في خطاب نادر يعكس تأزم الوضع الداخلي الأميركي في ظل حوادث إطلاق النار المتكررة، وقف الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض وتحدث للأميركيين، مساء أول من أمس (الخميس)، عن أزمة السلاح وضرورة التطرق إليها.
وبلهجة قاتمة، قال بايدن وهو يقف أمام 56 شمعة مضاءة حزناً على أرواح ضحايا حوادث إطلاق النار الأخيرة: «هذا يكفي… كم من مجزرة سوف نتقبل؟»، في إشارة إلى مجزرة تكساس التي أودت بحياة 21 شخصاً معظمهم من الأطفال.
وذكر الرئيس الأميركي حادث إطلاق النار في تلسا بولاية أوكلاهوما مطلع هذا الأسبوع، عندما أطلق مايكل لويس البالغ من العمر 45 عاماً النار في عيادة طبية مستهدفاً طبيبه وأودى بحياة 4 أشخاص. كما عدّد بايدن حوادث إطلاق النار في المدارس كحادثة كولومباين وساندي هوك وباركلاند، ليصل إلى صلب الموضوع: «السؤال الآن، ماذا سيفعل الكونغرس؟».
وبالفعل هذه هي المعضلة الأساسية أمام الرئيس الأميركي، الذي اعترف بأن يديه مقيّدتان في موضوع حمل السلاح في الولايات المتحدة، وهو حق يحميه الدستور الأميركي في تعديله الثاني.
لهذا، فإن القرارات التنفيذية في هذا الإطار لا تنفع، وهناك حاجة كي يقر الكونغرس قانوناً لتعديل هذا الحق، ووضع قيود على قوانين حمل السلاح. وهذا ما أشار إليه بايدن عندما قال: «أنا لن أستسلم، وفي حال فشل الكونغرس، أعتقد أن غالبية الأميركيين لن تستسلم أيضاً». ثم توجه إلى الشعب الأميركي مباشرة: «أعتقد أنكم ستحوّلون غضبكم إلى قضية أساسية لدى تصويتكم»، وذلك في إشارة مباشرة إلى الانتخابات التشريعية المقبلة التي ستحصل في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
لكن هذه الانتخابات هي فعلياً ما سيعرقل التسويات، إذ إن معظم الجمهوريين هم من الداعمين الشرسين لحق حمل السلاح، بل ومن المروجين لتوسيع هذا الحق ليشمل أساتذة المدارس لمواجهة حوادث إطلاق النار.
- انقسامات حادة
وعكست جلسة استماع عقدتها اللجنة القضائية في مجلس النواب لمناقشة الطروحات لتعديل حق حمل السلاح، صورة كاملة للانقسام الكبير في الولايات المتحدة بخصوص هذا الحق. إذ، وفي خضم الجلسة التي عقدت عبر الفيديو، أشهر النائب الجمهوري غريغ ستوب سلاحه ليظهر مجموعته من الأسلحة التي يقتنيها. وعندما توجهت له النائبة الديمقراطية شيلا جاكسون لي بالقول: «آمل في ألا يكون هذا السلاح محمّلاً»، أجابها: «أنا في منزلي. وأستطيع أن أقوم بما يحلو لي بأسلحتي».
مواجهة مقتضبة لكنها تعكس صعوبة التوصل إلى توافق بهذه القضية، على الرغم من المحاولات من البعض في الحزبين والوعود بالإصلاح.
- طروحات الإصلاح
ومن بين الطروحات التي ذكرها الرئيس الأميركي، اعتماد نظام أقوى للتحقق من خلفيات مشتري السلاح، ورفع عمر شراء السلاح من 18 سنة إلى 21، ودعم تمويل فيدرالي لتعزيز أمن المدراس والمزيد من التمويل لعلاج الحالات النفسية، إضافة إلى ما يسمى قوانين «العلم الأحمر» أو التحذير، والتي تسمح للمحاكم بمصادرة الأسلحة من الأشخاص الذين يعدون خطرين بشكل مؤقت.
كما يلوّح البعض بضرورة إعادة إحياء حظر اقتناء الأسلحة الهجومية، الذي أقره الكونغرس في عام 1994 بعد سلسلة من حوادث إطلاق النار ونفدت صلاحيته في عام 2004. وقد لعب بايدن دوراً بارزاً في مجلس الشيوخ في إقرار هذا الحظر، عندما كان سيناتوراً عن ولاية ديلاوير. لكن معارضة الجمهوريين وبعض الديمقراطيين لهذا الطرح يجعل من إقراره مستحيلاً، وخير دليل على ذلك هو فشل محاولة مجلس الشيوخ في عام 2013 في إعادة إحيائه بعد أن انضم 16 ديمقراطياً إلى الجمهوريين في التصويت لرفضه.
وفيما أكد بايدن دعمه للمفاوضات بين الحزبين بالكونغرس في سبيل التوصل إلى تسوية في هذا الملف، فإنه أشار في الوقت نفسه إلى المعارضة الجمهورية لإصلاحات من هذا النوع قائلاً: «يا إلهي! إن رفض أغلبية الجمهوريين مناقشة هذه الطروحات أو التصويت عليها لهو أمر غير معقول!» ليرد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام قائلاً: «أنا مستعد للعمل مع الديمقراطيين للتوصل إلى تسويات، الأمر الذي غاب عن خطاب الرئيس بايدن».
أما موقف لوبي الأسلحة النافذ (إن آر إيه)، الذي يعد من الممولين الأساسيين لحملات الجمهوريين الانتخابية، فكان واضحاً: «ما طرحه الرئيس بشكل متكرر سيؤدي إلى انتهاك حقوق حاملي السلاح الملتزمين بالقانون، والذين لم ولن يرتكبوا أي جريمة».
بايدن يطالب بإصلاح تشريعات حمل السلاح
ازدياد ملحوظ في حوادث إطلاق النار والكونغرس منقسم حول الحل
بايدن يطالب بإصلاح تشريعات حمل السلاح
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة