أوروبا «تغامر» بـ90 % من النفط الروسي... و«غازبروم» ترد

أشد عقوبة تفرضها دول الاتحاد على موسكو منذ غزوها لأوكرانيا

ارتفعت الأسعار بسبب مخاوف حظر النفط الروسي (رويترز)
ارتفعت الأسعار بسبب مخاوف حظر النفط الروسي (رويترز)
TT

أوروبا «تغامر» بـ90 % من النفط الروسي... و«غازبروم» ترد

ارتفعت الأسعار بسبب مخاوف حظر النفط الروسي (رويترز)
ارتفعت الأسعار بسبب مخاوف حظر النفط الروسي (رويترز)

اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ على خفض واردات النفط من روسيا بنسبة 90 في المائة بحلول نهاية 2022، وتعد هذه أشد عقوبة حتى الآن يفرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو منذ غزوها لأوكرانيا قبل ثلاثة أشهر.
فبعد مفاوضات استمرت أسابيع بين الاتحاد الأوروبي وبودابست، أبرم قادة التكتل اتفاقا يقوم على حل وسط، إذ يحظر واردات النفط الروسية التي يتم إيصالها بواسطة الناقلات لكنه يُبقي على تلك التي تصل عبر خطوط الأنابيب، علما بأن المجر تحصل على الخام الروسي الذي يعد أساسيا لاقتصادها بهذه الطريقة؛ إذ إنها لا تطل على أي بحار. ووافقت دول الاتحاد الأوروبي الـ27 على حزمة عقوبات جديدة تغطي أكثر من ثلثي واردات النفط الروسية إلى التكتل، وذلك خلال قمة في بروكسل ليل الاثنين - الثلاثاء. وسيجري إيقاف واردات النفط عن طريق البحر بحلول نهاية العام، وتشكل هذه الواردات ثلثي جميع واردات النفط من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وقالت ألمانيا وبولندا إنهما ستخفضان تدريجيا واردات النفط من خطوط الأنابيب طواعية، مما يعني أن واردات النفط الروسية قد تنخفض بنسبة تصل إلى 90 في المائة، وفقا لمسؤول في الاتحاد الأوروبي.
ورفضت المجر الحظر النفطي الكامل الذي جرى اقتراحه في البداية قبل أربعة أسابيع تقريبا، وتم إعفاؤها منه، وجرى انتقاده من دول أخرى غير ساحلية في وسط أوروبا بسبب اعتمادها القوي على واردات النفط عبر خطوط الأنابيب من روسيا.
وأشاد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الثلاثاء بإعفاء بلاده من الحظر الذي أعلنه الاتحاد الأوروبي على النفط من روسيا، ما يسمح للمجر بمواصلة الاستفادة من الخام الروسي زهيد الثمن.
وقال أوربان في تسجيل مصور نشر على صفحته في فيسبوك: «يمكن للعائلات أن تنام بسلام الليلة، نحن بمنأى عن الفكرة الأكثر إثارة للذعر». وأضاف «توصلنا إلى اتفاق ينص على أن الدول التي تتسلم النفط بواسطة خطوط الأنابيب يمكنها مواصلة تشغيل اقتصاداتها بناء على الشروط السابقة».
وهدد أوربان في وقت سابق من أنه قد يستخدم الفيتو لمنع الاتفاق، محذرا من أن وقف الإمدادات سيدمر اقتصاد بلاده. وقال إنه كان من شأن حظر شامل على الاستيراد «أن يكون غير محمول بالنسبة إلينا... مثل قنبلة ذرية، لكننا تمكنا من تجنب ذلك».
ذكرت بودابست التي سعت لتوطيد علاقاتها مع موسكو إلى أن بدأ غزو أوكرانيا، أن حظر النفط الروسي سيؤدي إلى ركود ونقص وارتفاع في الأسعار، وسيقوض أمن الطاقة في المجر.
وتحصل المجر على حوالي 65 في المائة من احتياجاتها النفطية عبر خط أنابيب «دروجبا» (الصداقة) الذي يربطها بروسيا.

غازبروم ترد
قال عملاق الغاز الروسي غازبروم أمس، إنه سيقطع تدفقات الغاز إلى شركة أورستد في الدنمارك، وإلى شركة شل إنرجي لعقدها لتوريد الغاز إلى ألمانيا، بعد أن امتنعت الشركتان عن الدفع بالروبل.
وأضافت غازبروم أن قطع التدفقات سيسري من أول يونيو (حزيران). وقطعت روسيا بالفعل إمدادات الغاز إلى بولندا وبلغاريا وفنلندا وهولندا التي رفضت الاستجابة لمطالبها لفتح حسابات بالروبل لدى بنك روسي في إطار نظام تسوية المدفوعات.
وقالت أورستد الاثنين إن ذراع التصدير في غازبروم قد توقف توريد الغاز، لكنها أضافت أن مثل هذه الخطوة لن تشكل خطرا فوريا على شبكة إمدادات الغاز في الدنمارك.
وقالت غازبروم إن شل وأورستد فشلتا في الدفع بالروبل مقابل تسليمات الغاز بحلول نهاية يوم العمل 31 مايو (أيار)، وإنها ستوقف التسليمات إلى أن تدفعا بما يتماشى مع المطالب الروسية.

النفط يرتفع
واصلت أسعار النفط ارتفاعها خلال تعاملات أمس الثلاثاء، بعد اتفاق الاتحاد الأوروبي على حظر جزئي للنفط الروسي، وقرار الصين رفع بعض القيود المفروضة لاحتواء فيروس «كورونا» وسط زيادة الطلب قبيل ذروة موسم عطلات الصيف في الولايات المتحدة وأوروبا.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت لشهر يوليو (تموز) التي يحل أجلها الثلاثاء أكثر من 2.31 دولار أي 1.9 في المائة إلى 123.98 دولار للبرميل بعد ارتفاعه في وقت سابق من الجلسة إلى 124.10 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوياته منذ التاسع من مارس (آذار).
وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 4.27 دولار إلى 119.34 دولار للبرميل مرتفعا للجلسة الرابعة على التوالي بارتفاع 3.7 في المائة عن سعر إغلاق يوم الجمعة، ومسجلا أعلى مستوى منذ التاسع من مارس. وكان يوم الاثنين عطلة رسمية في الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن ينهي العقدان شهر مايو على ارتفاع للشهر السادس على التوالي.
وتدعمت أسعار النفط من قرار الاتحاد الأوروبي حظر النفط الروسي تدريجيا، بجانب قرار شنغهاي إنهاء إغلاق استمر شهرين بسبب انتشار مرض (كوفيد - 19) مما يتيح للغالبية العظمى من سكان المدينة الكبيرة بمغادرة منازلهم وقيادة سياراتهم اعتبارا من اليوم الأربعاء.

مخاوف على مصير شرق ألمانيا
أثار مسؤولون ألمان مخاوف متجددة بشأن تأثيرات سلبية محتملة على شرق ألمانيا بعد أن وافق الاتحاد الأوروبي على حظر جزئي لواردات النفط من روسيا.
وتتلقى مصفاة شفيت في ولاية براندنبرغ شرق ألمانيا، والتي يعمل بها أكثر من ألف شخص، النفط الروسي عبر خط أنابيب. والمصفاة مملوك أغلبيتها لشركة ألمانية تابعة لشركة الطاقة الروسية الحكومية «روسنفت».
وقال زورين بيلمان، النائب البرلماني عن حزب اليسار والمعني بملف الولايات الشرقية في ألمانيا: «يجب ألا يقع سكان شرق ألمانيا ضحايا لسياسة الحظر». وأضاف بيلمان، وفق وكالة الأنباء الألمانية: «إذا كانت هناك استثناءات لدول الاتحاد الأوروبي، فيجب أن يكون شرق ألمانيا قادرا على الاستفادة منها». وحذر بيلمان من أنه «ما لم يتم منح شرق ألمانيا استثناء، فقد يتراجع اقتصاد شرق البلاد سنوات إلى الوراء».

الحظر الأوروبي والضغوط التضخمية
لفت مصرف «آر بي سي كابيتال ماركتس» إلى أن الحظر الجزئي الأوروبي على تدفقات النفط الروسي سيؤدي إلى سحب 2.‏1 مليون برميل يوميا إلى 5.‏1 مليون برميل من النفط الخام الروسي المنقول بحرا.
وقال خبراء من بينهم المحللان مايكل تران وهليما كروفت، من البنك المتخصص في تقديم الخدمات المصرفية والمالية للمستثمرين ومديري الأصول والحكومات حول العالم، ومقره تورونشتو، إنه «من المؤكد أن تدفقات التجارة العالمية ستنقلب رأسا على عقب». ولفت الخبراء إلى أن الإجراء الأوروبي قد يمثل انتصارا للسياسة الخارجية للغرب، «لكنه سيتسبب في تضخم في كل الدول ذات الصلة؛ نظرا لأنه من المرجح أن تكون إعادة تعديل مسارات التدفقات العالمية أمرا هيكليا».
وأوضحوا أن القيود الأخيرة ستجعل توفير النفط أكثر تكلفة «بشكل متزايد»، ما يضع ضغوطا تضخمية على الأسعار.

آسيا لن تستوعب النفط الروسي
لن يكون من السهل على قارة آسيا أن تستوعب كامل تدفق النفط الذي يتحول إليها من أوروبا إذا فرض الاتحاد الأوروبي الحظر على الخام الروسي، وفقا للمحلل في شركة سيندا للأوراق المالية في الصين، تشن شوشيان، المتمركز في شنغهاي. ونقلت وكالة بلومبرغ عن تحليل كتبه تشن عبر حسابه على تطبيق «وي تشات» أنه رغم أن إجمالي ما تستورده الصين والهند من النفط الخام يتجاوز الصادرات الإجمالية لروسيا، فإنه لكل منهما مصادر استيراد متنوعة.
وحال تمكن الاتحاد الأوروبي من تحقيق هدفه بفرض حظر على 90 في المائة من واردات النفط الروسية للدول الأعضاء، بحلول نهاية العام، سوف تتراجع صادرات روسيا بنحو 3 ملايين برميل يوميا على مدى ستة أشهر.
ويعوق توسيع استيراد الهند والصين للخام الروسي عوامل كثيرة مثل قيود البنية التحتية وتكاليف الشحن والتمويل وقنوات الدفع.
ويرى المحلل شوشيان أن تدفقات تجارة النفط والغاز بين روسيا والصين وأوروبا والولايات المتحدة سوف تتغير، حيث تتسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا في تأثير مستمر وعميق على الأسواق.


مقالات ذات صلة

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

الاقتصاد خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

خلاف «النسبة» يهيمن على {المركزي} الأوروبي

يتجه المصرف المركزي الأوروبي الخميس إلى إقرار رفع جديد لمعدلات الفائدة، وسط انقسام بين مسؤوليه والمحللين على النسبة التي يجب اعتمادها في ظل تواصل التضخم والتقلب في أداء الأسواق. ويرجح على نطاق واسع أن يقرّر المصرف زيادة معدلات الفائدة للمرة السابعة توالياً وخصوصاً أن زيادة مؤشر أسعار الاستهلاك لا تزال أعلى من مستوى اثنين في المائة الذي حدده المصرف هدفاً له.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

انقسام أوروبي حول خطط إصلاح قواعد الديون

واجه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، اقتراحا من قبل المفوضية الأوروبية لمنح دول التكتل المثقلة بالديون المزيد من الوقت لتقليص ديونها، بردود فعل متباينة. وأكد وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أن مقترحات المفوضية الأوروبية لمراجعة قواعد ديون الاتحاد الأوروبي «ما زالت مجرد خطوة أولى» في عملية الإصلاح.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

نمو «غير مريح» في منطقة اليورو... وألمانيا تنجو بصعوبة من الركود

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة بلغت 0,1 % في الربع الأول من العام 2023 مقارنة بالربع السابق، بعدما بقي ثابتا في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2022، وفق أرقام مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات). بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي برمّته، انتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي بزيادة بلغت نسبتها 0,3 % بعد انخفاض بنسبة 0,1 % في الربع الأخير من العام 2022، وفق «يوروستات». وفي حين تضررت أوروبا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما يغذي تضخما ما زال مرتفعا للغاية، فإن هذا الانتعاش الطفيف للنمو يخفي تباينات حادة بين الدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة. وخلال الأش

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

أوروبا تشتري الوقت لتقليص الديون

من المقرر أن تحصل دول الاتحاد الأوروبي المثقلة بالديون على مزيد من الوقت لتقليص الديون العامة، لتمكين الاستثمارات المطلوبة، بموجب خطط إصلاح اقترحتها المفوضية الأوروبية يوم الأربعاء. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «نحتاج إلى قواعد مالية ملائمة لتحديات هذا العقد»، وأضافت «تمكننا الموارد المالية القوية من الاستثمار أكثر في مكافحة تغير المناخ، ولرقمنة اقتصادنا، ولتمويل نموذجنا الاجتماعي الأوروبي الشامل، ولجعل اقتصادنا أكثر قدرة على المنافسة». يشار إلى أنه تم تعليق قواعد الديون والعجز الصارمة للتكتل منذ أن دفعت جائحة فيروس «كورونا» - حتى البلدان المقتصدة مثل ألمانيا - إلى الا

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.