الأمن الإيراني يقمع الاحتجاجات في مدن عدة

ارتفاع ضحايا المبنى المنهار إلى 36 قتيلاً بينهم خمسة من طلاب المدارس

مبنى تجاري منهار في منطقة أميري وسط عبادان جنوب غربي إيران الجمعة الماضي (أ.ب)
مبنى تجاري منهار في منطقة أميري وسط عبادان جنوب غربي إيران الجمعة الماضي (أ.ب)
TT

الأمن الإيراني يقمع الاحتجاجات في مدن عدة

مبنى تجاري منهار في منطقة أميري وسط عبادان جنوب غربي إيران الجمعة الماضي (أ.ب)
مبنى تجاري منهار في منطقة أميري وسط عبادان جنوب غربي إيران الجمعة الماضي (أ.ب)

لجأت قوات الأمن الإيرانية خصوصاً قوات مكافحة الشغب إلى العنف في محاولة للحد من توسع نطاق الاحتجاجات المستمرة منذ أيام في عدة مدن إيرانية، جراء انهيار المبنى التجاري في ميناء عبادان النفطي، على ضفة شط العرب جنوب غربي إيران. وردد المحتجون هتافات تندد بالمؤسسة الحاكمة والمرشد الإيراني علي خامنئي، في حين يتفاقم الاستياء الشعبي.
وأظهرت مقاطع فيديو تداولت يومي الاثنين والثلاثاء تدخلاً عنيفاً لقوات الشرطة ضد محتجين في عدة مدن بمحافظة الأحواز وأصفهان وبوشهر وامتدت إلى طهران. ويُسمع في العديد من تسجيلات الفيديو هتافات تردد ـ«الموت لخامنئي»، وتطالب برحيل نظام ولاية الفقيه، في تكرار للهتافات التي تردد صداها بقوة في الاحتجاجات العامة والتجمعات والإضرابات التي تشهدها منذ 2017.
وقال مسؤولون إن حصيلة الوفيات ارتفعت إلى 36 بينهم خمسة من طلاب المدارس، فضلاً عن إصابة 37 في انهيار مبنى سكني وتجاري من عشرة طوابق في 23 مايو (أيار) في عبادان ذات الأغلبية العربية، وأهم المدن النفطية في محافظة الأحواز. وأضافوا أن رجال الإنقاذ يواصلون البحث عن ضحايا تحت الأنقاض، دون أن يقدموا إحصائية دقيقة للمفقودين.
وذكرت السلطات أن سبب انهيار المبنى الحديث النشأة هو الفساد الفردي والإهمال في إجراءات السلامة، وقالت إنه تم إلقاء القبض على 13 حتى الآن لمخالفة قواعد البناء، غير أن محتجين إيرانيين اتهموا الحكومة بالإهمال والفساد المستشري.
ومساء الثلاثاء، تحولت احتفالات أنصار فريق استقلال طهران الفائز بالدوري الإيراني الممتاز لكرة القدم، إلى احتجاجات منددة بالنظام. وتم تداول مقاطع فيديو من ملعب آزادي، ينادي فيها غالبية المشجعين بتسمية عبادان، وردد المتظاهرون هتافات: «يحيا رضا شاه» في إشارة إلى رضا خان بهلوي أبو شاه إيران السابق، وهو مؤسس نظام بهلوي.
وسُمع هتاف «الموت لخامنئي» في حي نازي - آباد في جنوب طهران الذي تسكنه غالبية محافظة. وأظهر مقطع مصور آخر قوات مكافحة الشغب تتجول في المنطقة نفسها على متن دراجات نارية لتفريق أو ترهيب المحتجين على ما يبدو، وفقاً لوكالة «رويترز».
ونشر حساب «1500 صورة» الذي يغطي أنباء الاحتجاجات في إيران، ويتابعه أكثر من 50 ألف شخص على تويتر، مقطع فيديو يظهر أحد المحتجين وهو يصرخ بقوة تحت ضربات الهراوات وسط شارع عام في مدينة شاهين شهر بالقرب من محافظة أصفهان.
وفي مدينة بوشهر الساحلية في جنوب البلاد سُمع هتاف المحتجين: «الموت للديكتاتور»، في إشارة أيضاً لخامنئي. ونشر موقع «1500 صورة» فيديو آخر يردد المحتجون فيه هتاف: «يكذبون ويقولون عدونا في أميركا، عدونا هنا». وشاع هذا الهتاف في احتجاجات مناهضة للحكومة في إيران. كما نُشرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل لاحتجاجات في مدن إيرانية أخرى من بينها بلدة فرديس في كرج غرب طهران.
واستخدمت الشرطة الإيرانية الغاز المسيل للدموع وأطلقت أعيرة نارية في الهواء لتفريق الحشود، واشتبكت مع متظاهرين خلال الاحتجاجات المستمرة على مدار أسبوع.
وجاء انهيار المبنى ليفاقم الاستياء الشعبي من تدهور الوضع المعيشي. وتناوبت عدة مدن إيرانية منذ 6 مايو الماضي، على الاحتجاجات ضد قرارات الحكومة بوقف الدعم عن السلع الأساسية، ما أدى إلى قفزة كبيرة في أسعار الخبز، الألبان وزيت الطهي، والبيض والدجاج.
وحاولت وسائل إعلام «الحرس الثوري» التركيز على ما يجرى على الحداد والجنازات. وفي تصريحات للتلفزيون الرسمي نبه حاكم عبادان الناس إلى متابعة وسائل الإعلام الرسمية فحسب و«تجنب» الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الوقت ذاته، قال ناشطون إن السلطات قطعت الإنترنت في مدن عربية بمحافظة الأحواز.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

بريطانيا تدرج إيران ضمن الفئة الأعلى للنفوذ الخارجي

صورة من فيديو يظهر وزير الأمن البريطاني دان جارفيس في أثناء الإداء بشهادة حول إيران الثلاثاء (البرلمان البريطاني)
صورة من فيديو يظهر وزير الأمن البريطاني دان جارفيس في أثناء الإداء بشهادة حول إيران الثلاثاء (البرلمان البريطاني)
TT

بريطانيا تدرج إيران ضمن الفئة الأعلى للنفوذ الخارجي

صورة من فيديو يظهر وزير الأمن البريطاني دان جارفيس في أثناء الإداء بشهادة حول إيران الثلاثاء (البرلمان البريطاني)
صورة من فيديو يظهر وزير الأمن البريطاني دان جارفيس في أثناء الإداء بشهادة حول إيران الثلاثاء (البرلمان البريطاني)

قال وزير الأمن البريطاني دان جارفيس، اليوم الثلاثاء، إن بريطانيا ستضع الدولة الإيرانية، بما في ذلك أجهزة مخابراتها وقوات «الحرس الثوري»، على المستوى الأعلى في نظام تسجيل النفوذ الأجنبي الجديد بالبلاد.

وتصف بريطانيا نظام تسجيل النفوذ الأجنبي بأنه نظام من مستويين لتعزيز قدرة النظام السياسي في المملكة المتحدة على مواجهة النفوذ الأجنبي السري، وتوفير ضمانات أكبر بشأن أنشطة قوى أو كيانات أجنبية معينة تشكل خطراً على الأمن القومي.

وسيتطلب النظام تسجيل الترتيبات الخاصة بتنفيذ أنشطة النفوذ السياسي في المملكة المتحدة بتوجيه من قوة أجنبية. وسيتيح المستوى «المعزز» لوزير كبير بإلزام بعض الدول بتسجيل مجموعة أوسع من الأنشطة لحماية مصالح بريطانيا، حسب «رويترز».

وقال جارفيس أمام البرلمان: «سنضع الدولة الإيرانية بأكملها، بما في ذلك أجهزة المخابرات الإيرانية و(الحرس الثوري) ووزارة الاستخبارات، على المستوى المعزز من نظام تسجيل النفوذ الأجنبي الجديد».

وقال جارفيس إن البرنامج، الذي وصفه بأنه «أداة حاسمة لتقويض تأثيرات الأجانب في المملكة المتحدة»، سيكون قيد التنفيذ بحلول الصيف.

صورة من فيديو لوزراء حكومة الظل (حزب المحافظين) في أثناء النقاش حول إيران في مجلس العموم الثلاثاء (البرلمان البريطاني)

وقالت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية إن الخطوة تعني أي شخص يعمل لصالح الدولة الإيرانية أو يكون ممثلاً لها ويقوم بأنشطة «تأثير سياسي» يجب أن يسجل وجوده في المملكة المتحدة، وإلا فإنه يواجه عقوبة السجن.

وتعد إيران أول قوة أجنبية يتم وضعها في هذا التصنيف.

وأعلن جارفيس أيضاً أن جميع قوات الشرطة الـ45 في المملكة المتحدة سيتم تزويدها بالتدريب والإرشادات حول أنشطة التهديدات الحكومية من قبل شرطة مكافحة الإرهاب حتى «تعرف ما يجب فعله وما يجب البحث عنه».

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كشف رئيس جهاز الأمن الداخلي البريطاني عن أن الجهاز أحبط 20 مؤامرة مدعومة من إيران في المملكة المتحدة منذ بداية عام 2022.

وقال جارفيس إن الدولة الإيرانية تستهدف اليهود والإسرائيليين في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية والمقيمة في المملكة المتحدة، والتي تنتقد إيران.

وأضاف أن إيران تحاول «قمع الانتقادات من خلال الترهيب والخوف... هذه التهديدات غير مقبولة، ويجب مقاومتها في كل منعطف».

وأشار إلى أن التهديدات الإيرانية ليست مادية فقط، حيث رصد المركز الوطني للأمن السيبراني أنشطة سيبرانية «خبيثة» تنفذها جهات تابعة للدولة الإيرانية تستهدف المملكة المتحدة.

وذكّر جارفيس أعضاء البرلمان بأن قانون الأمن الوطني لعام 2023 منح الشرطة صلاحيات جديدة، مثل القدرة على اعتقال أي شخص يساعد أجهزة الاستخبارات الأجنبية، مع عقوبة قصوى تصل إلى 14 عاماً في السجن.

كما أعلن أن جوناثان هول، المراجع المستقل لتشريعات الإرهاب، عن تكليفه بمراجعة الأقسام في إطار مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة التي يمكن تطبيقها على «التهديدات الحديثة من الدول، مثل تلك القادمة من إيران».

وقال هول لنواب البرلمان إنه سيبحث ما إذا كان يجب أن يكون هناك «آلية حظر جديدة» للدول المعادية مثل إيران والهيئات المرتبطة بها مثل «الحرس الثوري»، من أجل تقديم «مرونة أكبر من تلك التي توفرها السلطات الحالية». وفقاً لما أوردته وسائل إعلام بريطانية.

وشهدت بريطانيا نقاشاً محتدماً حول تصنيف «الحرس الثوري» منظمة إرهابية، لكنها لم تتوصل إلى قرار نهائي.

وفي بداية فبراير (شباط) 2023، ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن الحكومة أوقفت «مؤقتاً» مشروع تصنيف «الحرس» على قائمة الإرهاب، بعد معارضة وزير الخارجية حينذاك جيمس كليفرلي، رغم إصرار وزارة الداخلية ووزارة الأمن.

وفي أكتوبر من العام نفسه، أفادت صحيفة «الغارديان» بأن معارضة كليفرلي تعود إلى مخاوف بشأن احتمال طرد السفير البريطاني في طهران، وخسارة بريطانيا نفوذها المتبقي في إيران. وتحدثت بعض التقارير عن مخاوف بريطانية عن تأثير الخطوة على المحادثات النووية مع طهران.

وفي يوليو (تموز) الماضي، ذكرت تقارير بريطانية أن وزير الخارجية، ديفيد لامي، يدرس تعديلاً قانونياً يتيح فرض قيود مشددة على «الحرس الثوري»، بدلاً من الإسراع لإدراجه على قائمة المنظمات الإرهابية.