أوروبا «تغامر» بـ90 % من النفط الروسي... و«غازبروم» ترد

أشد عقوبة تفرضها دول الاتحاد على موسكو منذ غزوها لأوكرانيا

ارتفعت الأسعار بسبب مخاوف حظر النفط الروسي (رويترز)
ارتفعت الأسعار بسبب مخاوف حظر النفط الروسي (رويترز)
TT

أوروبا «تغامر» بـ90 % من النفط الروسي... و«غازبروم» ترد

ارتفعت الأسعار بسبب مخاوف حظر النفط الروسي (رويترز)
ارتفعت الأسعار بسبب مخاوف حظر النفط الروسي (رويترز)

اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ على خفض واردات النفط من روسيا بنسبة 90 في المائة بحلول نهاية 2022، وتعد هذه أشد عقوبة حتى الآن يفرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو منذ غزوها لأوكرانيا قبل ثلاثة أشهر.
فبعد مفاوضات استمرت أسابيع بين الاتحاد الأوروبي وبودابست، أبرم قادة التكتل اتفاقا يقوم على حل وسط، إذ يحظر واردات النفط الروسية التي يتم إيصالها بواسطة الناقلات لكنه يُبقي على تلك التي تصل عبر خطوط الأنابيب، علما بأن المجر تحصل على الخام الروسي الذي يعد أساسيا لاقتصادها بهذه الطريقة؛ إذ إنها لا تطل على أي بحار. ووافقت دول الاتحاد الأوروبي الـ27 على حزمة عقوبات جديدة تغطي أكثر من ثلثي واردات النفط الروسية إلى التكتل، وذلك خلال قمة في بروكسل ليل الاثنين - الثلاثاء. وسيجري إيقاف واردات النفط عن طريق البحر بحلول نهاية العام، وتشكل هذه الواردات ثلثي جميع واردات النفط من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وقالت ألمانيا وبولندا إنهما ستخفضان تدريجيا واردات النفط من خطوط الأنابيب طواعية، مما يعني أن واردات النفط الروسية قد تنخفض بنسبة تصل إلى 90 في المائة، وفقا لمسؤول في الاتحاد الأوروبي.
ورفضت المجر الحظر النفطي الكامل الذي جرى اقتراحه في البداية قبل أربعة أسابيع تقريبا، وتم إعفاؤها منه، وجرى انتقاده من دول أخرى غير ساحلية في وسط أوروبا بسبب اعتمادها القوي على واردات النفط عبر خطوط الأنابيب من روسيا.
وأشاد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الثلاثاء بإعفاء بلاده من الحظر الذي أعلنه الاتحاد الأوروبي على النفط من روسيا، ما يسمح للمجر بمواصلة الاستفادة من الخام الروسي زهيد الثمن.
وقال أوربان في تسجيل مصور نشر على صفحته في فيسبوك: «يمكن للعائلات أن تنام بسلام الليلة، نحن بمنأى عن الفكرة الأكثر إثارة للذعر». وأضاف «توصلنا إلى اتفاق ينص على أن الدول التي تتسلم النفط بواسطة خطوط الأنابيب يمكنها مواصلة تشغيل اقتصاداتها بناء على الشروط السابقة».
وهدد أوربان في وقت سابق من أنه قد يستخدم الفيتو لمنع الاتفاق، محذرا من أن وقف الإمدادات سيدمر اقتصاد بلاده. وقال إنه كان من شأن حظر شامل على الاستيراد «أن يكون غير محمول بالنسبة إلينا... مثل قنبلة ذرية، لكننا تمكنا من تجنب ذلك».
ذكرت بودابست التي سعت لتوطيد علاقاتها مع موسكو إلى أن بدأ غزو أوكرانيا، أن حظر النفط الروسي سيؤدي إلى ركود ونقص وارتفاع في الأسعار، وسيقوض أمن الطاقة في المجر.
وتحصل المجر على حوالي 65 في المائة من احتياجاتها النفطية عبر خط أنابيب «دروجبا» (الصداقة) الذي يربطها بروسيا.

غازبروم ترد
قال عملاق الغاز الروسي غازبروم أمس، إنه سيقطع تدفقات الغاز إلى شركة أورستد في الدنمارك، وإلى شركة شل إنرجي لعقدها لتوريد الغاز إلى ألمانيا، بعد أن امتنعت الشركتان عن الدفع بالروبل.
وأضافت غازبروم أن قطع التدفقات سيسري من أول يونيو (حزيران). وقطعت روسيا بالفعل إمدادات الغاز إلى بولندا وبلغاريا وفنلندا وهولندا التي رفضت الاستجابة لمطالبها لفتح حسابات بالروبل لدى بنك روسي في إطار نظام تسوية المدفوعات.
وقالت أورستد الاثنين إن ذراع التصدير في غازبروم قد توقف توريد الغاز، لكنها أضافت أن مثل هذه الخطوة لن تشكل خطرا فوريا على شبكة إمدادات الغاز في الدنمارك.
وقالت غازبروم إن شل وأورستد فشلتا في الدفع بالروبل مقابل تسليمات الغاز بحلول نهاية يوم العمل 31 مايو (أيار)، وإنها ستوقف التسليمات إلى أن تدفعا بما يتماشى مع المطالب الروسية.

النفط يرتفع
واصلت أسعار النفط ارتفاعها خلال تعاملات أمس الثلاثاء، بعد اتفاق الاتحاد الأوروبي على حظر جزئي للنفط الروسي، وقرار الصين رفع بعض القيود المفروضة لاحتواء فيروس «كورونا» وسط زيادة الطلب قبيل ذروة موسم عطلات الصيف في الولايات المتحدة وأوروبا.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت لشهر يوليو (تموز) التي يحل أجلها الثلاثاء أكثر من 2.31 دولار أي 1.9 في المائة إلى 123.98 دولار للبرميل بعد ارتفاعه في وقت سابق من الجلسة إلى 124.10 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوياته منذ التاسع من مارس (آذار).
وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 4.27 دولار إلى 119.34 دولار للبرميل مرتفعا للجلسة الرابعة على التوالي بارتفاع 3.7 في المائة عن سعر إغلاق يوم الجمعة، ومسجلا أعلى مستوى منذ التاسع من مارس. وكان يوم الاثنين عطلة رسمية في الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن ينهي العقدان شهر مايو على ارتفاع للشهر السادس على التوالي.
وتدعمت أسعار النفط من قرار الاتحاد الأوروبي حظر النفط الروسي تدريجيا، بجانب قرار شنغهاي إنهاء إغلاق استمر شهرين بسبب انتشار مرض (كوفيد - 19) مما يتيح للغالبية العظمى من سكان المدينة الكبيرة بمغادرة منازلهم وقيادة سياراتهم اعتبارا من اليوم الأربعاء.

مخاوف على مصير شرق ألمانيا
أثار مسؤولون ألمان مخاوف متجددة بشأن تأثيرات سلبية محتملة على شرق ألمانيا بعد أن وافق الاتحاد الأوروبي على حظر جزئي لواردات النفط من روسيا.
وتتلقى مصفاة شفيت في ولاية براندنبرغ شرق ألمانيا، والتي يعمل بها أكثر من ألف شخص، النفط الروسي عبر خط أنابيب. والمصفاة مملوك أغلبيتها لشركة ألمانية تابعة لشركة الطاقة الروسية الحكومية «روسنفت».
وقال زورين بيلمان، النائب البرلماني عن حزب اليسار والمعني بملف الولايات الشرقية في ألمانيا: «يجب ألا يقع سكان شرق ألمانيا ضحايا لسياسة الحظر». وأضاف بيلمان، وفق وكالة الأنباء الألمانية: «إذا كانت هناك استثناءات لدول الاتحاد الأوروبي، فيجب أن يكون شرق ألمانيا قادرا على الاستفادة منها». وحذر بيلمان من أنه «ما لم يتم منح شرق ألمانيا استثناء، فقد يتراجع اقتصاد شرق البلاد سنوات إلى الوراء».

الحظر الأوروبي والضغوط التضخمية
لفت مصرف «آر بي سي كابيتال ماركتس» إلى أن الحظر الجزئي الأوروبي على تدفقات النفط الروسي سيؤدي إلى سحب 2.‏1 مليون برميل يوميا إلى 5.‏1 مليون برميل من النفط الخام الروسي المنقول بحرا.
وقال خبراء من بينهم المحللان مايكل تران وهليما كروفت، من البنك المتخصص في تقديم الخدمات المصرفية والمالية للمستثمرين ومديري الأصول والحكومات حول العالم، ومقره تورونشتو، إنه «من المؤكد أن تدفقات التجارة العالمية ستنقلب رأسا على عقب». ولفت الخبراء إلى أن الإجراء الأوروبي قد يمثل انتصارا للسياسة الخارجية للغرب، «لكنه سيتسبب في تضخم في كل الدول ذات الصلة؛ نظرا لأنه من المرجح أن تكون إعادة تعديل مسارات التدفقات العالمية أمرا هيكليا».
وأوضحوا أن القيود الأخيرة ستجعل توفير النفط أكثر تكلفة «بشكل متزايد»، ما يضع ضغوطا تضخمية على الأسعار.

آسيا لن تستوعب النفط الروسي
لن يكون من السهل على قارة آسيا أن تستوعب كامل تدفق النفط الذي يتحول إليها من أوروبا إذا فرض الاتحاد الأوروبي الحظر على الخام الروسي، وفقا للمحلل في شركة سيندا للأوراق المالية في الصين، تشن شوشيان، المتمركز في شنغهاي. ونقلت وكالة بلومبرغ عن تحليل كتبه تشن عبر حسابه على تطبيق «وي تشات» أنه رغم أن إجمالي ما تستورده الصين والهند من النفط الخام يتجاوز الصادرات الإجمالية لروسيا، فإنه لكل منهما مصادر استيراد متنوعة.
وحال تمكن الاتحاد الأوروبي من تحقيق هدفه بفرض حظر على 90 في المائة من واردات النفط الروسية للدول الأعضاء، بحلول نهاية العام، سوف تتراجع صادرات روسيا بنحو 3 ملايين برميل يوميا على مدى ستة أشهر.
ويعوق توسيع استيراد الهند والصين للخام الروسي عوامل كثيرة مثل قيود البنية التحتية وتكاليف الشحن والتمويل وقنوات الدفع.
ويرى المحلل شوشيان أن تدفقات تجارة النفط والغاز بين روسيا والصين وأوروبا والولايات المتحدة سوف تتغير، حيث تتسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا في تأثير مستمر وعميق على الأسواق.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
TT

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)
أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم، مع ارتفاع أسعار المعدن المشعّ، استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية التي تهدد الإمدادات، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وقد توقعت شركة «كاميكو»، أكبر منتج في البلاد، أن يقفز إنتاج اليورانيوم بمقدار الثلث تقريباً في عام 2024 إلى 37 مليون رطل في منجميها بقلب صناعة اليورانيوم في البلاد، شمال ساسكاتشوان.

ووفقاً لبنك الاستثمار «آر بي سي كابيتال ماركتس»، فإن المناجم والتوسعات الجديدة التي تخطط لها الشركة، وكذلك مناجم «دينيسون»، و«أورانو كندا»، و«بالادين إنرجي» و«نيكسجين إنرجي» في المنطقة نفسها، يمكن أن تضاعف الإنتاج المحلي بحلول عام 2035.

وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية في كندا، جوناثان ويلكينسون، إن الاستثمار في سوق اليورانيوم في البلاد بلغ أعلى مستوى له منذ 20 عاماً، مع ارتفاع الإنفاق على التنقيب وتقييم الرواسب «بنسبة 90 في المائة ليصل إلى 232 مليون دولار كندي (160 مليون دولار أميركي) في عام 2022، و26 في المائة إضافية في عام 2023، ليصل إلى 300 مليون دولار كندي».

أضاف: «لا تقوم كندا باستخراج ما يكفي من اليورانيوم لتزويد مفاعلاتنا المحلية بالوقود فحسب، بل نحن أيضاً الدولة الوحيدة في مجموعة الدول السبع التي يمكنها تزويد اليورانيوم، لتزويد مفاعلات حلفائنا بالوقود. وتصدّر كندا كل عام أكثر من 80 في المائة من إنتاجنا من اليورانيوم، مما يجعلنا دولة رائدة عالمياً في هذه السوق».

أسعار اليورانيوم

تتسابق هذه الصناعة للاستفادة من الارتفاع الكبير في أسعار اليورانيوم التي ارتفعت فوق 100 دولار للرطل في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، وهو مستوى لم نشهده منذ عام 2008. وعلى الرغم من انخفاضها منذ ذلك الحين إلى 73 دولاراً للرطل، فإنه لا يزال أعلى بكثير من المتوسط الذي يقل عن 50 دولاراً سنوياً على مدار العقد الماضي.

ويمثل هذا التوسع تحولاً في صناعة اليورانيوم في كندا، التي كانت أكبر منتج للمعدن في العالم (المكون الرئيسي للوقود النووي) حتى عام 2008، لكنها تقلَّصت عندما انخفضت الأسعار في أعقاب كارثة «فوكوشيما» في اليابان عام 2010 التي دمَّرت الصناعة النووية في الغرب، وفق الصحيفة البريطانية.

وضع كازاخستان

وقد ساعد الانكماش شركة «كازاتومبروم»، وهي شركة كازاخستانية مملوكة للدولة، على تعزيز مكانتها كأكبر منتج في العالم. وبحلول عام 2022، أنتجت كازاخستان 43 في المائة من إجمالي اليورانيوم المستخرج (وهي الحصة الأكبر على مستوى العالم)، وجاءت كندا في المرتبة الثانية بنسبة 15 في المائة، تليها ناميبيا بنسبة 11 في المائة، وفقاً لـ«الرابطة النووية العالمية».

لكن الزخم قد يتحوّل لصالح كندا؛ حيث من المتوقَّع أن يرتفع الطلب على اليورانيوم بعد تعهُّد 31 دولة بمضاعفة نشر الطاقة النووية 3 مرات، بحلول عام 2050، لمعالجة تغيُّر المناخ.

وتتجه شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل «أمازون» و«غوغل» و«ميتا»، أيضاً إلى الطاقة النووية لتشغيل مراكز البيانات المتعطشة للطاقة، لأن الوقود لا ينتج غازات الدفيئة.

وتُقدِّر شركة «نكست جين»، التي تعمل على تطوير منجم «روك 1» في حوض أثاباسكا شمال ساسكاتشوان، أنها يمكن أن تفوق إنتاج كازاخستان في غضون السنوات الـ5 المقبلة، مما يعزز أمن الطاقة للصناعة النووية في الغرب.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «نكست جين»، لي كوريير: «مشروعنا لديه القدرة على رفع كندا مرة أخرى إلى الصدارة، المنتج الأول لليورانيوم في العالم».

وأضاف أن شركات مرافق الطاقة في الولايات المتحدة تصطف لشراء اليورانيوم من مشروع «روك 1»، الذي هو في المراحل النهائية من التصاريح، ويمكن أن يبدأ البناء في منتصف عام 2025، إذا تم تأمين الموافقات والتمويل.

وتتوقع شركة «نكست جين» أن يكلف المنجم 1.6 مليار دولار أميركي، ويُنتِج 30 مليون رطل من اليورانيوم سنوياً عند الإنتاج الكامل، أي ما يقرب من خُمس الإنتاج العالمي الحالي.

وفي الوقت نفسه، تقوم شركة «دينيسون» بتطوير مشروع «ويلر ريفر»، كما تقوم شركة «بالادين للطاقة» بتطوير بحيرة باترسون، وكلاهما في ساسكاتشوان، ويمكنهما معاً إنتاج ما يصل إلى 18 مليون رطل من اليورانيوم سنوياً.

وتدرس شركة «كاميكو» زيادة الإنتاج في مشروع «ماك آرثر ريفر» بأكثر من الثلث ليصل إلى 25 مليون رطل سنوياً.

وقال غرانت إسحاق، المدير المالي لشركة «كاميكو»: «لم نشهد رياحاً خلفية كهذه من قبل. ليس هناك شك في أن هناك طلباً متزايداً على اليورانيوم».

وقال محللون في بنك «بي إم أو كابيتال ماركتس» الاستثماري إن الاهتمام التكنولوجي الكبير بالطاقة النووية «يفتح الأبواب أمام مجموعة كبيرة من الاستثمارات الخاصة، بالإضافة إلى السياسات الحكومية الإيجابية المتزايدة»، ويمثل «عودة الاهتمام باليورانيوم».

وأشاروا في مذكرة صدرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى أنه «يبدو أن الحديث قد تجاوز مرحلة كسب الدعم الحكومي والعام الحاسم إلى مرحلة التمويل».

وعلى الرغم من أن منتجي اليورانيوم في أستراليا والولايات المتحدة وعدد من البلدان الأخرى يخططون أيضاً لتوسعات مناجم اليورانيوم، فإنها على نطاق أصغر بكثير من تلك الموجودة في كندا وكازاخستان.

وفي الوقت نفسه، اصطدمت قدرة كازاخستان على التوسُّع أكثر استجابةً للطلب المتزايد بعدد من العقبات؛ فقد شهدت شركة «كازاتومبروم»، التي تمثل 23 في المائة من الإنتاج العالمي، تعثُّر قدرتها على زيادة الإنتاج، العام الماضي، بسبب نقص حامض الكبريتيك الذي يُستخدَم في عمليات التعدين بالغسل.

كما جعلت التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022 من الصعب على الشركة إمداد الدول الغربية.

وفي أغسطس (آب)، حظرت الولايات المتحدة واردات اليورانيوم الروسي كجزء من جهودها لأمن الطاقة، على الرغم من وجود إعفاءات حتى عام 2027 لبعض العقود التي تُعتبر حيوية. وردَّت موسكو بفرض قيود مماثلة على تصدير اليورانيوم إلى الولايات المتحدة.

وتعتبر الصين أكبر مشترٍ لليورانيوم الكازاخستاني، وقد اشترت في 17 ديسمبر (كانون الأول) حصصاً في بعض الرواسب التي طورتها «كازاتومبروم» و«روساتوم» الحكومية الروسية للطاقة النووية.

وقال رئيس مجموعة الأبحاث «يو إكس سي»، جوناثان هينز، إن «تسارع اتجاه معظم اليورانيوم الكازاخستاني المتجه شرقاً، والصين على وجه الخصوص، قد يكون بمثابة جرس إنذار لشركات المرافق الغربية».

وقال إسحاق من «كاميكو» التي تمتلك 40 في المائة من «إنكاي» إن سوق اليورانيوم العالمية تعاني حقاً من انقسام لم يكن موجوداً من قبل. وقال إسحاق إن الحرب في أوكرانيا دفعت بعض شركات المرافق الغربية إلى التحول عن الإمدادات المرتبطة بروسيا، بينما كانت شركات أخرى تنتظر لمعرفة مدى تقدُّم الصراع قبل اتخاذ القرارات النهائية.

ويعني هذا التأخير أن شركة «كاميكو» لم تتخذ بعد قراراً استثمارياً نهائياً بشأن أحدث توسعاتها المقترحة في موقع «ماك آرثر ريفر» بساسكاتشوان.

وقال: «هذه ليست سوقاً من نوع (قم بالبناء وسيأتون)»، مضيفاً أن التأخير أدى فقط إلى زيادة الطلب وزيادة خطر حدوث أزمة في العرض وارتفاع الأسعار في السنوات اللاحقة.