النخبة العراقية ترفض الخروقات المتكررة لحرية التعبير

رأت في بيان أن مؤسسات الدولة غير محصنة من النقد

النخبة العراقية ترفض الخروقات المتكررة لحرية التعبير
TT

النخبة العراقية ترفض الخروقات المتكررة لحرية التعبير

النخبة العراقية ترفض الخروقات المتكررة لحرية التعبير

أعرب كتاب وأكاديميون وصحافيون وناشطون وسياسيون عن رفضهم منحى القمع والتضييق على مساحة الحرية والتعبير، الذي سارت عليه البلاد خلال الأشهر والسنوات الأخيرة تحت ذرائع وتهم شتى مثل: «الإساءة لمؤسسات الدولة» و«إهانة القضاء»، و«التطاول على الرموز»، في تزخيم لقوانين موروثة من حقبة النظام الديكتاتوري السابق ما زال العمل سارياً بها.
ووقع أكثر من 300 شخصية من مختلف الاتجاهات والمكونات على البيان المفصل، الذي صدر بعنوان: «دفاعاً عن حرية التعبير» وترجم إلى اللغة الإنجليزية.
ومن الذين وردت أسماؤهم ضمن الموقعين على البيان: مندوب العراق لدى الأمم المتحدة وسفيره السابق في واشنطن سمير الصميدعي، والروائي الفائز بجائزة البوكر العربية أحمد السعداوي، وقاضي النزاهة السابق رحيم العكيلي، والباحث حيدر سعيد، ونقيب الفنانين العراقيين جبار جودي، إلى جانب صحافيين وفنانين وكتاب وحقوقيين بارزين.
صحيح أن البيان تحدث بشكل عام عن الخروق التي تطال حرية التعبير، غير أنه أتى مباشرة على خلفية التهديدات العلنية من قبل جماعات موالية لإيران، ومذكرة القبض القضائية التي طالت الكاتب والصحافي سرمد الطائي، بعد انتقادات لاذعة وجهها لرئيس مجلس القضاء فائق زيدان والمرشد الإيراني علي الخامنئي والجنرال المقتول قاسم سليماني خلال برنامج «المحايد» الذي بث على قناة «العراقية» المملوكة للدولة الخميس الماضي. وكذلك تعرض مقدم البرنامج سعدون محسن ضمد وفريق الإعداد إلى تهديدات مماثلة من الجماعات ذاتها، وانتقادات علنية من رئيس مجلس القضاء من دون أن يقوم بإصدار مذكرات قبض بحقهم.
وبدا البيان الذي انطلق من جملة «تتواصل منذ سنوات خروقات حرية التعبير على امتداد العراق»، موجهاً في جوهره ومضمونه إلى القضاء وبعض السياسيين والجهات النافذة في البلاد.
ولاحظ البيان أن «الأشهر الأخيرة، شهدت تصاعداً واتساعاً في هذا المجال، على نحو يثير المزيد من القلق على مستقبل البلاد وحقوق مواطناتها ومواطنيها. ويأتي هذا بعد أن واجهت البلادُ وسلطاتها العامة وتخطت عدداً من التحديات الكبيرة، وفي صدارتها الإرهاب».
وقال: «وفي ارتكاب هذه الخروقات، عادة ما تلجأ السلطات المعنية وشاغلو مناصب عليا في الدولة، فضلاً عن ساسة في أحزاب مُشاركة في السلطة، إلى استعمال مصطلحات من قبيل: الإساءة لمؤسسات الدولة وإهانة القضاء والتطاول على الرموز، في وصف ما يعدّونه سلوكاً إجرامياً، يستدعي إجراءات عقابية بحق المواطنات والمواطنين الذين يطلقون هذه الآراء، وهي آراء تقع في مجال حرية التعبير، التي كفلها الدستورُ العراقي».
أضاف: «من هنا، نعتقد أن السلطات العامة وموظفيها جميعاً، مطالبة ومطالبون بأن يكون سلوكهم في هذا المجال منسجماً مع الدستور. وبضمن ذلك الامتناع عن اللجوء إلى إجراءات تعسفية، كالفصل من الوظيفة، وإصدار أوامر اعتقال، واتهام أصحاب الآراء المخالفة بالعمالة والتجسس وتنظيم المؤامرات ضد الدولة والمجتمع، وغير ذلك من أنواع التحريض، التي بتنا نألف صدورها من مسؤولين في الدولة وساسة وبرلمانيين».
وذكّر البيان عبر 7 نقاط أساسية وردت فيه، بـ«الثوابت الديمقراطية التي لا يمكن لأي نظام سياسي يصف نفسه بأنه ديمقراطي أن يتجاهلها» مثل أن «مؤسسات الدولة العامة، بما فيها القضاء، وظيفتُها خدمة المواطن، وهي ليست مقدّسة، ولا محصّنة من النقد» إلى جانب أن «نقد المؤسسات العامة، بما فيها القضاء، ونقد القائمين عليها، هو حق أساسي، ينبغي أن يصونه القانون والمجال العام الديمقراطي، ولا يمكن أن يدخل - بأي حال من الأحوال - في باب التشهير، طالما أنه ينتقد هذه المؤسسات والقائمين عليها بوصفهم موظفين عموميين، ولا يتناول حياتهم الشخصية».
وشدد على أنه «لا يحق للمؤسسات العامة، بما فيها القضاء، أن تحكم على نوايا المواطنين، وتتخذ إجراءات على أساس فهمها وتأويلها لهذه النوايا. يقود هذا السلوك المتكرر إلى تحويل هذه المؤسسات إلى ما يشبه محاكمَ تفتيش لضمائر العراقيين، وهو ما يضر بشرعيتها القانونية والأخلاقية».
وتطرق البيان إلى القوانين الموروثة من حقبة النظام الديكتاتوري السابق المتعلقة بحرية التعبير وما زال العمل سارياً بها ورأى أنه «لا يمكن الاستمرار باعتماد مواد قانونية شرّعها نظام شمولي يدينه الجميع، وكلفت سياساته القمعية البلاد ما لا يُعد من الضحايا، وهي مواد بطبيعتها مخالفة لمبدأ حرية التعبير عن الرأي، وتُستعمَل لتهديد أصحاب الرأي وملاحقتهم».
وشدد على ضرورة «مواجهة التضييق المنهجي على حق العراقيات والعراقيين في التعبير عن آرائهم، الذي تمارسه جهات سياسية ورسمية، وينخرط في هذا أشخاص يتولون مناصبَ عليا في سلطات الدولة العامة ومؤسساتها».
وخلص البيان إلى أنه ومن «دون أن تلتزم السلطات العامة، بما فيها القضاء، بهذه الثوابت، ستوضع البلاد في مسار سلطوي يقود إلى عودة الديكتاتورية ومآسيها الكثيرة».
وكان مجلس القضاء، اضطر في حالة نادرة، إلى إصدار ثلاثة بيانات متتالية خلال يوم واحد، بينها مذكرة الاعتقال، لكن اللافت في مجمل تلك المواقف، كما يعبر ناشطون عراقيون، هو استخدام عبارات من قبيل: «الإساءة للقضاء والشخوص المسؤولين عن إدارته»، كما وصف مقدم البرنامج بـ«المتطرف السلبي»، وضيفه بـ«القابع بعيداً عن الشعب»، في صياغة يتجنبها القضاة والمسؤولون الحكوميون في البيانات الرسمية.
والحال، أن الطائي قال خلال استضافته في برنامج «المحايد»، إن «العراق أكبر من فائق زيدان (رئيس مجلس القضاء الأعلى)، الذي يتورط في دور سياسي للانقلاب على نتائج انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».
لكن قول الطائي، وهو باحث وكاتب نشط في مناهضة النفوذ الإيراني منذ سنوات، إن «العراق أكبر من (المرشد الإيراني) خامنئي وقاسم سليماني، الذي ذبح العراقيين»، وسع دائرة التحريض ليشمل قادة فصائل وأحزاب شيعية دعوا إلى «منع هدم أهم أركان النظام العراقي».
ويربط ناشطون المواقف الأخيرة للقضاء العراقي، وطيف من الأحزاب النافذة، بالأزمة السياسية الخانقة وباحتمالات اندلاع صدام بين معسكرين يتنازعان على تشكيل الحكومة الجديدة، لكن الافتراض السياسي «لم يكن أشد ضرراً من انتزاع حق حرية التعبير»، كما يقول أحد الموقعين على البيان الذي حذر من نمط مؤسساتي متسارع نحو مزيد من التضييق على حقوق ثابتة في الدستور العراقي.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

إسرائيل تواصل سياسة الأرض المحروقة في جنوب لبنان

الدمار الذي أصاب مبنى «المنشية» الأثري على مقربة من قلعة بعلبك في البقاع (إ.ب.أ)
الدمار الذي أصاب مبنى «المنشية» الأثري على مقربة من قلعة بعلبك في البقاع (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تواصل سياسة الأرض المحروقة في جنوب لبنان

الدمار الذي أصاب مبنى «المنشية» الأثري على مقربة من قلعة بعلبك في البقاع (إ.ب.أ)
الدمار الذي أصاب مبنى «المنشية» الأثري على مقربة من قلعة بعلبك في البقاع (إ.ب.أ)

واصل الجيش الإسرائيلي اعتماد سياسة الأرض المحروقة في جنوب لبنان عبر تفجير مزيد من القرى الحدودية، مستمراً في محاولة التقدم نحو مدينة بنت جبيل الحدودية، فيما كثّف «حزب الله» هجماته بالمسيرات، كما بالصواريخ المتوسطة، في وقت يسجَّل تراجع في عدد الصواريخ القصيرة المدى التي يطلقها «حزب الله» في الفترة الأخيرة.

وركّز «حزب الله» قبل توسيع الحرب، على استهداف المواقع العسكرية والمستوطنات والبلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود، التي كان يقصفها برشقات من صواريخ قصيرة المدى مثل «الكاتيوشا»، التي يعتقد أن الحزب يمتلك آلافاً منها... لكن مع إخلاء تلك البلدات، تراجع الحزب إلى العمق اللبناني بفعل العملية البرية الإسرائيلية، وبات يطلق صواريخ متوسطة المدى ليطول فيها مناطق بعيدة في العمق الإسرائيلي مثل عكا وحيفا وصفد وصولاً إلى تل أبيب، وهي تحتاج إلى صواريخ نوعية، عادة لا تُطلق على شكل رشقات، مثل «الكاتيوشا».

«حزب الله» يتقشّف بصواريخه ويستهدف قاعدة بحرية ومطاراً عسكرياً قرب حيفا

واصل «حزب الله» إطلاق صليات الصواريخ والمسيرات باتجاه شمال إسرائيل في عمليات دقيقة، لكن مع تسجيل تراجع في أعداد الصواريخ التي تقدر ما بين 120 و150 صاروخاً يومياً، بعدما كانت قد وصلت في شهر أغسطس (آب) الماضي إلى أكثر من 300 صاروخ يومياً.

وأعلن «حزب الله»، الجمعة، عن استهدافه قاعدة بحرية إسرائيلية ومطاراً عسكرياً قرب مدينة حيفا، للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة، فيما أدّت صواريخه إلى توقف مباراة لكرة القدم وهروب اللاعبين في مستوطنة «كفار سابا»، بعد تفعيل صفارات الإنذار تحذيراً.

وقال الحزب، في بيان له، إن مقاتليه استهدفوا برشقة «صاروخية نوعية» قاعدة «ستيلا ماريس البحريّة» الواقعة شمال غربي مدينة حيفا، التي قال إنها تضم قاعدة رصد ومراقبة بحرية، كما أعلن عن استهداف قاعدة ومطار رامات ديفيد، جنوب شرقي حيفا، برشقة «صاروخية نوعية».

وبعد الظهر، أفاد الجيش الإسرائيلي بإطلاق 5 صواريخ من لبنان باتجاه شمال إسرائيل ووسطها، مشيراً إلى أنه تم اعتراض بعضها، وسقط صاروخ في الجليل الغربي. وبعدما كانت قد أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن صفارات الإنذار دوّت في تل أبيب والجليل الأعلى وخليج حيفا، أشارت إلى تسلّل مسيرات باتجاه الجليل الأعلى، وسقوط صاروخ في أحد المنازل في عكا.

وأعلن بعد ذلك أنه استهدف عصراً قاعدة «تل نوف الجوية» جنوب تل أبيب بصلية صواريخ. وتحدثت قناة «المنار» التابعة لـ«حزب الله» عن تزامن غير مسبوق لاستمرار الصليات الصاروخية واختراق المسيرات من ضواحي تل أبيب وحيفا ونهاريا وعكا إلى الجليل الأعلى وإصبع الجليل، حيث استمرت صافرات الإنذار تدوي لمدة ساعة كاملة.

وعن تراجع عدد صواريخ «حزب الله»، يقول رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري» (أنيجما)، رياض قهوجي، إن «الحزب بدأ ترشيد الصواريخ كي يستطيع الاستمرار في الحرب، خصوصاً إذا طال أمدها». وعبّر لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده أنه سوف يسجَّل تراجع في إطلاق الصواريخ أكثر إذا طالت الحرب، لأن الحزب فقد كثيراً من مخازن الأسلحة والصواريخ، مشيراً إلى أن «المصنع الأساسي للصواريخ هو في منطقة مصياف في سوريا، وهناك محدودية في قدرة التحرك داخلياً وعبر الحدود بسبب الوجود المستمر للمسيرات الإسرائيلية وكثافة الغارات». من هنا، يقول قهوجي: «(حزب الله) يقنن استخدام الصواريخ الموجودة في أنفاقه حتى يستمر في المعركة التي لا يعلم إلى متى ستطول».

ومقابل تقشفه باستخدام الصواريخ، يستمر «حزب الله» في استخدامه المسيرات، التي يلفت قهوجي إلى أنها أظهرت قدرة أكبر على الاختراق لأنها تستطيع المناورة والتحليق على ارتفاع منخفض، وبالتالي هي أكثر نجاحاً.

الجيش الإسرائيلي: مركز تدريب لـ«حزب الله» على مقربة من موقع «اليونيفيل»

وبعد استهدافات إسرائيلية عدة طالت مواقع تابعة لقوات «اليونيفيل»، قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إنه دمّر مركز تدريب على مقربة من موقع قوات «اليونيفيل». وقال، في بيان له، إنه «رصد مركز تدريب تابعاً لـ(حزب الله) يبعد نحو 200 متر عن موقع لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) في الجنوب اللبناني، وصادر أسلحة ووثائق هناك».

ولفت، في بيان له، أن «المبنى استخدمه مسلحون لأغراض التدريب وتخزين كميات كبيرة من الأسلحة، كما كان يحوي منصات إطلاق صواريخ تم تجهيزها لقصف تجمعات سكنية إسرائيلية»، مشيراً كذلك إلى أن «الجيش الإسرائيلي عثر أيضاً على وثائق توضح الأساليب التي يتبعها (حزب الله) في عملياته وخرائط لإسرائيل وفتحات أنفاق»، لافتاً إلى أنه تم تدمير المبنى.

إسرائيل تستمر باعتماد سياسة الأرض المحروقة

واصل الجيش الإسرائيلي، الجمعة، سياسة الأرض المحروقة، حيث قام بتفجير منازل داخل 3 بلدات محيطة لبنت جبيل. وقالت الوكالة الوطنية للإعلام: «يُسجل منذ الصباح قيام جيش العدو الإسرائيلي بأعمال تفجير داخل بلدات يارون وعيترون ومارون الراس في منطقة بنت جبيل، تستهدف تدمير منازل سكنية فيها». وأفادت عن شنّ «الطيران الحربي الإسرائيلي» غارة جوية مستهدفاً مدينة بنت جبيل القريبة، التي تحظى برمزية خاصة لدى «حزب الله»، إذ ألقى أمينه العام السابق حسن نصر الله من ملعبها عام 2000 خطاب «التحرير» بعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان بعد 22 عاماً من احتلاله.

وتحاول القوات الإسرائيلية منذ أيام التقدم في منطقة بنت جبيل، في إطار عمليات توغل بري في جنوب لبنان بدأتها في 30 سبتمبر (أيلول).

وحصلت الجمعة مواجهات عند محور العديسة، وأعلن «حزب الله» في بيانات متفرقة عن استهدافه «تجمعاً للقوات الإسرائيلية في جل الحَمّار جنوب بلدة العديسة، وتجمعاً آخر في مستوطنة مرغليوت ومسكفعام المقابلة بصلية صاروخية».

وتعرّضت بلدات حدودية عدة في جنوب لبنان في الأسابيع الأخيرة لعمليات تفجير، فيما تقول إسرائيل بين الحين والآخر إنها تفجر أنفاقاً وبنى تحتية ومستودعات لـ«حزب الله» في المنطقة الحدودية، وأحصت الوكالة الوطنية للإعلام عمليات تفجير إسرائيلية في 7 قرى حدودية على الأقل، بينها بلدة محيبيب الواقعة على تلة والمحاذية لميس الجبل.

تحذير جديد لأهالي الجنوب وانتشال 4 جثث من الخيام

وفيما ساد الهدوء الحذر في الضاحية الجنوبية لبيروت نهاراً، لم يتوقف القصف الإسرائيلي باتجاه البقاع والجنوب، حيث هدّد الجيش الإسرائيلي باستهداف الطواقم الصحية.

جانب من الدمار الذي لحق بالضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

وفي البقاع، استهدفت غارات إسرائيلية بلدات حربتا غرب قضاء بعلبك، وحوش السيد الحدودية مع سوريا شمال الهرمل، فيما سقط 4 قتلى في غارة استهدفت بلدة الغندورية في الجنوب، وأدى القصف المدفعي الذي طال محيط برك رأس العين وسهل القليلة، جنوب مدينة صور، إلى إصابة 6 سوريين، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة إلى أنها المرة الأولى التي تتعرض فيه المنطقة للقصف بالقذائف الثقيلة من عيار 155 مليمتراً.

واستهدف القصف المدفعي لأول مرة منذ بداية الحرب قرى ضمن صور، هي حانين وشقرا والطيري وكونين، بحسب الوطنية.

ووجّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي تحذيراً إلى سكان جنوب لبنان، عبر حسابه على منصة «إكس» طالباً منهم عدم العودة إلى منازلهم في الجنوب وإلى حقول الزيتون. وقال: «هذه مناطق قتال خطيرة. كما نلفت انتباهكم من جديد إلى قيام (حزب الله) باستخدام سيارات الإسعاف لنقل مخربين وأسلحة، لذا نحذر من استمرار هذه الظاهرة، وندعو الطواقم الطبية إلى تجنب التعامل مع عناصر (حزب الله) وعدم التعاون معهم. جيش الدفاع يؤكد أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أي مركبة تنقل مسلحين بغضّ النظر عن نوعها».

وتمكنت الجمعة فرق «الصليب الأحمر» الدولي و«الصليب الأحمر» اللبناني وقوات «اليونيفيل» من انتشال 4 جثامين من تحت الأنقاض في وطى الخيام سقطوا في غارات إسرائيلية الأسبوع الماضي، فيما يستمر البحث والتأكد من عدم وجود مزيد من القتلى قبل إنهاء البحث، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».

عاجل «إف.بي.آي» يحبط خطة إيرانية لاستئجار قاتل لاغتيال ترمب (أسوشييتد برس)