زحمة تحركات برية وجوية شمال شرقي سوريا

باحث: الدوريات الروسية تهدف لإفشال السياسة الأميركية

دورية للقوات الأميركية في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة قرب الحدود التركية قبل أيام (أ.ف.ب)
دورية للقوات الأميركية في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة قرب الحدود التركية قبل أيام (أ.ف.ب)
TT

زحمة تحركات برية وجوية شمال شرقي سوريا

دورية للقوات الأميركية في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة قرب الحدود التركية قبل أيام (أ.ف.ب)
دورية للقوات الأميركية في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة قرب الحدود التركية قبل أيام (أ.ف.ب)

تشهد أجواء شمال شرقي سوريا، تزاحماً جوياً وبرياً بين المروحيات الروسية والطائرات التركية المسيرة، فيما سيّرت قوات التحالف الدولي والجيش الأميركي دورية عسكرية في بلدة تل تمر، في وقت قصفت فيه طائرات تركية مواقع عسكرية خاضعة للإدارة المدنية التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، بالقرب من قاعدة روسية بريف حلب الشمالي، بعد ساعات من تسيير دورية مشتركة بين موسكو وأنقرة في ريف حلب الشرقي.
وتجوّلت دورية من التحالف الدولي وجنود من الجيش الأميركي برفقة 4 مدرعات عسكرية في بلدة تل تمر شمالي محافظة الحسكة، وتفقدت الطريق الدولي السريع (إم 4) ونقاط التماس وخطوط المواجهة التي شهدت هجمات عنيفة خلال الـ48 ساعة الماضية. كما تعرضت المنطقة لهجمات صاروخية ومدفعية نفذتها القوات التركية وفصائل سورية مسلحة موالية في منطقة عمليات «نبع السلام».
وتتمركز القوات الأميركية وقوات التحالف في قاعدتي «القصرك» و«تل بيدر» التي تبعد نحو 30 كيلومتراً شرقي تل تمر، وكانت دورية أميركية ثانية قد تجولت، السبت الماضي، في منطقة رميلان النفطية شرقي مدينة القامشلي، ضمت 6 مدرعات عسكرية وعشرات الجنود تفقدوا القرى الحدودية المحاذية للشريط الحدودي مع تركيا بين القامشلي وبلدة المالكية (ديريك)، وتحدثوا إلى سكان المنطقة واستمعوا إلى مخاوف الأهالي بعد تصاعد وتيرة التهديدات التركية.
إلى ذلك، شهد ريف حلب الشمالي قصفاً وهجمات صاروخية ومدفعية نفذتها القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها، واستهدفت قرية «الوحشية» في منطقة الشهباء التابعة للإدارة الذاتية وجناحها العسكري «قسد». وبحسب سكان محليين ومصدر مسؤول، سقطت قذائف على مقربة بضعة أمتار فقط من القاعدة الروسية دون ورود معلومات وتفاصيل عن وجود خسائر مادية أو بشرية، وتشهد هذه المناطق قصفاً وهجمات متكررة يومية، وأعلنت «قوات تحرير عفرين»، خلال بيان نشرته، أمس، وكالة أنباء «هاوار» الكردية التابعة للإدارة، مقتل 3 جنود من الجيش التركي واثنين من الفصائل السورية وإصابة 13 آخرين، خلال عمليتين نفذتهما في ناحية شيراوا التابعة إدارياً لمدينة عفرين الكردية بريف حلب الشمالي.
ومنذ إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، شن عملية عسكرية ضد قوات «قسد» ومناطق الإدارة الذاتية شرقي الفرات؛ شهدت مناطق التماس وخطوط الجبهات الفاصلة تحركات برية وجوية نفذتها القوات الأميركية والروسية والتركية. وللحديث عن تشابك وتداخل هذه الأحداث المتسارعة مع التطورات الميدانية على الأرض، يقول المحلل والباحث السوري في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، براء صبري، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا يمكن تجزئة التحركات بشمال شرق سوريا عما يجري في أوكرانيا، فالتهديدات التركية الأخيرة غير جديدة لكن الأحداث الدولية هي التي تزيد من القلاقل حول طبيعة وجدية تنفيذ تلك التهديدات»، ويرى أن موسكو وواشنطن المتحاربتين في أوكرانيا ترغبان في كسب تركيا مقابل حصولها على أراضٍ جديدة في سوريا، وأنه «من غير المستبعد وجود صفقة كبيرة تمتد من حوض الدونباس في أوكرانيا حتى عين عيسى السورية، سواء كانت تلك الصفقة مع الناتو أو مع موسكو نفسها».
في ريف حلب الشرقي؛ سيّرت الشرطة العسكرية الروسية دورية مشتركة مع الجانب التركي بريف مدينة عين العرب (كوباني) الغربي، وهذه الدورية كان تعدادها مائة بين الجانبين، منذ إعلان الاتفاق الروسي التركي نهاية 2019 بوقف إطلاق النار، والثانية خلال الشهر الحالي، حيث سيرت في 23 من الشهر الجاري، دورية مماثلة مشتركة.
يعلق الباحث صبري على التزام الجانبين بتسيير دوريات مشتركة رغم تصاعد التهديدات التركية، بقوله: «التزام الطرفين جزء روتيني من اتفاق سابق، لكن الزخم العسكري الروسي الملحوظ في الأيام الماضية، هو محاولة تطمين أولاً، وجذب لقوات (قسد) إلى محورها، ثانياً، وكأنها تريد أن تقول: نحن من يحميكم لا وجود واشنطن بالجوار».
ولم يستبعد الباحث براء صبري، منافسة روسيا لكل من الولايات المتحدة الأميركية وتركيا في سوريا، وزج أسطولها الجوي وآلاف الجنود لضبط إيقاع القوى المتحاربة بهذه البقعة الجغرافية شمال شرقي البلاد؛ «فالروس يستعرضون عسكرياً قواتهم لمحاولة إظهار ثقلهم في سوريا، لتشجيع (قسد) للانصياع لها، وهذا بدوره جزء من سياساتها لإحراج وإفشال واشنطن وحلفائها». ويرى أن توصل «قسد» وإدارتها المدنية لاتفاق نهائي مع حكومة دمشق، مرهون بتفاهم روسي أميركي ومدى قوة التهديد التركي، كما يرى أن «(قسد) تحاول الوصول لتفاهم مع دمشق المدعومة من طهران، لكن دمشق مُتعنتة وترفض تقبل كيان إداري داخل سوريا، وهذا يُصعّب تحديد الشكل النهائي والصورة الأخيرة لأي اتفاق بين هذه الأطراف».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.