الصمت الروسي حيال الهجمات التركية «ونحن نعيش على مقربة مئات الأمتار من ثاني أكبر قواعدها بالمنطقة، فالأوضاع المعيشية والحياتية تتدهور في هذا المكان والجميع يعيش هواجس حرب جديدة». وأشارت عدنان إلى أن حاجة المخيم تبلغ نحو 400 برميل يومياً من مياه الشرب النظيفة، غير أن منظمة اليونيسيف الأممية خفضت الكمية مع حلول فصل الصيف «حصتنا اليومية انخفضت إلى نحو 180 برميلاً وهذا ما يزيد من معاناتنا ضمن المخيم أضعافاً، مع انتشار الأوبئة الصيفية وخشية من عودة فيروس كورونا».
ونقل سيدو، وهو شاب يبلغ من العمر (28 سنة)، كيف أن قذيفة صاروخية سقطت على منزله في عفرين بداية 2018، تسببت بكسر بليغ في قدمه وذراعه، وقرر أن يلوذ بالفرار مع زوجته وبناته الثلاث تحت وابل القذائف وشدة المعارك مدمى بجروحه، فقدمه تمزقت أربطتها وبات يتحرك بمساعدة عكازين: «هذا الكسر يذكرني بالحرب في كل لحظة، ومع تصاعد التهديدات التركية أخشى على عائلتي وحياتي، وعلى كل المدنيين الذين سيكونون ضحايا هذه الحرب اللامتناهية».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.