إشارات متصاعدة إلى «تصحيح» خطة التعافي الحكومية في لبنان

بين الاقتراحات استبدال حصص في صندوق استثمار ثروة الغاز الموعودة باقتطاع الودائع

تظاهرة للمودعين للمطالبة بأموالهم أمام مصرف لبنان (إ.ب.أ)
تظاهرة للمودعين للمطالبة بأموالهم أمام مصرف لبنان (إ.ب.أ)
TT

إشارات متصاعدة إلى «تصحيح» خطة التعافي الحكومية في لبنان

تظاهرة للمودعين للمطالبة بأموالهم أمام مصرف لبنان (إ.ب.أ)
تظاهرة للمودعين للمطالبة بأموالهم أمام مصرف لبنان (إ.ب.أ)

رصدت أوساط مالية ومصرفية تحولات نوعية متصاعدة في مراكز القرار السياسي الداخلي، تنحو باتجاه بلوغ قرار جامع بضرورة إعادة النظر بمصادقة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، في آخر جلسة دستورية لها، على خطة التعافي الاقتصادي والمالي، كونها تفتقر أساساً إلى تأييد داخلي عريض، وفقاً لما تشترطه إدارة صندوق النقد الدولي، كما تلقى اعتراضات واسعة من قبل الهيئات الاقتصادية والنقابات المهنية كافة.
وأبلغ مسؤول مالي كبير «الشرق الأوسط»، أن هذه الأصداء السلبية وصلت فعلياً إلى أسماع الفريق المعني بالملف اللبناني لدى الصندوق الدولي، وتلقائياً إلى أروقة إدارته، وثمة إشارات واردة يمكن أن تتم ترجمتها لاحقاً إذا اقتضى الأمر، بإشهار «التبرؤ» من تهمة إملاء صياغة ملتبسة لمندرجات الخطة، لا سيما ما يتصل منها بتحميل الجزء الأثقل من الأعباء الإنقاذية على عاتق المودعين في المصارف، من ضمن استراتيجية استيعاب الخسائر المقدرة بنحو 73 مليار دولار.
ولم يكن عابراً في السياق، إبداء ميقاتي نفسه، في حديث تلفزيوني، الجهوزية «للشرح والمناقشة والتعديل». بينما يشير المسؤول المالي إلى أن الخيار الأمثل يقضي بضرورة ردم الثغرة التي حفرها الفريق الاقتصادي، عبر إصراره على العمل خلف جدران مرتفعة خلال فترة الإعداد. وبالتالي فإن الأولوية تقضي بإعادة إخضاع منهجية الخطة ومقارباتها إلى حوارات تشاركية في الميدان الاقتصادي والاجتماعي، ضمن مهل محددة مسبقاً، وقبل بلوغها ردهات مجلس النواب الجديد الذي يرجح عدم استعجاله بتغطية الخطوة الحكومية تشريعياً، بعدما لم يظهر سابقه استجابة، ولو بالحد الأدنى، لإقرار حزمة مشروعات قوانين تحضيرية رغم طابعها الشرطي من قبل فريق الصندوق.
وفي مقدم هذه اللائحة التي وردت تحت لافتة الشروط المسبقة لإدارة الصندوق، إقرار مشروع قانون موازنة 2022، ومشروع وضع ضوابط على حركة التحويلات والرساميل (كابيتال كونترول) ومشروع التعديلات على قانون السرية المصرفية وسواها.
كذلك من المستبعد -بحسب المسؤول- قبول أي حكومة جديدة حمل الضغوط المتنامية التي تواجه الخطة ومندرجاتها، وبما تحويه من شأن حيوي وحساس في توقيت ملتبس دستورياً. ولذا يمكن التكهن بأن رحلة الخطة «تجمّدت» مبدئياً على صيغة المصادقة القائمة. وما من إشارة إلى انسيابها مجدداً ضمن المسار المحدد الذي توخته الحكومة في مرحلة متخمة بالاستحقاقات الدستورية التي تشمل السلطات المركزية كافة، بدءاً من المجلس النيابي الجديد وانتهاء بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبينهما بحث منتظر النتيجة في إمكانية تأليف حكومة جديدة أو أقرانها بانطلاقة عهد جديد بُعيد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون بنهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وبالفعل، لوحظ أن دينامية جديدة بدأت بالتمدد في الأوساط الاقتصادية والنقابية تتبارى في ضخ اقتراحات تصويبية، وتتناول خصوصاً نواة الخطة الكامنة في مقارباتها لتوزيع المسؤوليات والخسائر. كذلك بدا التهيب من مغبة تحميل المودعين ما لا يقل عن 40 مليار دولار من الخسائر من أصل نحو 60 مليار دولار تم اقتراح «شطبها» من التزامات البنك المركزي العائدة لتوظيفات المصارف، محرجاً ومرهقاً للنواب الوافدين وللأطراف السياسية التي حظيت بالتمثيل النيابي بحصيلة الانتخابات الأخيرة منتصف الشهر الماضي.
وبرز في المستجدات الرامية إلى تصويب انحراف الخطة حديث مصرفي كبير عن اقتراحات مبنية ومستخلصة من منهجيات علمية وموضوعية، يمكن أن تتم بلورتها وحشد التأييد لها من كل المرجعيات والمكونات المعنية. والأصل فيها التخلي نهائياً عن «الشغف» بتقديم المودعين والجهاز المصرفي كبش فداء على مذبح اتفاقية البرنامج الموعود مع صندوق النقد الدولي، وأن تُستبدل به أحقية توزيع عادل للمسؤوليات وللأعباء، وتهيئة أفضل المناخات لتضامن منتج بين المعنيين كسبيل لشراكة ضرورية بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع عموماً الواقع بأغلبه تحت خط الفقر.
وفي المقاربة المنسوبة إلى المصرفي الكبير: «هناك طريقتان لحل العقد، إما بقطعها أو باجتراح الحلول ولو ببعض العناء. ذلك أن استسهال شطب الودائع لم ولن يكون يوماً هو الحل الأنجح. إن الاقتطاع من مدّخرات المواطنين عبر خطة تشطب ما يزيد عن 75 في المائة من الودائع، وذلك لتغطية فجوة 60 مليار دولار في مصرف لبنان، والتي هي من مسؤولية الدولة أصلاً، لن تلقى إلا الرفض من قبل المودعين والمصارف في آن معاً».
ولذا، فإن الاقتراح الأجدى يقضي بأن تتعهد الدولة منذ الآن بتخصيص 20 في المائة من صافي المداخيل من الغاز والنفط لتغذية صندوق يُنشأ خصيصاً لهذه الغاية؛ بحيث يتم منح كل مودع حصة بنسبة مئوية تتناسب مع حجم وديعته المصرفية، مما يبقي الأمل للمودع ليس فقط باحتمال استعادة مدّخراته، إنما بتحقيق أرباح في حال اكتشاف كميات تفوق تلك المتوقعة حالياً، أو في حال ارتفاع سعر الغاز والنفط عالمياً، ويصيب الهدف المنشود بعدم إعدام الودائع بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك لقاء عدم تحميل الدولة أي مصاريف هي عاجزة عن تحمّلها في الوقت الحاضر، إضافة إلى تحصين 20 في المائة من مداخيل الغاز والنفط ضد سطوة المحسوبيات والفساد السياسي.
ويكفل هذا الاقتراح إفساح المجال لكل اللبنانيين للمشاركة والاستثمار في ثروتهم النفطية، والسماح لمَن هو مستعد للتخارج من وديعته عبر الأسواق المالية أن يسيِّل حصته مع حسم يحدده السوق. كذلك تشجيع الاستثمارات الأجنبية والتدفقات المالية بالعملات الأجنبية إلى لبنان، في حال قررت صناديق الاستثمار العالمية شراء الحصص في هذا الصندوق، فضلاً عن تنشيط الأسواق المالية اللبنانية في حال تداول هذه الحصص عليها، والإبقاء على 80 في المائة من مداخيل الثروة النفطية لإعادة إطلاق العجلة الاقتصادية.
وفي خلفية الاقتراح، توضيح أن «الأمل كبير باكتشاف الغاز على شواطئنا، وإلا لَما كان هذا النزاع على مياهنا دولياً وإقليمياً. كما أن عدة مُسوحات قامت بها شركات متخصصة من ضمنها شركة (Spectrum) النروجية تُقَدِّر احتياطي الغاز في مياه لبنان الإقليمية بما بين 25 إلى 96 ترليون قدم مكعب، ما عدا المخزون النفطي المتوقع أيضاً. وبالتالي إن الثروة من غاز ونفط قد تتراوح ما بين 300 و1000 مليار دولار. ومع احتساب حصة لبنان الصافية بحوالي 50 في المائة من الإنتاج العام، فهذا يعني أن المداخيل الصافية المتوقعة للبنان قد تتراوح بين 150 و500 مليار دولار».
وبالتوازي، توجّه وزراء سابقون وأكاديميّون واقتصاديون، من بينهم الوزير السابق للاقتصاد والتجارة سمير المقدسي، والوزير السابق للمالية جورج قرم، ولينا التنّير أستاذة إدارة الأعمال، وسواهم، بكتاب مفتوح إلى أعضاء المجلس النيابي الجديد، حول خطة الحكومة للتعافي المالي.
وفي الخلاصات المقترحة: «إن الطريق الأسلم والأفضل لصيانة حقوق المدّخرين والحفاظ على مستقبل النظام الاقتصادي اللبناني، يكمن في اعتراف مصرف لبنان بديونه بالعملات الأجنبية، والالتزام بتسديدها بالعملة نفسها في آجال محدّدة خلال السنوات المقبلة، ضمن جدول زمني معلن وذي صدقية. ويمكن إعادة النظر بهذا الجدول الزمني تباعاً في ضوء تطوّر الوضعية المالية لمصرف لبنان. ومقابل ذلك، وبالتوازي مع الإصلاح المصرفي، ينبغي على المصارف وضع جدول زمني موازٍ لتسديد ودائع زبائنها بالعملات الأجنبية، بما يحافظ على مصداقية نظامنا المصرفي، وثقة المدّخرين اللبنانيين وغير اللبنانيين بمؤسّساته».
كما تضمنت الاقتراحات خلق صندوق للتضامن تديره مجموعة مستقلة ذات خبرة، يتولّى إدارة بعض موجودات الدولة (لا بيعها)، وتساهم عائداته جزئياً في تسديد ديون مصرف لبنان للمصارف، بما يمكّن المصارف من برمجة تسديد ودائع زبائنها. ويمكن الاعتماد على مصادر أخرى، كالهبات، لتعزيز مالية هذا الصندوق.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

«حزب الله» يعلن التعبئة ويستخدم أسلحة متطورة تحسباً لما بعد رفح

في انتظار وقف إطلاق النار على جبهة غزة يتواصل التصعيد على جبهة جنوب لبنان (أ.ف.ب)
في انتظار وقف إطلاق النار على جبهة غزة يتواصل التصعيد على جبهة جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يعلن التعبئة ويستخدم أسلحة متطورة تحسباً لما بعد رفح

في انتظار وقف إطلاق النار على جبهة غزة يتواصل التصعيد على جبهة جنوب لبنان (أ.ف.ب)
في انتظار وقف إطلاق النار على جبهة غزة يتواصل التصعيد على جبهة جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تواكب القوى السياسية اللبنانية على اختلاف انتماءاتها ومشاربها ردود الفعل العربية والدولية على اجتياح إسرائيل معبر رفح، للتأكد مما إذا كان يأتي في إطار الضغوط التي تمارسها على حركة «حماس» لدفعها للتسليم بشروطها للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، أم أنها تخطط للسيطرة على مدينة رفح، مع ما يترتب عليها من تداعيات تفتح الباب أمام لجوئها لتوسعة الحرب لتشمل جنوب لبنان الذي يشهد حالياً تصاعد وتيرة المواجهة العسكرية بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي بدأ يستخدم أسلحة غير تقليدية تطول العمق الإسرائيلي في رده على خرق إسرائيل قواعد الاشتباك بتحويلها منطقة جنوب الليطاني، التي تطالب بانسحاب «قوة الرضوان» منها، إلى أرض محروقة، منزوعة من سكانها، وتصعب الإقامة فيها.

تعبئة عامة

وتقول مصادر في الثنائي الشيعي («حزب الله» و«حركة أمل») إن «حزب الله» أعلن التعبئة العامة، ليكون بوسعه الاستعداد لمواجهة الخطوة التالية التي ستُقدم عليها إسرائيل بعد اجتياحها معبر رفح، في حال قررت توسعة الحرب لتشمل جنوب لبنان. وتؤكد هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن جهات دولية لم تُسقط من حسابها قيام إسرائيل بتوسعة الحرب كخطوة استباقية لمنع الحزب من تكرار ما أقدمت عليه «حماس» باجتياحها المستوطنات الإسرائيلية الواقعة ضمن غلاف غزة.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن الملاحظات التي أوردها الثنائي الشيعي على الورقة الفرنسية بنسختها الثانية لتهدئة الوضع في الجنوب، تأتي في سياق رغبته الدخول في عملية ربط نزاع مع باريس، بانتظار ما ستؤدي إليه الوساطات بضغط من الولايات المتحدة الأميركية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار على الجبهة الغزاوية وانسحابه على جنوب لبنان، وتؤكد أن الحزب بدأ يستخدم أسلحة متطورة في تصدّيه لخروج إسرائيل عن قواعد الاشتباك، على أمل أن يتمكن من فرض معادلة جديدة في مساندته «حماس»، محكومة بتوازن الرعب، لدفع إسرائيل إلى مراجعة حساباتها بعدم مبادرتها إلى توسعة الحرب.

التفاوض لشراء الوقت

وتعترف مصادر الثنائي الشيعي بأن تعاطيها مع الورقة الفرنسية يبقى تحت سقف شراء الوقت لملء الفراغ، وإنما بالتفاوض، إلى حين تسمح الظروف السياسية بمبادرة الوسيط الأميركي أموس هوكستين لمعاودة تشغيل محركاته بين بيروت وتل أبيب لتطبيق القرار الدولي 1701، خصوصاً أنه لا يزال في مرحلة استكشاف النيات لاختبار مدى استعدادها للتقيد به.

وتؤكد المصادر نفسها أن الوسيط الأميركي، في تواصله مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لم يطرح ورقة متكاملة لتطبيق القرار 1701، وإنما تقدم بمجموعة من الأفكار جرت صياغتها في ورقة غير رسمية، جرى التداول بها مع «حزب الله» الذي أوكل إليه التفاوض لتطبيق القرار 1701، نظراً لأن علاقة الحزب بواشنطن مقطوعة منذ أن أدرجته على لائحة الإرهاب.

وتضيف أن الوسيط الأميركي كان قد تواصل أيضاً مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي فضّل حصر التفاوض برئيس البرلمان، على خلفية أن الحزب يسرّ إليه وحده بما يريد وكيف سيتعاطى مع الأفكار الأميركية لتطبيق القرار 1701، من دون أن يعني أنه أخلى الساحة من دون أن يتدخل، خصوصاً أنه ينسّق معه في كل شاردة وواردة.

تنسيق بين باريس وواشنطن

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر سياسية أن باريس لم تطرح ورقتها لتهدئة الوضع في جنوب لبنان من وراء ظهر واشنطن، بل بادرت إلى التنسيق معها كونها على تواصل مع قيادة «حزب الله» وإيران، ويمكن أن تستعين بها لتذليل ما لديها من اعتراضات لتطبيق القرار 1701 في حال كانت الطريق من جانب إسرائيل سالكة سياسياً لتطبيقه، مع أن الاتصالات بين واشنطن وطهران لم تنقطع، وهذا ما تبيّن من رد الأخيرة على إٍسرائيل باستهدافها قنصليتها في دمشق وإبقائها عليه محدوداً وتحت السيطرة، في إشارة واضحة إلى أنها ليست في وارد توسعة الحرب.

لذلك، فإن مجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وانسحابه على لبنان بضغط أوروبي - أميركي، من شأنه أن يؤدي حكماً إلى تبديل جذري في جدول الأعمال اللبناني للمرحلة الراهنة، بإعطاء الأولوية للتوصل إلى وقف إطلاق النار على امتداد الجبهة بين لبنان وإسرائيل، تمهيداً لإعادة تحريك الملف الرئاسي بإخراج انتخاب الرئيس من التأزم كشرط لإطلاق المفاوضات لتطبيق القرار 1701.

انتخاب الرئيس والشعور بـ«الحرمان» المسيحي

وتلفت المصادر السياسية إلى أن هناك ضرورة لانتخاب الرئيس وتشكيل حكومة فاعلة، لأن من دونهما لا يمكن للبنان الجلوس إلى طاولة المفاوضات ليكون طرفاً، في حال تقررت إعادة النظر في خريطة المنطقة المحيطة به، وتكشف أن الوجه الآخر للحملة التي تصدّرتها القوى المسيحية في معارضتها قرار الاتحاد الأوروبي بتخصيص مليار يورو للبنان لقاء عدم إيجاد حل، كما تقول، لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، يكمن في أن شعورها بـ«الحرمان» المترتب على تعذُّر انتخاب الرئيس أخذ يتعاظم.

وتؤكد المصادر أن القوى المسيحية، بغالبيتها العظمى ومعها البطريركية المارونية، لم يرق لها المشهد السياسي المترتب على حفل استقبال «الدويكا»، أي بري وميقاتي، لكل من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، بغياب رئيس الجمهورية، رغم أن المعترضين على الهبّة الأوروبية آثروا الكتمان، وفضّلوا عدم خروج اعتراضهم إلى العلن، حيال ما تتناقله من حين لآخر بأن الثنائية الشيعية - السنية هي من تدير البلد، وأن «حرمانهم» من انتخاب الرئيس لا يزال قائماً، مع أنها، أي الثنائية الشيعية - السنية، لا تترك مناسبة إلا تدعو فيها لانتخاب الرئيس، لأنه الممر الإلزامي لإعادة الانتظام للمؤسسات الدستورية، وأن ما يقال بأن البلد يمشي من دون الرئيس ليس في محله، ويراد منه تأجيج الصراع في لبنان.

عودة لودريان ودور «اللجنة الخماسية»

وتضيف المصادر أن عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان، كما قال الرئيس إيمانويل ماكرون، مرتبطة بوضع انتخاب الرئيس على نار حامية، وذلك بالتفاهم مع اللجنة «الخماسية» التي تتشكل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، ويقتصر دورها على تقديم الدعم والمساندة لتسهيل انتخابه، وهي تترقب حالياً ما سيقرره وزراء خارجيتها لإخراج انتخاب الرئيس من الحلقة المفرغة التي يدور فيها، لعلهم يرسمون العناوين الرئيسة لخريطة الطريق لوقف تعطيل انتخابه.

وتنقل المصادر عن مقربين من الثنائي الشيعي، وآخرين يدورون في فلك الرئيس ميقاتي، قولهم بأن الخلاف الماروني - الماروني هو ما يؤخر انتخاب الرئيس، وبالتالي من غير الجائز القفز فوقه على نحو يؤدي إلى تطييف الملف الرئاسي، مع أن الحملة التي تستهدف ميقاتي يجب أن تكون حافزاً لإنهاء خدمات حكومة تصريف الأعمال، وذلك بانتخاب الرئيس، خصوصاً أن ميقاتي توجه إلى النواب في آخر جلسة نيابية بقوله: «انتخبوا الرئيس، وحلّوا عنا».

وعليه، فإن الوسيط الأميركي سيتفرغ لتهيئة الظروف لتطبيق القرار 1701، من دون أن يعني ذلك أن واشنطن ستغيب عن المشهد السياسي المتعلق بانتخاب الرئيس، كونها تتمتع بنفوذ سياسي، سواء في الداخل أو لدى القوى الإقليمية والدولية المعنية بانتخابه.


كردستان إلى «صفحة جديدة» مع إيران... وبغداد تخفف الضغط

خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)
TT

كردستان إلى «صفحة جديدة» مع إيران... وبغداد تخفف الضغط

خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)
خامنئي يستقبل رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني (موقع المرشد الإيراني)

بدت الأجواء السياسية في إقليم كردستان أكثر تفاؤلاً بعد قرار قضائي في بغداد بإلغاء حكم سابق يتعلق بانتخابات البرلمان، فيما تحدث مسؤول كردي عن «فتح صفحة جديدة» بين الكرد وإيران.

وزار رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني إيران، والتقى هناك المرشد علي خامنئي ومسؤولين بارزين، لبحث قضايا مختلفة، أبرزها الأمن، وفقاً لبيانات رسمية.

وأصدرت المحكمة الاتحاديّة العُليا في العراق، اليوم (الثلاثاء)، أمراً ولائيّاً بإيقاف آليّة توزيع مقاعد برلمان الإقليم، بعد طلب تقدّم به رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني.

وقرّرت المحكمة إيقاف تنفيذ بند يتعلّق بنظام تسجيل قوائم المرشّحين والمصادقة عليها لانتخابات برلمان الإقليم، وينصّ ذلك البند على أن يضمّ برلمان كردستان العراق 100 مقعد، موزعة على 4 دوائر، إلى حين حسم دعوى رئيس حكومة الإقليم.

وكان إقليم كردستان قد جمّد مشاركته في الانتخابات المقررة هذا الشهر احتجاجاً على القرار.

عبداللهيان ورئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني في طهران (الخارجية الإيرانية)

قرار المحكمة

وعزَت المحكمة حكمها الجديد إلى «تلافي ما يترتّب على تنفيذه (ذلك البند) من آثار يصعب تداركها مستقبلاً».

وبموجب الحكم الجديد، الذي أُوقف تنفيذه بقرار المحكمة، فإن دوائر الإقليم الانتخابيّة هي 4 دوائر، حيث يبلغ نصيب محافظة أربيل 34 مقعداً، ومحافظة السليمانيّة 38 مقعداً، ومحافظة دهوك 25 مقعداً، ومحافظة حلبجة 3 مقاعد.

وتقدم مسرور بارزاني بشكوى إلى المحكمة الاتحاديّة العليا ضد رئيس مجلس مفوضي هيئة الانتخابات الاتحادية وأعضاء المجلس لانتهاء ولايتهم منتصف يونيو (حزيران) المقبل.

وطالب المحكمة بإصدار مرسوم بتعليق إجراء الانتخابات وآليّة توزيع مقاعد البرلمان على الدوائر الانتخابية و«كوتا» المكوّنات.

بدورها، قالت جمانة الغلاي، المتحدثة باسم المفوضيّة المستقلة للانتخابات في العراق، إنها «ماضية في إجراءاتها وعملها لإجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان، بحسب المرسوم الإقليمي الصادر عن رئاسة الإقليم، الذي حدّد موعد الانتخابات في 10 يونيو 2024»، وفقاً لرسالة صوتية وزّعت على صحافيين عراقيين.

وأوضحت المتحدّثة أنّ الموعد «ضمن المدّة القانونيّة المخصصة لمجلس المفوّضين، والمُلزَمين بإجراء هذه الانتخابات خلال المدة القانونيّة الخاصة بهم».

وأضافت غلاي: «على المفوضيّة خلال هذه المدة إنجاز عمليّة انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم وانتخابات برلمان إقليم كردستان العراق بالدورة السادسة».

الرئيس الإيراني خلال استقباله نيجيرفان بارزاني والوفد المرافق (الرئاسة الإيرانية)

صفحة جديدة

إلى ذلك، قال كفاح محمود، المستشار الإعلامي لرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، إن زيارة رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني إلى إيران ستفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الجانبين، وستنهي توترات شابت هذه العلاقات في السنوات الأخيرة، وستنقل التعاون الثنائي إلى مرحلة جديدة.

ووصل بارزاني إلى طهران، الأحد الماضي، في زيارة هي الخامسة له لإيران في أقل من عام.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أكد خلال اجتماعه مع بارزاني أن بلاده تتوقع من الإقليم منع استغلال أراضيه ضد بلاده.

ونقلت وكالة «العالم العربي» عن محمود أن العلاقات مع طهران «شابتها تشنجات منذ سنوات، في ظل شكوك القيادة الإيرانية بوجود معارضين لسياستها من الأحزاب الكردية المعارضة، يقومون بعملياتهم انطلاقاً من أراضي كردستان».

واستدرك قائلاً: «لكن الاتفاقية الأمنية، التي تم توقيعها مؤخراً بين طهران وبغداد بوجود ممثلي إقليم كردستان، أكدت للجانب الإيراني أنه ليس هناك شيء من هذا القبيل، وقد تم إبعاد تلك العناصر، التي يُفترض أنها كانت تقوم بتلك العمليات، وتم إبعادها عن المناطق الحدودية إلى عمق كردستان، وعدّوا لاجئين مهاجرين من إيران تحت إشراف (الأمم المتحدة)».

وأوضح محمود أن «الإيرانيين يدركون جيداً أن مصالحهم كبيرة جداً في إقليم كردستان، خاصة أنها سوق استراتيجية لبضائعهم، وهناك أكثر من 10 مليارات من الدولارات سنوياً من صادرات إيران ومن استثماراتها في إقليم كردستان، خاصة أن الإقليم يُعدّ بوابتها إلى العراق وإلى الخليج».

وتوقع المستشار الكردي انتقال العلاقات بين إيران وإقليم كردستان إلى «مرحلة استراتيجية» جديدة، وأكد على أن الإقليم يرفض استخدام أراضيه في أي عمليات ضد إيران.


فضيحة «التيكتوكرز»: توقيفات جديدة في لبنان وشبهات تطول محامياً

يتواصل كشف مزيد من المتورطين في عصابة «التيكتوكرز» في لبنان، المتهمين باغتصاب الأطفال (أرشيفية)
يتواصل كشف مزيد من المتورطين في عصابة «التيكتوكرز» في لبنان، المتهمين باغتصاب الأطفال (أرشيفية)
TT

فضيحة «التيكتوكرز»: توقيفات جديدة في لبنان وشبهات تطول محامياً

يتواصل كشف مزيد من المتورطين في عصابة «التيكتوكرز» في لبنان، المتهمين باغتصاب الأطفال (أرشيفية)
يتواصل كشف مزيد من المتورطين في عصابة «التيكتوكرز» في لبنان، المتهمين باغتصاب الأطفال (أرشيفية)

قطع التحقيق مع عصابة «التيكتوكرز» التي يشتبه بأنها عمدت إلى اغتصاب أطفال في لبنان، واستغلّتهم لتوريطهم في تعاطي المخدرات وترويجها شوطاً مهمّاً، وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر قضائي مشرف على التحقيق أن المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان، القاضي طانيوس الصغبيني، «سيدّعي خلال الساعات المقبلة على رؤوس العصابة وأفرادها، كلاً وفق الجرم الذي ارتكبه، على أن تتواصل التحقيقات الأولية لكشف مزيد من المتورطين، سواء في لبنان أو الخارج».

ورست قائمة التوقيفات حتى الآن على 9 أشخاص ممن ثبت تورطهم في الأفعال الجرمية التي طالت الأطفال. وأوضح المصدر القضائي أن مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية «أوقف ليل الاثنين سائق تاكسي كان يتولى نقل أطفال بسيارته من بيروت ومناطق أخرى إلى أحد الشاليهات في منطقة كسروان (شمال بيروت)، ويسلّمهم إلى مسؤولي العصابة الذين يدسون لهم مادة مخدرة في الشراب ويغتصبونهم».

وقال المصدر إن «عدد الموقوفين قد يرتفع بعد التوصل إلى أسماء جديدة، خصوصاً مع توفرّ معلومات مهمّة عن تورط محامٍ مع العصابة في عمليات استدراج الأطفال والاعتداء عليهم»، مشيراً إلى أن التحقيق «يعمل على جمع مزيد من الأدلة حوله، وأن القاضي طانيوس الصغبيني سطّر كتاباً إلى نقابة المحامين طلب فيه إعطاء الإذن لملاحقة المحامي بناءً على شبهات حول تورطه بهذه القضية».

إلى ذلك، صرّح المحامي خالد مرعب على حسابه عبر تطبيق «إكس» قائلاً: «بصفتي موكلاً عن القاصرين سراج أكتورك (تركي) ومحمد الحمّالي (سوري) بواسطة أوليائهم، ولمّا كان بعض الأشخاص يتناقلون أخباراً عن الموكلين بأنهما جزءٌ من عصابة، وحقيقة الأمر هي أن التحقيق لم يختتم بعد ولم يصدر أي قرار بشأنهم، وهم بكل الأحوال قصّر وضحايا. وإن كان هنالك من عصابة، فالموكلان هما أول ضحاياها، ونأمل اختتام التحقيق بأسرع وقت لبيان الحقيقة». وأضاف: «نحذّر أي شخص كان شهّر أو قد يشهّر بالموكلين القاصرين وينشر أخباراً ملفقة وتسريبات من التحقيق، أننا سنلاحقه قانونياً بجرم القدح والذم والتشهير وخرق سرية التحقيق».

ومع مضي أسبوعين تقريباً على بدء التحقيقات الأولية، فإن قائمة التوقيفات، وفق المصدر القضائي، «رست حتى الآن على 9 أشخاص، بينهم مزيّن للشعر، وصاحب محلّ شهير لبيع الألبسة، وطبيب أسنان، مع احتمال أن ينضمّ إليهم المحامي المشار إليه».

وعدَّ المصدر القضائي أن «إطالة فترة التحقيق الأولي مبررةٌ، لأنه تحقيق متشعب ومعقد ويحتاج إلى وقت، خصوصاً وأن الرؤوس المحركة والممولة لهذه العصابة موجودة في الخارج». وكشف أن المحققين «يستجمعون المزيد من الأدلة عن هؤلاء الموجودين في تركيا ودبي والسويد، وربما في دول أخرى، وعند استكمال كل المعطيات سيصار إلى إصدار بلاغات دولية بحقهم تعمم عبر الإنتربول لتوقيفهم، وإما نطلب مساعدة قضائية بإرسال مذكرة لاستجواب هؤلاء الأشخاص حول الجرائم المنسوبة إليهم، وتسليم لبنان نتائج هذه الاستجوابات».

ورجّح المصدر أن يعمد القاضي طانيوس الصغبيني إلى «توجيه مذكرات يطلب فيها من الدول المعنية تسليم الأشخاص المشتبه بهم إلى القضاء اللبناني للشروع بمحاكمتهم».

ولا يعني ادعاء النيابة العامة في جبل لبنان على أعضاء عصابة «التيكتوكرز»، وإحالة الملف مع الموقوفين إلى قاضي التحقيق، انتهاء التحقيقات الأولية المفترض استمرارها حتى توقيف كلّ من له علاقة بهذه الشبكة.

وأشار مصدر مواكب للملف عن قرب إلى أن «التحقيق يتقدم بصعوبة، بسبب عمليات ترهيب وترغيب يخضع لها أهالي الأطفال الضحايا لمنعهم من التقدم بدعاوى جديدة والحؤول دون كشف المزيد من الأسماء»، مؤكداً لـ «الشرق الأوسط» أن «هناك صعوبةً في إقناع أطفال معتدى عليهم بالحضور أمام محققي مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، بسبب الخوف والظروف النفسية التي يمرون بها». وأقرّ المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، بأن «الأطفال المعتدى عليهم يعيشون ظروفاً نفسيةً صعبةً تحتاج إلى وقت لتخطيها وتحتاج أيضاً إلى متابعة طبية». ولفت أيضاً إلى أن «بعض المشتبه بهم بارتكاب الجرائم نفوا ما ينسب إليهم، لكن هذا النفي لا يُؤخذ به لكونه يتعارض مع الأدلة المتوفرة للتحقيق، منها رسائل نصية لهم عبر (الواتساب)، منها صور فوتوغرافية وفيديوهات توثق تورطهم، كانوا يتبادلونها فيما بينهم، فيما اعترف آخرون بفعلتهم وعزوا ذلك إلى أنهم ارتكبوا أفعالهم تحت تأثير الإفراط بتناول الكحول والمخدرات».


لبنان: توجه لمشاركة واسعة في جلسة مناقشة هبة المليار يورو الأوروبية

مجلس النواب اللبناني (أرشيفية - رويترز)
مجلس النواب اللبناني (أرشيفية - رويترز)
TT

لبنان: توجه لمشاركة واسعة في جلسة مناقشة هبة المليار يورو الأوروبية

مجلس النواب اللبناني (أرشيفية - رويترز)
مجلس النواب اللبناني (أرشيفية - رويترز)

استجاب رئيس مجلس النواب نبيه بري سريعاً لتمني رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الدعوة إلى جلسة نيابية عامة لمناقشة موضوع النازحين، فقرر تحديد الخامس عشر من الشهر الحالي موعداً للجلسة، لمناقشة الموقف من الهبة الأوروبية بقيمة مليار يورو، التي عدّها بعض الكتل النيابية بمثابة رشوة لإبقاء النازحين السوريين في لبنان.

ويحاول ميقاتي البحث عن غطاء سياسي بعد الهجمة الشرسة التي تعرض لها، والاتهامات التي طالته بـ«التواطؤ» مع المجتمع الدولي، وهو كما سبق أن قال يسعى من خلال جلسة مجلس النواب لـ«وقف الاستغلال السياسي الرخيص الحاصل في البلد في هذا الملف، على حساب المصلحة العامة».

توجه لمشاركة المعارضة

ويبدو أن القسم الأكبر من الكتل النيابية يتجه للمشاركة في هذه الجلسة. بما فيها القسم الأكبر من قوى المعارضة التي قاطعت معظم الجلسات التشريعية التي سبق لبري أن دعا إليها بعد شغور سدة رئاسة الجمهورية، لاعتبارها أنه لا يجوز التشريع في غياب رئيس البلاد، وأن مهمة البرلمان يجب أن تقتصر على انتخاب رئيس. وتبرر هذه القوى مشاركتها في هذه الجلسة بأنها ستكون جلسة مناقشة، لا جلسة تلحظ عملاً تشريعياً.

وقال مصدر نيابي في كتلة «الجمهورية القوية» لـ«الشرق الأوسط» إن «التوجه هو للمشاركة في هذه الجلسة، باعتبار أن للبرلمان دورين تشريعياً ورقابياً، والمسألة اليوم تندرج في الإطار الرقابي»، لافتاً إلى أن «نواب التكتل سيسألون ميقاتي عن تفاصيل الهبة، وسيعلنون رفضهم أن تندرج الهبة، ولو بجزء منها، لدعم السوريين الذين يوجدون بطريقة غير شرعية داخل الأراضي اللبنانية».

من جهتها، قالت النائبة بولا يعقوبيان إن نواب تكتل «التغيير» الستة (إبراهيم منيمنة، ياسين ياسين، ملحم خلف، فراس حمدان، نجاة صليبا، يعقوبيان) يتجهون للمشاركة في هذه الجلسة، مشددة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب أن يتضح ما «إذا كان ما نحن بصدده هبة أم قرضاً»، معتبرة أن «هناك اتفاقية لم يطلع عليها أحد، ولا نعرف على ماذا وقعوا». ولذلك، توجهت يعقوبيان، الثلاثاء، بسؤال إلى الحكومة بواسطة رئيس المجلس النيابي حول الأساس الدستوري أو القانوني الذي استند إليه رئيس الحكومة للمفاوضة والموافقة على حزمة المليار يورو المنوي تقديمها من الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، وما إذا كان جرى عرْض هذه المسألة على مجلس الوزراء لإجازتها.

مشاركة من «التيار العوني»

أما «التيار الوطني الحر»، الذي يجول وفد منه على ميقاتي وبري، ووزير الخارجية، والاتحاد الأوروبي للاستفسار عن هبة المليار يورو، فيتجه أيضاً للمشاركة في الجلسة، كما أكد مصدر نيابي في التيار لـ«الشرق الأوسط».

وقال النائب في تكتل «لبنان القوي»، سيمون أبي رميا: «في 17 أبريل (نيسان) الماضي، كنت قد تمنّيت على رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة المجلس النيابي للانعقاد، والاطلاع على خطة الحكومة لمناقشة موضوع عودة النازحين السوريين. ثم كررت الدعوة 3 مرّات»، مضيفاً: «خيراً فعل بري من خلال دعوة نواب الأمة إلى جلسة يوم الأربعاء في 15 مايو (أيار)، خاصة بعد الزيارة المريبة لرئيسة المفوضية للاتحاد الأوروبي أورسولا فون ديرلاين».

ولفت أبي رميا، في تصريح له، إلى أن «موعدنا الأربعاء المقبل، كي يعرف الشعب اللبناني كل الحقائق، ولا نكون شهود زور أمام التاريخ، كما حصل عند توقيع اتفاق القاهرة، الذي جرّ لبنان إلى الكارثة الكبرى».

أما مشاركة بقية الكتل الرئيسية، وأبرزها كتل «حزب الله» و«أمل» و«التقدمي الاشتراكي»، فهي محسومة باعتبار أنها لم تقاطع أي جلسة سبق لبري أن دعا إليها.

دوران للمجلس

ويوضح رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية، المحامي بول مرقص، أن الجلسة التي دعا إليها الرئيس بري يمكن أن تكون «جلسة مناقشة حصراً، يتم خلالها سؤال الحكومة عن تفاصيل الهبة وفحوى ما طُرح حولها»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «يمكن أيضاً للمجلس النيابي التصويت على اقتراح قانون يلزم الحكومة بعدم قبول هذه الهبة تحديداً، أو يضع معايير وشروطاً وضوابط لقبول الهبات، إضافة إلى الشروط التي ينصّ عليها قانون المحاسبة العمومية».


العراق قريب من تجاوز عقوبات الدولار

السوداني متوسطاً أعضاء وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد 7 مايو 2023 (إعلام حكومي)
السوداني متوسطاً أعضاء وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد 7 مايو 2023 (إعلام حكومي)
TT

العراق قريب من تجاوز عقوبات الدولار

السوداني متوسطاً أعضاء وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد 7 مايو 2023 (إعلام حكومي)
السوداني متوسطاً أعضاء وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد 7 مايو 2023 (إعلام حكومي)

أفادت المواقف الرسمية بأن العراق قريب من تجاوز تداعيات العقوبات الأميركية على عدد من المصارف، وقال رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إن التعاملات المالية بالدولار الأميركي «تسير بالاتجاه الصحيح».

وجاءت تصريحات السوداني بعد نحو أسبوع من زيارته لواشنطن، التي شملت لقاءات مع مسؤولين في الخزانة الأميركية التي سبق لها أن عاقبت مصارف عراقية، وتسببت باختلال بسعر الصرف مقابل الدينار المحلي.

واستقبل السوداني، اليوم (الثلاثاء)، وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد، وقال إن «عملية الإصلاح المالي والاقتصادي التي تبنتها الحكومة، لا يمكن أن تحدث من دون نظام مصرفي رصين منسجم مع العالم».

وأوضح رئيس الحكومة، وفقاً لبيان صحافي، أن المصارف العراقية تسير على الطريق الصحيحة في تعاملاتها الخاصة بالتحويلات المالية، وأن تنسيق السياسة المالية والنقدية مع البنك المركزي مستمرّ، مع الحفاظ على استقلالية البنك.

السوداني خلال استقباله وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد 7 مايو 2023 (إعلام حكومي)

إصلاح مالي

وجدد السوداني الحديث عن «ما قامت به الحكومة خلال الفترة الماضية من إجراءات ساعدت في معرفة نقاط الخلل في النظام المصرفي وعملت على إصلاحها».

في المقابل، أشاد وفد اتحاد المصارف العربية بـ«إجراءات الحكومة في إصلاح القطاع المصرفي؛ كونها إجراءات واضحة تستهدف تمتين وتعزيز عمل هذا القطاع».

وأعرب الوفد العربي عن «تقديره لخطوات الحكومة الداعمة للقطاع الخاص، وتعزيز دوره في التنمية المستدامة والشراكات الدولية والإقليمية».

وقال علي طارق المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة العراقية الذي حضر اللقاء مع رئيس الوزراء، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ناقش تطوير العلاقات المصرفية العراقية العربية والأجنبية، بما ينعكس بشكل إيجابي على الخدمات المصرفية المحلية».

«مجبر لا مخير»

من جانبه، رأى أستاذ المال في كلية الإدارة بالجامعة المستنصرية صادق البهادلي، أن العراق «مجبر ولا خيار أمامه» بالنسبة لقيامه بالإجراء الصحيح المتعلق بالتعاملات المالية الخارجية.

وقال البهادلي لـ«الشرق الأوسط»، إن «البنك الفيدرالي الأميركي يتحكم تقريبا بجميع أموال العراق المتأتية من ريوع النفط، وهي تباع بالدولار الأميركي ولا يسمح الفيدرالي بخروج الدولار إلى بلدان أخرى من دون التأكد من الجهات التي تصلها تلك الأموال».

ورأى البهادلي أن «الإصلاحات في مجال التحويلات الخارجية لا بد أن تقترن بنظام مصرفي رصين، وهذا لم يحدث حتى الآن مع الأسف»، وقال: «ما زال نظامنا المصرفي متخلفا بطريقة كبيرة، لذلك انعكس نظام التحويلات الخارجية الجديد سلبا على عمل معظم التجار والمستوردين المحليين».

«القضية المالية والمصرفية معقدة تماما في العراق»، كما قال البهادلي الذي استدل بقرار الرئيس الأميركي جو بايدن، أخيراً، مواصلة العمل بقرار حماية أموال العراق الذي اتخذه الرئيس الأسبق جورج بوش قبل 21 عاما.

وقال بايدن، خلال توقيعه المرسوم الذي مدد من خلاله حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالأوضاع في العراق لعام آخر: «ما تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق».

وسبق أن قامت وزارة الخزانة الأميركية بوضع عدة مصارف عراقية على اللائحة السوداء ومنعت تعاملها بالدولار الأميركي بذريعة قيام تلك المصارف بتهريب العملة وعمليات غسل للأموال.

وفد المصارف العربية أشاد بالإجراءات الإصلاحية في العراق (إعلام حكومي)

نقاش سياسي

وعلق مصدر سياسي على صلة بنقاشات سياسية بشأن العقوبات الأميركية، بأن «القوى السياسية التي لديها مصالح مالية مرتبطة بالمصارف توصلت أخيراً إلى قناعة بأن عليها التكيف مع واقع النفوذ المالي لواشنطن في العراق، لذلك ساعدت على تخفيف آثار التعاملات المشبوهة بما فيها غسل الأموال والاستيرادات الوهمية».

وفي مقابل حديث رئيس الوزراء عن سير المصارف العراقية بالطريق الصحيحة بالنسبة للحوالات والتعاملات المالية، أبدت لجنة الخدمات في البرلمان الاتحادي عن استغرابها ما وصفتها بـ«ازدواجية القرارات» التي يصدرها البنك المركزي بشأن عملية التحويلات الخارجية.

وقالت اللجنة في بيان صحافي، إن «تلك السياسة تشير بكل جوانبها إلى هدر المال العام وتحقيق التخمة لعدد قليل من المستفيدين والتي بمجملها لم تحقق شيئا للعراق وشعبه، ما جعل العراق يخسر سنوياً مليارات الدولارات بسبب فروقات تحويل العملة الصعبة إلى الخارج والتي قدمت خدمة على طبق من ذهب لمافيات الفساد دون أي منفعة للصالح العام».

وذكرت اللجنة أن «واحدة من المفارقات المضحكة المبكية» كما وصفتها هي «تحقيق مصارف أجنبية أرباحا بمليارات الدنانير من تحويلات العملة الصعبة من العراق للخارج دون تقديم أي خدمة أو منفعة للصالح العام».


الدبابات الإسرائيلية في معبر رفح للمرة الأولى منذ عام 2005

آليات إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح اليوم (الجيش الإسرائيلي- رويترز)
آليات إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح اليوم (الجيش الإسرائيلي- رويترز)
TT

الدبابات الإسرائيلية في معبر رفح للمرة الأولى منذ عام 2005

آليات إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح اليوم (الجيش الإسرائيلي- رويترز)
آليات إسرائيلية في الجانب الفلسطيني من معبر رفح اليوم (الجيش الإسرائيلي- رويترز)

توغلت القوات الإسرائيلية في مناطق شرق مدينة رفح الواقعة أقصى جنوب قطاع غزة، وسيطرت على معبر رفح الفلسطيني، بعد ساعات من إعلان تل أبيب أن عرض الهدنة الذي وافقت عليه حركة «حماس» لا يلبي مطالبها.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ «ضربات مستهدفة» ضد «حماس» في شرق رفح، بينما ظهرت الدبابات الإسرائيلية وهي تتقدم في باحة معبر رفح الحدودي من الجهة الفلسطينية.

وأظهرت مقاطع فيديو بثها جنود إسرائيليون دبابات تدوس وتحطم مجسّم «أحب غزة»، ومساحات أخرى مشجرة، كما أظهرت أعلاماً إسرائيلية ترفرف مكان الإعلام الفلسطينية. وهذه المرة الأولى التي تسيطر فيها إسرائيل على المعبر منذ عام 2005.

وسيطرت إسرائيل على معبر رفح، بعد اشتباكات مع «كتائب القسام» في مناطق قريبة، وكان يمكن سماع دوي إطلاق النار والانفجارات في غزة، في الجانب المصري.

وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن قوات من الفرقة 162 نفذت عملية مباغتة لتحييد أهداف تابعة لـ«حماس» شرقي رفح؛ وفي إطار النشاط حققت القوات السيطرة العملياتية على الجانب الغزي من معبر رفح، بعد ورود معلومات استخباراتية تفيد باستخدام المعبر «لأغراض إرهابية على أيدي مخربين»، حسب زعم الناطق الإسرائيلي.

وأكد الناطق أنه في إطار العملية، أغارت طائرات حربية تابعة لسلاح الجو على أهداف تابعة لـ«حماس» منها المباني العسكرية، والبنى التحتية تحت الأرض، وغيرها من البنى التي تستخدمها «حماس» في منطقة رفح ودمَّرتها. وأضاف: «حتى الآن تم القضاء على نحو 20 مسلحاً خلال العملية. كما عثرت القوات على 3 فتحات أنفاق عملياتية في المنطقة. ولم تقع إصابات في صفوف قواتنا».

موقع غارة إسرائيلية شرق رفح اليوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

وتتهم إسرائيل «حماس» بأنها استخدمت منطقة المعبر، في هجوم تم تنفيذه يوم الأحد الماضي، أطلقت الحركة خلاله قذائف «هاون» باتجاه موقع عسكري في «كيرم شالوم» (كرم أبو سالم) الذي أسفر عن مقتل 4 جنود إسرائيليين، وإصابة آخرين بجروح.

وكانت «القسام» قد أكدت الهجوم على قوات إسرائيلية قرب معبر كرم أبو سالم، كما أعلنت الثلاثاء أنها هاجمت مجدداً الموقع بمنظومة صواريخ «رجوم» قصيرة المدى عيار 114 ملليمتراً.

وفي عملية ثانية، أعلنت «القسام» استهداف دبابة صهيونية من نوع «ميركافا» بقذيفة «الياسين 105» واشتعال النيران فيها، والاشتباك مع جنود تحصنوا داخل بناية بالقرب منها في حي الشوكة، شرق مدينة رفح.

وتحدثت «القسام» عن استهدف القوات المتوغلة في شرق رفح، وإيقاعها في كمائن خلال اشتباكات ضارية.

ويوجد لـ«القسام» لواء كامل مكون من 4 كتائب، لم يُمس تقريباً خلال الحرب المستمرة منذ 7 شهور، وما زال ناشطاً في رفح. وتقول إسرائيل إنه من دون اجتياح المدينة والقضاء على هذا اللواء، لا يمكن إنهاء الحرب؛ لأنه لا يمكن تحقيق «النصر».

واقتحام رفح هو الأول من نوعه منذ انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة عام 2005.

نازحون من رفح اليوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

ويعد المعبر نقطة سيادة فلسطينية، وكان يقع بالكامل تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية، قبل أن تسيطر «حماس» على قطاع غزة عام 2007، وتتولى إدارته.

ويعد المعبر «المنفذ الوحيد» للغزيين نحو العالم، باعتبار معبر «إيرز» المعبر الثاني المخصص لحركة الأفراد، تحت سيطرة إسرائيلية، نحو إسرائيل أو الضفة.

وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن معبر رفح البري، وبقية أراضي قطاع غزة، أرض فلسطينية محتلة، وفق قرارات الشرعية الدولية، ولكن الاحتلال المدعوم أميركياً بالسلاح والمال والغطاء السياسي، يصر على الاستمرار في تحدي الشرعية الدولية؛ لأن «الفيتو» الأميركي سيقوم بحمايته.

وأضاف: «إن احتلال قوات الاحتلال الإسرائيلي لمعبر رفح البري، والتهديد بتهجير المواطنين من مراكز الإيواء ومراكز سكنهم، ومنع موظفي الأمم المتحدة من دخول قطاع غزة هي جرائم حرب، يجب أن تحاسب عليها دولة الاحتلال».

وطالب الناطق باسم الرئاسة الإدارة الأميركية بالتدخل الفوري، قبل أن تدفع إسرائيل بالأمور إلى حافة الهاوية.

كما عدَّت حركة «حماس» اقتحام جيش الاحتلال معبر رفح الحدودي مع مصر «تصعيداً خطيراً ضد منشأة مدنية محمية بالقانون الدولي». وقالت «حماس»: «هذه الجريمة -التي تأتي مباشرة بعد إعلان حركة (حماس) موافقتها على مقترح الوسطاء- تؤكِّد نية الاحتلال تعطيل جهود الوساطة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، لمصالح شخصية لنتنياهو وحكومته المتطرفة، وتنفيذاً لمخطط الإبادة والتهجير الذي ينفذه اليمين الصهيوني المتطرف، بقيادة مجرم الحرب نتنياهو». ودعت «حماس» أيضاً الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي إلى الضغط على الاحتلال لوقف هذا التصعيد.

معبر رفح بات تحت سيطرة إسرائيل في جانبه الفلسطيني (الجيش الإسرائيلي- رويترز)

ومع سيطرة إسرائيل على معبر رفح، توقفت فوراً الحركة من قطاع غزة وإليه، كما توقفت جميع أنواع المساعدات، بما في ذلك الأدوية والوقود والمواد الأساسية.

وقال مكتب الإعلام الحكومي إن الاحتلال «يتعمّد تأزيم الوضع الإنساني، بإغلاق معبرَي رفح وكرم أبو سالم». ومنعت إسرائيل (الثلاثاء) الأمم المتحدة من الوصول إلى معبر رفح البري في قطاع غزة، وفق ما أفاد به ناطق باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

وقال الناطق باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ينس لايركه، في مؤتمر صحافي دوري عُقد في جنيف: «لسنا موجودين حالياً عند معبر رفح؛ لأن مكتب كوغات (مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية) رفض السماح لنا بالوصول إلى هذه المنطقة»، وهي نقطة العبور الرئيسية للمساعدات الإنسانية.

وأعلنت الأمم المتحدة أن مخزونها من الوقود المخصص للعمليات الإنسانية في قطاع غزة يكفي ليوم واحد فقط، بسبب إغلاق سلطات الاحتلال معبر رفح الحدودي مع مصر.

وقال الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) للصحافيين: «لدينا مخزون ضئيل للغاية، يكفي ليوم واحد تقريباً»، موضحاً أن الوقود يدخل عبر رفح فقط، وأن هذا «المخزون هو لمجمل» العملية الإنسانية في غزة.

وحذَّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، من استمرار توقف دخول المساعدات إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح الحدودي مع مصر.

وقالت في بيان نشرته عبر منصة «إكس»، إن «استمرار توقف دخول المساعدات وإمدادات الوقود عند معبر رفح، سيوقف الاستجابة الإنسانية الحرجة في جميع أنحاء قطاع غزة، تزامناً مع إعلان إسرائيل سيطرتها على الجانب الفلسطيني من معبر رفح».

وأضافت: «إن الجوع الكارثي الذي يواجهه الناس، لا سيما في شمال غزة، سيزداد سوءاً إذا انقطعت طرق الإمداد هذه».

واعتبرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) أن إغلاق معبر رفح سيعقِّد بشكل كبير إيصال المساعدات إلى سكان غزة، وقالت إنه إذا أغلق معبر رفح لمدة طويلة فسيكون من الصعب تجنب المجاعة في القطاع.

وقالت وزارة الصحة في غزة، إن سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح منعت سفر الجرحى والمرضى ومرافقيهم لتلقي العلاج خارج غزة، وأوقفت دخول شاحنات الأدوية والمعدات الطبية والوقود اللازم للمستشفيات.


القيادة الفلسطينية تنفي اتهامات بعرقلة الإفراج عن البرغوثي

سيدة تحمل صورة مروان البرغوثي خلال تجمع للمطالبة بإطلاق الأسرى في سجون إسرائيل بمدينة رام الله الثلاثاء (أ.ب)
سيدة تحمل صورة مروان البرغوثي خلال تجمع للمطالبة بإطلاق الأسرى في سجون إسرائيل بمدينة رام الله الثلاثاء (أ.ب)
TT

القيادة الفلسطينية تنفي اتهامات بعرقلة الإفراج عن البرغوثي

سيدة تحمل صورة مروان البرغوثي خلال تجمع للمطالبة بإطلاق الأسرى في سجون إسرائيل بمدينة رام الله الثلاثاء (أ.ب)
سيدة تحمل صورة مروان البرغوثي خلال تجمع للمطالبة بإطلاق الأسرى في سجون إسرائيل بمدينة رام الله الثلاثاء (أ.ب)

صرّح مصدر فلسطيني سيادي كبير بـ«أن ما يتم الترويج له حول تقديم طلب من شخصيات قيادية (فلسطينية) رسمية إلى دولة الاحتلال بعدم إطلاق سراح الأخ القائد مروان البرغوثي لا أساس له إطلاقاً. هذا الخبر مجرد فبركات واهية وشعوذة من بعض وسائل الإعلام المشبوهة».

وأكد المصدر، في بيان رسمي، «أن القيادة الفلسطينية وعلى رأسها فخامة الرئيس محمود عباس عملت وما زالت تعمل من أجل إطلاق سراح جميع الأسرى والأسيرات، وعلى رأسهم الأخ مروان البرغوثي، والرفيق أحمد سعدات، والأسرى كافة».

وطالب المصدر وسائل الإعلام بتوخي الحذر، وعدم التعاطي مع «الأخبار المدسوسة التي تثير الفتن، وتُحرف البوصلة عن الجهود المبذولة لوقف العدوان على شعبنا».

وجاء البيان بعد جدل كبير أثارته تقارير قالت إن «حماس» تضع البرغوثي على رأس قائمة الأسرى المنوي الإفراج عنهم في صفقة تبادل مع إسرائيل، لكن السلطة رفضت ذلك، وضغطت من أجل عدم إطلاق سراحه، أو إطلاق سراحه إلى قطاع غزة وليس الضفة الغربية.

ويحظى البرغوثي الأسير في السجون الإسرائيلية، بشعبية جارفة في حركة «فتح»، ويقدمه مؤيدوه على أنه المخلص الذي يمكن أن يوحد الفلسطينيين، ويجب أن يكون خليفة للرئيس الحالي محمود عباس، لكنها فكرة لا تحظى بقبول في مراكز صنع القرار في رام الله.

صورة أرشيفية لمحاكمة مروان البرغوثي في إسرائيل (رويترز)

وفي الانتخابات التي كان يفترض أن تتم قبل 3 أعوام، ظهر البرغوثي متحدياً قيادة السلطة و«فتح»، ورشح قائمة منافسة في المجلس التشريعي لقائمة «فتح»، عمادها فتحاويون غير راضيين عن الوضع، وكان يخطط لترشيح نفسه للرئاسة، قبل أن تلغى الانتخابات.

والبرغوثي (63 عاماً)، معتقل منذ 2002 في إسرائيل، وحُكم عليه بالسجن لمدة خمسة مؤبدات وأربعين عاماً بتهمة قيادة كتائب «شهداء الأقصى»، الذراع العسكرية لحركة «فتح»، المسؤولة عن قتل إسرائيليين خلال انتفاضة الأقصى الثانية التي اندلعت عام 2000.


«القسام» تعلن وفاة أسيرة نتيجة قصف إسرائيلي

المتحدث باسم «كتائب عز الدين القسام» أبو عبيدة (أرشيفية - رويترز)
المتحدث باسم «كتائب عز الدين القسام» أبو عبيدة (أرشيفية - رويترز)
TT

«القسام» تعلن وفاة أسيرة نتيجة قصف إسرائيلي

المتحدث باسم «كتائب عز الدين القسام» أبو عبيدة (أرشيفية - رويترز)
المتحدث باسم «كتائب عز الدين القسام» أبو عبيدة (أرشيفية - رويترز)

أعلن المتحدث باسم «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، وفاة أسيرة متأثرة بجروح أصيبت بها في قصف إسرائيلي قبل شهر.

ووفق وكالة الأنباء الألمانية، جاء في بيان عبر صفحة «كتائب القسام» عبر منصة «تلغرام» توفيت «الأسيرة الصهيونية جودي فانشتاين (70 عاماً) متأثرة بجراحها الخطيرة التي أصيبت بها مع أسير آخر بعد قصف المكان الذي كانا يُحتجزان فيه قبل شهر».

وتابع البيان أن الأسيرة «لقيت مصرعها لاحقاً لعدم تلقيها الرعاية الطبية المكثفة في مراكز الرعاية بسبب تدمير العدو المستشفيات في قطاع غزة، وخروجها عن الخدمة».

وأضاف البيان أن «الجدير بالذكر أن القتيلة أصيبت بجراح بالغة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وتلقت العلاج في مستشفيات القطاع، وبعد تعافيها أعيدت لمكان الاحتجاز».


وزير الدفاع المصري يبحث مع قائد القيادة المركزية الأميركية التطورات الإقليمية في ظل أزمة غزة

مدرعات إسرائيلية عند معبر رفح من الجانب الفلسطيني (رويترز)
مدرعات إسرائيلية عند معبر رفح من الجانب الفلسطيني (رويترز)
TT

وزير الدفاع المصري يبحث مع قائد القيادة المركزية الأميركية التطورات الإقليمية في ظل أزمة غزة

مدرعات إسرائيلية عند معبر رفح من الجانب الفلسطيني (رويترز)
مدرعات إسرائيلية عند معبر رفح من الجانب الفلسطيني (رويترز)

قال المتحدث العسكري المصري، الثلاثاء، إن وزير الدفاع محمد زكي بحث مع قائد القيادة المركزية الأميركية، إريك كوريلا، التطورات الإقليمية في ظل الأزمة في قطاع غزة.

ووفق «وكالة أنباء العالم العربي»، أشار المتحدث إلى أن اللقاء تناول «عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك فى ضوء التطورات الإقليمية والدولية الراهنة، خصوصاً فى ظل الأزمة الراهنة بقطاع غزة».

وأكد وزير الدفاع المصري، وفق البيان، على أهمية تنسيق الجهود بين كل القوى الفاعلة في المجتمع الدولي للوصول إلى التهدئة ووقف إطلاق النار وتكثيف إنفاذ المساعدات عبر معبر رفح.

وأعلن الجيش الإسرائيلي في وقت سابق، الثلاثاء، أنه سيطر بالكامل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية في عملية عسكرية بدأها، الاثنين.


طائرات إسرائيلية تستهدف مبنى جنوب رفح

دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على شرق رفح في جنوب قطاع غزة 7 مايو 2024 (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على شرق رفح في جنوب قطاع غزة 7 مايو 2024 (أ.ف.ب)
TT

طائرات إسرائيلية تستهدف مبنى جنوب رفح

دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على شرق رفح في جنوب قطاع غزة 7 مايو 2024 (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على شرق رفح في جنوب قطاع غزة 7 مايو 2024 (أ.ف.ب)

ذكر تلفزيون فلسطين، مساء اليوم (الثلاثاء)، أن قتلى وجرحى سقطوا جرَّاء استهداف طائرات إسرائيلية لمنزل جنوب رفح في جنوب قطاع غزة.

وقال التلفزيون في وقت سابق إن القوات الإسرائيلية أجبرت المرضى والجرحى على الخروج من مستشفى أبو يوسف النجار شرق رفح، وفق «وكالة أنباء العالم العربي».

وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم أنه سيطر بالكامل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح البري الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية في عملية عسكرية بدأها أمس.