انتقدت أحزاب المعارضة الموريتانية، المشاركة في مسار التشاور مع الموالاة والسلطة، قرار الأخيرة وقف المسار إلى أجل غير مسمى، ووصفته بأنه طعنة في ظهر اللجنة التحضيرية للتشاور، مشيرة إلى أن الحجج التي ساقتها السلطة لتبرير هذا القرار الأحادي «لا أساس لها»، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية أمس.
وقالت الأحزاب في بيان مشترك أصدرته، أمس، إنها تحمل السلطات المسؤولية الكاملة لانهيار الحوار والعواقب التي قد تترتب على ذلك.
وكان مقرراً انطلاق جلسات الحوار في وقت لاحق من يونيو (حزيران) الحالي، بعد أشهر من الاجتماعات للجنة التحضير، التي تضم أطراف المعارضة والموالاة بشكل متساوٍ. وكان التشاور سيناقش موضوعات مهمة، أبرزها المسار الديمقراطي والحريات، ومحاربة الفساد والمسار الانتخابي، وإصلاح العدالة، وتعزيز اللحمة الاجتماعية، إضافة إلى إنهاء العبودية ومخلفاتها.
لكن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي وافق على إطلاق مسار التشاور، كان دوماً يكرر أن البلاد تعيش أجواءً من التهدئة والهدوء السياسي، وأنها لا تعاني من مشكلات، أو أزمات تتطلب منها حواراً سياسياً.
من جهة ثانية، أصدرت محكمة الجنايات بمدينة «روصو» جنوب موريتانيا أحكاماً بالسجن، تراوحت بين ثلاثة وخمسة عشر شهراً ضد ثمانية شبان شاركوا في احتجاجات، تخللتها أعمال عنف وحرق لمبانٍ عمومية في مدينة الركيز. كما قضت المحكمة ببراءة 32 آخرين ضالعين في نفس الاحتجاجات.
وكان الشبان يحتجون على تردي وغياب الخدمات العمومية، من انقطاع للتيار الكهربائي والماء، وضعف شبكات الاتصال وغيرها من الخدمات. وبدأت يوم الاثنين الماضي محاكمة المشمولين في الملف بعد ثمانية أشهر من اعتقالهم.
إلى ذلك، قالت عضو البرلمان الموريتاني، النائبة سعداني بنت خيطور، إن قرار حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) الإسلامي المعارض طردها من الحزب «مرفوض لأنه غير قانوني، ولا سند له في نصوص الحزب».
ووصفت بنت خيطور في مؤتمر صحافي، عقدته مساء أول من أمس في نواكشوط، وقالت إنها متمسكة بعضويتها في الحزب، وإن فصلها «تعسفي». مضيفة أن الحكم بينها وبين من وصفتهم بـ«الثلة العنصرية» في الحزب هو وثائق الحزب ونظمه، والدستور الموريتاني والقوانين.
كما وصفت البرلمانية قرار فصلها بأنه «ضربة للديمقراطية في موريتانيا»، معتبرة أنه لم يراعِ التدرج في العقوبات، وشددت على أنها ستتحدى أي جهة في الحزب أن تنشر استفساراً أو إنذاراً وقعت هي على تسلمه.
وأثارت بنت خيطور جدلاً واسعاً داخل حزبها، بعد اتهامها للزعيم الروحي للتيار الإسلامي في موريتانيا، الشيخ محمد الحسن ولد الددو، بالتستر على ممارسات العبودية في المجتمع، وبأنه لم يصدر فتوى تحرم ممارسة الاسترقاق ضد شريحة العبيد السابقين والفئات المهمشة.
وتدافع بنت خيطور، المنحدرة من شريحة «الصناع التقليديين»، وهم من الشرائح المستضعفة في موريتانيا، عن شريحتها وتهاجم العلماء، وقادة المجتمع المحافظين، وتتهمهم بمحاباة الإقطاع.
وكان المكتب التنفيذي لحزب تواصل قد أعلن مساء أول من أمس، فصل بنت خيطور بشكل نهائي من الحزب.
في غضون ذلك، استهجنت السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في موريتانيا ما وصفته بـ«تنامي الخطاب المتطرف، الذي يحرض على المساس بالوحدة الوطنية ولحمة المجتمع الموريتاني». ودعت في بيان أصدرته مساء أول من أمس بنواكشوط إلى الكف عن هذا الخطاب الذي «ساد الفضاء العمومي للنقاش، بما حمله من عبارات مناهضة لقيم الدولة، الوطنية ولأسس المواطنة الحقة».
وحذرت السلطة العليا للصحافة من خطورة هذه الخطابات المتداولة بوسائل التواصل الاجتماعي من صوتيات وتغريدات وتدوينات، لما تمثله من مساس بالسلم الاجتماعي، واستهداف لمكونات المجتمع الموريتاني، وإعاقة لمسار تطوير دولة الحق والقانون والمواطنة. داعية كافة مستخدمي هذه الشبكات إلى الامتناع عن أي خطاب من شأنه إشاعة الكراهية، أو ترقية الترويج للشرائحية والقبلية والفئوية، والقيم ما قبل الدولة الوطنية.
وتزامن هذا البيان مع إحالة نشطاء إلى السجن بسبب تسجيلات صوتية، ومحاكمة آخرين أمام القضاء بتهمة نشر الكراهية، والنيل من الوحدة الكونية، والتحريض على التفرقة والكراهية.
المعارضة الموريتانية تنتقد قرار السلطة وقف «مسار التشاور»
أحكام بسجن 8 نشطاء بسبب احتجاجات جنوب البلاد
المعارضة الموريتانية تنتقد قرار السلطة وقف «مسار التشاور»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة